أعلن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، الذي يزور العراق حالياً، أن المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله علي السيستاني، دعا إلى أن يلعب العراق دوراً إقليمياً في المنطقة. وتأتي دعوة السيستاني غداة إعلان الرئيس العراقي برهم صالح في كلمته بالقمة العربية في دورتها الثلاثين في تونس، إلى أهمية ترسيخ ما أسماه ثقافة «المعادلة الصفرية» في سياسات دول المنطقة، مع إمكانية أن يكون العراق «نقطة لقاء لا نزاع».
وقال بري خلال مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه المرجع الشيعي، في مدينة النجف، أمس الاثنين، إن «السيد السيستاني مقاتل في سبيل وحدة العراق وإنمائه ومحاربة الفساد، وهو داعم لأن يلعب العراق دوره الإقليمي، وحريص على لبنان كما حرصه على العراق، وناقشنا مواضيع كثيرة».
وأصدر مكتب السيستاني بياناً حول اللقاء مع بري، أشار فيه إلى أن رئيس البرلمان اللبناني هنأ المرجع «على ما حققه العراقيون من انتصار باهر في حربهم على (داعش) وتمكنهم من تحرير أراضيهم من سيطرة هذا التنظيم الإرهابي». وأضاف البيان أن السيستاني شكر بري على تهنئته، وأشار إلى «التضحيات الكبيرة التي قدمها الشعب العراقي لتحقيق هذا الانتصار التاريخي»، مؤكداً في الوقت نفسه «أهمية تطوير العلاقات بين البلدين الشقيقين، العراق ولبنان، في مختلف المجالات».
كما أشار البيان إلى أن السيستاني أكد على «أهمية أن يعمل الجميع على تثبيت قيم التعايش السلمي، المبني على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين مختلف المكونات الدينية والإثنية في منطقتنا، في سبيل توفير الأمن والاستقرار والتقدم والازدهار لشعوبها».
يأتي ذلك في وقت تزداد فيه تصريحات القادة العراقيين، حول إمكان لعب بلادهم دوراً محورياً في المنطقة. ففي القمة العربية بتونس، أكد الرئيس العراقي برهم صالح أنه «من المؤسف أن ثقافة المعادلة الصفرية في التعاملاتِ السياسية بين دول المنطقة أخّرت كثيراً فرص العمل المشترك بيننا، فيما أن العمل المشترك والمنتج، وترسيخ الثقافة الربحية لكل الأطراف على أساس المصالح المشتركة، هو وحده ما يمكن أن يبدّد سوء التفاهم السياسي، ويقوّم المسارات السياسية لصالح شعوبنا».
وأضاف صالح أن «المبدأ الأساس في علاقات العراق الدولية، وخصوصاً علاقاته مع جواره الإسلامي وعمقه وامتداده العربي، هو مبدأ العمل المشترك مع الجميع، على أساس مصالح الشعوب ومصالح البلدان»، مشدداً على أن «العراق يطمح إلى دورٍ واعدٍ ليكون نقطة لقاء لا نزاع». وقال: «لن نكون طرفاً في أي محور؛ لكن سنكون في قيادة أي جهد يعمل لترسيخ السلام والتنمية، والتفكير بمستقبل متقدم وعادل للجميع».
وفيما إذا كان العراق بات قادراً على لعب دور إقليمي محوري في المنطقة، أكد الدكتور نعيم العبودي، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الانفتاح الدولي والإقليمي على العراق يؤكد أهمية دور العراق، وحاجة الجميع إلى هذا الدور، وبالتالي فإن العراق بات بالفعل قادراً ومؤهلاً ليلعب هذا الدور من منطلقات وعوامل كثيرة، من أبرزها موقعه ووضعه السياسي؛ فضلاً عن أن وضع المنطقة بصورة عامة يستدعي أن يكون للعراق دور إيجابي وفاعل».
وأضاف العبودي أن «هناك من لا يريد للعراق أن يؤسس لوضع جديد؛ لكن نستطيع القول، إن العراق عبر هذه المرحلة من منطلق ما يؤديه من أدوار، فضلاً عن تفاعل دور المنطقة معه، عبر الزيارات المتبادلة من وإلى العراق».
في السياق نفسه، أكد الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «دعوة السيستاني إلى أن يلعب العراق دوراً إقليمياً، قد تكون أيضاً رسالة داخلية إلى الطبقة السياسية، بأن عليها أن تقف على الحياد وتثبت هذا المبدأ»، مبيناً أن «لعب العراق دوراً إقليمياً يتطلب أن يكون مصدر ثقة لأطراف التصادم والتضاد، وبالتالي يتوجب عليه ألا ينحاز لأي طرف إذا أراد أن يلعب هذا الدور».
وأوضح الشمري أن «العراق يمكن أن يلعب هذا الدور في ظل الثقة التي نالها بعد الانتصار على (داعش)، فضلاً عن التقدم الذي حصل في ملف العلاقات الخارجية، والذي بدأ منذ زمن حكومة العبادي، والآن يحاول عبد المهدي استكماله».
وتساءل الشمري: «هل ستسمح بعض الجهات السياسية بأن يقوم العراق بلعب هذا الدور؟»، مشيراً إلى «تعقيد في هذا الجانب؛ حيث لا يوجد نضج سياسي من قبل بعض الأطراف السياسية بهذا الاتجاه؛ فضلاً عن التصريحات التي تطلق من قبل بعض الجهات ضد كثير من الدول العربية والإقليمية، والتي تبتعد كثيراً عن الرؤية الرسمية؛ حيث إن مثل هذه الأمور تؤثر في إمكانية لعب هذا الدور».