مجلس النواب المغربي يتجه لتأجيل التصويت على قانون إصلاح التعليم

TT

مجلس النواب المغربي يتجه لتأجيل التصويت على قانون إصلاح التعليم

يتجه مجلس النواب المغربي إلى تأجيل التصويت على مشروع قانون إصلاح منظومة التربية والتعليم الذي كان مقرراً أن يتم خلال الدورة الاستثنائية للبرلمان التي افتتحت أمس الاثنين، وذلك بسبب تباين المواقف بين الفرق النيابية بشأن التعديلات على المشروع، لا سيما تلك التي تتعلق بلغة التدريس. وكان مقرراً أن تعقد لجنة التعليم والثقافة والاتصال اجتماعاً صباح أمس الاثنين للتصويت على القانون الإطار، إلا أن الاجتماع أجل إلى اليوم الثلاثاء بطلب من إدريس الأزمي الإدريسي رئيس الفريق النيابي لحزب العدالة والتنمية متزعم الائتلاف الحكومي.
وقال مصدر لـ«الشرق الأوسط» إن طلب التأجيل جاء خلال اجتماع عقده صباح أمس الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب مع رؤساء الفرق النيابية للحسم في مواعيد التصويت على القوانين الجاهزة ومنها قانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتعليم خلال الدورة الاستثنائية. وربط المصدر ذاته طلب تأجيل التصويت على قانون إصلاح التعليم من قبل الإدريسي، بالفيديو الذي نشره ليل أول من أمس عبد الإله ابن كيران، رئيس الحكومة السابق، وأمين عام حزب العدالة والتنمية الذي دعا نواب حزبه إلى رفض التصويت على القانون. بدوره، عقد سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام الحالي لـ«حزب العدالة والتنمية» اجتماعاً صباح أمس مع نواب حزبه لمناقشة الموقف والنقاط الخلافية في القانون، وانتهى الاجتماع بأن تتولى الأمانة العامة للحزب في اجتماع مقبل الحسم في الموقف من التعديلات على القانون والتي نصت على تدريس بعض المواد العلمية والتقنية باللغة الفرنسية في البداية ثم التدرج باللغات الأجنبية الأخرى، خصوصاً الإنجليزية، بعدما كان نواب «العدالة والتنمية»، متشبثين بتدريس تلك المواد باللغة العربية مدعومين بموقف نواب حزب الاستقلال المعارض، فيما يؤيد باقي الأحزاب من الأغلبية والمعارضة التوجه إلى اعتماد الفرنسية في القانون. وهو ما بدا وكأنه «معركة آيديولوجية وسياسية» بين تيارين في المجتمع واحد «محافظ» وآخر «حداثي».
وفي خضم هذا الجدل والارتباك، خرج ابن كيران بتصريحات جديدة شن من خلالها هجوماً شديداً على من وصفهم بـ«تجار السياسة» «واللوبي الاستعماري» الذين يسعون إلى فرض «لغة المستعمر»، في التعليم.
ودعا ابن كيران، في الشريط الذي بثه على حسابه في «فيسبوك» رئيس الحكومة سعد الدين العثماني ونواب حزبه إلى عدم التصويت على القانون، حتى وإن أدى الأمر إلى سقوط الحكومة والبرلمان، لأن اعتماد التدريس بالفرنسية، برأيه، مخالف للدستور ومبادئ الحزب.
وخاطب ابن كيران العثماني، قائلاً: «لا يمكن أن ينال الاستقلاليون (حزب الاستقلال) شرف تعريب المواد العلمية، وتنال أنت عار تدريسها بلغة المستعمر».
وتابع ابن كيران، متسائلاً: «ماذا سيقع لو تركت رئاسة الحكومة، هل أنت أول رئيس حكومة سيغادر؟».
وزاد: «لو غادرت الآن ستخرج ورأسك مرفوع، ولكن إن اخترت الاستمرار فلن تستطيع أبداً رفع رأسك أمام المغاربة».
في المقابل، حث ابن كيران نواب حزبه على التصويت ضد القانون الإطار، وخاطبهم قائلاً: «لا أومن بالحياد في هذا الموضوع، يجب أن تصوتوا ضده، واتركوا نواب حزب الأصالة والمعاصرة (المعارض) يصوتون مع أخنوش (رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار)، إنهم شريحة تجار السياسة، بينما أنتم جئتم من المجتمع وبهدف الدفاع عنه».
وأكد ابن كيران أنه لو كان رئيساً للحكومة «لن يمر القانون الإطار للتعليم لأنه غير معقول أمة تدرس كل موادها بالعربية التي لغتها الوطنية والرسمية، وتأتي لتغير ذلك بين عشية وضحاها».
وفي سياق ردود الفعل على هذا الموضوع، كتب عادل بن حمزة الناطق الرسمي السابق باسم حزب الاستقلال المعارض أمس أن «التوافق الذي شهده مجلس النواب حول مشروع القانون الإطار للتربية والتعليم والبحث العلمي، يعتبر دون أدنى شك آخر رصاصة تطلق على المدرسة المغربية، وهو مجرد تدليس لا أقل ولا أكثر وانهزام أمام التيار الفرنكفوني في مواقعه المختلفة».
في السياق ذاته، أطلقت أمس أكثر من 150 شخصية سياسية وأكاديمية عريضة شعبية من أجل المطالبة بتعديل القانون الإطار تحت عنوان: «من أجل عدالة لغوية».
وفي تقديم العريضة التي أعدها الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية والمزمع توقيعها من قبل المواطنين أيضاً، أعلن الموقعون «رفضهم للمضامين المتعلقة بالاختيارات اللغوية في القانون الإطار بصيغته المعروضة على البرلمان، وشددوا على «ضرورة تعديله بما يتوافق مع النص الدستوري ومكانة (العربية) في المنظومة التربوية».
ولفت الموقعون إلى «أن المسألة اللغوية ليست اختياراً عرضياً ولا أمراً هامشياً يمكن حسمه بهذه العجلة»، ودعوا إلى «فتح حوار وطني موسع حول المسألة اللغوية في المدرسة المغربية، وإشراك المختصين وفعاليات المجتمع المدني في ذلك بعيداً عن التشنجات والصراعات المفتعلة، وتغليب مصلحة الوطن والمواطنين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.