كابل متخوفة من تحول العائدين من سوريا إلى «جيش سري لإيران»

القوة الأكبر بين هذه الميليشيات لواء «فاطميون» ويقدر عدد أفراده بـ15 ألف مقاتل

أفغان يعودون إلى بلادهم عبر الحدود مع إيران فبراير الماضي (أ.ب)
أفغان يعودون إلى بلادهم عبر الحدود مع إيران فبراير الماضي (أ.ب)
TT

كابل متخوفة من تحول العائدين من سوريا إلى «جيش سري لإيران»

أفغان يعودون إلى بلادهم عبر الحدود مع إيران فبراير الماضي (أ.ب)
أفغان يعودون إلى بلادهم عبر الحدود مع إيران فبراير الماضي (أ.ب)

انضم المراهق مهدي إلى موجة من الأفغان الذين رحلوا عن وطنهم على حلم الوصول إلى أوروبا والعثور على عمل هناك. بيد أن الحال انتهى به في مكان مغاير تماماً: داخل ميادين القتال في خضم الحرب السورية، في صفوف ميليشيا كونتها إيران.
كان مهدي واحداً من عشرات الآلاف من الأفغان جندتهم ودربتهم إيران على القتال دعماً لحليفها رئيس النظام السوري بشار الأسد. داخل سوريا، ألقي بمهدي في أتون واحدة من أكثر المعارك دموية في تاريخ الحرب المستعرة هناك، حيث أحاطت به جثث زملائه، بينما كان يرزح تحت وطأة قصف نيران من جانب مسلحين إسلاميين كانوا قريبين منه، لدرجة أنه كان باستطاعته سماع صيحات «الله أكبر» التي ينطقونها قبل إطلاق كل قذيفة «هاون»، بحسب تقرير من هيرات لوكالة «أسوشييتد برس».
وتمكنت إيران من بناء شبكة من الميليشيات تتألف من عناصر شيعية من مختلف أرجاء المنطقة، استغلتها في إنقاذ الأسد من الانتفاضة التي اشتعلت ضد حكمه. ولم تقتصر هذه الشبكة على الأفغان فحسب، وإنما شملت كذلك باكستانيين وعراقيين ولبنانيين. واليوم، ومع انحسار الحرب المشتعلة في سوريا منذ 8 أعوام، أصبح من بين التساؤلات التي تفرض نفسها: ماذا ستفعل إيران مع هذه القوات المدربة والمسلحة على نحو جيد؟
في الوقت الراهن، بدأ مهدي وعناصر أخرى جرى تجنيدها من المجتمعات الشيعية الفقيرة عبر المنطقة واستغلالها في إنقاذ الأسد، في العودة إلى الوطن، حيث يقابلون بمشاعر تشكك وريبة. ويعتقد مسؤولون أمنيون أفغان، أن إيران لا تزال تتولى تنظيم هذه العناصر، هذه المرة، كجيش سري لنشر نفوذ طهران في قلب الصراعات الأفغانية التي تبدو دون نهاية. في هذا الصدد، قال مهدي، البالغ اليوم 21 عاماً، وعاد إلى دياره في هيرات: «هنا في أفغانستان، نشعر بالخوف». ويبدو على مهدي ذعر بالغ بالفعل، وقد تحدث إلينا بشرط عدم الكشف الكامل عن هويته خوفاً من تعرضه للانتقام. وكنا قد التقيناه داخل سيارة تقف في ضاحية شيعية نائية، وحتى هناك، ظل حريصاً على إخفاء وجهه بوشاح، وظلت عيناه تتحركان من جهة لأخرى بترقب طول الوقت. اللافت أن المقاتلين العائدين يواجهون تهديدات من أطراف مختلفة، فهم يواجهون تهديداً من جانب ذراع تنظيم «داعش» داخل أفغانستان في مايو (أيار) الماضي، حيث هاجم مسلحون يتبعون «داعش» مسجداً شيعياً في هيرات، وقتلوا 38 شخصاً. من جهتها، وسعياً منها لدعم الأسد، بعثت إيران بمئات من مقاتلي الحرس الثوري إلى سوريا واستعانت بعدد من الميليشيات المتحالفة معها. وتتمثل أقوى وأشهر هذه الميليشيات في جماعة «حزب الله» اللبنانية. ومع هذا، ضمت القوة الأكبر بين هذه الميليشيات أفغاناً عرفوا باسم لواء «فاطميون»، يقدر خبراء عدد أفراده بـ15 ألف مقاتل. وعلى مدار سنوات، جرى تدريب عشرات الآلاف من الأفغان وقاتلوا في صفوف هذا اللواء، وكان أغلبهم من أقلية هزارة العرقية، الذين يعتبرون من بين أشد الأفغان فقراً. وقد عاد نحو 10 آلاف مقاتل من هذا اللواء إلى أفغانستان، حسبما أفاد به مسؤول رفيع المستوى بوزارة الداخلية الأفغانية رفض كشف هويته.
من ناحيتها، تعتقد الحكومة الأفغانية وكثير من الخبراء، أن إيران بإمكانها تعبئة هؤلاء المقاتلين السابقين من جديد، خصوصاً إذا انقلبت الفرق الكثيرة الأفغانية المسلحة بعضها ضد بعض في حرب جديدة بعد انسحاب قوات الولايات المتحدة وحلف «الناتو». وقد تستغل إيران تلك الفوضى في نشر اللواء، بذريعة أن «الأقلية الشيعية بحاجة إلى حماية». في هذا الصدد، قال بيل روغيو، رئيس تحرير «ذي لونغ وور جورنال»، وهو موقع إلكتروني مخصص لتغطية الحرب الأميركية ضد الإرهاب: «من المتوقع أن يعيد الإيرانيون بناء ميليشياتهم داخل أفغانستان في لحظة ما، ذلك أن إيران لا تتخلى عن الأصول التي تستثمر فيها وقتاً ومالاً وخبرة».
ومثلما الحال مع غالبية من انضموا إلى لواء «فاطميون»، تحرك مهدي بدافع الفقر، وليس الآيديولوجية أو الولاء لإيران. كان مهدي على درجة شديدة من الفقر لم تمكنه من توفير الكتب الدراسية في المدرسة. وكان قد أتم الـ17 بالكاد عندما رحل عن أفغانستان عام 2015. وسافر مهدي إلى إيران وعمل في طهران لشهور وادخر بعض المال بهدف السفر إلى أوروبا، لكن حدود أوروبا أغلقت، ووجد مهدي نفسه عالقاً داخل طهران. واقترح عليه صديق أفغاني الالتحاق بالقتال في سوريا. حيث كان بإمكان الفرد الحصول على ما يعادل 900 دولار شهرياً من إيران. وكان مهدي وقتها بالكاد يتقاضى 150 دولاراً. وخاض مهدي وأفغان آخرون تدريباً لمدة 27 يوماً تحت إشراف الحرس الثوري داخل قاعدة في إقليم يزد بجنوب البلاد. بعد ذلك، جرى نقل مهدي جواً إلى دمشق برفقة نحو 1600 مجند جديد. في دمشق، فتح المجندون حسابات مصرفية كان يجري إيداع رواتبهم بها. وذهبوا إلى ضريح السيدة زينب الواقع خارج دمشق ويوقره الشيعة، من أجل الحصول على بركة أخيرة قبل خوض المعارك. في اليوم التالي، جرى نقلهم عبر حافلة إلى مدينة حلب بشمال البلاد وأرسلوا من فورهم إلى الجبهة. وقد زج بمهدي في أتون واحدة من أشرس المعارك على امتداد الحرب التي جرت عام 2016، في مواجهة فرق مسلحة إسلامية من أجل السيطرة على بلدة خان طومان وقرى مجاورة على أطراف حلب. وكشف ذلك القتال بجلاء عن الطابع الدولي للحرب، فقد كان بين المسلحين سوريون وعراقيون وشيشانيون وتركمان وأوزبك ومسلحون أجانب آخرون. في الجانب الآخر، كانت تقاتل قوات سورية وإيرانية، ومقاتلون من «حزب الله» اللبناني وشيعة عراقيون وأفغان، مدعومون بطائرات حربية روسية - جميعهم يتقاتلون على قطعة من أرض سوريا. واستمر القتال شهوراً وسقط المئات في الجانبين بين قتيل وجريح. وقال مهدي: «غالباً في الصباح كنت أرى 7 أو 8 جثث». وقال إنه في إحدى المعارك جرى إرسال 800 أفغاني إلى خط المواجهة، تعرض 200 منهم للقتل أو الإصابة. عاد مهدي إلى أفغانستان منذ عام مضى. ولا يزال يعاني فقراً مدقعاً وعاجزاً عن إيجاد عمل. وتحدث بمرارة عن افتقاره إلى خيارات أمامه. وأشار إلى أن لواء «فاطميون» لا يزال في سوريا، وأن بعض الأفغان ظلوا في سوريا بعد انتهاء عملهم المسلح بهدف العثور على عمل. يقول: «لا أدري ما يحمل لي المستقبل. ربما سأصبح لصاً - أو ربما سأعود إلى سوريا».



اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.