نتنياهو يلغي جلسة «الكابنيت» حتى لا يخرب وزراؤه اتفاق التهدئة مع «حماس»

TT

نتنياهو يلغي جلسة «الكابنيت» حتى لا يخرب وزراؤه اتفاق التهدئة مع «حماس»

تحول اتفاق التهدئة الذي توصلت إليه حكومة إسرائيل وحركة «حماس» بوساطة الوفد الأمني المصري، إلى موضوع مركزي في التنافس الانتخابي؛ خصوصاً داخل معسكر اليمين اليهودي المتطرف. فقد هاجمه قادة جميع الأحزاب التي تقف إلى يمين حزب «الليكود» الحاكم. وهدد أحدهم بالامتناع عن دخول الائتلاف الحكومي القادم. وطالب وزير المعارف، نفتالي بنيت، بعقد جلسة خاصة فوريا لـ«الكابنيت» (المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة)، ورفض رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الطلب؛ بل أقدم على إلغاء جلسة «الكابنيت» العادية المقررة ليوم الأربعاء (بعد غد)، وقرر أن يأخذ كتلة «الليكود» البرلمانية إلى رحلة للجولان السوري المحتل، في الموعد نفسه، احتفالاً بقرار الرئيس الأميركي الاعتراف بضمه إلى إسرائيل.
وقد صرح الوزير بنيت بأنه يريد عقد اجتماع «الكابنيت» لكي يوقف تنفيذ اتفاقية التهدئة مع «حماس»، ويعيد إغلاق المعابر التي فتحت صباح أمس بين قطاع غزة وإسرائيل، ويمنع تحويل المنحة القطرية الشهرية إلى «حماس»، والتي تضاعفت ثلاث مرات تقريباً (من 15 إلى 40 مليون دولار). وقال بنيت: «علينا أن نردع (حماس) ونضعفها؛ لا أن نقويها». وتوجه بنيت إلى المستشار القضائي للحكومة، أبيحاي مندلبليت، ومدير مجلس الأمن القومي، موشيه بن شبات، طالباً إلزام نتنياهو بدعوة «الكابنيت» إلى جلسة للبحث في اتفاق التهدئة. وقال بنيت في رسالته إلى مندلبليت: «من غير المنطقي أن يدير رئيس الحكومة الأحداث في غزة من خلال إقصاء الوزراء». وشكا بنيت قائلاً: «طلبت من السكرتير العسكري لرئيس الحكومة ورئيس مجلس الأمن القومي، عقد اجتماع لـ(الكابنيت)؛ لكنني لم أحصل على التجاوب اللازم، ولا حتى الإجابة على الرسالة». وأضاف: «من غير المعقول بالنسبة لي بمثل هذه الأحداث الأمنية، بما في ذلك التقدم نحو تسوية دائمة، أن تجرى مباحثات فقط من قبل رئيس الحكومة والمؤسسة الأمنية، من دون إشراك الوزراء وأعضاء (الكابنيت)، الذين يتحملون المسؤولية بموجب القانون». وكان بنيت قد أدار حملته الانتخابية في الأيام الأخيرة حول موضوع غزة، مستغلاً استطلاعات الرأي التي بينت أن 64 في المائة من الإسرائيليين يقولون، إن نتنياهو فشل في إدارة الصراع مع «حماس» في جولة الصراع الأخيرة. فطالب بأن يتسلم في الحكومة القادمة وزارة الدفاع، قائلاً: «فقط أنا أجعل (حماس) مرتدعة».
من جهته، أعلن ايتامان بن جبير من اتحاد الأحزاب اليمينية، أن على نتنياهو ألا يحسب أن حزب الاتحاد اليميني في جيبه بشكل أوتوماتيكي: «فأنا لن أوافق على دخول حكومة يوقع رئيسها على اتفاق تهدئة مع (حماس)». وأضاف: «(حماس) يجب تدميرها، وليس تقويتها وتمويلها بموافقة إسرائيل».
وأما نتنياهو فاعتبر موقف بنيت «محاولة تخريبية على اتفاق التهدئة الذي وافقت عليه القيادات الأمنية لمصلحة إسرائيل الاستراتيجية»، فألغى اجتماع «الكابنيت» ودعا أعضاء «الكنيست» (البرلمان الإسرائيلي) من حزبه، «الليكود»، إلى جلسة للكتلة في مدينة كاتسرين الاستيطانية، وسط الجولان المحتل، احتفاء بتوقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب على مذكرة اعتراف بضم هذه المنطقة إلى إسرائيل. وقال في الدعوة: «نحن نجرب أرباحاً سياسية ذات طابع استراتيجي في تعزيز أمن إسرائيل، ويحق لنا أن نشعر بالاعتزاز من أجل ذلك».
واستغل نتنياهو استقباله الرئيس البرازيلي، جايير بولسونارو، أمس في تل أبيب، ليوجه تهديدات إلى «حماس» قائلاً: «يا فخامة الرئيس، إنك تجيء لإسرائيل في خضم فترة متوترة، ولذا أوعزت بالإبقاء على الانتشار الكامل لقوات جيش الدفاع حول قطاع غزة، ما يشمل الدبابات وقطع المدفعية والقوات البرية والجوية. إننا على استعداد لمواجهة كل السيناريوهات ولشن معركة واسعة النطاق، إذا اضطررنا لذلك. وسنفعل كل ما هو لازم لضمان أمن إسرائيل».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».