جمالي تخوض انتخابات طرابلس في غياب حماسة الناخبين

جهود من داعميها لرفع نسبة المشاركة

المرشحة ديما جمالي
المرشحة ديما جمالي
TT

جمالي تخوض انتخابات طرابلس في غياب حماسة الناخبين

المرشحة ديما جمالي
المرشحة ديما جمالي

القرار الذي اتخذته «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» في لبنان - (الأحباش)، بعزوفها عن خوض الانتخابات الفرعية في طرابلس لملء المقعد السنّي الخامس، أفقد المنافسة نكهتها السياسية وحصرها بثمانية مرشحين، معظمهم يخوضون الانتخابات للمرة الأولى رغبة منهم في الانضمام إلى نادي المرشحين في ظل عدم قدرتهم على حصد الأصوات لانتزاع المقعد النيابي الذي ينتظر أن تستعيده مرشحة تيار «المستقبل» ديما جمالي، بعد أن أبطل المجلس الدستوري نيابتها بقبوله الطعن المقدّم من منافسها طه ناجي المرشح عن «الأحباش» في الانتخابات التي جرت في مايو (أيار) الماضي على لائحة «الكرامة الوطنية» برئاسة النائب فيصل عمر كرامي.
وتقدّم 8 مرشحين للمنافسة على المقعد الشاغر، هم ديما جمالي، والنائب السابق محمد مصباح الأحدب، وسامر كبارة (ابن شقيق النائب محمد كبارة)، وعمر خالد السيد، ويحيى مولود، وطلال كبارة، وخالد عمشة، ومحمود الصمدي. وأبقت الوزارة الباب مفتوحاً أمام من يود الانسحاب في مهلة أقصاها منتصف ليل الأربعاء المقبل.
ويعني قرار طه ناجي عدم الترشّح بدعم من حلفائه وأبرزهم النائب كرامي والدعوة إلى المقاطعة، أن «قوى 8 آذار» أخرجت نفسها من المنافسة، وبالتالي فإن حظوظ منافسة جمالي محدودة جداً، لأنها تحظى بتأييد قوى سياسية تضم إضافة إلى «المستقبل» الرئيس نجيب ميقاتي والنائب كبارة والوزيرين السابقين محمد الصفدي وأشرف ريفي، مع احتمال أن تنضم إليها لاحقاً «الجماعة الإسلامية» التي تميل إلى تأييدها وهذا ما ستعلنه بعد غد الاثنين.
وكانت «جمعية المشاريع» اتخذت قرار الخروج من المبارزة الانتخابية بالتنسيق مع حليفها النائب كرامي بذريعة ما صدر عنهما في مؤتمرهما الصحافي: «إن المانع ليس خوفاً من كثرتهم ومن تجمّعهم (في إشارة إلى القوى الداعمة لجمالي)، إنما وقفة حر فاز ونجح بالحساب وأسقطه أصحاب النفوذ ومن وقّع على هذا القرار الظالم الذي أقصى ناجي عن مقعده النيابي».
في الإجابة عن السؤال تقول مصادر سياسية محسوبة على القوى الطرابلسية الداعمة لترشّح جمالي، إن النائب كرامي و«الأحباش» ممثلة بمرشحها السابق ناجي تذرّعا بأن قبول الطعن في نيابة جمالي شابته شوائب سياسية حالت دون إعلان فوز منافسها، أي ناجي. واستبدلت به الدعوة إلى إجراء انتخابات فرعية لملء المقعد السنّي الخامس الذي شغر بقبول الطعن للالتفاف سابقاً على النتيجة المرتقبة في حال إجراء الانتخابات.
وتؤكد المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط» أن الأسباب الرئيسية الكامنة وراء عزوف «الأحباش» عن خوضها الانتخابات تتعلق بالمعطيات التي تتوزع بين الميداني والسياسي، وتقول إن عزوف ريفي عن الترشّح لمصلحة دعمه جمالي أفقدها رونق المنافسة ودفعها إلى العزوف في ضوء مراجعتها لحساباتها.
وتلفت إلى أنه لا قدرة لـ«الأحباش» على الدخول في منافسة محسوبة على أساس إجراء الانتخابات استناداً إلى النظام الأكثري لا النسبي. وبالتالي فإن عزوف ريفي أدى حتماً إلى عدم توزّع الأصوات بينه وبين جمالي.
وبكلام آخر تقول المصادر إن «الأحباش» قررت الخروج من المنافسة بملء إرادتها ولن تمنح منافسيها شرف استرداد المقعد النيابي بتسجيلها انتصاراً لن يكون حتماً لمصلحتها. وتعتقد أن «جمعية المشاريع» تترقب منذ الآن حجم المشاركة في الانتخابات التي ستكون نسبتها أقل بكثير من النسبة التي شاركت في الانتخابات العامة، لتبادر لاحقاً إلى توظيفها لتقول إن تدنّي المشاركة جاء استجابة لدعوة كرامي وناجي وحلفائهما لمقاطعتها. مع أنه لا أحد يبالغ أو يتباهى بنسبة المشاركة في الانتخابات الفرعية.
ويفترض، كما تقول المصادر، أن دعوتهم لمقاطعة الانتخابات يمكن أن تشكّل حافزاً لدى القوى الداعمة لجمالي لتحريك ماكيناتهم الانتخابية لعلها ترفع من منسوب المشاركة وتؤدي إلى تجاوب الناخبين الطرابلسيين مع دعواتهم للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع.
وعليه، فإن اللامبالاة في الشارع الطرابلسي بالانتخابات الفرعية ما زالت هي السائدة لغياب الحماسة بسبب عزوف «قوى 8 آذار» عن خوضها وإحساس السواد الأعظم من الناخبين بأنه لا مبرر للإقبال على صناديق الاقتراع، ما دامت النتيجة باتت محسومة سلفاً لمصلحة جمالي.
ويبقى السؤال، هل يتمكن من يدعم جمالي من إحداث تغيير في نبض الشارع الطرابلسي لمصلحة الاقتراع لها، خصوصاً أنه بعزوف «الأحباش» عن خوض المعركة أفقده سلاحاً سياسياً يمكنه استخدامه لرفع نسبة المشاركة؟ وكيف سيكون الوضع في حال قرر رئيس الحكومة سعد الحريري الانتقال إلى طرابلس لينضم إلى الجهود الداعمة لجمالي؟



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».