بينما أعلن ديوان المحاسبة الليبي رفضه إقرار الميزانية العامة للدولة، التي اعتمدها مؤخراً فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة طرابلس للعام الحالي، قال مستشاره العسكري اللواء أحمد عون، أول من أمس، إنه استقال من منصبه بعد مرور نحو عام على توليه.
ورأى خالد شكشك، رئيس ديوان المحاسبة، في بيان نشره الموقع الإلكتروني لجريدة «المرصد» الليبية، أمس، أن قرار السراج باعتماد الميزانية «تضمن بنوداً، ترقى إلى مستوى جنايات الجرائم الاقتصادية، المنصوص على عقوبتها بقانون العقوبات الليبي»، لافتاً إلى أن القرار لم يراعِ الظروف الحالية للدولة، ولا ترشيد الإنفاق، ولم يوضع وفق خطط مدروسة».
وانتقد شكشك تخصيص ميزانية للتنمية في ظل عدم وجود خطط تنموية واضحة أصلاً، مشيراً إلى أن قرار الترتيبات افتقد أيا من أشكال الإصلاح المالي أو الاقتصادي، سواء من ناحية ترشيد الإنفاق ووضع ضوابط للإنفاق، أو تحسين الجباية. كما أنه لم يعكس أي رؤية تشير إلى اتباع سياسة مالية متوازنة.
كما لفت شكشك إلى وجود مغالطة في صياغة القرار للإيحاء بأنه صدر، واعتمد بناء على التشاور مع ديوان المحاسبة، الأمر الذي لم يتم في الواقع، موضحاً أن القرار لم يتضمن أي ضوابط وشروط لأوجه صرف البنود المركزية، وأهمها العلاج بالخارج والمتفرقات والعمل السياسي، بحيث يمكن تفادي ما شهدته السنوات السابقة من إهدار في إنفاقها، ويضمن العدالة في توزيع الموارد المتاحة.
وقال ديوان المحاسبة إنه يوصي بإلغاء هذه القرارات، وإعادتها إلى اللجنة المالية لإعداد مشروع الترتيبات المالية بوزارة المالية، وذلك وفقاً للتشريعات والضوابط المنظمة لإدارة واستعمال المال العام، وإظهارها في وثيقة واحدة، تعبر عن إصلاحات مالية واقتصادية حقيقية، وعرضها على ديوان المحاسبة والمصرف المركزي في وقت ملائم، قصد التشاور حول إقرارها بمراعاة الملاحظات المنوه عنها.
وكانت حكومة السراج قد أعلنت أنها اتفقت مع البنك المركزي وفاعلين آخرين على ميزانية لعام 2019 بحجم 46.8 مليار دينار (33.83 مليار دولار)، وذلك بعد سجالات دامت أشهراً. وتنطوي الميزانية على زيادة مقارنة بميزانية العام السابق، التي بلغت 42 مليار دينار.
بدوره، وجه اللواء أحمد عون، الذي شغل منصب المستشار العسكري للسراج منذ مارس (آذار) الماضي، رسالة له أول من أمس، يطلب فيها إعفاءه من مهام عمله، مبرراً ذلك بتجاهل السراج للتوصيات الكثيرة التي قدمها مؤخراً.
واعتبر عون أن عمله لم يحقق أهدافه فيما يتعلق بتوحيد المؤسسة العسكرية تحت منظومة قيادة وسيطرة واحدة، مشيراً إلى أن السراج لم يتجاوب بشكل إيجابي مع أي من المقترحات التي قدمها خلال فترة توليه منصبه، بما في ذلك دعوته لاتخاذ تدابير مبكرة وفعالة لتأمين الجنوب، وتعيين قيادة عسكرية له، إلى جانب حرس الحدود والتنسيق الميداني مع شركاء حكومة الوفاق بالمنطقة الشرقية لتوحيد الجهود، وتجنيب أبناء الجيش الواحد مخاطر التصادم والاقتتال.
في المقابل، تجاهل السراج هذه الاستقالة ولم يعلق عليها، لكنه حضر أمس حفل افتتاح الدورة السادسة عشر للقيادة والأركان في العاصمة طرابلس، بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي.
واعتبر السراج أن ما تواجهه البلاد من تحديات مختلفة ودخيلة، تشمل مواجهة الإرهاب والجريمة المنظمة وشبكات التهريب والاتجار بالبشر، «تفرض الاستعداد وحسن الإعداد، وفق استراتيجية فعالة تواكب المتغيرات، وتعتمد على العلوم والتقنية الحديثة».
وقال السراج، بحسب بيان وزعه مكتبه، إن «حماية الوطن والدفاع عن استقلاله ووحدته وسلامة أراضيه وكرامة مواطنيه واجب مقدس للقوات المسلحة، ومن الواجب أن نوفر لها كل أسباب الاقتدار ومقومات القوة والردع».
عسكرياً، واصلت قوات الجيش الوطني الليبي تلويحها بالاقتراب من العاصمة طرابلس، وذلك في إطار المزيد من الضغوط الإعلامية والنفسية على الميليشيات المسلحة، التي تسيطر على المدينة منذ نحو خمس سنوات.
وفي تعزيز جديد لقوات الجيش على تخوم العاصمة طرابلس، أعلن اللواء 26 مشاة، التابع للجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، عن اقتراب هذه القوات من طرابلس، لكنه لم يكشف أي تفاصيل.
ونشرت الصفحة الرسمية للواء عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، مساء أول من أمس، صوراً فوتوغرافية لزيارة قام بها اللواء عبد السلام الحاسي، قائد غرفة عمليات الكرامة التابعة للجيش، والذي عُين الأسبوع الماضي قائدا لمجموعة عمليات المنطقة الغربية، وهو يتفقد أحوال عناصر اللواء.
وأظهرت الصور اصطفاف العشرات من الآليات المسلحة، التي تحمل إشارات الجيش، كما وزعت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش لقطات مصورة لاستعراض قوات تابعة للجيش داخل مدينة غريان، التي تقع على بعد 80 كيلومترا فقط جنوب العاصمة طرابلس.
وأصدر حفتر قراراً بتعيين الحاسي رئيسا لمجموعة عمليات المنطقة الغربية، بما في ذلك العاصمة طرابلس قبل نحو عشرين يوما، وفقا لما أبلغه الحاسي لـ«الشرق الأوسط» مؤخرا، بدلاً مما كان يعرف باسم غرفة تحرير طرابلس.
«ديوان المحاسبة» يرفض ميزانية «الوفاق»... ومستشار السراج يقدم استقالته
قوات تابعة للمشير حفتر تعلن اقترابها من طرابلس
«ديوان المحاسبة» يرفض ميزانية «الوفاق»... ومستشار السراج يقدم استقالته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة