لهجات ولغات مختلفة في مخيم الهول... ومعاناة من نقص الطعام والخيام

TT

لهجات ولغات مختلفة في مخيم الهول... ومعاناة من نقص الطعام والخيام

في مخيم الهول في شمال شرقي سوريا، يعاني أطفال من حالات إسهال حادة، وتعجز أمهات عن إرضاع صغارهن بسبب عدم تلقيهن الغذاء الكافي، ويتحد قاطنو المخيم وبينهم عائلات متطرفي «داعش» في التعبير عن غضبهم من الظروف القاسية التي يعيشون فيها، ذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من مخيم الهول شرق سوريا.
تمتد صفوف متراصة من الخيام على مدّ النظر، تحمل شعار المفوضيّة السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وسط مستنقعات من المياه وأكوام من النفايات وصهاريج ضخمة حمراء اللون يتزود منها قاطنو المخيم بالمياه.
وخلال التجول في الممرات الفاصلة بين الخيام والتي تبدو أشبه ببرك وحل جراء الأمطار، يمكن سماع أشخاص يتحدثون باللهجات السورية والعراقية واللغات الفرنسية والألمانية وسواها. ويشجب غالبيتهم النقص في الغذاء والخدمات الرئيسية.
وتقول نجوى علي جولان (20 عاماً) الموجودة في المخيم منذ ثلاثة أشهر ونصف شهر: «إنها حياة مأساوية وينقصنا كل شيء»، مؤكدة: «ليس لدي إلا هذا الطفل». وتضيف: «اقترضت من صديقتي ثمن شراء حفاظات له».
وبينما تحمل طفلها الصغير وقدماه عاريتان بعدما يبس الوحل عليهما، توضح أنها من «سكان هجين الأصليين»، أبرز البلدات التي كانت تحت سيطرة التنظيم في جيبه الأخير في شرق سوريا، وتمكنت قوات سوريا الديمقراطية من طرده منها في ديسمبر (كانون الأول).
ويؤوي مخيم الهول، المصمم أساساً لاستقبال 20 ألف شخص كحدّ أقصى، وفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، أكثر من سبعين ألفاً اليوم. ويبدو أشبه بمدينة بعد نقل قوات سوريا الديمقراطية عشرات الآلاف من الفارين والخارجين من مناطق كانت تحت سيطرة التنظيم في شرق سوريا.
أمام مستودعات تابعة لبرنامج الأغذية العالمي، تنتظر طوابير لا تنتهي من النساء، تتشح كل واحدة منهن بنقاب أسود تلطخت أطرافه بالطين. ويمكن تمييز عدد من النساء الحوامل بينهن. وتحمل كل واحدة منهن صندوقاً من الكرتون لنقل ما يتم توزيعه عليهن من مساعدات، تضم عبوات زيت ومعلبات حمص وفاصولياء وبشكل خاص السكر والشاي، بينما تجوب شاحنات أزقة المخيم ذهاباً وإياياً طيلة النهار.
وتروي نجوى عن معاناتها مع سقوط الأمطار. وتقول: «خلال تساقط المطر، فاضت الخيمة وقصدنا الجيران للإقامة لديهم في الخيمة المجاورة».
وتتحدث منظمات إنسانية عن وضع مأساوي في المخيم، حيث يشكل النساء والأطفال نسبة سبعين في المائة من القاطنين فيه. ودقّت الإدارة الذاتية الكردية ناقوس الخطر، مطالبة مراراً المجتمع الدولي والمعنيين بتقديم الدعم والمساعدات. وتشير مروة عوض، المتحدثة الإعلامية لدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في سوريا إلى «ظروف إنسانية حرجة للغاية»، مع انتشار «حالات سوء التغذية والجفاف والإسهال».
ويقدم البرنامج مساعدات غذائية لكافة قاطني المخيم عبارة عن حصص طعام جاهزة وأخرى تصلح لشهر واحد ومكملات غذائية للنساء والأطفال.
وتقول سيدة سورية ترفض الكشف عن اسمها، وصلت إلى المخيم قبل شهر: «لدي ابنة عمرها ثلاث سنوات، مرضت منذ وصولنا... تتقيأ وتعاني من إسهال مستمر، يعطوننا أدوية لكنها لا تنفع». وتضيف بانفعال: «جئنا في سيارات مكشوفة... مرِض الأطفال ومات كثيرون على الطريق» قبل وصولهم إلى المخيم الواقع على بعد ست ساعات عن أطراف بلدة الباغوز، التي شكلت آخر جيب لتنظيم «داعش» قبل دحره منها قبل أسبوع.
وأحصت لجنة الإنقاذ الدولية وفاة 140 شخصاً على الأقل، غالبيتهم أطفال صغار، قضوا في طريقهم إلى مخيم الهول أو بعد وصولهم بفترة وجيزة منذ بدء حركة النزوح في ديسمبر (كانون الأول).
قبل أسبوعين، وصلت آية (17 عاماً) إلى المخيم برفقة طفليها، أصغرهما رضيع عمره خمسة أشهر، يبدو جسده هزيلاً للغاية. وتوفي زوجها الأول وهو مقاتل سابق في التنظيم.
منذ عامين، تنقّلت هذه الشابة من منطقة إلى أخرى تحت سيطرة التنظيم، على وقع تقدم قوات سوريا الديمقراطية. وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «منذ أن جئت إلى هنا وابني ضعيف بهذا الشكل. لم تكن صحته كذلك».
بحسب منظمة أنقذوا الأطفال «سايف ذي تشيلدرن»، فإن نحو ثلث عدد الأطفال دون الخامسة من عمرهم والذين عاينتهم طواقمها في المخيم، يعانون من سوء تغذية حاد. وتقيم العائلات التي وصلت مبكراً إلى الهول في خيم خاصة، لكن آلافاً آخرين يقطنون في خيام جماعية.
ويقول المتحدث الإعلامي في منطقة الشرق الأوسط لدى لجنة الإنقاذ الدولية بول دونوهو: «يعيش في الوقت الراهن عشرة آلاف شخص في خيام كبيرة مشتركة لا تتوفر داخلها أي خصوصية».
ويضم المخيم قسماً خاصاً بعائلات المتطرفين الأجانب، يخضع لحراسة مشددة من القوات الكردية. ويؤوي أكثر من تسعة آلاف من نساء وأطفال يتحدرون من فرنسا وألمانيا أو من بلجيكا بشكل خاص.
وتقول الشابة الألمانية المنقبة رومينا شير، التي قدمت إلى سوريا أواخر عام 2014 وتزوجت من مقاتل ألماني في صفوف التنظيم، لوكالة الصحافة الفرنسية: «لا يمكننا البقاء هنا، لا شيء لدينا لنأكله ولا مال».
وتضيف وهي أم لثلاثة أطفال بينما تضم صغيرها محمد (ثلاثة أشهر) إلى صدرها «لا يمكنني إرضاعه لأنني لا أتناول ما يكفي من الطعام» بينما يقف قربها طفلها البكر (8 سنوات). وتتابع: «في كل يوم يسألني أطفالي متى سنعود إلى المنزل. أقول لهم إن ذلك يعتمد على بلدنا وما إذا كان يرغب في استعادتنا».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.