مصر تستأنف جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي الاثنين المقبل

الخرطوم تستضيف الاجتماع.. والقاهرة تصفه بالصعب

سد النهضة
سد النهضة
TT

مصر تستأنف جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي الاثنين المقبل

سد النهضة
سد النهضة

في أول اختبار للأجواء الإيجابية التي صاحبت لقاء جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإثيوبي هيلي ماريام ديسالين، قبل نحو شهرين، يستأنف وزراء المياه في كل من مصر وإثيوبيا والسودان، بعد غد (الاثنين) المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة الإثيوبي، بالعاصمة السودانية الخرطوم، بعد توقف دام ثمانية أشهر.
وقالت وزارة الخارجية اليوم إن سامح شكري وزير الخارجية المصري، أجرى أول من أمس الخميس اتصالا هاتفيا بوزير خارجية إثيوبيا، وذلك في إطار التشاور المستمر بين الوزيرين بمناسبة قرب انعقاد اللجنة الفنية الثلاثية في الخرطوم.
والتقى السيسي وديسالين على هامش القمة الأفريقية في مالابو، عاصمة غينيا الاستوائية، أواخر يونيو (حزيران) الماضي. وخفف اللقاء من حدة التوتر بين الدولتين على خلفية مخاوف القاهرة من تأثير سد النهضة الذي تبنيه أديس أبابا على النيل الأزرق الذي يمثل الرافد الأساسي لحصة مصر من المياه.
وأكد وزير الخارجية المصري في اتصاله مع نظيرة الإثيوبي أهمية أن تعكس هذه الجولة من المحادثات الثلاثية بين وزراء المياه الروح الإيجابية التي سادت خلال لقاء القمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراء إثيوبيا وتدشين مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية في إطار تحقيق المصالح المشتركة للبلدين. واتفق الوزيران، وفقا للبيان، خلال الاتصال على استمرار التواصل بينهما خلال اجتماع اللجنة الثلاثية والإسهام في تسيير المفاوضات إذا لزم الأمر. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية إن شكري أكد خلال الاتصال حرصه على زيارة إثيوبيا في وقت مبكر لتقييم ما يجري الاتفاق عليه، ومناقشة مجمل العلاقات الثنائية ووضع إطار عام لتطويرها في مختلف المجالات، فضلا عن تناول قضية سد النهضة ومصالح مصر المائية.
وقالت مصادر على صلة بملف المفاوضات المصرية الإثيوبية إن القاهرة ستعمل بجهد على إقناع الجانب الإثيوبي بإطالة فترة ملء السد من 3 سنوات إلى 10 سنوات لتجنب تأثير محتمل على حصة القاهرة من مياه النيل.
وأرجئ اجتماع اللجنة الثلاثة عدة مرات بطلب من إثيوبيا. بعد اتفاق البلدين على فتح صفحة جديدة وإزالة الخلافات العالقة حول السد الإثيوبي، وإقامة شراكة جديدة لتعزيز أوجه التعاون في مختلف المجالات.
وصدر عن لقاء السيسي - ديسالين بيان مشترك نص صراحة على التزام أديس أبابا بتجنب أي ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه، واستئناف المفاوضات الثلاثية حول السد، كما قرر الجانبان تشكيل لجنة عليا تحت إشرافهما المباشر لتناول جميع جوانب العلاقات الثنائية والإقليمية في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وقال مصدر مسؤول بوزارة الري إن مصر ترتكز في علاقاتها مع الأشقاء الأفارقة ودول حوض النيل في هذه المرحلة الجديدة على مبادئ تعزيز علاقات حسن الجوار، وحل الخلافات، من خلال الحوار والطرق الودية، وعدم التنازل عن قطرة واحدة من حقوقنا التاريخية في مياه النيل، وتعظيم الاستفادة من مئات المليارات من الأمطار التي تسقط سنويا على هضبة الحبشة وجنوب السودان، والالتزام بالمعايير الدولية في بناء السدود على مجاري الأنهار الدولية، ووضع خبرات مصر الفنية تحت تصرف الأشقاء الأفارقة بالتنسيق مع الدول المانحة.
وأضاف، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، أن القاهرة ستنطلق في المفاوضات أيضا من رؤية جديدة تضع حلا للأزمة، على ضوء القمة المشتركة بين البلدين في ملابو، حيث سيجري استعراض النقاط التي اشتمل عليها البيان المشترك بين البلدين، والتي من الممكن أن تكون مفتاحا لحل هذه الأزمة، مثل الحديث عن فواقد المياه، واستخدامات مصر للمياه، واحترام القوانين الدولية، واحترام مصر للتطلعات التنموية لإثيوبيا.
وأعلن في القاهرة الأسبوع الماضي عن إعادة ترسيم حدود المحافظات بهدف استزراع نحو 4 ملايين فدان، وهو المشروع الذي يلقي الرئيس السيسي بثقله خلفه لتوفير فرص عمل وإنعاش الاقتصاد الذي يعاني من الأزمات منذ ثلاث سنوات، الأمر الذي يعزز حاجة مصر إلى الحفاظ على حصتها من مياه النيل والعمل على زيادتها بعد أن تراجع نصيب الفرد من المياه بشكل ملحوظ.
وتشكو القاهرة شح المعلومات التي يقدمها الجانب الإثيوبي حول تفاصيل مشروع سد النهضة، وتبدي مخاوفها من إغفال أديس أبابا إجراءات السلامة الضرورية للحفاظ على بدن سد النهضة الذي قد يهدد السد العالي (أقصى جنوب مصر) حال انهياره.
وقال المصدر المصري إن جولة المفاوضات الجديدة «لن تكون سهلة»، لافتا إلى أنها قد تستغرق بعض الوقت وتحتاج إلى عدة لقاءات لاحقة، أملا في أن وجود إرادة سياسية ونية صادقة لدى الجميع من شأنه إزالة أي معوقات.
لكن مراقبين حذروا من استراتيجية إثيوبية تعتمد على إطالة أمد التفاوض والمماطلة لتثبيت أمر واقع جديد، في ظل غياب المعلومات الضرورية عن السد الرئيس (سد النهضة) والسدود الأخرى التي تبنيها إثيوبيا على النهر.



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».