تحليل إخباري: دخول موسكو بقوّة على خط الأزمة مدّ نظام مادورو بالثقة اللازمة

مادورو
مادورو
TT

تحليل إخباري: دخول موسكو بقوّة على خط الأزمة مدّ نظام مادورو بالثقة اللازمة

مادورو
مادورو

ماذا بعد الخطوة التصعيدية الأخيرة التي أقدم عليها نظام مادورو، تحت ضغط الجناح المتشدّد، عندما فرض طوق العقوبات القانونية على زعيم المعارضة خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه رئيساً بالوكالة، وحرمه من ممارسة العمل السياسي لفترة خمسة عشر عاماً؟ وماذا يحمل تحذير الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى روسيا بأن عليها الخروج من فنزويلا، وتهديدات وزير الخارجية مايك بومبيو بأن «مادورو ارتكب خطأ فادحاً آخر».
عندما قرّر النظام الفنزويلي عدم إلقاء القبض على غوايدو بعد عودته من جولته الخارجية، رغم وجود قرار صريح بمنعه من السفر خارج البلاد، كان واضحاً أن ميزان القوى يميل إلى جانب زعيم المعارضة في المواجهة مع مادورو، وأن النظام لم يكن واثقاً من قدرته على تجاهل تحذيرات واشنطن من عدم المساس بغوايدو. لكن دخول موسكو بقوّة على خط الأزمة في الأسابيع الأخيرة، وتصعيد لهجتها في وجه السياسة الأميركية، مدّ النظام الفنزويلي بالثقة اللازمة للانتقال إلى المرحلة التالية من مخططها لمحاصرة غوايدو، وإبطال مفاعيل حركته التي بدأت تظهر عليها علامات الإنهاك والإحباط من عدم تحقيق نتائج ملموسة.
وبينما كانت طائرتان روسيتان تنقلان المزيد من الخبراء العسكريين إلى مطار العاصمة الفنزويلية، التي نُشِرت في محيطها منظومات روسيّة للدفاع الجوي، كانت «السيّدة الأولى» الفنزويلية تعلن من البيت الأبيض أنها تخشى على حياة زوجها، وتسمع من الرئيس الأميركي تحذيراً آخر بأن «كل الضغوط الممكنة قد استنفدت، ولم يبقَ أمامنا سوى الخيار العسكري».
الإدارة الأميركية تعتبر أن العقوبات الاقتصادية والسياسية التي فرضتها على النظام لم يُتَح لها الوقت الكافي بعد لكي تثمر النتائج المنشودة منها، فيما يتساءل المراقبون: عند أي نقطة ستقرر واشنطن الانتقال إلى الضغط العسكري؟ وماذا سيكون عندئذ موقف موسكو التي تربطها اتفاقات عسكرية بفنزويلا؟
النظام الفنزويلي من ناحيته يتصرّف واثقاً من قدرته على تجاهل التهديدات الأميركية والصمود تحت العقوبات، ويشدّد حصاره على قيادة المعارضة بعد اتهامها بالتحضير لأعمال إرهابية والتخطيط لاغتيال مادورو. وتأتي هذه الاتهامات كردٍّ على التقرير الذي قدّمته في جنيف مفوّضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشيل باسيليه، وتضمّن معلومات موثقّة عن أعمال تعذيب قامت بها أجهزة النظام في الأحياء الشعبية والفقيرة من العاصمة لقمع الاحتجاجات، واغتيالات لمعارضين من غير مثولهم للمحاكمة. في غضون ذلك، يزداد الشعور في الأوساط المعارضة بأن غوايدو قد لا يكون الرجل المناسب لمواجهة النظام، رغم ما أبداه من شجاعة ونزاهة حتى الآن، وأن حزمة المطالب التي بنى عليها استراتيجيته، أو فرضتها عليه واشنطن، ليست واقعية في الظرف الراهن.
ومن المآخذ على غوايدو أن سياسته الرامية إلى استمالة القيادات العليا في القوّات المسلحة كي تنشق مع وحداتها عن النظام، وتنضوي تحت أمرة السلطة الدستورية الجديدة، لم تثمر عن نتيجة تذكر حتى الآن باستثناء المدير السابق للمخابرات العسكرية المشهور بضلوعه في تجارة المخدرات والفساد، وهو مطلوب من العدالة الأميركية، إضافة إلى لواء سابق كان مسؤولاً عن الخدمات الصحية، ومتّهم بقضايا فساد مالي ضخمة. ويقول المعترضون على إدارة غوايدو للمواجهة، وعلى خطته لشقّ صفوف القيادات العسكرية الموالية للنظام عن طريق إغرائها بالعفو العام، إن أيّاً من جنرالات الجيش الفنزويلي الذين يزيد عددهم عن جنرالات منظمة حلف شمال الأطلسي لم يتجاوب مع زعيم المعارضة والرئيس بالوكالة.
تجدر الإشارة إلى أن مئات من صغار الضبّاط يخضعون للاحتجاز، ويتعرّضون للتعذيب بسبب الاشتباه بتعاطفهم مع المعارضة، وفقاً للمعلومات التي وردت في موجز التقرير الذي ستقدّمه مفوّضة الأمم المتحدة قريباً أمام مجلس الأمن، فيما انضمّ نحو ألف من الجنود الذين انشقّوا عن النظام إلى مجموعات النازحين الذين يطلبون المساعدة من وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين وراء الحدود الفنزويلية مع كولومبيا. كما يأخذ المعترضون على سياسة غوايدو التهديدات التي يطلقها باستمرار حول احتمال اللجوء إلى طلب مساعدة عسكرية خارجية، أوّلاً لأنها غير واقعيّة، وتنمّ عن سذاجة في التعاطي مع الأزمة التي قطعت شوطاً بعيداً على طريق التدويل، وثانياً لأن مجرّد التهويل بالتدخّل العسكري، أي الأميركي لا محالة، يعطي وقوداً للنظام ويضرب المعارضة في صميم صدقيّتها.
في هذه الأثناء ما زال غوايدو يتابع نشاطه كالمعتاد رافضاً شرعيّة قرارات المدّعي العام وديوان المحاسبة، كما سبق أن رفض شرعيّة رئاسة مادورو، بينما يراهن النظام على إخراجه تدريجيّاً من حلبة الصراع السياسي، في الوقت الذي بدأت تخفت أصداء الاحتجاجات الشعبية، وتظهر علامات الوهن على المعارضة، ويتراجع تجاوب المواطنين مع دعواتها.



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.