روسيا تستعد لتقليص أعداد العاملين الحكوميين لتحسين أجور المتبقين

زيادة عدد المسؤولين والموظفين تنهك الميزانية وتزيد التعقيدات البيروقراطية

تستعد الحكومة الروسية لعملية إعادة هيكلة بمؤسسات الدولة تشمل تقليص أعداد المسؤولين والموظفين (رويترز)
تستعد الحكومة الروسية لعملية إعادة هيكلة بمؤسسات الدولة تشمل تقليص أعداد المسؤولين والموظفين (رويترز)
TT

روسيا تستعد لتقليص أعداد العاملين الحكوميين لتحسين أجور المتبقين

تستعد الحكومة الروسية لعملية إعادة هيكلة بمؤسسات الدولة تشمل تقليص أعداد المسؤولين والموظفين (رويترز)
تستعد الحكومة الروسية لعملية إعادة هيكلة بمؤسسات الدولة تشمل تقليص أعداد المسؤولين والموظفين (رويترز)

في خطوة هي الثالثة من نوعها خلال عشر سنوات، تستعد الحكومة الروسية لعملية تقليص جديدة في أعداد المسؤولين والموظفين في مؤسسات الدولة، على المستويين المركزي الفيدرالي والمحلي الإقليمي، وذلك في إطار خطة ترمي إلى تحسين أداء مؤسسات الدولية، وتخفيف الإنفاق الرسمي على هذه الفئات، مع تحسين الأجور الشهرية للموظفين في مؤسسات الدولة، الذين سيبقون على رأس عملهم، وتقول جهات رسمية إن أجورهم أدنى من مستوى أجور العاملين في القطاع الخاص.
وقالت تتيانا نيستيرينكو، نائبة وزير المالية الروسي، في تصريحات إن السلطات تنوي تقليص عدد المسؤولين في الدولة بنسبة 15 في المائة من العاملين في مؤسسات السلطات المحلية في الأقاليم الروسية، وبنسبة 10 في المائة من العاملين في المؤسسات الفيدرالية (المركزية)، وقالت إن الهدف من الخطوة «الانتقال بمنظومة الأجور الشهرية للعاملين في مؤسسات الدولية إلى ظروف تنافسية».
وتشير تقارير رسمية إلى أن أعداد المسؤولين في مؤسسات الدولة في روسيا كان عام 2017 أكثر من 2.1 مليون موظف، بزيادة 1.2 في المائة مقارنة بأعدادهم عام 2016. ويُصنف مسؤول أو موظف دولة، العاملين من الفئات التي تشغل مسؤوليات رسمية في الدولة، مثل رئيس الوزراء والوزراء، ورئيس غرفة الحساب، وأعضاء مجلسي البرلمان، ومساعديهم، وأعضاء البرلمانات المحلية، فضلا عن المسؤولين المحليين في الأقاليم، وكل موظف يقوم بوظيفة مساعد لهؤلاء جميعهم في تنفيذ مهامهم، وصولاً إلى الموظفين الذين يقومون بتخديم ومهام حماية المؤسسات الحكومية، وغيرهم من العاملين في مؤسسات السلطات التشريعية والتنفيذية.
وتنوي الحكومة تقليص أعداد هذه الفئات من العاملين في الدولة على مرحلتين، خلال عامي 2020 - 2021. ويتوقع أن تنتهي بتراجع أعداد المسؤولين في مؤسسات السلطات المحلية بقدر 200 ألف مسؤول وموظف.
قضية وجود عدد كبير من المسؤولين من مختلف المستويات والموظفين في الدولة ليست جديدة بالنسبة للمؤسسات الروسية، لا سيما أن كثرة عددهم تلقي بأعباء إضافية على الميزانية، وتؤدي في الوقت ذاته إلى نتائج سلبية، لعل أهمها زيادة التعقيدات البيروقراطية في اتخاذ القرارات وتسيير المعاملات المختلفة، مع ما يخلفه ذلك من آثار على عملية النمو في شتى المجالات. ولذلك تم طرح قضية تقليص أعدادهم أكثر من مرة خلال السنوات الماضية.
ومنذ عام 2009 كانت تجري عملية تقليص سنوية لهم، إلا أن الوضع تغير منذ عام 2014. حيث بدأت المؤسسات الرسمية تُدرج عناصر وزارة الداخلية ضمن معطياتها عن العاملين في الدولة، ما أدى إلى زيادة على المصنفين ضمن هذه الفئة بنسبة 43 في المائة، مقارنة بأعدادهم عام 2013.
وطرحت الحكومة الروسية أكثر من خطة لتحسين ظروف عمل المسؤولين والموظفين في الدولة، وتخفيف عبء إنفاق الميزانية عليهم. مثال على ذلك اقتراح وزارة المالية الروسية عام 2010. الذي تضمن دعوة لتقييد تعديل الأجور الشهرية للمسؤولين بمستوى لا يزيد عن معدل التضخم، وتقليص أعدادهم بنسبة 20 في المائة، أو التخلي عن 120 ألف موظف حينها، وقالت الوزارة إن هذه الخطوة من شأنها توفير 43 مليار روبل (نحو 660 مليون دولار) من نفقات الميزانية. وعبر دميتري مدفيديف، الذي كان رئيسا للبلاد حينها، عن دعمه للاقتراح، ووقع مرسوما بتقليص أعداد العاملين في الدولة بقدر 20 في المائة على مراحل خلال سنوات 2011 - 2013.
وفي عام 2014، بعد عودة فلاديمير بوتين للرئاسة، وتكليفه مدفيديف برئاسة الحكومة، كلف الأخير وزارة المالية بإعداد اقتراحات جديدة لتقليص أعداد العاملين في الدولة بنسبة 10 في المائة. وفي نهاية عام 2015. وقع قرارا حكوميا ينص على تقليص للعاملين الحكوميين بنسبة 10 في المائة اعتباراً من مطلع 2016.
ورغم تأكيد تتيانا غوليكوفا، التي كانت ترأس غرفة الحساب الروسية عام 2017. أن عدد المسؤولين والموظفين في الدولة تراجع، أشار مراقبون إلى أن التقليص شمل في الواقع «المسؤولين والموظفين» من الدرجات المتدنية، بينما تزايد أعداد «كبار المديرين ومساعديهم» على المستويين الفيدرالي المركزي، والمحلي الإقليمي.
وفي تقرير نشرته حينها تحت عنوان «مسؤول لكل سبعة مواطنين. روسيا سجلت رقما قياسيا بعدد المسؤولين في الدولة»، قالت صحيفة «نوفيي إزفستيا»، إن معطيات الوكالة الفيدرالية الروسية للإحصاء تشير إلى وجود نحو 14 ألف موظف ومسؤول في مؤسسات السلطة من مختلف المستويات في مقاطعة أورلوف التي لا يزيد عدد سكانها عن 760 ألف نسمة.
ووصف ألكسندر سافانوف، المدير في أكاديمية العمل والعلاقات الاجتماعية قرارات التقليص الحكومية بأنها «مثل أرجوحة»، موضحاً أن «الحكومة تعلن بداية عن قرار التقليص، وتبدأ حقيقة بتلك العملية، لكن بعد ذلك تظهر قوانين جديدة ومهام جديدة، ووزارات ومؤسسات، تحتاج لموظفين جدد كي تقوم بمهامها، وهكذا ينمو من جديد عدد المسؤولين والموظفين في الدولة».
وتشير بيانات رسمية إلى أن متوسط الأجور الشهرية للموظفين المدنيين في مؤسسات الدولة ارتفع عام 2018 بنسبة 5.4 في المائة مقارنة بعام 2017، وبلغ نحو 126 ألف روبل (1900 دولار تقريباً). ويقول خبراء إن عدم زيادة الأجور الشهرية للعاملين في الدولة ليس قضية كارثية، لأنهم يحصلون على حوافز أخرى ليست متوفرة للعاملين في القطاع العام، لعل أهمها ضمان الاستمرار بالعمل لفترة طويلة، فضلا عن حوافز مالية وخدمية أخرى.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».