كتاب «صباح فخري سيرة وتراث» يوثق حياة أحد عمالقة الفن العربي

بموازاة حفل توقيعه أقيمت ندوة حوله في «دار النمر»

كتاب «صباح فخري سيرة وتراث» يوثق حياة أحد عمالقة الفن العربي
TT

كتاب «صباح فخري سيرة وتراث» يوثق حياة أحد عمالقة الفن العربي

كتاب «صباح فخري سيرة وتراث» يوثق حياة أحد عمالقة الفن العربي

يلقبونه بـ«صاحب الحنجرة الذهبية»، وعرف بقدرته على الغناء لمدة تتجاوز الـ10 ساعات متتالية على المسرح. فصباح فخري الذي يتجاوز عمره اليوم 85 عاماً لم يشأ إلا أن يوثّق حياته في كتاب «صباح فخري سيرة وتراث»، بعد أن اختار مدونة له الكاتبة السورية شذا نصار. «أنا سعيد بهذه الخطوة، وأتمنى أن يتلقفها باهتمام كل من يحبني ويتشوق لمعرفة أهم محطات حياتي»، يقول المطرب السوري في حديث لـ«الشرق الأوسط».
أما الكاتبة فتقول: «لقد استغرق تحضيره وكتابته نحو 4 سنوات التقيت خلالها صباح فخري عشرات المرات. فلقد آثر منذ البداية أن أقوم بهذه المهمة، خصوصاً أن هناك علاقة صداقة ونحو عائلية تربطني به منذ الصغر». وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «حاولت قدر الإمكان توثيق أهم محطات حياته منذ ولادته في مدينة حلب في عام 1933 حتى اليوم. فكنت أقطع المسافة من منزلي في منطقة صربا على ساحل جونية إلى منزله في منطقة الروشة وأنا أمني النفس بغبّ المزيد من المعلومات عنه».
فصباح فخري، ومنذ اندلاع الحرب في سوريا، انتقل للعيش في بيروت التي غنى فيها في زمن الفن الجميل، ومؤخراً في عام 2013، فلبنان، وكما يذكر في كتابه، يقدّر كل ثمين وأهله يتذوقون الفن الأصيل.
ويعد هذا الكتاب الذي يتألف من نحو 300 صفحة الأول من نوعه، الذي يحكي عن حياة صباح فخري الشخصية والمهنية وصولاته وجولاته في مختلف قارات العالم. كما يكشف عن أسرار بقي مطرب القدود الحلبية محتفظاً بها لغاية اليوم.
وفي ندوة أقيمت أول من أمس في «دار النمر» في بيروت بموازاة حفل توقيع الكتاب، وبحضور زوجته فاطمة الزهراء وحشد من أهالي الصحافة والإعلام، تحدث كل من الكاتبة والموسيقيين إلياس سحاب وغدي الرحباني والإعلامي رفيق نصر الله عن صباح فخري الفنان والمدرسة التي أسسها بصوته الفريد من نوعه. كما كانت لابنه أنس شهادات حية تحدث فيها عن صباح فخري الفنان والأب. واستهلت الندوة بكلمة لصاحب الكتاب شكر فيها كاتبته والموجودين على دعمه في هذه الخطوة التي سيلحقها طرح ألبوم غنائي يجمع فيه كل أغانيه. وأكد نجله أنس أن العمل جار على تنفيذ هذا المشروع الضخم في أقرب وقت ممكن.
وتقول الكاتبة شذا نصار، في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، «هناك أمور كثيرة يرويها صباح فخري في هذا الكتاب لأول مرة، واكتشفت خلال مقابلاتي معه نواحي كثيرة من شخصيته لم أكن أعرفها من قبل. فهو شخص وجداني متعمق في الفلسفة والأدب، سلس المعشر وصريح. وخلال بوحه بمعلومات تنشر لأول مرة عنه كان لا يتوانى عن ذكرها بلياقة الرجل النبيل، الذي شكّل رمزاً من رموز مدينة التراث حلب. ولقد انطلقت في هذا الكتاب من هذه المدينة بالذات لأنها تعني له الكثير. فالدمار الذي شهدته خلال الحرب كان يؤلمنا جميعاً، وهو ما جعلني أركن إلى التراث اللامادي مع فن صباح فخري كي أعوّض خسارتي لتراث مدينتي التاريخي».
وتعلّق زوجته فاطمة الزهراء، التي كانت بمثابة ذاكرة صباح فخري التي ركنت إليها الكاتبة في كثير من محطات الكتاب: «هي رحلة عمر نقرأها في كتاب غني بالمعلومات عن صباح فخري نعرفها عنه لأول مرة». وتضيف في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد وثّق هذا الكتاب حياة أسطورة فنية وأتمنى أن أكون قد وفيته حقّه».
تمر الكاتبة في أقسام الكتاب الكثيرة على أهم محطات حياة صباح فخري منذ ولادته في مدينة حلب القديمة في عام 1933، واسمه الحقيقي صباح الدين أبو قوس، مروراً بفترة سطوع نجمه على يد مكتشفه وابن مدينته الفنان سامي الشوا الذي أطلق عليه اسم محمد صباح. كما يروي عن أول حفل أقامه في حضرة رئيس الجمهورية السورية شكري القوتلي في عام 1946، عندما أعجب بغنائه فطلب من مرافقه أن يكافئه بمبلغ 100 ليرة سورية، فرف قلبه فرحاً، وهو يتحسسها بين حين وآخر. وبعدها كرّت السبحة والتقى بفخري البارودي أحد السياسيين المعروفين في سوريا، الذي أخذ بيده وأمن له عملاً في الإذاعة السورية ودراسة الموسيقى. فكان لقاؤه معه نقطة تحول في مشواره الفني ابتدأت مع إطلاق فخري البارودي عليه اسم صباح فخري الذي رافقه فيما بعد طيلة حياته الفنية.
ومن حفل أقامه في منزل آل بوبس في حلب وآخر على مسرح حلب الصيفي ومتنزه السبيل، بدأت مسيرة صباح الحقيقية في عالم الفن لتطال مصر ولبنان والمغرب وتونس وسلطنة عمان والخليج العربي وأهم مسارح فنزويلا وديترويت وباريس ولندن وأثينا، التي شق طريقه فيها إلى العالمية من مدينة كاراكاس. ويحكي الكتاب قصص بعض أغانيه المعروفة، وبينها «خمرة الحب» التي استلهمها من زوجته الثانية فاطمة الزهراء (أم أنس). كما نتعرّف إلى لقاءاته والأحاديث التي دارت بينه وبين عمالقة الفن الجميل أمثال الراحلين محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش وعبد الحليم حافظ وأم كلثوم وصباح وغيرهم. ومن أول لقاء تلفزيوني له في بيروت على «قناة 7» مع الراحل نجيب حنكش ينقلنا الكتاب إلى أول مسلسلاته الدرامية «الوادي الكبير» إلى جانب وردة الجزائرية. ومن الأقسام التي يتحدث فيها عن حياته الشخصية نتعرف إلى المرحلة التي أصيب فيها بالمرض في عام 2010 مما أفقده القدرة على الغناء، وهو ما دفع عائلته لنقله إلى ألمانيا فبدأت صحته تشهد تحسناً بطيئاً.
وفي حوار شيق مع صباح فخري تختتم به الكاتبة هذا الوثائقي المقروء، يذكر الفنان العملاق أحب الموشحات إلى قلبه «ملا الكاسات وسقاني» و«كللي يا سحب تيجان الربا بالحلي» وغيرها، متطرقاً إلى أسماء الأشخاص الذين تبنوا موهبته أمثال سامي الشوا وفخري البارودي. وليصف أصوات فنانين لمعت في حقبته كزكية حمدان صاحبة اللون الخاص وميادة الحناوي من أصوات حلب الجميلة ونور مهنا صاحب الأداء الجيد. وليعرّج أيضاً على فنانين مصريين أمثال فريد الأطرش الذي يصفه بالفنان السوري ابن الجبل العربي الأشم ومحمد عبد الوهاب كموسيقار عصره. ومن لبنان يصف فيروز بصاحبة الصوت الملائكي والنموذج الفريد من نوعه لا مثيل له، وعن صباح التي أحب صوتها القادر وأنوثتها الفائضة ووديع الصافي الذي يطرب لصوته الفريد والمتميز.
بكثير من التشويق والإثارة، تتابع صفحات هذا الكتاب، الذي وتحت عنوان «سر دفين»، يروي صباح فخري عن مغامرات عاطفية سبق وعاشها، ولم يخبر أحداً عنها، إلا أنها، وكما يروي في «صباح فخري سيرة وتراث»، لم تبعده عن حبّه الساكن في منزله.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.