مخاوف في لبنان من تأثير قرار الجولان على مصير مزارع شبعا

قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في قرية الغجر اللبنانية المحاذية لمزارع شبعا (غيتي)
قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في قرية الغجر اللبنانية المحاذية لمزارع شبعا (غيتي)
TT

مخاوف في لبنان من تأثير قرار الجولان على مصير مزارع شبعا

قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في قرية الغجر اللبنانية المحاذية لمزارع شبعا (غيتي)
قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في قرية الغجر اللبنانية المحاذية لمزارع شبعا (غيتي)

لم يقتصر الموقف اللبناني الرسمي والشعبي من قرار الرئيس دونالد ترمب، الاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان السوري المحتل، على الاستياء، إنما تخطاه إلى مخاوف البعض من أن يشمل هذا القرار الأراضي المحتلة في مزارع شبعا، والتي تعدها إسرائيل جزءاً من الجولان.
وتقع مزارع شبعا على الحدود بين لبنان والجزء المحتل من الجولان السوري، وتتبع منطقة العرقوب وتمتاز بموقع جغرافي استراتيجي باعتبارها حلقة وصل مع المستوطنات الإسرائيلية الشمالية والجولان المحتل. وتنطلق المخاوف اللبنانية من أنه حين طالب لبنان باستعادة مزارع شبعا وكفرشوبا بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان في عام 2000 كان جواب الأمم المتحدة أنها أرض مرتبطة بالجولان.
وكانت إسرائيل قد احتلت هذه المزارع عام 1967، علماً بأنه قبل عام 2000 كان هناك خلاف لبناني - سوري حول ما إذا كانت تابعة للبنان أو لسوريا نظراً إلى تداخل الأراضي بين البلدين وعدم ترسيمها بشكل رسمي. لكن بعد تحرير الجنوب اللبناني وانسحاب إسرائيل، خرجت سوريا لتعلن «لبنانية» مزارع شبعا، من غير أن يتم توثيق ذلك بصورة رسمية. وقال الرئيس بشار الأسد في يناير (كانون الثاني) 2006، إن مزارع شبعا لبنانية، لكنه شدد على أن «ترسيم الحدود يكون بعد انسحاب إسرائيل من هذه المنطقة».
وبعد الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على الجولان، صدرت عن المسؤولين اللبنانيين سلسلة مواقف معترضة أبرزها لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون، الذي وصف اليوم الذي قرر فيه الرئيس الأميركي إعطاء الحق لإسرائيل بضم الجولان بـ«اليوم الأسود»، معتبراً أن ما حصل «عمل تعسفي يناقض الشرعية الدولية التي ترعى الحدود بين الدول». أما الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله فدعا إلى اعتماد خيار «المقاومة» لاستعادة الأراضي التي تحتلها إسرائيل، وطالب جامعة الدول العربية بالتحرك وإعلان سحب المبادرة العربية للسلام والعودة إلى نقطة الصفر.
لكنّ المسؤولين اللبنانيين لم يروا أن هناك مبرراً لاعتبار أن القرار الأميركي الأخير يشمل الأراضي اللبنانية المحتلة. وقال مصدر رسمي لبناني لـ«الشرق الأوسط»: «لم يقترب أحد من أراضينا ليعلن ضمها إلى إسرائيل، لذلك اقتصرت المواقف الرسمية اللبنانية على انتقاد الخطوة من منطلق أنها تمس سوريا وأراضيها، أما أراضينا المحتلة فلم تكن يوماً جزءاً من الجولان، ونحن نستمد حقنا في المقاومة من وجود هذا الاحتلال».
في المقابل، اعتبر رئيس مركز «الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري – إينغما» رياض قهوجي، أنه «ما دامت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر هي بالنسبة إلى إسرائيل أراضٍ تابعة للجولان احتلت معظمها في عام 1967، فإن الاعتراف الأميركي بسيادتها على الجولان يعني تلقائياً سيادتها على الأراضي التابعة له ومنها الأراضي اللبنانية المحتلة». وأشار قهوجي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «ما يزيد من الفوضى في هذا المجال هو عدم وجود وثائق وخرائط واضحة لدى الأمم المتحدة تحدد أين يبدأ الجولان وأين ينتهي، فالسوريون تقصّدوا طوال المرحلة الماضية إبقاء الأمور ملتبسة، فكان هناك موقف شفهي للأسد بأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا أراضٍ لبنانية، لكن الحكومة السورية رفضت تقديم أي شيء خطّي مرفق بخرائط ووثائق، كما طالبت الأمم المتحدة وجهات أخرى، لإثبات لبنانية مزارع شبعا، رابطة ترسيم الحدود بين لبنان وسوريا بانسحاب إسرائيل من الأراضي المحتلة».
وأوضح قهوجي أن «الخرائط التي لدى لبنان تثبت أن مزارع شبعا أراضٍ لبنانية احتلها السوريون في خمسينات القرن الماضي، وعندما احتلت إسرائيل الجولان وهذه الأراضي معها تحوّل الملف إلى ملف سوري – إسرائيلي، وباتت إسرائيل تتعاطى مع هذه الأراضي كسوريا محتلة».
وربط قهوجي إمكانية تطور الأمر إلى نزاع عسكري بـ«القرار الذي سيتخذه محور المقاومة، فإذا قرروا فتح جبهة الجولان ستكون هناك ردة فعل إسرائيلية كبيرة، علماً بأننا لا نستبعد أصلاً أن تكون الخطوة الأميركية – الإسرائيلية الأخيرة لاستجرار ردة الفعل هذه تمهيداً لعمل عسكري»، وختم: «فلننتظر ونرَ كيف ستتطور الأمور».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.