تلويح اسرائيلي بـ «منع تموضع إيراني» بعد قصف قرب حلب

دمشق تقول إن دفاعاتها «تصدت» لغارات شمال سوريا

تلويح اسرائيلي بـ «منع تموضع إيراني» بعد قصف قرب حلب
TT

تلويح اسرائيلي بـ «منع تموضع إيراني» بعد قصف قرب حلب

تلويح اسرائيلي بـ «منع تموضع إيراني» بعد قصف قرب حلب

أعلنت دمشق أن الدفاعات الجوية السورية تصدت ليل الأربعاء لـ«عدوان» جوي إسرائيلي استهدف شمال شرقي مدينة حلب في شمال البلاد، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، في وقت لمح فيه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير مخابراته، يسرائيل كاتس، إلى أن جيشهما يقف وراء الضربة الأخيرة على حلب.
واستهدفت هذه الغارات، وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، مخازن ذخيرة تابعة للقوات الإيرانية، وتسببت في مقتل سبعة مقاتلين موالين لها، في حصيلة جديدة أوردها صباح الخميس.
وقال مصدر عسكري، وفق ما نقلت وكالة «سانا»: «تصدت وسائط دفاعنا الجوي لعدوان جوي إسرائيلي استهدف بعض المواقع في المنطقة الصناعية في الشيخ نجار، شمال شرقي حلب، وأسقطت عدداً من الصواريخ المعادية»، موضحاً أن الأضرار «اقتصرت على الماديات».
واستهدف القصف وفق المرصد «مستودعات ذخيرة تابعة للقوات الإيرانية والمجموعات الموالية لها، وتسبب في حدوث انفجارات ضخمة».
وأفاد المرصد صباح الخميس، بمقتل سبعة من حراس المستودعات جراء القصف، بعد حصيلة أولية ليلاً عن مقتل أربعة. وقال إنهم من المقاتلين غير السوريين الموالين للقوات الإيرانية. كما أفاد بإصابة خمسة مقاتلين سوريين بجروح.
وقال عدد من سكان مدينة حلب لوكالة الصحافة الفرنسية، إن القصف أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي عن كامل المدينة، قبل أن يعود تدريجياً.
ورداً على سؤال لوكالة «الصحافة الفرنسية»، اكتفى متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بالقول: «لا نعلّق على تقارير أجنبية»؛ لكن نتنياهو، ووزير مخابراته، يسرائيل كاتس، لمَّحا إلى أن جيشهما يقف وراء الضربة. وقد كشف النقاب عن قرار إسرائيلي بوقف نشاط الطيران الحربي الإسرائيلي في سماء هضبة الجولان السورية المحتلة، لعلو يزيد عن 5000 قدم، تفادياً لتعريضه لخطر المضادات الأرضية السورية.
ففي تصريح أدلى به نتنياهو عقب تفقده قواته المرابطة حول قطاع غزة، قال أمس الخميس: «نحن نعمل على عدة ساحات في آن واحد. وليس بعيداً من هنا توجد هضبة الجولان التي اعترف الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، بسيادتنا عليها قبل ثلاثة أيام. هذا إنجاز دبلوماسي عظيم لدولة إسرائيل. وفي الطرف الآخر من الجولان توجد سوريا، وتوجد هناك أيضاً إيران. إيران تحاول باستمرار أن تدخل إلى سوريا صواريخ دقيقة بعيدة المدى، صواريخ متقدمة جداً وفتاكة جداً. لن نقبل بذلك، وعملياتنا ضد المحاولات الإيرانية للتموضع عسكرياً في سوريا، ولإدخال أسلحة متقدمة إليها، تستمر دون هوادة».
ومن جهة ثانية، صرح وزير المخابرات والمواصلات، المكلف أيضاً بملف وزارة الخارجية، يسرائيل كاتس، بأنه: «وفقاً للمصادر الأجنبية، فإن سلاح الجو الإسرائيلي هو الذي قصف القوات الإيرانية في سوريا. ووفقاً لما يعرفه الإيرانيون فإن إسرائيل هي التي قصفت (في حلب). هذه عملية تنطوي على تحد كبير جداً من الناحية العسكرية».
وكثّفت إسرائيل في الأعوام الأخيرة وتيرة قصفها في سوريا، مستهدفة مواقع للجيش السوري وأهدافاً إيرانية، وأخرى لـ«حزب الله» اللبناني. وتكرر التأكيد أنها ستواصل تصدّيها لما تصفه بمحاولات إيران الرامية إلى ترسيخ وجودها العسكري في سوريا، وإرسال أسلحة متطورة إلى «حزب الله» اللبناني.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في 21 يناير (كانون الثاني) توجيه ضربات طالت مخازن ومراكز استخبارات وتدريب، قال إنها تابعة لـ«فيلق القدس» الإيراني، إضافة إلى مخازن ذخيرة وموقع في مطار دمشق الدولي. وتسببت الضربات وفق المرصد في مقتل 21 شخصاً، بينهم عناصر من القوات الإيرانية ومقاتلون مرتبطون بها.
وتأتي الضربات ليل الأربعاء، بعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الاثنين، إعلاناً يعترف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية التي احتلتها عام 1967، وضمتها عام 1981، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
ورأت دمشق في هذا القرار «اعتداء صارخاً على سيادة ووحدة أراضي سوريا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.