عام على «مسيرات العودة» في قطاع غزة: ضحايا وإنجازات قليلة

قُتل خلاله 258 فلسطينياً وجُرح نحو 17 ألفاً آخرين

متظاهرون فلسطينيون في مسيرات العودة قرب السياج بغزة في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون فلسطينيون في مسيرات العودة قرب السياج بغزة في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
TT

عام على «مسيرات العودة» في قطاع غزة: ضحايا وإنجازات قليلة

متظاهرون فلسطينيون في مسيرات العودة قرب السياج بغزة في فبراير الماضي (أ.ف.ب)
متظاهرون فلسطينيون في مسيرات العودة قرب السياج بغزة في فبراير الماضي (أ.ف.ب)

يستعد الفلسطينيون في قطاع غزة، السبت، لتنظيم «مسيرة مليونية» بعد عام على إطلاق حركة احتجاجات ومظاهرات واعتصامات على طول حدود قطاع غزة مع إسرائيل، تخللتها مواجهات دامية تثير مخاوف من تصعيد أكبر.
وتتزامن هذه الذكرى مع «يوم الأرض»، وتأتي قبل أسبوعين من موعد الانتخابات التشريعية الإسرائيلية، وتسعى إسرائيل لتجنب موجة جديدة من التصعيد قبل انتخاباتها المقررة في التاسع من أبريل (نيسان).
وجذبت المسيرات التي انطلقت للمرة الأولى قرب حدود قطاع غزة في 30 مارس (آذار) العام الماضي، وتواصلت على مدى سنة لا سيما أيام الجمعة، انتباه العالم، إلا أن الفلسطينيين ومحللين يتساءلون بعد عام قُتل فيه 258 فلسطينياً وجُرح نحو 17 ألفاً آخرين خلال هذه المسيرات، حول ما إذا كان التحرك حقّق أهدافه، وحول الاستراتيجية التي ينبغي اتباعها مع بدء العام الثاني.
ويطالب الفلسطينيون المتظاهرون برفع الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ أكثر من عقد، وبحق العودة للاجئين الفلسطينيين الذين طُردوا أو غادروا ديارهم لدى قيام دولة إسرائيل في 1948، وبلغت المواجهات ذروتها في 14 مايو (أيار) عندما نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس، وقُتل يومها 62 فلسطينياً على الأقل برصاص إسرائيلي وأصيب المئات.
في بدايتها، أخذت المسيرات طابعاً شعبياً وسلمياً، وحددت الهيئة العليا لمسيرات العودة التي تضم حركة «حماس» والفصائل الفلسطينية الأخرى الموجودة في القطاع ومؤسسات مدنية وأهلية، خمسة مواقع رئيسية أقامت فيها مخيمات قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل، لتجمع المحتجين.
وشكّل إشعال إطارات السيارات وإلقاء الحجارة والطائرات الورقية، أبرز أدوات المسيرات في أشهرها الأولى، قبل أن تتطوّر إلى استخدام بالونات حارقة ومتفجرة، ورد الجيش الإسرائيلي بإطلاق الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع.
وانتقد الفلسطينيون ومنظمات حقوق الإنسان، إسرائيل، بسبب نوعية ردها على الاحتجاجات، معتبرين أن الجنود يطلقون النار على متظاهرين لا يشكلون تهديداً كبيراً. وترى إسرائيل أن ردها ضروري للدفاع عن الحدود، وتتهم «حماس» التي خاضت معها ثلاث حروب منذ 2008، بالوقوف وراء المظاهرات. وقال تقرير للأمم المتحدة: «إن الجنود الإسرائيليين أطلقوا النار عمداً على المدنيين فيما يمكن أن يشكل جرائم حرب».
وقُتل خلال هذه الفترة ذاتها جنديان إسرائيليان.
ويقول أحمد أبو ارتيمة، وهو أحد أبرز الناشطين الذين أسسوا لفكرة «مسيرات العودة»، لوكالة الصحافة الفرنسية: «إن حلمي أصبح واقعاً بنجاح الاحتجاجات أسبوعياً»، لكنه يقر: «إن تحقيق الأهداف ليس بالأمر السهل، وينبغي الكفاح لمواصلة المسيرات بطابعها الشعبي والسلمي». ويؤكد أن «ما حدث ليس بالضبط ما كنت أتمناه، لكنّ هناك فرقاً بين الحلم والواقع». ويعمل أبو ارتيمة، وهو من عائلة فلسطينية لاجئة، مع آخرين، على نشر دعوات عبر «فيسبوك» للتجمع قرب الحدود للاحتجاج على استمرار الحصار على قطاع غزة الفقير، وتثبيت حق العودة.
ودعت الهيئة العليا إلى إضراب عام، غداً (السبت)، في كل الأراضي الفلسطينية. ويؤكد أبو شرخ أن «مسيرة العودة الكبرى بأدواتها النضالية الشعبية والسلمية المشروعة هي أقوى رسالة للعالم لأن شعبنا متمسك بحق العودة ولن يمل المقاومة الشعبية السلمية غير العنيفة».
وتباينت آراء الغزيين بين متفائل ومتشائم إزاء تحقيق أهداف المسيرات، في وقت تجاوزت نسبة البطالة لدى الشباب في القطاع 70% وفق إحصاء فلسطيني رسمي.
ويشارك أيمن المفلح (20 عاماً) كل يوم جمعة في المسيرات، وقال: «نحن مللنا ولا نعرف إذا كنا سنحقق أهدافنا برفع الحصار وعودة اللاجئين، أنا غير متأكد لأن الكل ضدنا ونحن ضد بعض». أما بثينة العايدي (22 عاماً)، وهي خريجة جامعية، فقالت: «مسيرات العودة أفضل وسيلة حتى لا نُتهَم بالإرهاب، أريد أن أُسمع صوتي الحر بسلام لكل العالم ومن دون عسكرة، أنا أريد حرية وعودة إلى بيت جدي في بئر السبع». وقال عبد الجبار عبد الله (65 عاماً) إنه يشارك في المسيرات في كل يوم جمعة لأنه يشعر بـ«الشوق» لمدينة يافا التي هُجِّرت منها عائلته. ويضيف: «لا أتوقع أن أعود إلى يافا، ممكن أن يعود إليها أولادي وأحفادي».
وقبل أسبوعين، نظم ناشطون في غزة حراكاً شعبياً تحت عنوان «بدنا نعيش»، عن طريق دعوات أطلقوها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بتحسين ظروفهم المعيشية الصعبة. ومنعت أجهزة الأمن في غزة التي تديرها حركة «حماس»، مظاهرات الحراك.
وعبر أبو ارتيمة عن شعور بـ«خيبة أمل» إزاء إجراءات «حماس» ضد الحراك. وقال: «بدل القمع الأمني للمتظاهرين، كان يمكن ببساطة أن تدعو (حماس) أنصارها للمشاركة الحاشدة مع هؤلاء المواطنين وكذلك فتح حوار معهم. كيف سنقنع العالم بحقنا في التظاهر السلمي ضد الاحتلال ونحن نقدّم صوراً يُفهم منها قمعنا لحق الناس في التظاهر السلمي».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.