عبد الجليل مدافعاً عن «المجلس الانتقالي»: من أفسد الثورة هم دعاة «فجر ليبيا»

TT

عبد الجليل مدافعاً عن «المجلس الانتقالي»: من أفسد الثورة هم دعاة «فجر ليبيا»

بعد أكثر من ثماني سنوات من الفوضى التي عمّت ليبيا، عقب الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس الراحل معمر القذافي عام 2011، لا تزال الأسئلة مطروحة حول أسباب فشل انتفاضة 17 فبراير (شباط) في تحقيق الاستقرار للبلاد، وانتشار رقعة الفساد.
جانب من تلك الاتهامات لاحق طوال تلك المدة المجلس الوطني الانتقالي السابق، برئاسة المستشار مصطفى عبد الجليل، الذي تولى إدارة البلاد، واتهامه بأنه المتسبب في «فتح الباب أمام الميليشيات المسلحة». لكن الأخير نفى أن يكون مجلسه سبباً في فشل تلك الانتفاضة، وقال: إن من «أفسد الثورة هم دعاة (فجر ليبيا)، الذين أضرموا النيران في مطار طرابلس الدولي، وخزانات النفط في العاصمة، والزويتينة، مشدداً على أن القذافي «نال المصير الذي اختاره لنفسه».
و«فجر ليبيا» عبارة عن تحالف مجموعة ميليشيات إسلامية، ذات صلة بجماعة الإخوان المسلمين في ليبيا. وأضاف عبد الجليل (67 عاماً)، الذي شغل منصب وزير العدل في عهد القذافي، في رسالة خطية، حصلت «الشرق الأوسط» على صورة منها، أمس: «توليت وزملائي بالمجلس الانتقالي أعباء تمثيل من نادوا بالحرية، وضحوا بأرواحهم وأموالهم في مواجهة من لم يحذُ حذو جيرانه (في إشارة إلى القذافي)، وتنطع كعادته واختار المواجهة والملاحقة».
ومضى عبد الجليل مدافعاً عن الفترة التي أدار فيها مجلسه بقوله: «لم نترك أي فرصة للاستفادة ممن عرض علينا المساعدة على أي نحو، ومن أي شخص، ومن أي كيان أو دولة، وهو ما كان سيفعله من تواجد في مكاننا ذاك الوقت»، وتابع موضحاً: «كان أمامنا مدننا هجّرت، ونزح معظم سكانها إلى دولة تونس، مثل الزاوية وزوارة وما جاورهما، وأخرى محاصرة بقوات مدججة مثل (مصراتة والجيل الغربي)، فضلاً عن زحف مهول برتلٍ مسلح على مدن الشرق، فجاء التحرك العالمي (الناتو)، المبني على قرارات إقليمية لحماية المدنيين».
كما تحدث عبد الجليل عن الموقف، الذي اتخذه سلاح الطيران، الذي قال عنه: إن القذافي حاول استغلاله. لكن الطيارين «أفشلوا نواياه عندما هربوا إلى مالطا، وقفز غيرهم تاركين طائراتهم تتهاوى بمفردها، بعدما أفرغوا حمولتها بعيداً عن الثوار المتواجدين على الطريق العام»، كما لم يمنع ذلك من «تجنيب العاصمة كارثة المواجهات، وذلك حينما اتخذ ضباط كتيبة (امحمد المقريف) قرارهم بعدم المواجهة في تخوم العاصمة، فجنّبوا المدينة الدمار، ومنعوا أنفسهم من تحمل إثم الدماء التي ستراق».
ورأى رئيس المجلس الوطني الانتقالي في رسالته الموجهة لمنتقديه، وبخاصة المحلل الليبي محمد الهنقاري، أنه تم بمقتضى هذه التحركات «إمداد المدن المحاصرة بما توافر من سلاح ومال، ومنع النازحين بما توافر من معونات إنسانية، وأموال لمواجهة متطلبات رحيلهم عن ديارهم».
وعلى الرغم من الانتقادات التي طالت المجلس الانتقالي، ذهب عبد الجليل إلى أن أعضاءه لم يتقاضوا أي رواتب ولا مكافآت، أو منح سفر لزيارتهم الكثيرة خارج البلاد، «بل سلمنا ما قُدّم لنا من هدايا نقدية وعينية». ومضى يقول: «انتصرت إرادة الشعب، ولقي معمر القذافي المصير الذي اختاره لنفسه، ونظمنا انتخابات... وبجانب المواقف الداعمة لنا من المجتمع الدولي، ومن بعض الدول آنذاك، فإننا لم نرتب أي التزامات مستقبلية على الدولة الليبية، كما لم نوطن أبناءنا بمؤسسات الدولة، واستثنينا أنفسنا من الترشح لانتخابات المؤتمر الوطني» (المنتهية ولاية).
وانتهى رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق إلى أن من «أصدر قرار العزل السياسي تحت تهديد (التوابيت) خارج مقر (المؤتمر الوطني)، بجانب دعاة (فجر ليبيا)، هم من أفسدوا (الثورة)، فانقسمت البلاد وعمّ الفساد».
ويواجه عبد الجليل انتقادات لاذعة تتعلق بإدارته المجلس الوطني، وما اتخذه من قرارات، تم بمقتضاه جمع صفوف المتطرفين الفارين من السجون عقب اندلاع الانتفاضة، وتشكيل ميليشيات مسلحة، وسط تساؤلات عن الذين أتوا به إلى رئاسة المجلس الانتقالي.
كما واجه عبد الجليل اتهامات من النيابة بإساءة «استغلال السلطة»، وجرى استجوابه في مدينة مرج (شرق) بشأن مسؤوليته عن اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس. لكنه حمّل تيار الإسلام السياسي تبعات ما وصلت إليه البلاد، وقال: إنهم «هم من قتلوا يونس».
وقتل يونس، الذي انضم إلى الانتفاضة ضد نظام القذافي في 29 يوليو (تموز) 2011 في ظروف غامضة، وعثر على جثته محروقة وممزقة بالرصاص في ضواحي بنغازي.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.