الثوم والبصل والكرّاث... ورائحة الفم

- ينتج الثوم وغيره من أعضاء عائلة نبات الآليوم، كالبصل والكراث، عدداً من المركبات الكبريتية ذات الرائحة والمذاق المميزين. ومنها مركب «الأليسين» (Allicin)، (الذي يتكون فور تعرض مادة «ألين/ Alliin» الموجودة ضمن مكونات الثوم للهواء نتيجة للهرس أو التقطيع).
ومركب الأليسين يتحول إلى عدد من المركبات الكبريتية التي تبقى على حدة نكهتها الشديدة عند تناول الثوم نيئاً، والتي أيضاً تخف حدة رائحتها بفعل الطهو. ومنها أيضاً مركب «أليل كبريتيد الميثيل» (Allyl methyl sulfide) ومركب «كبريتيد السيستين» (Cysteine Sulfoxide)، وكلاهما مركب كبريتي له رائحة تشبه إلى حد بعيد تركيب المركبات الكبريتية التي تنتجها البكتيريا اللاهوائية الموجودة على اللسان، والتي تتسبب في تغير رائحة الفم. وهذان المركبان الكبريتيان يتم امتصاصهما إلى الدم وإفرازهما عبر الرئتين.
وهناك طريقتان تجعلان من تناول الثوم والبصل والكراث، سبباً في رائحة الفم الكريهة. الطريقة الأولى أنه عندما تأكل الثوم، تدخل المركبات الكبريتية في الفم، وفوراً تعطي بذاتها الرائحة المميزة للثوم في نَفَس الفم. وتبقى هذه المركبات ذات الرائحة الكريهة في الفم حتى يتم تنظيفها بالفرشاة أو تنظيفها أو كشطها عن اللسان.
والطريقة الثانية أن تلك المركبات الكبريتية تُؤثر على رائحة النَفَس من خلال الرئتين. وهناك دراسة مثيرة للاهتمام أجريت قديماً جداً، في عام 1936 على وجه التحديد، حيث أطعم طبيبان حساء الثوم لمريض يعاني من سرطان المريء. وبسبب هذا السرطان، تمت تغذية المريض عبر أنبوب دخل إلى المعدة من خلال جدار البطن، أي متجاوزاً تماماً الفم. ولاحظوا أنه على الرغم من أن الثوم لم يدخل فم المريض، فإنهم ما زالوا يكتشفون رائحة الثوم في هواء التنفس. وتدعم هذه الدراسة القديمة الدراسات الأخرى التي أجريت أخيراً.
وهذه المركبات التي تتسبب في تغير رائحة هواء زفير التنفس المقبل من الرئتين، يتم امتصاصها في الدم أثناء عملية هضم الثوم بالأمعاء، ثم يتم نقلها من الدم إلى الرئتين حيث يتم إخراجها مع هواء الزفير. وتستغرق تنقية الجسم منها بعد تناول الثوم النيئ أكثر من يومين. واللافت للنظر، أن هذه المركبات (ذات رائحة الثوم) يتم إفرازها أيضاً من مسام الجلد. ولهذا السبب يصعب التخلص من رائحة الثوم بعد تناوله. وبغض النظر عن مقدار نظافة الفم أو تنظيفه بالفرشاة، ستظل رائحة الثوم في الهواء الذي يتم زفره لأنه يأتي من الرئتين.