توقعات بتصاعد حجم الاستثمارات السعودية إلى أكثر من 13 مليار دولار في السودان

إلغاء تأشيرة الدخول حفز المستثمرين.. وتقرير يؤكد أنه الخامس عربيا في جذب الاستثمار

يشكل القطاع الزراعي واحدا من أهم أوجه التعاون الاقتصادي بين السعودية والسودان ({الشرق الأوسط})
يشكل القطاع الزراعي واحدا من أهم أوجه التعاون الاقتصادي بين السعودية والسودان ({الشرق الأوسط})
TT

توقعات بتصاعد حجم الاستثمارات السعودية إلى أكثر من 13 مليار دولار في السودان

يشكل القطاع الزراعي واحدا من أهم أوجه التعاون الاقتصادي بين السعودية والسودان ({الشرق الأوسط})
يشكل القطاع الزراعي واحدا من أهم أوجه التعاون الاقتصادي بين السعودية والسودان ({الشرق الأوسط})

توقع الجهاز القومي الأعلى للاستثمار في السودان، زيادة تدفق الاستثمارات السعودية على البلاد في غضون الشهور القليلة المقبلة إلى أكثر من 13 مليار دولار، كانعكاس إيجابي لقرار الرئيس عمر البشير بإلغاء تأشيرة الدخول على المستثمرين السعوديين.
وقال الدكتور أحمد شاور الأمين العام للجهاز القومي للاستثمار في اتصال هاتفي «إن قرار الرئيس السوداني بإلغاء تأشيرة الدخول لدى المستثمرين السعوديين، يمثل طبيعة وروح العلاقات بين بلدين شقيقين على أعلى مستوياته».
يأتي ذلك في ظل توقعات ببلوغ الاستثمارات السعودية في السودان 13 مليار دولار، تستحوذ الخرطوم على 30 في المائة منها، تتركز في مجالات الإنتاج الزراعي والحيواني والغذائي والتعدين.
وأكد تقرير اقتصادي، صدر عن المؤسسة العربية لضمان الاستثمار وائتمان الصادرات، أن السودان احتل المرتبة الخامسة من حيث الاستثمارات الواردة إلى الدول العربية خلال عام 2013.
وأوضح شاور أن القرار الرئاسي، دفع نحو المزيد من اتخاذ الإجراءات لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، متوقعا أن يزيد من التسهيلات المتاحة للمستثمر السعودي، مشيرا إلى أن العلاقات العميقة المتجذرة بين الشعبين تعبر عن رابط الدين والجوار والمصير المشترك.
وقال «الاستثمار السعودي غطى جميع المجالات، خاصة المجال الزراعي والصناعي والخدمي، حيث تعد السعودية صاحبة أكبر الاستثمارات الزراعية حاليا في السودان، منها شركة سكر كنانة واستثمارات سليمان الراجحي في الزراعة والصناعة، بجانب استثمارات صالح كامل وبحري وآخرين كثر لا يسمح الوقت بسرد أسمائهم».
وأضاف «عموما نعد السعودية شريكا استراتيجيا أصيلا للسودان في استثماراته، في حين أن حجم التبادل التجاري بين البلدين أكبر التبادلات خاصة في الثروة الحيوانية في مجالي الهدي والأضاحي وغيرهما».
وأوضح أن جهود المستثمرين السعوديين، تشكل بجانب الجهود السودانية، جزءا من خارطة الواردات السعودية، خاصة في مجال الإنتاج الزراعي والحيواني في مجال اللحوم وغيرها، مشيرا إلى أن القرار يصب في خانة مصلحة الشعبين، مبينا أنه أتى داعما ومكملا لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز للأمن الغذائي.
ولفت شاور إلى أن بلاده هيأت بيئة الاستثمار، من خلال معالجة الإجراءات المتعلقة بها، لتحسين المناخ في كل محاوره، سواء أكان المحور القانوني، من خلال صدور قانون الاستثمار الجديد لعام 2013، مع مراجعة كل القوانين ذات الصلة.
وزاد أن هناك تحسينا كذلك على الصعيد الإداري بتطبيق نظام النافذة الموحدة على المستوى القومي ومستوى الولايات، فضلا عن إعداد حزمة كبيرة من المشاريع الاستثمارية الجاهزة للتنفيذ، خاصة في مجال الزراعة، والتصنيع والإنتاج الزراعي، بجانب مجال المعادن والحيواني.
وأوضح شاور أن السودان بما لديه من موارد طبيعية خاصة في مجال الزراعة، هو الآن الأكثر تأهيلا ليس فقط لسد فجوة العالم العربي الغذائي التي فاقت الـ40 مليار دولار، بل لسد جزء كبير من الفجوة الغذائية العالمية، وذلك بالتضامن مع رؤوس الأموال العربية الشقيقة.
وزاد شاور أن قرار البشير يأتي أيضا في إطار تفعيل مبادرة الرئيس السوداني للأمن الغذائي العربي، التي طرحها في قمة الرياض الاقتصادية، وتبنتها الجامعة العربية للتنفيذ، مبينا أن السودان كلف دارا استشارية عالمية، لتجهيز كل الدراسات للمشاريع التي تنفذ على ضوئها هذه المبادرة، مشيرا إلى أن هذا القرار سيسهل من ناحية إدارية تنفيذها لمصلحة الشعبين في إطار الأمن الغذائي.
من جهته، أكد عيد الغدير رئيس اللجنة الوطنية الزراعية السعودية لـ«الشرق الأوسط»، أن إلغاء الرئيس البشير تأشيرة المستثمرين السعوديين للسودان، قرار حكيم باعتبار أن المستثمر يمثل عصب الاقتصاد، لا بد من دعمه بما يستحق من حيث التسهيلات، وفق قاعدة عامة «إن البلد الذي يستقبل الاستثمار هو المستفيد الأول».
وتوقع زيادة الاستثمارات السعودية في السودان على ضوء هذا القرار، مشددا على ضرورة أن تلعب وزارتا الزراعة والرعي دورا أكبر في عملية ضبط الولايات، حتى يكون القرار الاستثماري ملزما ونافذا لإزالة العراقيل ذات الصلة كافة.
ولفت الغدير إلى أن التوجه نحو الاستثمار الزراعي الخارجي، جاء تحقيقا لمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لزراعة المحاصيل الخمسة الرئيسة القمح والشعير والذرة والبنجر وفول الصويا، مشيرا إلى أن التركيز يقع عليها، بالإضافة إلى الأعلاف.
وقال «التوجه الآن لزراعة الأعلاف في الدول الأفريقية أو الدول المرشحة للاستثمار، يأخذ الأولوية، خاصة أن الدولة تدعم عملية زراعة الأعلاف في الخارج ومن ثم جلبها إلى الأسواق المحلية، ما يشجع المستثمرين الزراعيين للدخول في هذا الاستثمار».
وأوضح أن الدول الأفريقية لها الأفضلية لدى المستثمر السعودي، خاصة في السودان وإثيوبيا وبعض الدول التي تتمتع بمزايا نسبية في وفرة المياه وملاءمة المناخ، كالقمح الذي يحتاج إلى جو معين ورطوبة معتدلة، مشيرا إلى أن ذلك يتوافر في شمال السودان والحبشة.
ولفت إلى أن زراعة القمح في المناطق المرتفعة مجدية، مشيرا إلى أن بقية أجزاء البلاد الأخرى، سواء أكان في السودان أو إثيوبيا وغيرهما من بلاد القرن الأفريقي خاصة وأفريقيا عامة، مناسبة لزراعة الأعلاف بشكل كبير جدا.
وقال «الدولة تولي زراعة الأعلاف أهمية كبيرة، مبينا أن هناك دعما الآن يوازي الدعم المخصص للشعير المستورد، يتراوح ما بين 40 و60 في المائة من تكلفة إنتاجها، سيوجه أيضا لزراعة الأعلاف»، مشيرا إلى حرص الدولة على وصول الأعلاف إلى المستهلك بسعر مناسب تماما، كما هو حاصل حاليا في منتج الشعير.
وأضاف رئيس اللجنة الزراعية «هناك دعم يوجه لأعلاف مستوردة أخرى مثل فول الصويا والذرة والأعلاف المركزة وأعلاف الدواجن»، مشيرا إلى أن ذلك يعنى به إنتاج الأعلاف الخضراء في الدولة المرشحة لمبادرة الاستثمار الزراعي الخارجي.
ووفق الغدير فإن الاستثمارات السعودية تتوزع في أفريقيا بنسب متفاوتة، تراوح 20 في المائة في السودان وهي الأعلى، رغم وجود بعض المعوقات في بعض الولايات، وهي في طريقها إلى الحل، على حد تعبيره.
وتتساوى كل من مصر وإثيوبيا وفق رئيس اللجنة الزراعية، في نسب حصتها من الاستثمارات السعودية، مبينا أنها تصل إلى 10 في المائة، أما بقية الدول الأفريقية فتتراوح حصتها منها بين 2.5 في المائة و3 في المائة.
يشار إلى أن الاستثمارات الأجنبية تركزت في عدد محدود من الدول العربية، حيث استحوذت كل من الإمارات والسعودية للعام الثاني على التوالي على أكثر من 40 في المائة من إجمالي التدفقات الواردة للدول العربية.
وتصدرت الإمارات مجموعة الدول العربية في هذا المجال، بقيمة 10.5 مليار دولار، وبحصة بلغت 21.6 في المائة، تلتها السعودية في المركز الثاني بقيمة 9.3 مليار دولار، وبحصة بلغت 19.2 في المائة.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).