«وفاة» عملية «صوفيّا» العسكرية بعد إغلاق الموانئ الإيطالية أمام المهاجرين

يستعد الاتحاد الأوروبي لإعلان النهاية الرسمية للعملية العسكرية «صوفيّا» لمكافحة الهجرة غير الشرعية في منطقة المتوسط (أ.ب)
يستعد الاتحاد الأوروبي لإعلان النهاية الرسمية للعملية العسكرية «صوفيّا» لمكافحة الهجرة غير الشرعية في منطقة المتوسط (أ.ب)
TT

«وفاة» عملية «صوفيّا» العسكرية بعد إغلاق الموانئ الإيطالية أمام المهاجرين

يستعد الاتحاد الأوروبي لإعلان النهاية الرسمية للعملية العسكرية «صوفيّا» لمكافحة الهجرة غير الشرعية في منطقة المتوسط (أ.ب)
يستعد الاتحاد الأوروبي لإعلان النهاية الرسمية للعملية العسكرية «صوفيّا» لمكافحة الهجرة غير الشرعية في منطقة المتوسط (أ.ب)

يستعد الاتحاد الأوروبي لإعلان النهاية الرسمية للعملية العسكرية «صوفيّا» لمكافحة الهجرة غير الشرعية في منطقة المتوسط، بعد إصرار وزير الداخلية الإيطالي ماتّيو سالفيني على إغلاق الموانئ البحرية الإيطالية في وجه المهاجرين الذين تنقذهم السفن الحربية الأوروبية في عرض البحر، مما جعل العملية من غير جدوى. ومن المنتظر أن يصدر بيان عن المفوضية الأوروبية في الساعات المقبلة يؤكد «وفاة» العملية بعد فشل المفاوضات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لتمديد فترة ولايتها بسبب من تعنت إيطاليا التي تعرضت لانتقادات شديدة من شركائها الأوروبيين الذين يحمل معظمهم روما مسؤولية هذه العملية التي وضعها الاتحاد الأوروبي عام 2015 بهدف مكافحة المنظمات الإجرامية التي تتاجر بالمهاجرين غير الشرعيين من السواحل الليبية إلى أوروبا. وكانت آيرلندا قد طلبت تمديد العملية حتى نهاية يونيو (حزيران) المقبل تحاشياً لتصفيتها قبل الانتخابات الأوروبية، لكن إيطاليا رفضت التمديد وأصرت على إنهائها في آخر الشهر الجاري.
وتجدر الإشارة إلى أن أحكام القانون الدولي تُلزِم السفن الحربية إنقاذ الأشخاص الذي تتعرض حياتهم للخطر في عرض البحر ونقلهم إلى أقرب الموانئ لتقديم المساعدة اللازمة لهم. ويقول قائد «عملية صوفيّا»، التي تتخذ من روما مقراً لها، إنه منذ إغلاق الموانئ الإيطالية اتخذت القيادة العسكرية للعملية قراراً بتوجيه السفن الحربية الأوروبية إلى مناطق بعيدة عن تلك التي يمكن أن تعترضهم فيها السفن المحملة بالمهاجرين غير الشرعيين، مما يَحول دون ملاحقة المنظمات الإجرامية ويشكّل هدراً للوقت والموارد.
ويُذكر أن المرحلة الأولى من ولاية هذه العملية التي رصد لها الاتحاد الأوروبي موارد ضخمة في إطار سياسته لتنظيم ظاهرة الهجرة، كان مفترضاً أن تنتهي مع نهاية السنة الماضية، ثم تقرر تمديدها ثلاثة أشهر على أمل التوصل إلى اتفاق مع إيطاليا، لكن إصرار وزير الداخلية ماتّيو سالفيني، وهو الرجل القوي في الحكومة الإيطالية، حال دون هذا الاتفاق رغم أن تدفق المهاجرين على السواحل الإيطالية قد تراجع بنسبة 90% منذ عام 2016. المندوبة الأوروبية السامية للعلاقات الخارجية فيديريكا موغيريني، التي كانت وراء هذا المشروع الذي أرادت له أن يكون أحد المعالم الرئيسية للسياسة العسكرية المشتركة التي يعمل الاتحاد على وضعها منذ سنوات، حذرت بدورها من أنه «إذا لم تتوصل الدول الأعضاء إلى اتفاق قبل نهاية الشهر الجاري، سنضطر إلى إنهاء هذه العملية مع كل ما يترتب عن ذلك من عواقب».
وتفيد مصادر أوروبية بأن فريق موغيريني يعمل منذ فترة على إعداد مشروع بديل عن «صوفيّا» يرمي إلى أهداف أكثر تواضعاً ومن غير إجراءات تنفيذية. وتقول هذه المصادر إن المشروع البديل لن يعتمد على السفن الحربية وطائرات المراقبة، بل سيركز على الأنشطة التي حققت أفضل النتائج في عملية «صوفيّا»، وأبرزها تدريب خفر السواحل الليبيين على مراقبة المياه الإقليمية الليبية ومنع خروج المهاجرين غير الشرعيين منها إلى أوروبا. ويُنتظر أن تتم هذه الأنشطة في ليبيا وتونس، ويقتضي الإعداد لها فترة تتراوح بين ثلاثة وخمسة أشهر.
وتجدر الإشارة إلى أن الخبراء الأوروبيين قد درّبوا حتى الآن ما يزيد على 300 من خفر السواحل الليبيين، مما ساعد على انخفاض عدد المهاجرين غير الشرعيين في مياه المتوسط قبالة السواحل الليبية. ويؤكد المسؤولون الأوروبيون أن التدريب يشمل التوعية حول القوانين والاتفاقات الدولية لاحترام حقوق الإنسان، لكن المنظمات غير الحكومية التي تنشط في منطقة المتوسط لإنقاذ المهاجرين اشتكت مراراً من سوء المعاملة التي يتعرض لها المهاجرون على يد السلطات الليبية. وتعد تصفية عملية «صوفيّا» من تداعيات المواجهة المحتدمة بين روما والمؤسسات الأوروبية منذ تشكيل الحكومة الإيطالية الحالية في يونيو من العام الماضي. وقد فشلت كل المحاولات لإقناع روما بتليين موقفها والقبول بتمديد العملية التي تشدد فرنسا وألمانيا وإسبانيا على استمرارها.
في سياق متصل بخروج بريطانيا المرتقب من الاتحاد الأوروبي، تَقرر نقل مقر قيادة عملية «أتالانتا» لمكافحة القرصنة في المحيط الهندي من قاعدة «نورثوود» البريطانية إلى قاعدة «روتا» البحرية في مدينة قادش الإسبانية رغم إصرار إيطاليا على نقلها إلى روما، حيث يوجد أحد مراكز القيادة الخمسة التابعة للاتحاد الأوروبي. وتجدر الإشارة إلى أن عملية «أتالانتا» هي من أنجح العمليات الأمنية التي ينفّذها الاتحاد الأوروبي في الخارج، إذ ساعدت على الحد من الاعتداءات وعمليات الخطف التي تتعرض لها السفن التجارية على يد القراصنة الصوماليين في خليج عدن والمحيط الهندي، وحماية سفن الإغاثة التابعة لبرنامج الغذاء العالمي المتجهة إلى الصومال.


مقالات ذات صلة

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أوروبا صورة ملتقطة بواسطة طائرة مسيّرة تظهر قارباً مطاطياً يحمل مهاجرين وهو يشق طريقه نحو بريطانيا في القنال الإنجليزي  6 أغسطس 2024 (رويترز)

بريطانيا تتخذ إجراءات جديدة بحق المشتبه بتهريبهم مهاجرين

أعلنت الحكومة البريطانية، الخميس، أنّ الأشخاص المشتبه بأنّهم يقومون بتهريب مهاجرين، سيواجهون حظراً على السفر وقيودا تحول دون وصولهم إلى منصات التواصل الاجتماعي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا (من اليسار إلى اليمين) الممرضات الأفغانيات مادينا أعظمي ورويا صديقي وتهمينة أعظمي يقمن بالتوليد والتمريض في مستشفى خاص بكابل - 24 ديسمبر 2024 (إ.ب.أ)

لاجئون أفغان يعيشون «سجناء» الخوف في باكستان

أصبحت حياة شهرزاد تقتصر على باحة بيت الضيافة الذي تعيش فيه في باكستان، إذ بعدما كانت تأمل أن تجد الحرية بعد هروبها من سلطات طالبان.

«الشرق الأوسط» (إسلام آباد)
العالم العربي عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم (أ.ف.ب)

عودة 300 ألف نازح سوري من لبنان إلى بلادهم 

هناك 300 ألف نازح سوري عادوا من لبنان إلى بلادهم بعد العفو العام الذي صدر عن السلطات السورية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
أوروبا وزير الهجرة واللجوء السويدي يوهان فورسيل (أ.ب)

السويد تسعى إلى تشديد القيود على طلبات اللجوء

أعلنت الحكومة السويدية اليوم الثلاثاء أنها أعدت مشروع قانون من شأنه الحد من قدرة طالبي اللجوء الذين رُفضت طلباتهم على تقديم طلبات جديدة من دون مغادرة البلاد.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)

زعيم كوريا الشمالية يتعهد تعزيز الشراكة مع روسيا ويصف بوتين بـ«الصديق الأعز»

من مراسم حفل ترحيب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى بيونغ يانغ في يونيو 2024 (أ.ف.ب)
من مراسم حفل ترحيب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى بيونغ يانغ في يونيو 2024 (أ.ف.ب)
TT

زعيم كوريا الشمالية يتعهد تعزيز الشراكة مع روسيا ويصف بوتين بـ«الصديق الأعز»

من مراسم حفل ترحيب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى بيونغ يانغ في يونيو 2024 (أ.ف.ب)
من مراسم حفل ترحيب الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال زيارته إلى بيونغ يانغ في يونيو 2024 (أ.ف.ب)

ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية أن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون تعهد بتعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة مع روسيا، وذلك في رسالة بعث بها إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يوم الاثنين.

وبعث كيم في الرسالة تحياته بمناسبة العام الجديد إلى بوتين وجميع الروس، بما في ذلك أفراد الجيش، وعبّر عن استعداده لتعزيز العلاقات الثنائية، التي قال إن الزعيمين رفعاها إلى مستوى جديد هذا العام، من خلال مشروعات جديدة.

وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية إن كيم «تمنى أن يُسجل العام الجديد 2025 باعتباره أول عام للنصر في القرن الحادي والعشرين عندما يهزم الجيش والشعب الروسي النازية الجديدة ويُحقق نصراً عظيماً».

وفي رسالة بمناسبة العام الجديد، وصف الزعيم الكوري الشمالي، بوتين، بأنه «الصديق الأعز»، وفق وسائل إعلام رسمية، مشيداً بالعلاقات الثنائية الوثيقة التي تجمع بلديهما.

وتعمقت العلاقات السياسية والعسكرية والثقافية بين موسكو وبيونغ يانغ منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، إذ حرص بوتين وكيم على إظهار متانة علاقتهما الشخصية. ووقع الزعيمان اتفاقية دفاع مشترك خلال زيارة بوتين إلى الشمال المعزول في يونيو (حزيران). وتلزم الاتفاقية التي دخلت حيز التنفيذ هذا الشهر الطرفين بتقديم الدعم العسكري الفوري للطرف الآخر في حال تعرضه للغزو.

وذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن الزعيم الكوري الشمالي أرسل «أطيب التمنيات للشعب الروسي الشقيق وجميع أفراد الخدمة في الجيش الروسي الشجاع بالنيابة عن نفسه، والشعب الكوري، وجميع أفراد القوات المسلحة في جمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية». كما أعرب كيم عن «استعداده لتصميم مشاريع جديدة والدفع بها قدماً» بعد «رحلتهما المجدية عام 2024». وفي إشارة إلى الحرب في أوكرانيا، أعرب كيم أيضاً عن أمله بأن يكون عام 2025 هو العام «الذي يهزم فيه الجيش والشعب الروسيان النازية الجديدة ويحققان نصراً عظيماً».

وتتهم الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية بيونغ يانغ المسلحة نووياً بإرسال أكثر من 10 آلاف جندي لدعم روسيا في قتالها ضد أوكرانيا. ويقول خبراء إن كيم يسعى في المقابل للحصول من موسكو على تقنيات متطورة وخبرة قتالية لقواته. وأوردت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية، الجمعة، أن بوتين بعث برسالة مماثلة إلى كيم أشاد فيها بالعلاقات الثنائية بين البلدين.

ووقع كيم وبوتين معاهدة دفاع مشترك في قمة انعقدت في يونيو (حزيران)، التي تدعو كل جانب إلى مساعدة الآخر في حالة وقوع هجوم مسلح، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وأرسلت كوريا الشمالية منذ ذلك الحين عشرات الآلاف من الجنود إلى روسيا لدعم حربها ضد أوكرانيا، وقالت سيول وواشنطن إن أكثر من ألف منهم قُتلوا أو أصيبوا.