تصريحات نتنياهو حول «تمتع العرب بالمساواة» تفجر نقاشاً حاداً

صحافي يهودي يقرر التصويت لقائمة عربية واليمين يطالب بترحيل العرب

TT

تصريحات نتنياهو حول «تمتع العرب بالمساواة» تفجر نقاشاً حاداً

أثارت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي ادعى فيها أن المواطنين العرب في إسرائيل يتمتعون بالمساواة التامة، نقاشات حادة في المعركة الانتخابية، وبشكل خاص بين قادة الأحزاب العربية الذين سارعوا إلى تفنيد الأقوال، وبين حزب كهانا «عظمة يهودية» اليميني المتطرف، الذي انتقد الحكومة على تحقيقها المساواة، وقال إن مكان العرب هو خارج البلاد.
وقال الدكتور إمطانس شحادة، رئيس حزب التجمع الوطني، والمرشح الثاني في قائمة التحالف بينه وبين الحركة الإسلامية، إن نتنياهو لم يقل الحقيقة عندما تحدث عن «مساواة». فأنا أشعر بأنني مواطن درجة ثانية، بسبب سياسة التمييز العنصري التي مارستها كل حكومات إسرائيل، وخصوصاً حكومة نتنياهو. ورد إيتان بن جبير، المرشح في قائمة اتحاد أحزاب اليمين، على شحادة قائلاً: «أنت يجب ألا تكون مواطناً درجة ثانية؛ بل يجب ألا تكون مواطناً في إسرائيل بتاتاً. مكانك في الخارج. اذهب إلى الدول العربية». وأضاف بن جبير: «عندما أدخل الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) فسوف أكرس جهوداً كبيرة حتى لا يبقى أي عربي في الكنيست».
ويعتبر بن جبير من غلاة المتطرفين، الذي ينتمي إلى حزب منبثق عن حزب كهانا المحظور. وقد فتح ضده 53 ملف تحقيق جنائي، وأدين في تسعة منها بتهمة التحريض العنصري، ومهاجمة رجال شرطة أثناء قيامهم بواجبهم. لكن هذا لم يمنع نتنياهو من أن يعمل بشكل شخصي على ضم حزب بن جبير إلى الاتحاد اليميني، ليضمن تمثيلاً برلمانياً، علماً بأن المحكمة العليا ألغت ترشيح شخص آخر من الحزب، هو ميخائيل بن آري.
وقد كان لافتاً للنظر: لماذا تحدث نتنياهو عن مساواة العرب في الخطاب الحي الذي ألقاه عبر الأقمار الصناعية، ببث مباشر إلى مؤتمر اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة «أيباك»، بعد ظهر الأول من أمس (الثلاثاء). وحسب مقرب منه، فإن نتنياهو يعرف أن يهود الولايات المتحدة يعارضون سياسة التمييز الإسرائيلية، ويعتبرونها «عنصرية تتناقض والقيم اليهودية». وقد عرضوا الأمر أمامه عدة مرات مؤخراً. فقرر أن يتطرق إليه، فادعى أن حكومته لا تفرق بين المواطن اليهودي والمواطن المسلم أو المسيحي.
وإزاء هذه الأجواء، خرج صحافي يهودي شاب في صحيفة «هآرتس» بمقال أثار ضجة كبرى في صفوف اليهود، إذ أعلن أنه ينوي التصويت في الانتخابات القائمة إلى إحدى القوائم العربية، كتعبير عن التضامن مع المواطنين العرب، ضد سياسة التمييز والتحريض ضدهم. وكتب حايم ليفنسون، يقول: «لم أتخذ هذه الخطوة لأنني أؤيد فعلاً برامج هذه الأحزاب. فأنا في الواقع لست مؤمناً بالنائب أحمد طيبي، ولست معجباً بمرشحي التجمع الوطني بقيادة إمطانس شحادة. وهناك مرشحون في القوائم العربية يقضون مضاجعي في تصريحاتهم المتطرفة. ولكنني أعتقد أنهم لا يشكلون خطراً على إسرائيل. والهجوم اليميني عليهم مخزٍ وخطير أيضاً على الشعب اليهودي. إنه يدخل السم في الحلبة السياسية. والدعوة للتخلص من السياسيين العرب، التي أطلقها أفيغدور ليبرمان، باتت رأياً يسيطر على تفكير الغالبية من اليهود الإسرائيليين، وهذا لا يجوز. حتى بيني غانتس ويائير لبيد، المفترض أنهما من شريحة ليبرالية، يعلنون عدم شرعية النواب العرب، فيرضخون لضغوط الليكود ويتعهدون بألا يقيموا تحالفاً مع العرب. وهذا خطأ فاحش».
ويضيف ليفنسون: «السياسيون اليهود مستعدون للرقص حول القوى الدينية اليهودية الراديكالية، ويتهربون من النواب العرب. لذلك قررت الخروج عن الإجماع والتصويت لإحدى القائمتين العربيتين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.