الانتخابات الفرعية في طرابلس تشكو من غياب حماس الناخبين

توقعات بانتقال الحريري إلى المدينة قبل معركتها

TT

الانتخابات الفرعية في طرابلس تشكو من غياب حماس الناخبين

قبل يومين من انتهاء المهلة القانونية لتقديم طلبات الترشح للانتخابات الفرعية في طرابلس لملء المقعد النيابي الذي شغر بقبول المجلس الدستوري الطعن بنيابة ديما جمالي، ما زالت البرودة تسيطر على المعركة الانتخابية، بسبب عدم حماس الناخبين الذين ربما ينتظرون حصول ما يمكن أن يدفع في اتجاه تحريك الشارع.
فالسكوت الذي يخيّم على طرابلس يطرح علامات استفهام حول حجم المشاركة في هذه الانتخابات، فيما تُواصل مرشحة تيار «المستقبل» جمالي زياراتها لعدد من المفاتيح الانتخابية بعد جولتها على المرجعيات السياسية الداعمة لها؛ وأبرزهم الرئيس نجيب ميقاتي والنائب محمد كبارة والوزيران السابقان محمد الصفدي وأشرف ريفي الذي عزف عن الترشُّح بعد مصالحته مع رئيس الحكومة سعد الحريري، التي فتحت الباب أمام إعادة التواصل بينهما.
وحتى الساعة لم يترشّح لخوض الانتخابات إضافة إلى جمالي، سوى المرشح يحيى مولود الذي يراهن على دعم الحراك المدني له، فيما يُفترض أن يحسم سامر كبّارة قراره بالترشُّح أو عدمه في الساعات المقبلة، أي قبل منتصف بعد غد الجمعة، موعد إقفال باب الترشُّح. وبالنسبة إلى «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» في لبنان (الأحباش)، قال مصدر قيادي فيها لـ«الشرق الأوسط» إن الجمعية اقتربت من اتخاذ موقفها النهائي الذي يُنتظر أن تعلنه اليوم في ضوء ما توافر لها من معطيات بالنسبة إلى خريطة التحالفات الانتخابية أو المزاج العام للشارع الطرابلسي.
ومع أن مصادر طرابلسية مواكبة من كثب للاجتماعات المفتوحة التي تعقدها «جمعية المشاريع» قبل بلورة موقفها النهائي، تؤكد أن خياراتها ما زالت مناصفة بين الترشُّح والعزوف، فإن مصادر أخرى ترى أن عدم مبادرتها إلى تشغيل ماكينتها الانتخابية لا يعني أن خيار العزوف عن خوض الانتخابات يبقى الأكثر رجحاناً، وتعزو السبب إلى أن لديها القدرة على تشغيلها في أي لحظة لأنها تتمتع بقدرة تنظيمية تتيح لها التحرك بسرعة إذا ارتأت خوض الانتخابات.
وتعتمد «جمعية المشاريع» على حلفائها، وأولهم النائب فيصل كرامي والعلويون وحركة «التوحيد الإسلامي»، رغم الخلافات التي تعصف بها، إضافة إلى بعض الجماعات الإسلامية المحسوبة على محور «الممانعة» في لبنان، وأيضاً تيار «المردة» بزعامة الوزير السابق سليمان فرنجية.
وهناك من يعتبر أن عدم الحماس الشعبي للانتخابات يمكن أن يشجّع «الأحباش» على خوض المعركة بمرشّحها طه ناجي الذي طعن بنيابة جمالي، انطلاقاً من تقديرها أن عدم تحريكه في اتجاه الانخراط في الانتخابات لن تتضرر منه «جمعية المشاريع» وإنما منافستها جمالي لأنها لا تجد مشكلة في مشاركة محازبيها وحلفائها في المعركة.
وعلى صعيد آخر، فإن «الجماعة الإسلامية» التي كانت على خلاف مع «المستقبل» في الانتخابات الأخيرة تميل، كما علمت «الشرق الأوسط» من مصادر طرابلسية، إلى دعم ترشُّح جمالي، رغم أنها ستتخذ قرارها الاثنين المقبل. وفي مطلق الأحوال لن تكون «الجماعة الإسلامية» انتخابياً مع «الأحباش» في جبهة واحدة لوجود خلاف بينهما غير قابل للتسوية، وهي تتمتع بحضور انتخابي لا يمكن تجاهله، وهناك من يراهن على أن الأجواء السياسية الناجمة عن خلافها السابق مع «المستقبل»، في طريقها إلى التبدُّل في ضوء معاودة التواصل بينهما.
وعليه، فإن حجم الدعم السياسي المؤيد لجمالي يؤكد أن المنافسة بينها وبين منافسيها حتى لو قررت «جمعية المشاريع» خوض الانتخابات مباشرة أو عن طريق دعم مرشح آخر، ليست متوازنة وتصب في مصلحة مرشح «المستقبل»، إلا إذا بقي هذا الدعم في حدوده السياسية ولم يُترجم إلى أفعال في صناديق الاقتراع. وبكلام آخر ينتظر أن تبادر القوى السياسية الداعمة لجمالي إلى تحريك ماكيناتها الانتخابية والتعامل مع المعركة على أنها معركتها إلى جانب الرئيس الحريري.
لذلك، تسأل المصادر المواكبة إذا كانت البرودة التي ما زالت تسيطر على الحراك الانتخابي ستنسحب على الاستحقاق الانتخابي في 14 أبريل (نيسان) المقبل، أم ستتبدّل في اتجاه دبّ الحماسة بين الناخبين، مع انتقال الرئيس الحريري إلى طرابلس والبقاء فيها لأيام عدة تسبق فتح صناديق الاقتراع.
فوجود الرئيس الحريري في طرابلس سيؤدي إلى تشجيع الناخبين للإقبال على التصويت لئلا تأتي نسبته غير مقبولة، وبالتالي سيبدّل حتماً الحال الراهن الذي لا يلقى حماساً من السواد الأعظم من الناخبين.
وهكذا سيتم بدءاً من اليوم تظهير الخريطة الانتخابية ترشُّحاً على أن تبقى بعض التحالفات خاضعة للتبدُّل من دون أن يسري على القوى السياسية الداعمة لجمالي.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».