رئيس مالي يزور قرية قتل فيها 160 شخصاً بسبب التوتر العرقي

تعهد بتوفير الأمن وملاحقة المتورطين في المذبحة

TT

رئيس مالي يزور قرية قتل فيها 160 شخصاً بسبب التوتر العرقي

تعهد رئيس مالي، إبراهيم بوبكر كيتا، بتعزيز الأمن في بلاده التي تواجه تحديات أمنية خطيرة، كان آخرها مجزرة قتل فيها أكثر من 160 شخصاً من إثنية الفولاني، في هجوم يشتبه بأن مسلحين من إثنية منافسة نفذوه ضد قرية زارها كيتا أول من أمس (الاثنين).
وقال كيتا حين زار القرية الواقعة وسط البلاد: «نحن بحاجة إلى الأمن هنا (...) هذه مهمتنا»، متعهداً بـ«تحقيق العدالة»، وملاحقة منفذي الهجوم الذي خلف صدمة وغضباً شعبياً في مالي.
كان كيتا قد أقال كثيراً من قادة الجيش والمصالح الأمنية في البلاد بعد المذبحة، وعين رئيساً جديداً للأركان، هو الجنرال عبد الحي كوليبالي، وأعطاه تعليمات «صارمة» بملاحقة المتورطين في الهجوم، ونزع فتيل التوتر العرقي في وسط مالي، من خلال خطة لنزع سلاح الميليشيات المحلية. كما قرر الرئيس المالي، في اجتماع طارئ عقدته الحكومة بعيد المذبحة بساعات، حل الميليشيات المحلية المتهمة بالتورط في الهجوم، وهي ميليشيات من قبائل «الدوغون» تشتهر بممارسة الزراعة والصيد، ولديها خلاف تاريخي قديم مع قبائل «الفلاني». وهاجم مسلحون يرتدون زي الصيادين التقليديين، فجر يوم السبت الماضي، قرية أوغوساغو، قرب مدينة موبتي في وسط مالي، وأوقعوا في صفوف سكان القرية أكثر من 160 قتيلاً وعشرات الجرحى، وفق الحصيلة التي يتحدث عنها السكان المحليون وبعض المصادر الأمنية، بينما قال التلفزيون الرسمي المالي إن الحصيلة هي 136 قتيلاً. وقال ناجٍ من المذبحة، يدعي علي ديالو، يبلغ 75 عاماً: «لم أشاهد شيئاً مثل ذلك في حياتي قط، لقد جاؤوا وأطلقوا النيران، وأحرقوا المنازل، وقتلوا الرضع»، وأكد أن منفذي المذبحة «ليسوا متطرفين، إنهم صيادون تقليديون».
ويشهد وسط مالي أعمال عنف مستمرة بين أفراد من الفولاني، التي يمتهن غالبية أبنائها رعي المواشي، وأفراد من إثنيتي بامبارا ودوغون، يمتهنون بغالبيتهم الزراعة. وقد تصاعد هذا التوتر العرقي بسبب انتشار السلاح وغياب الدولة، واعتداء السبت هو الأكثر دموية في مالي منذ سقوط شمال مالي عام 2012 في قبضة جماعات إرهابية تابعة لتنظيم «القاعدة في بلاد المغرب»، قبل أن يتم تشتيتها بتدخل عسكري دولي تقوده فرنسا في شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2013. ومنذ ذلك الوقت، توجد في مالي قوات دولية تابعة للأمم المتحدة، قوامها 15 ألف جندي، بينما تنشر فرنسا 4500 جندي، في إطار عملية «برخان» لمحاربة الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الأفريقي، بالتعاون مع دول الساحل الخمس (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينا فاسو). وما تزال مالي الحلقة الأضعف في منطقة الساحل الأفريقي، إذ تشهد يومياً هجمات إرهابية من تنفيذ جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين»، المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، كما يتصاعد التوتر العرقي في وسط البلاد.
وتكافح الحكومة المالية لاستعادة السيطرة على البلد، لكن مناطق بكاملها لا تزال خارج سيطرة القوات الفرنسية والمالية والأممية، رغم توقيع اتفاق سلام في ربيع عام 2015، استهدف عزل المتطرفين، وتأخر تطبيقه بسبب مشكلات على الأرض. ولكن الرئيس المالي، في تصريحاته الأخيرة، قال إنه سيعمل على تجسيد اتفاقية السلام، ووعد بأنه «لن يتسامح» مع أي أحد يتهاون في محاربة الإرهاب، في إشارة إلى بعض قادة الجيش وقوات الأمن.



أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
TT

أفريقيا ترد على ماكرون: لولانا «لكانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية»

ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)
ماليون يحتفلون بخروج القوات الفرنسية من البلاد ويرفعون لافتة تدعو إلى «تحرير أفريقيا» (أرشيفية - أ.ف.ب)

ندّدت تشاد والسنغال بشدّة بتصريحات أدلى بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الإثنين واتّهم فيها دول الساحل بأنها «لم تشكر» بلاده على الدعم الذي قدّمته للقارة في مكافحة التمرد الإرهابي.

وقال ماكرون الإثنين إنّ بلاده كانت «محقّة» في تدخّلها عسكريا في منطقة الساحل «ضدّ الإرهاب منذ عام 2013»، لكنّ القادة الأفارقة «نسوا أن يقولوا شكرا» لفرنسا على هذا الدعم. وأضاف أنّه لولا هذا التدخّل العسكري الفرنسي «لما كان لأيّ من» هؤلاء القادة الأفارقة أن يحكم اليوم دولة ذات سيادة. وأدلى ماكرون بكلامه هذا خلال الاجتماع السنوي لسفراء فرنسا في العالم. وأضاف الرئيس الفرنسي بنبرة ملؤها السخرية «لا يهمّ، سيأتي هذا (الشكر) مع الوقت».

وأثارت هذه التصريحات استنكارا شديدا في كلّ من نجامينا ودكار. وفي بيان أصدره وزير الخارجية التشادي عبد الرحمن كلام الله أعربت نجامينا عن «قلقها العميق عقب تصريحات (...) ماكرون التي تعكس موقف ازدراء تجاه أفريقيا والأفارقة». وفي بيانه الذي تلاه التلفزيون الرسمي أكّد الوزير التشادي أنّه «ليست لديه أيّ مشكلة مع فرنسا»، لكن بالمقابل «يجب على القادة الفرنسيين أن يتعلموا احترام الشعب الأفريقي».

وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، ألغت تشاد الاتفاقيات العسكرية التي كانت تربطها بالقوة الاستعمارية السابقة. وشدّد الوزير التشادي على أنّ «الشعب التشادي يتطلّع إلى السيادة الكاملة والاستقلال الحقيقي وبناء دولة قوية ومستقلة».

بدوره، ندّد بتصريح ماكرون رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، مؤكّدا في بيان أنّه لولا مساهمة الجنود الأفارقة في الحرب العالمية الثانية في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي «لربّما كانت فرنسا اليوم لا تزال ألمانية».

وفي كلمته أمام السفراء الفرنسيين في العالم قال ماكرون إنّ قرار سحب القوات الفرنسية من أفريقيا اتّخذته باريس بالتشاور والتنسيق مع هذه الدول. وقال الرئيس الفرنسي «لقد اقترحنا على رؤساء دول أفريقية إعادة تنظيم وجودنا، وبما أنّنا مهذّبون للغاية، فقد تركنا لهم أسبقية الإعلان» عن هذه الانسحابات. واضطرت فرنسا رغما عنها لسحب قواتها من دول أفريقية عديدة في السنوات الأخيرة.

وبالنسبة لسونكو الذي أعلنت بلاده في الأسابيع الأخيرة إنهاء أيّ وجود عسكري فرنسي على أراضيها خلال العام الجاري فإنّ ما أدلى به ماكرون «خاطئ بالكامل» إذ «لم يتمّ إجراء أيّ نقاش أو مفاوضات حتى الآن، والقرار الذي اتّخذته السنغال نابع من إرادتها الوحيدة، كدولة حرة ومستقلة وذات سيادة».

كما هاجم رئيس الوزراء السنغالي الرئيس الفرنسي بسبب تهمة «الجحود» التي وجّهها سيّد الإليزيه لقادة هذه الدول الأفريقية. وقال سونكو إنّ «فرنسا لا تمتلك لا القدرة ولا الشرعية لضمان أمن أفريقيا وسيادتها. بل على العكس من ذلك، فقد ساهمت في كثير من الأحيان في زعزعة استقرار بعض الدول الأفريقية مثل ليبيا، ممّا أدّى إلى عواقب وخيمة لوحظت على استقرار وأمن منطقة الساحل».

بدوره، شدّد وزير الخارجية التشادي على «الدور الحاسم» لأفريقيا وتشاد في تحرير فرنسا خلال الحربين العالميتين وهو دور «لم تعترف به فرنسا أبدا»، فضلا عن «التضحيات التي قدّمها الجنود الأفارقة». وأضاف كلام الله «خلال 60 عاما من الوجود الفرنسي (...) كانت مساهمة فرنسا في كثير من الأحيان مقتصرة على مصالحها الاستراتيجية الخاصة، من دون أيّ تأثير حقيقي دائم على تنمية الشعب التشادي».