صالح المطلك: سنطالب بضمانات دولية ليحقق العبادي ما سنتفق عليه

قال لـ {الشرق الأوسط} إن على الأكراد إعلان أن وجودهم في المناطق المتنازع عليها مؤقت

صالح المطلك: سنطالب بضمانات دولية ليحقق العبادي ما سنتفق عليه
TT

صالح المطلك: سنطالب بضمانات دولية ليحقق العبادي ما سنتفق عليه

صالح المطلك: سنطالب بضمانات دولية ليحقق العبادي ما سنتفق عليه

يعد صالح المطلك، نائب رئيس الوزراء السابق، من الشخصيات المثيرة للجدل، فهو مع وضد في آن واحد.. كان ضد نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي السابق، وهو من وصفه بـ«الديكتاتور»، مدعيا أنه «أسوأ من صدام حسين»، في حين عمل في حكومته نائبا له، وممثلا للسنة العرب أو لجزء منهم. كان المطلك قياديا في القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي وانشق أو انفصل عنها، أوصله السنة إلى البرلمان ويلومهم اليوم لأنهم أوصلوا قيادات فاسدة في الانتخابات الأخيرة، ولام القيادة الكردية لأنها «تمددت على أراض ليست لها»، مع أنه شكرهم «لاستقبالهم الأعداد الكبيرة من النازحين».
المطلك، زعيم كتلة العراقية العربية التي لها عشر مقاعد في البرلمان الحالي، طالب في حوار مع «الشرق الأوسط» من مكتبه في العاصمة الأردنية، بضمانات دولية وعربية حتى يلتزم حيدر العبادي، المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة، بتعهداته وبأن «يقدم برنامجا وطنيا بعيدا عن الطائفية»، وتفاءل بالتغيير الذي سيحصل في العراق لأنه «ليس أمامنا سوى أن نتفاءل وإلا ففي ظل هذه الأوضاع السيئة التي يمر بها البلد فالعراق سيذهب إلى الجحيم، وهو الآن ذاهب إلى الجحيم». وفيما يلي نص الحوار:

* هل أنتم متفائلون مما يحدث اليوم؟
- لم يبق أمامنا سوى أن نتفاءل، وإلا ففي ظل هذه الأوضاع السيئة التي يمر بها البلد فالعراق سيذهب إلى الجحيم، وهو الآن ذاهب إلى الجحيم، ومع ذلك فأنا ما زلت أراهن على العراقيين ليتخلصوا من المأساة التي يمرون بها اليوم، وأن يوحدوا جهودهم مرة ثانية للخلاص من داعش ومن الميليشيات، وإيقاف القصف الذي يجري حاليا على المدن، ومن دون الإيمان بمشروع وطني حقيقي ينهي الطائفية بالبلد لن يتعافى العراق أبدا.
* وهل تعتقدون أن هناك مشروعا وطنيا حقيقيا في العراق اليوم؟
- المشروع الوطني الحقيقي تراجع خلال الانتخابات التشريعية الماضية، وفي النهاية سيعي العراقيون أنهم من دون مثل هذا المشروع ليقزم وينهي الطائفية لن يتعافى البلد أبدا.. من دون مشروع وطني حقيقي يعني أننا سنذهب إلى التقسيم.
* هناك من يعتقد أن التقسيم الآن هو جزء من الحل إن لم يكن هو الحل المناسب لخروج العراق من أزمته؟
- التقسيم في الظروف الحالية يعني الجحيم، وفي الظروف الاعتيادية الطبيعية غير مرغوب فيه. من العار على السياسيين الحاليين أن يقتسم العراق الذي ورثناه من أجدادنا منذ أكثر من 6 آلاف سنة.
* كيف تصفون تشبث نوري المالكي، رئيس الحكومة السابق، بالسلطة ووصفكم أنتم السياسيين بالتآمر عليه وبأنكم خرقتم الدستور؟
- لسنا نحن من تآمر عليه.. أقرب الناس هم من تآمروا عليه (المالكي)، إذا كان هذا الموضوع يسمى تآمرا، وأنا لا أسميه تآمرا، وإنما شعور في ظل التركيبة السياسية الحالية وفي ظل المنهج الذي ينهجه السيد المالكي وما آلت إليه الأمور فلن يبقى عراق، ولذلك فالحد الأدنى لمن لديه أي غيرة وطنية هو أن يتجه نحو التغيير. كانت وجهة نظرنا منذ البداية واضحة وصريحة، وهي لا ولاية ثالثة لأي شخص، لأن ثماني سنوات كانت كافية لأي سياسي ليقدم إنجازات يعتد بها هو والناس تشعر بها، لكن خلال السنوات الثماني الماضية شهد العراق تراجعا سنة إثر أخرى، وإذا تأملنا ما جرى للعراق خلال حقبة حكم المالكي فسنراه عبارة عن خراب في كل المجالات، خراب في الصحة والتعليم والقضاء والإعلام والبناء والخدمات والأمن وفي كل شيء، وبالتالي ليست هناك أي مبررات للاستمرار بهذا النهج، وعلينا أن نتجه نحو التغيير. بالتأكيد تغيير الشخص وحده غير كاف، يجب أن نغير المنهج عن طريق تغيير المنظومة التي كانت تحكم، بحيث تأتي منظومة تؤمن بنهج جديد يعتمد المصالحة الوطنية الحقيقة ونسيان الماضي والابتعاد عن الثأر والانتقام، نهج ينهي القضية الطائفية ويتوجه نحو بناء دولة مدنية حقيقية، لأن العراق طوال تاريخه مبني دولةً مدنية، وإذا أراد البعض تحويله إلى الطائفية فسيبقى على وضعه الحالي.
* وكيف لرئيس الحكومة المكلف، حيدر العبادي، أن يتعامل مع موضوع تشكيل الحكومة حسب رأيكم؟
- إذا أراد رئيس الحكومة المكلف أن يشكل وزارته وفق مبدأ عدد النقاط التي يملكها هذا الطرف أو ذاك فإن علينا أن نضع نصب أعيننا ونعترف بأن هذه الانتخابات تم تزوير نتائجها وتزويرها منذ البداية، وبالتالي فإن الاعتماد على نتائجها سيأتي بنتائج مشوهة ومزورة، وما يبنى على الباطل فهو باطل أيضا. نتمنى أن لا يكون رئيس مجلس الوزراء الجديد متشبثا بالحكم، وعليه منذ البداية أن يقدم برنامجه ويقول بأنه سيختار الوزراء على أساس الكفاءات بغض النظر عن نجاحه بتشكيل الحكومة من عدمه، لأن تشكيل الحكومة وفق الأسلوب الماضي ومثلما تم في حكومة المالكي يعني أنه (العبادي) سيفشل لأن الأذرع التي سيعمل بها ستكون أذرعا مشوهة وغير كفؤة ومريضة ومشلولة، لهذا أنا أعتقد أن العراق بحاجة لرجل زاهد بالمنصب لكن لديه شغف بالحصول على المنصب لإنقاذ بلد وليس لأنه يريد هذا الموقع، فإذا تصرف رئيس مجلس الوزراء القادم بهذه الطريقة فسوف ينجح وينقذ البلد، وإذا تصرف بنفس النهج السابق، نهج الإقصاء والتهميش ونهج الظلم والنهج الطائفي فإنه لن يحقق أي شيء.
* كم عدد أعضاء كتلتكم السنية في البرلمان؟
- 70 عضوا.
* هل ستحاولون دعم العبادي في مهمته؟
- من حيث المبدأ لا يوجد لدينا اعتراض على الشخص، لكننا ننتظر برنامجه، هل سيعتمد نهجا يختلف عن النهج السابق أو لا؟ عند ذلك سنقرر أن نشارك في حكومته أو عدم المشاركة.
* هل ستطالبون بضمانات؟
- للأسف، أعتقد أن الضمانات مطلوبة اليوم، لأنه من الصعب على السياسي الوطني أن يستعين بجهة خارجية ضامنة لابن بلده، هذا موضوع ليس من السهل تقبله، لكن تجربتنا السابقة تشير إلى أنه بلا ضمانات دولية لن تتحقق أي وعود، لذلك أنا أدعو اليوم أن يكون للولايات المتحدة الأميركية وللأمم المتحدة دور في إعطاء التزامات وضمانات للاتفاقات التي سوف يجري التوصل إليها وكتابتها.
* وماذا عن الدور العربي؟ ألا تسعون لإشراك العرب في التصديق أو مراقبة هذه الضمانات؟
- الدور العربي كان شبه ميت في الفترة السابقة، لكننا اليوم نجد هناك تأييدا عربيا جيدا خاصة من دول الخليج العربية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم، ولرئيس البرلمان سليم الجبوري، وللمرشح لرئاسة الحكومة حيدر العبادي، وبالتالي فإن هذا الدعم يأتي لصالح العملية السياسية المقبلة. وأنا أقول إن على الدول العربية أن تدخل الآن بقوة لدعم العراق لتغطي على غيابها والعيب الذي حصل طوال الفترة الماضية.
* لكن ما تسميه بالعيب جاء بسبب سياسات المالكي الذي كان يشتم بعض الدول العربية بالاسم، وعندما اتهم المملكة العربية السعودية بالذات بالتآمر على العراق؟
- المالكي رحل الآن، وهناك رئيس مجلس وزراء جديد مكلف بتشكيل الحكومة، والسعودية أيدت التغيير، ودول الخليج العربية أيدت كذلك، ومصر أيضا، والولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي أيدا كذلك هذا التغيير، والمفروض أن كل هذه القوى يكون لها دور فاعل في ترشيد العملية السياسية في العراق مستقبلا.
* اتهمكم المالكي بالداعشيين باعتباركم معارضين له.. كيف تنظرون لهذه الاتهامات؟
- أنا لست معه في هذه التصريحات غير المستندة على أي أساس. داعش اليوم تقتل السني والشيعي والمسيحي والإيزيدي فمن يمكن أن يؤيدها؟ من يقبل أن يأتي إرهابي ليقتل أهله ويفجر بيته ويهجر الآخرين ويصطف معه؟ ثم إن مشروع داعش لا يتناسب مع حضارة العراقيين وطبيعة حياتهم المدنية، لكن ما حصل من سياسات وممارسات من قبل الحكومة، وأبرزها التهميش والإقصاء، ولد صدمة وردة فعل عند بعض السياسيين، ونأمل أنهم سوف يصحون لإعادة نظرهم في سياساتهم السابقة.
* ما يحدث اليوم في العرق يسميه البعض ثورة العشائر أو ثورة السنة أو هجوما إرهابيا من قبل داعش.. ترى ما وصفكم لما يحدث؟
- أنا أسميها انتفاضة شعب، ومن الخطأ تسميتها ثورة عشائر أو ثورة سنة أو داعش، هي انتفاضة شعب عانى الظلم لفترة طويلة وعبر عن نفسه في مظاهرات واعتصامات سلمية لأكثر من سنة ولم يُستجب له، بل كان الرد هو محاولة سحقهم ولم يكن بأيديهم سوى أن يتوجهوا إلى هذا الاتجاه، وكان يجب التعامل معهم تعاملا واقعيا ومنطقيا، وأن لا نصف من حمل السلاح ضد الأوضاع بالخارج عن القانون. في النظم الديمقراطية يُسمح للشعب بالتظاهر سلميا والتعبير عما تريده أي مجموعة، وعلى الدولة أن تستجيب لمطالب المتظاهرين الشرعية، وعندما يتظاهر الشعب لأكثر من سنة ثم يسحق بواسطة السلاح فمن الطبيعي أن يتجه المتظاهرون إلى أمور وأساليب أخرى للتعبير عما يطالبون به، وهذه نحن شخصناها منذ البداية وقلنا للحكومة لا تدفعوا المتظاهرين للعودة إلى بيوتهم وهم محطمون نفسيا ويشعرون بخيبة الأمل، فذلك سوف ينعكس عليهم، فإما أن يكونوا مجتمعا خانعا أو مجتمعا ثائرا. وأمر طبيعي أن يتحولوا إلى ثائرين بعد الذي حصل لهم.
* الآن أنت تخلط الأوراق علينا، هناك داعش في الموصل ومناطق أخرى من العراق، وأنت تتحدث عن ثوار وانتفاضة، من هم الثوار؟
- أنا لا أسمي داعش ثوارا أبدا، داعش مشروع ظلامي.
* هل أنت تعني أن هناك تحركين مسلحين، الثوار وداعش في الوقت ذاته؟
- داعش استغلت وجود الظلم في العراق ودخلت لتجد لها حاضنة إلى المناطق المظلومة، ولكن بعد فترة سيجد المظلومون أن ظلم داعش ليس أقل من ظلم الحكومة السابقة وسينتفضون عليها أيضا.
* هل العرب السنة بالفعل دعموا داعش أو أنهم يدعمونه اليوم؟
- في بداية الأمر أدار بعض السنة رؤوسهم باتجاهات أخرى ليتركوا داعش تنتقم ممن انتقم منهم، ولكن اليوم، الأمور تغيرت وصار داعش يسلك اتجاها غير مقبول من قبل كل العراقيين، الذي حصل للإيزيديين والمسيحيين وللسنة من قبل داعش لا يمكن أن يقبل، بالمناسبة ألحق داعش ضررا بالسنة أكثر مما فعل للشيعة؛ لأن القتل والتفجير يحصل للسنة وهم ضحاياه، وردود الفعل التي تتولد لدى الحكومة تأتي ضد المناطق السنية، والبنى التحتية في بعض المدن السنية أصبحت شبه منتهية نتيجة التفجيرات والقصف الجوي، وبالتالي فإن ما تعرضت له المناطق السنية من أضرار أكثر مما لحق بمدن الجنوب. صحيح أن المناطق الشيعية الموجودة في المحيط السني الذي تسير عليه داعش تضررت كثيرا، لكن الإيزيديين والمسيحيين تضرروا كذلك، وأيضا السنة تضرروا كثيرا.
* أنت سني عربي ومن مدينة سنية، هل ترى أن ما حدث كان هجمة على السنة في العراق؟
- للأسف.. نعم. السلوك الذي حصل خلال السنوات الثماني الماضية كان سلوكا تهميشيا جائرا وقاسيا على السنة؛ لذلك نلاحظ أن عدد السنة في بغداد أصبح أقل مما كان سابقا بسبب التهجير القسري الذي حصل لهم، والسجون مزدحمة اليوم بأبناء السنة.
* وماذا عن القيادات السنية؟
- المالكي أقصى القيادات السنية، وأي خصم سياسي كان بالنسبة له (المالكي) إما يتهم بالإرهاب أو الفساد، وللأسف الذين اتهموا بالفساد أقل بكثير ممن اتهموا بالإرهاب. وإذن نلاحظ أن أغلب الذين تم اعتقالهم أو اتهامهم أو الحكم عليهم هم متهمون بقضية «4 إرهاب» وهم من السنة، ومعظم هذه الاتهامات كيدية، إما من مواطن ضد آخر أو من قبل الدولة ضد مواطنين.
* هل قدمتم برنامجكم وطلباتكم لرئيس الحكومة المكلف بتشكيل الوزارة، وتعرفون ماذا تريدون بالضبط؟
- نحن نريد كل العراقيين أن يشعروا بأنهم سواسية أمام القانون.
* هذا كلام عام، أنا أسأل عن التفاصيل؟
- نريد توازنا داخل الدولة العراقية يعطي ضمانات للسني والشيعي والكردي والمسيحي والإيزيدي والصابئي بأنهم موجودون، ونريد تغيير المحكمة الاتحادية، والقضاء عامة، وكذلك في الأجهزة الأمنية والجيش، كما أن إعلام الدولة متحيز جدا ولا بد من تغييره، وقد خفف وجود وسائل إعلام غير حكومية من انحياز إعلام الدولة للحكومة. باختصار نريد مشاركة فعلية في الملفين الأمني والقضائي وبقية مؤسسات الدولة.
* هل أنتم راضون عن تكليف سليم الجبوري برئاسة البرلمان؟
- نحن دعمنا ترشيحه وتكليفه.
* ما الوزارات التي ستطالبون بها ككتلة سنية؟
- من المبكر أن نتحدث في هذا الموضوع حاليا، وما نطلبه ليس بالضرورة سيتحقق، وهناك كتل أخرى لها طلبات، لكن أن تبقى وزارات معينة حكرا على طائفة معينة ولا نقاش في ذلك فهذا أمر مرفوض، هذه المرة يجب أن يصار إلى تفاوض بحيث يشعر السنة والشيعة والأكراد بأنهم مواطنون حقيقيون في هذا البلد لهم استحقاقات وعليهم واجبات كما للآخرين.
* كيف تنظرون لموقف القيادة الكردية في إقليم كردستان باستضافة النازحين ومحاربة داعش ووقوفهم الصلب بوجه الولاية الثالثة للمالكي؟
- كان موقفهم متميزا وشجاعا حقيقة، وأنا شكرتهم لاستقبالهم النازحين بهذه الأعداد الكبيرة جدا، لكن أنا ولكل صراحة لدي عتب لاستغلال القيادة الكردية وجود داعش لتمدد على أراض لا تعود لإقليم كردستان.
* لكن لو لم يفعلوا ذلك لكانت داعش سيطر على هذه الأراضي وكان احتلت كركوك، لماذا لا تعتبون على الجيش لانسحاب من هذه المناطق؟
- إذا كانت نياتهم صافية فعليهم أن يعلنوا أن وجودهم (الأكراد) في هذه المناطق مؤقت لحين انسحاب داعش من هذه المناطق أو ما يجاورها، ولكن أن نستبدل بداعش قوة أخرى غير متفق عليها وتحاول ضم أراض ومناطق للإقليم (كردستان) فهذا غير مقبول أبدا.
* لكن القيادة الكردية أعلنت منذ البداية أنهم سيجرون استفتاء على هذه المناطق وللسكان أن يختاروا بقاء الأكراد أو عدم بقائهم؟
- استفتاء في ظل هذه الظروف غير صحيح.
* هم لم يقولوا سنجري الاستفتاء حاليا وفي ظل هذه الظروف، بل لاحقا.
- أن تأتي قوة تسيطر على أراضيك وتعلن ضمها ثم تجري استفتاء فهذا سيكون استفتاء سلطة، واستطلاع أصوات سلطة، ثم نحن غير مهيئين لإجراء استفتاءات أو استطلاعات في مثل هذه الظروف، ثم إن الإخوة الأكراد انضموا للعراق بعد انفصالهم طوعيا وعدوا أنفسهم جزءا من هذا البلد، والدستور يؤكد على وحدة البلد، ولكن أن يجري استفتاء للانفصال حاليا وبعد أن سيطروا على أراض بصورة قسرية وليس على أساس حدودهم السابقة وخاصة بعد احتلال القوات الأميركية للعراق! هناك حدود رسمها مجلس الأمن لإقليم كردستان وما يسمى بالخط الأزرق، أن أرادوا استقلالا فليتمتعوا به ولنصبح دولتين جارتين محبتين بعضهما لبعض، ولكن أن يجري الاستقلال بعد ضم أراض بالقوة خاصة بعد الاحتلال عام 2003 فهذا أمر لا يمكن أن تصير له تبعات على الأرض؛ لأن هذا يعني الاستعانة بالأجنبي على العراق. أنا شخصيا لا مانع عندي من استقلال الإخوة الأكراد ولكن بحدودهم قبل 2003.
* هناك من ينظر إلى استمراركم بالعمل مع الحكومة نائبا لرئيس الوزراء كان دعما لحكومة المالكي وإطالة في عمرها ومنحها الشرعية باعتباركم تمثلون العرب السنة أو جزءا منها، ما تعليقكم على ذلك؟
- الذين يدعون ذلك غير صادقين، وخاصة السياسيين. أنا عندما أسمع بهذا الرأي من شخص غير متعلم وليس سياسيا أتقبله، لكن عندما يصدر من سياسي أقول إن في هذا الكلام تجنيا ونفاقا؛ لأن الجميع يعرفون أنه لو خرج الوزراء السنة جميعهم ومعهم الوزراء الأكراد والوزراء التابعون للتيار الصدري جميعهم لبقيت الحكومة، وهذا ما ثبت أخيرا عندما خرج الوزراء السنة والوزراء الأكراد والوزراء التابعون للتيار الصدري وبقيت الحكومة قائمة، وأنا لست مع مثل هذه الانسحابات، إما انسحابات تغير الأوضاع أو البقاء لتخفيف الضرر.. ونحن بقينا لتخفيف الضرر، صحيح أننا لم نغير الضرر بشكل كبير لكننا من المؤكد خففنا الضرر.
* أبناء السنة في العراق يقولون إن السياسيين السنة أو القادة السنة لم ينجحوا، إذا لم نقل قد فشلوا، في أداء واجبهم أو لم يقفوا معهم ويقدموا أي دعم لهم وإنهم لا يمثلونهم.
- مرة أخرى، هناك تشويش في هذا الكلام وهو غير صحيح، وإذا كان هناك خلل في القيادات السنية فجزء منه يعود إلى المجتمع الذي انتخبهم رغم أن هناك أصواتا كثيرة حصل عليها البعض بسبب التزوير، وهذا التزوير لا أستطيع أنا أن أوقفه أو أخفف منه؛ لهذا كان طلبنا من الناخبين أن يخرجوا للانتخابات ويصوتوا ليقللوا من نسبة التزوير، وبالنتيجة صدرت فتاوى من قيادات دينية سنية بعدم التصويت وعدم المشاركة في الانتخابات، وكان هناك تردد من قبل الجمهور السني في المشاركة بالتصويت، وهذا هو الذي يأتي لهم بالمصائب في كل مرة. ولو يشارك السنة في الانتخابات بنسبة 80 إلى 90 في المائة مثلما يفعل الأكراد، لما آل وضع السنة إلى الوضع الحالي، ولو أنهم منعوا عمليات التزوير ولم يشارك البعض بها لما صرنا بهذه الحال، وسوف نكتشف أن القيادات السنية السابقة كانت أفضل بكثير من التي ستبرز الآن في البرلمان أو خارجه.
* هذا يعني أنك تلوم الناخب السني لا القيادات السنية؟
- إذا أقصينا قضية التزوير في النتيجة فسنجد الخلل في الناخب الذي لم يشارك في الانتخابات بشكل صحيح.
* بصراحة هل غدرتم برئيس الحكومة السابق إياد علاوي؟
- أقول لكم بأمانة، لم يُغدر بإياد علاوي، وإذا كان هناك من غدر فهو التحالف (الشيعي) عندما أعطوا له رئاسة مجلس السياسات العليا ولم ينفذوا هذا الوعد. أنا عندي ملاحظات كثيرة، في مقدمتها أن الأخ علاوي هو الذي أضاع الكثير من الفرص، وهو يتحمل مسؤولية كبيرة في الخلل الذي حصل بالوضع السابق.
* ضمن ترؤسه «القائمة العراقية» أم في الوضع العام؟
- في «العراقية» بالدرجة الأساس، وعلاوي لم يكن منسحبا من العملية السياسية أو من الحكومة. الانطباع السائد أنه (علاوي) لم يشارك في العملية السياسية، بل هو شارك.
* أنتم (القائمة العراقية) أصررتم على المشاركة في الحكومة وليس علاوي؟
- كلنا شاركنا، وعلاوي أقصي من قبل التحالف وليس من قبلنا. وأقول لك ضميريا بأننا لم نغدر أو نقصِ إياد علاوي، صحيح أنه اعتمد على شخصيات من داخل «العراقية» أعطته انطباعا بأنه سيكون رئيسا للوزراء ولم تكن جادة، وكان عليه (علاوي) أن يكتشف هذا الموضوع مبكرا ويتخذ قراره، نحن الذين تنازلنا، وأنا شخصيا، برئاسة الجمهورية، ونحن الذين دعمناه من أجل أن يصير عادل عبد المهدي رئيسا للوزراء بعد أن توصلنا لقناعة أن علاوي لن يشكل الحكومة واتفقنا مع المجلس الأعلى الإسلامي على ذلك، وحصل الاتفاق، لكن الذي أوقفه هو علاوي، حصة رئاسة الوزراء في العراقية كانت لعلاوي، وحصة رئاسة الجمهورية كانت لجبهة الحوار الوطني (كان المطلك رئيسها وقتذاك)، وتنازلنا لعلاوي ليكون رئيسا للجمهورية.
* لكن المشكلة كانت أن لا يكون رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية من مكون واحد، ثم إن حصة رئاسة الجمهورية كانت للأكراد.
- لم تكن هناك مشكلة في قضية المكون، وقلنا نحن في العراقية لا توجد لدينا مشكلة وبرنامجنا وطني، وخرجت أنا في الإعلام وباركت لعادل عبد المهدي مرشحا لرئاسة الوزراء، وعلاوي لرئاسة الجمهورية، وقلت حصل الاتفاق، المشكلة كانت عند التحالف (الشيعي).
* هل تعتقدون أن الكتلة السنية التي شكلتموها ستبقى متماسكة؟
- الكتلة السنية الآن أكثر ضعفا من الكتلة السابقة؛ لأن نسبة كبيرة من الذين فازوا في الانتخابات إنما وصلوا إلى البرلمان عن طريق شراء الأصوات والتزوير.
* وهل أنتم نزيهون فلم تزوروا أو تشتروا الأصوات؟
- نحن ليس عندنا إمكانية التزوير، ولا نملك المال لشراء الأصوات، كما أننا بعيدون عن الفساد.
* من الذي اشترى الأصوات إذن؟
- هم القيادات السنية الفاسدة في الحكومة والبرلمان السابقين. وحتى قبل أيام جاءني البعض وقالوا إن فلانا وفلانا وفلانا مستعدون أن ينضموا للقائمة العراقية العربية (برئاسة المطلك) مقابل أن ندفع لهم مبالغ من المال، قلت لهم لو جاءوا مجانا لا نقبلهم، وطالما أنهم رشحوا ضمن كتلة فعليهم أن يحترموا أنفسهم ويبقوا بنفس الكتلة، لكن أن يشتري كل واحد أطرافا من الكتل الأخرى فهذا أمر معيب ولا يمكن أن نقبله كسلوك في الحياة. في حين أن هناك من باع وهناك من اشترى، والنواب الذين يمكن أن يبيعوا أنفسهم ويُشتروا بالمال لا تتوقع منهم أن يحافظوا على بلد.
* هناك أنباء عن إطلاق سراح وزير الدفاع الأسبق سلطان هاشم وقيادات عسكرية وسياسية عملت مع الرئيس الراحل صدام حسين، هل عندكم أي معلومات عن ذلك؟
- هناك وعود بإطلاق سراح وزير الدفاع الأسبق سلطان هاشم وقيادات عسكرية وسياسية سابقة وأن هذا الملف تم فتحه.
* هل أطلق سراحهم أم لا؟
- لا توجد لدي معلومات.



«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
TT

«اتفاق غزة»: الوسطاء يبحثون عن حل لتعثر «المرحلة الثانية»

فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون على طول زقاق موحل في مخيم مؤقت يؤوي نازحين فلسطينيين بعد هطول أمطار غزيرة بحي الزيتون بمدينة غزة (أ.ف.ب)

تتواصل جهود الوسطاء للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة المبرم قبل نحو شهرين، وسط حديث إسرائيل عن أن هناك تعثراً وشروطاً إسرائيلية للانتقال لتلك المرحلة.

تلك الجهود التي تشمل تحركات واتصالات أميركية ومصرية بخلاف اجتماع عسكري بالدوحة، تعزز فرص التوصل إلى حل لإنهاء تعثر المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، بحسب ما يرى خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، معتقدين أن هناك ترقباً للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترمب، برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لحسم الانتقال من عدمه.

وعاد الحراك الأميركي بشأن غزة مكثفاً، وأطلع ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، مبعوثا ترمب، وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، الاثنين، على المستجدات بشأن اتفاق غزة خلال مؤتمر عبر الفيديو، وفق ما نقلته وكالة «رويترز».

فلسطيني يجمع قوالب الخرسانة الخفيفة لبناء مأوى لعائلته قبل حلول فصل الشتاء في مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن توم برّاك مبعوث ترمب يصل إلى إسرائيل، الاثنين، لبحث بدء المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، مؤكدة أن «الزيارة بالغة الحساسية، وتقيّم مدى استعداد إسرائيل للتقدم نحو المرحلة الثانية، وتعكس نفاد صبر الرئيس ترمب إزاء تعثر الانتقال إلى المرحلة التالية من خطته لقطاع غزة، وستناقش قوات الاستقرار بغزة».

وأوضحت أن «برّاك يرى أن تركيا يجب أن تكون جزءاً من قوة الاستقرار، بفضل قدراتها العسكرية ونفوذها في غزة، ولكن إسرائيل تعدّ ذلك خطاً أحمر، إذ ترى أن أي طرف يحتفظ بعلاقات مع (حماس) لا يمكن أن يُصنف قوةَ استقرار، وإشراكه (في القوة الدولية) قد يقوض الاتفاق».

ورأت الهيئة زيارة برّاك، رغم أنه مهتم أكثر بشؤون سوريا ولبنان، «خطوة تحضيرية مباشرة للقاء المرتقب بين نتنياهو وترمب بفلوريدا في 29 ديسمبر (كانون الأول) الحالي»، في ظل انشغال ويتكوف وكوشنر بملف أوكرانيا.

وتأتي تلك الزيارة عشية استضافة الدوحة اجتماعاً للقيادة المركزية الأميركية، بمشاركة 25 دولة، الثلاثاء، لبحث هيكل القيادة وقضايا أخرى متعلقة بقوة الاستقرار في غزة، بحسب ما ذكره مسؤولان أميركيان لـ«رويترز» قبل أيام.

وسبق أن تحدثت القناة «14» الإسرائيلية أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الولايات المتحدة حددت منتصف يناير (كانون الثاني) المقبل، موعداً لبدء انتشار «قوة الاستقرار الدولية» في غزة، ونهاية أبريل (نيسان) المقبل موعداً نهائياً لإتمام عملية نزع السلاح من القطاع، مشيرة إلى أن ذلك طموح منفصل عن الواقع، في إشارة إلى إمكانية تأجيله مجدداً.

ويرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي، أن المساعي الأميركية تعكس وجود ضغوط لتسهيل التفاوض بشأن المرحلة الثانية، التي تبدو معقدة للغاية مع مساعي نزع سلاح القطاع وتشكيل قوات الاستقرار ولجنة إدارة القطاع، مشيراً إلى أن «تلك الملفات لم تحسم بعد، وليست هناك ملامح بشأن إنجازها قريباً والأمور ضبابية».

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، بأنه «أياً كانت المساعي فيجب أولاً وقف التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة، وأن تضغط واشنطن بقوة على نتنياهو، غير ذلك ستذهب التحركات الأميركية بلا نتائج مؤثرة، خصوصاً أن هناك حديثاً عن توجه للقفز للبند 17 من اتفاق غزة الذي يسمح ببدء تحركات فردية إسرائيلية في أماكن سيطرتها وإعمارها، وهذا أمر خطير».

ووسط تلك المساعي الأميركية، والمخاوف، أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خلال اتصال هاتفي، الاثنين، مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أهمية ضمان استدامة وقف إطلاق النار، وتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من خطة ترمب، وأهمية نشر قوة الاستقرار الدولية المؤقتة لمراقبة وقف إطلاق النار، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية.

ونقلت هيئة البث الإسرائيلية، الاثنين، عن مصدر أمني، أن تنفيذ المرحلة الثانية «غير وشيك»، مع استمرار مساعي إسرائيل لاستعادة جثة الرهينة ران غويلي، التي تعد آخر جثة تطالب باستعادتها من قطاع غزة، فيما أفاد موقع «والا» العبري بأن تل أبيب تربط التقدم في الاتفاق باستعادة الجثة.

ويرى السفير هريدي أن إسرائيل تتعمد إفساد التوجه للمرحلة الثانية بتلك الذرائع، مشيراً إلى أن «القاهرة تعمل على إنهاء تلك الذرائع وتوسيع دائرة التحركات، لدفع واشنطن نحو إجبار نتنياهو على تنفيذ الاتفاق، وهذا سيتضح أكثر خلال لقاء القمة مع ترمب أواخر الشهر».

وشدد الرقب على أن «محددات المرحلة الثانية 3 أمور رئيسية؛ هي وصول قوات الاستقرار، وتشكيل لجنة إدارة القطاع، ووجود جهاز شرطي فلسطيني لتسلم غزة، وجميع ذلك لم يحدث، وبالتالي سيتأخر الانتقال لتلك المرحلة، ما لم يحسم ترمب الأمر مع نتنياهو خلال القمة المرتقبة».


الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
TT

الحد الأدنى للأجور يفجر تراشقاّ كلامياً بين ملياردير وبرلماني في مصر

مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)
مطالبات في مصر بإعادة النظر في الحد الأدنى للأجور (أرشيفية - رويترز)

تفجّرت مشادة كلامية بين رجل الأعمال المصري البارز نجيب ساويرس، وعضو مجلس النواب مصطفى بكري، حول قيمة الحد الأدنى للأجور في البلاد.

وبدأت المهاوشة على خلفية دعوة ساويرس لرفع الحد الأدنى للأجور إلى 15 ألف جنيه شهرياً (الدولار يساوي نحو 47.48 جنيه)، إلا أن الرد من بكري جاء لاذعاً، متهماً رجل الأعمال بـ«البطولة الوهمية»، مطالباً إياه بأن يبدأ بنفسه بتطبيق الحد الأدنى في شركاته قبل أن يطالب الدولة.

رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس (صفحته الرسمية)

كان نجيب ساويرس قال قبل أيام، خلال كلمته في مؤتمر توظيفي، إن مؤسسة «ساويرس للتنمية الاجتماعية» تواصل جهودها في دعم وتأهيل الشباب لسوق العمل، بما يسهم في رفع دخولهم من مستويات متدنية قد لا تتجاوز ألفي جنيه إلى نحو 14 و15 ألف جنيه، وهو ما اعتبره «الحد الأدنى الضروري للمعيشة وضمان حياة كريمة للمواطن في ظل التضخم الحالي».

وقرر «المجلس القومي للأجور» في فبراير (شباط) الماضي زيادة الحد الأدنى من 6 آلاف جنيه لتصل إلى 7 آلاف جنيه بدأ تطبيقها في مارس (آذار) الماضي.

وتأتي دعوة رجل الأعمال المصري وسط مطالبات مجتمعية وبرلمانية متزايدة برفع مستويات الدخل في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية والخدمات وتكاليف المعيشة، ومع تذبذب مؤشرات التضخم.

وأصدر البنك المركزي المصري، الأربعاء الماضي، بالتنسيق مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيان التضخم عن نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، الذي أظهر استمرار التراجع الطفيف في وتيرة ارتفاع الأسعار؛ حيث بلغ معدل التضخم السنوي في الحضر 12.3 في المائة مقارنة مع 12.5 في المائة في أكتوبر (تشرين الأول) السابق عليه.

ورغم أن مطلب ساويرس لاقى دعماً شعبياً واسعاً، وهو ما اتفق عليه أيضاً البرلماني والإعلامي مصطفى بكري، فإنه أضاف في تغريدة له على حسابه بمنصة «إكس»، موجهاً حديثه لرجل الأعمال: «ما رأيك أن تبدأ أنت بالمبادرة وترفع رواتب الموظفين عندك»، واتهم ساويرس بأن رواتب الأغلبية لديه «لا تتعدى 5760 جنيهاً شهرياً، وهناك من هو أقل من ذلك».

وأثارت هذه المهاوشة الافتراضية تفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث انقسمت الآراء بين من يرى أن ساويرس يسلط الضوء على قضية فعلية تتعلق بضعف الأجور، ومن يعتبر أن بكري محق في مطالبته لرجل الأعمال بأن يكون قدوة في مؤسساته الخاصة قبل أن يطالب الدولة بالتغيير.

وأيد كثير من نشطاء التواصل الاجتماعي أن يكون الحد الأدنى للأجر 15 ألف جنيه، وتمنوا أن يصل صوت ساويرس إلى المسؤولين في مصر.

كما تفاعل عدد من الإعلاميين مع ما نادى به رجل الأعمال، وقال الإعلامي عمرو أديب، خلال برنامجه «الحكاية»، مساء الأحد، «إن مصر تحتاج إلى وزارة للرحمة، وأن المجتمع المصري لن ينجو بالاقتصاد ولكن سينجو بالرحمة».

وأشار إلى أنه طالب بهذا الرقم قبل سنوات ما عرضه للانتقاد وقتها، موضحاً «أن الحد الأدنى الحالي للأجور البالغ 7 آلاف لا يطبق في أغلب الشركات».

بدوره، قال الإعلامي محمد علي خير، في برنامجه «المصري أفندي»، إن ملف الأجور في مصر أصبح أحد أخطر ملفات العدالة الاجتماعية، مشدداً على أن الدخول الحالية لم تعد قادرة على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المعيشة، خصوصاً للشباب المقبل على الزواج.

وأضاف: «الحديث عن أجور 4000 و5000 و6000 و7000 جنيه لم يعد مقبولاً في ظل الغلاء الحالي وتراجع القدرة الشرائية»، مؤكداً أن الأجور في مصر تحتاج إلى تغيير جذري وليس حلولاً شكليةً.

كما تبادل العديد من النشطاء الرؤى حول الحد الأدنى المناسب للراتب، لضمان حياة كريمة للملايين من العاملين.

وتطور الحد الأدنى للأجور في القطاع الخاص المصري منذ إقراره لأول مرة في يناير (كانون الثاني) 2022، حيث بدأ بـ2400 جنيه، ثم ارتفع إلى 2700 جنيه في يناير 2023، و3000 جنيه في يوليو (تموز) 2023، ثم 3500 جنيه في يناير 2024، و6000 جنيه في مايو (حزيران) 2024، ليصل إلى 7000 جنيه اعتباراً من مارس 2025.

في المقابل، انتقد بعض المدونين كلمات بكري المنتقدة لمطلب رجل الأعمال البارز، مطالبين إياه بمساندة ساويرس في كلامه بدلاً من السخرية منه. كما طالبه آخرون، كونه إعلامياً بارزاً وصوتاً للمواطن في البرلمان، بفتح النقاش عن الحد الأدنى للرواتب والمعاشات.

بينما سخر طرف ثالث من المهاوشة الافتراضية، لافتين إلى أن طرفيها رجلان يملكان الملايين، ويتنازعان حول أجور ومستحقات البسطاء، في حين أن المحصلة النهائية ستكون غياب أي نتيجة إيجابية من الطرفين.


أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
TT

أزمة تمويل تهدد معيشة اليمنيين خلال العام المقبل

فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)
فجوة كبيرة في التمويل الدولي الموجه إلى المساعدات وأعمال الإغاثة في اليمن (إ.ب.أ)

على الرغم من أن التدخلات التنموية في اليمن تمكّنت من إحداث فارق ملموس في تحسين سبل العيش، تزداد تحذيرات وكالات الأمم المتحدة من اتساع فجوة تمويل الأعمال الإنسانية في اليمن، مع سعيها إلى الاستجابة الطارئة لحماية الأطفال والفئات الأكثر هشاشة من الوصول إلى مستويات شديدة من نقص الاحتياجات.

نفاد الإمدادات

وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) عن حاجتها إلى 126.25 مليون دولار، لتنفيذ خطتها الإنسانية في البلاد للعام المقبل، وضمان استمرار خدمات الصحة والتغذية والمياه والتعليم والحماية لملايين الأطفال الذين يعتمد غالبيتهم على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، محذرة من أن استمرار التدهور قد يحرم أعداداً متزايدة من الرعاية الأساسية.

وتراجعت حاجة «اليونيسف» إلى تمويل نشاطها في اليمن للعام المقبل بنسبة 40 في المائة عن العام الحالي، الذي طلبت فيه تمويلاً بمبلغ 212 مليون دولار.

ونبهت المنظمة الأممية إلى أن إغلاق أكثر من 3000 مركز تغذية، ونفاد الإمدادات الحيوية بحلول أوائل العام المقبل، يجعلان حياة مئات الآلاف من الأطفال عرضة للخطر.

ملايين الأطفال اليمنيين يواجهون خطر سوء التغذية ونقص الخدمات الصحية (الأمم المتحدة)

بدورها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) نداء تمويلياً بقيمة 86.57 مليون دولار، لدعم سُبل العيش الزراعية وتعزيز القدرة على الصمود لنحو 9.15 مليون شخص في اليمن خلال العام نفسه.

تدخلات زراعية

تقدّر «فاو» أن اليمن يُعد ثالث أكبر أزمة غذاء في العالم، حيث يواجه أكثر من نصف السكان مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بينهم نحو 41 ألف شخص معرضون لخطر المجاعة، بعد عقد من بدء النزاع المسلح، والتطورات الأخيرة التي عطّلت سلاسل التوريد، إلى جانب الانهيار الاقتصادي والتغيرات المناخية القاسية.

ويتوقع المنسق العام للجنة اليمنية العليا للإغاثة، جمال بلفقيه، أن نقل مكتب منسق الشؤون الإنسانية إلى العاصمة المؤقتة عدن سيساعد بشكل كبير على تنفيذ خطط الاستجابة الإنسانية وتغيير مسار العمل الإنساني وبيان أثرها، داعياً إلى الشراكة بين المنظمات الدولية والقطاع الخاص في اليمن، لتوفير السلع الأساسية والشراء من السوق المحلية.

فجوة تمويل الإغاثة في اليمن تهدد بتراجع كبير في القدرة الشرائية للسكان وفق خبراء (أ.ف.ب)

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يبدي المسؤول الإغاثي الحكومي قلقه من أن اختطاف الجماعة الحوثية العاملين في الوكالات الأممية، وممارسة الابتزاز باستخدام الورقة الإنسانية سيعوقان أداء المنظمات ويؤثران سلباً على الدعم الخارجي، مبدياً تفاؤله بأن تؤدي الإجراءات الاقتصادية الحكومية إلى تحسين أسعار المواد الأساسية، مما يساعد في تحسين القوة الشرائية.

وتوضح الوكالة الأممية أن 17.68 من التمويل سيُوجّه إلى صالح تدخلات زراعية طارئة لتحقيق تعافي سُبل المعيشة، ويشمل ذلك توزيع البذور، وتطعيم الماشية، وإعادة تأهيل البنى التحتية الزراعية والمائية، في مساعٍ للحد من اعتماد السكان الكامل على المساعدات الغذائية، فيما سيُستخدم المبلغ المتبقي لتعزيز القدرة على الصمود للفئات المستهدفة.

وبسبب مواجهة برنامج الغذاء العالمي عجزاً كبيراً في تمويله، تم تقليص المستفيدين من خدماته إلى النصف، وهو ما سيؤدي إلى انخفاض القدرة الشرائية وسحب ما بين 200 و300 مليون دولار سنوياً من الأسواق المحلية، حسبما أورده المستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، فارس النجار.

تعزيز صمود الريف

وبينما يحتاج البرنامج الأممي إلى أكثر من 300 مليون دولار للستة الأشهر المقبلة، لم يحصل سوى على 106 ملايين دولار فقط.

طفل يتلقى العلاج من سوء التغذية في أحد مستشفيات صنعاء (الأمم المتحدة)

ويقدّر النجار أن سوء التغذية سيؤدي إلى خسارة مستقبلية في إنتاجية الفرد ما بين 10 و15 في المائة، مما يعني اقتصاداً أصغر وناتجاً أقل لعقد كامل إذا لم تجرِ حماية الفئات الأضعف، لافتاً إلى أن عدم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية سيضع اليمنيين أقرب من أي وقت مضى أمام سيناريوهات المجاعة.

في غضون ذلك، كشف الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد) عن أن التدخلات التنموية متوسطة المدى يمكن أن تُحدث فرقاً ملموساً حتى في ظل استمرار النزاع، وأن هذه التدخلات عززت من تحسين سبل العيش والأمن الغذائي لعشرات الآلاف من السكان في المناطق الريفية في اليمن، رغم استمرار النزاع وانهيار البنية التحتية والخدمات الأساسية.

جاء ذلك بعد أن أظهر مشروع تنمية سبل العيش الريفية، المنفذ بين عامَي 2021 و2024، أن تحسين الوصول إلى المياه وتحديث أنظمة الري أسهما في خفض استهلاك المياه بنسبة وصلت إلى 80 في المائة، إلى جانب زيادة الإنتاج الزراعي، وتحسين دخل آلاف الأسر في خمس محافظات يمنية.

تنمية سبل العيش الريفية تُسهم في تحسين الإنتاج الزراعي وتحسين دخل آلاف الأسر (إيفاد)

وذكر «إيفاد»، في تقرير حديث، أن إجمالي تمويل المشروع وصل إلى 5.3 مليون دولار، وشمل 5 محافظات و31 مديرية، واستفاد منه أكثر من 84 ألف شخص في نحو 12 ألف أسرة ريفية. وركزت التدخلات على تحسين الوصول إلى المياه، وإعادة تأهيل أنظمة الري، وحماية الأراضي الزراعية من الفيضانات، بالإضافة إلى دعم المزارعين بمدخلات زراعية وتدريب تقني.

ونوه «إيفاد» إلى أن اعتماد نهج التعاقد المجتمعي، بالشراكة مع صندوق التنمية الاجتماعية ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، مكّن المجتمعات المحلية من قيادة عملية التخطيط والتنفيذ، مما عزّز الحوكمة المحلية والتماسك الاجتماعي في بيئات تعاني هشاشة مؤسسية شديدة.

وبيّن التقرير أن تحديث البنية التحتية المائية أسهم في خفض استهلاك مياه الري بنسبة تتراوح بين 70 و80 في المائة، وتحسين إنتاجية المزارعين، إلى جانب حماية 131 هكتاراً من الأراضي الزراعية. كما استفاد أكثر من 3300 مزارع من المدارس الحقلية والأعمال الزراعية، فيما تلقت 4000 امرأة ورجل تدريبات في مجالات التغذية والزراعة المنزلية.