مطالبات بمحاسبة مقربين من بوتفليقة ومنع تسريب أموالهم

حمروش رفض المشاركة في مرحلة انتقالية تمهّد لاختيار رئيس

مواجهة بين الأمن ومتظاهرين في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
مواجهة بين الأمن ومتظاهرين في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

مطالبات بمحاسبة مقربين من بوتفليقة ومنع تسريب أموالهم

مواجهة بين الأمن ومتظاهرين في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
مواجهة بين الأمن ومتظاهرين في العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

في حين طالب محامون جزائريون من النائب العام فتح تحقيق حول شبهات فساد تخص رموز النظام، استمرت الاحتجاجات أمس بالعاصمة وفي غالبية الولايات للضغط على الرئيس عبد العزيز بوتفليقة بهدف حمله على الاستقالة، قبل نهاية ولايته الرابعة في 28 من الشهر المقبل.
ووجه المحامي الشهير والناشط السياسي، مقران آيت العربي، بلاغاً للنائب العام بالعاصمة، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، ذكر فيه أن المظاهرات الضخمة ضد النظام، المتواصلة منذ 22 فبراير (شباط) الماضي، «طالبت بمتابعة ومعاقبة رؤوس الفساد، الذين خربوا اقتصاد البلاد».
ورأى المحامي أنه «ينبغي تجسيد هذا المبدأ في الواقع، عن طريق فتح تحقيق ضد الذين سرقوا أموال الشعب وتقديمهم إلى العدالة. وهذا الإجراء، كما تعلمون لا يستوجب شكوى من أحد، بل يقتضي فقط تطبيق المادة 36 من قانون الإجراءات الجزائية».
وتقول المادة إن النيابة «تأمر باتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للبحث والتحري عن الجرائم المتعلقة بالقانون الجزائي، ومنه قانون الوقاية من الفساد ومحاربته الصادر سنة 2006».
وقال المحامي مخاطباً النائب العام: «إنكم تعرفون رؤوس الفساد وتعرفهم أجهزة الأمن، كما يعرفهم الشعب. فالشعب يدافع عن مصالح المجتمع ضد كبار المفسدين، والنيابة تنتظر التعليمات من أشخاص تورطهم في الفساد مؤكد. وتعلمون أن القانون يلزمكم بصفتكم رئيس النيابة العامة، بمطالبة وكيل الجمهورية بمنع الذين يمكن متابعتهم بجرائم الفساد من مغادرة التراب الوطني، وفتح تحقيق ضدهم، وتقديمهم للمحاكمة».
وأضاف آيت العربي، الذي كان مديراً لحملة المرشح الرئاسي اللواء المتقاعد علي غديري: «القانون يسمح بمتابعة رؤوس الفساد من دون شكوى، فماذا تنتظر النيابة العامة لتطبيق القانون على المفسدين استجابة لمطالب الشعب الشرعية والمشروعة؟ غدا سيفوت الأوان».
يشار إلى أن الرئيس بوتفليقة ألغى انتخابات البرلمان التي كانت مقررة في 18 من الشهر المقبل، وحل الحكومة في سياق الاحتجاجات الشعبية ضده.

الحراك يردد أسماء متهمين بالفساد
ولم يذكر آيت العربي من يقصد بالتحديد، بخصوص المشتبه بهم في قضايا فساد، لكن الأسماء التي يرددها الحراك الشعبي كل يوم جمعة، تتعلق بمقرَبين من الرئيس، وأبرزهم رجل الأعمال علي حداد مموَل حملاته الانتخابية في الاستحقاقات الماضية، والملياردير رضا كونيناف، نجل صديق بوتفليقة أيام ثورة التحرير، ومحيي الدين طحكوت، مالك شركة لتركيب السيارات وفضائية.
وأصدرت نقابة محاميي العاصمة، التي ينتسب إليها نحو ألفي محام، بياناً تحدث عن «عمليات مصرفية مشبوهة تتم حالياً تتمثل في تحويل أموال ضخمة إلى الخارج، وهي محصلة عقود وصفقات ذات مصالح متناقضة مع المصلحة العامة، وأصحابها من المتسببين في الأزمة التي يعيشها الوطن».
ودعا رئيس النقابة عبد المجيد سليني، محافظ البنك المركزي إلى «حفظ أموال الشعب الجزائري، فهي تحت مسؤوليتكم، وأنتم مطالبون بالحؤول دون تمكين هؤلاء من نهب المال العام، بفرض الرقابة الصارمة على كل العمليات المصرفية واتخاذ كل التدابير والإجراءات الاحترازية، لمنع كل المحاولات الهادفة إلى تهريب المال العام، مع مراعاة حسن سير التعهدات المالية مع الخارج إلى حين تنصيب الدولة الشرعية المرتقبة».
وأضاف: «ندعو السيد محافظ البنك المركزي الجزائري، وكل رؤساء المؤسسات المصرفية إلى الامتناع عن تمرير وتسديد كل الصفقات أو العمليات التجارية، التي تخدم المصالح الخاصة».
ونشرت صحف في الأيام الأخيرة معلومات عن «مقربين من الرئيس»، من بينهم رئيس الوزراء المستقيل أحمد أويحيى، تناولت بيع أملاكهم وعقاراتهم في البلاد، بغرض تحويل أموالها إلى الخارج. وقالت إن ذلك تم بدافع الخوف من مصادرتها، في حال سقط النظام. كما قالت إن رجال أعمال يريدون مغادرة البلاد. وتعج المنصات الرقمية الاجتماعية، في الوقت الحالي، بشائعات عن رجال من النظام جرى منعهم من السفر. ويتم تداول أسماء عدة وزراء وشخصيات سياسية عرفت بتحمس شديد لترشح بوتفليقة لولاية خامسة.
وحول هذا الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية محمد هناد: «من أهم المظاهر التي ميزت الحراك الشعبي، هو خروج رجال القانون في مسيرات عبر الوطن. لكن من حق أي مواطن، اليوم، أن يسأل هؤلاء عن عدم تنديدهم بالفساد من قبل، بل إن الكثير منهم كان ضالعا فيه دون حرج. شخصياً، بالنظر إلى أهمية فئة القضاة، في التغيير المنشود، أتمنى لو يُقدِم المحامون والقضاة على الاعتذار من الشعب على سكوتهم عن الفساد فيما مضى، وحتى على تورط بعضهم فيه ولو بحجة الضرورة أحيانا. لقد أسهم سلك القضاء، سواء بالسكوت أو التورط، في جعل الفساد نظاما قائما بذاته، ولا شك أن اعترافا بالذنب من هذا القبيل سيعطي الحراك الشعبي زخماً جديداً».

عودة جدل نفوذ «المخابرات القديمة»
من جهته، أعلن رئيس الوزراء سابقاً مولود حمروش (1990 - 1991)، أمس، رفضه المشاركة في «مرحلة انتقالية»، اقترحها نشطاء بالحراك، تمهيداً لتنظيم انتخابات رئاسية. وهذه الترتيبات، ستطلق حسب مقترحيها، بعد استقالة الرئيس بوتفليقة المحتملة.
وطرح عمار سعداني أمين عام «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية) سابقا، 3 أسماء مؤهلين لرئاسة مرحلة انتقالية، هم: عبد المجيد تبوَن وعبد العزيز بلخادم وهما رئيسا وزراء سابقين، إضافة إلى حمروش.
وفجر سعداني قنبلة بقوله إن «أويحيى وجماعته هم مهندسو مشروع العهدة الخامسة، وأويحيى هو من كان يكتب رسائل الرئيس (المنسوبة له وتضمنت قرارات كبيرة) وهو من يعمل على تدمير سمعة بوتفليقة وإنجازاته لكي يستولي على أنقاضها».
وقال أيضا إن جهاز المخابرات السابق الذي تم حلَه في 2015، «هو من يحكم البلد عن طريق أويحيى وهو قوة خفية مشكّلة من تلاميذ الجنرال توفيق (مدير المخابرات السابق)، وتساندها قوى استعمارية خارجية».
وفي سياق تطورات الحراك المعادي للنظام، خرج أمس إلى شوارع العاصمة والمدن الكبيرة، الآلاف من عمال وموظفي الإدارة الحكومية، احتجاجاً على استمرار الرئيس في الحكم. ورفعوا شعارات مطالبة بالتغيير ووقف الضغوط التي يتعرضون لها في الشغل، بسبب انحيازهم للغضب الشعبي.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.