وساطة مصرية تلجم تصعيداً في غزة... بعد «صاروخ أطلق بالخطأ»

غارات إسرائيلية تستهدف مواقع لـ{حماس} في القطاع... وجرحى في تل أبيب

نيران قصف الطيران الإسرائيلي على غزة أمس (أ.ف.ب)
نيران قصف الطيران الإسرائيلي على غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

وساطة مصرية تلجم تصعيداً في غزة... بعد «صاروخ أطلق بالخطأ»

نيران قصف الطيران الإسرائيلي على غزة أمس (أ.ف.ب)
نيران قصف الطيران الإسرائيلي على غزة أمس (أ.ف.ب)

بعد ساعات من إطلاق إسرائيل، أمس، عملية عسكرية في قطاع غزة، بقصف أهداف ومواقع عسكرية تابعة لحركة {حماس}، رداً على صاروخ أطلق من القطاع على تل أبيب فجراً، أسفرت وساطة مصرية عن هدنة بين الطرفين دخلت حيز التنفيذ مساء أمس.
واختارت إسرائيل بدء الهجوم على غزة، دقائق قبل المؤتمر الصحافي في واشنطن للرئيس الأميركي دونالد ترمب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أعلن من هناك بدء رد إسرائيلي قوي على إطلاق صاروخ من غزة سقط في شمال تل أبيب. وحظي نتنياهو بدعم قوي من ترمب الذي وصف الصاروخ الفلسطيني بأنه هجوم بشع، مؤكداً أن الولايات المتحدة «تعترف بالحق المطلق لإسرائيل في الدفاع عن نفسها».
وقال الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش أطلق عملية «ضد أهداف إرهابية تابعة لمنظمة (حماس) الإرهابية في أرجاء قطاع غزة»، وأضاف: «بعكس (حماس) التي اختارت طريق الإرهاب، بدلاً من الطريق التي تخدم مواطني غزة، نحذر سكان القطاع من الاقتراب من المباني والمواقع الإرهابية في أنحاء القطاع كافة».
وبدأ الهجوم الجوي بعدما أغلقت إسرائيل قطاع غزة بشكل كامل، ودفعت بلواءين إضافيين من المشاة إلى حدود قطاع غزة، واستدعت جنود احتياط لوحدات الدفاع الجوي، وحولت مناطق في غلاف القطاع إلى عسكرية مغلقة، استعداداً للعملية العسكرية، رداً على إطلاق صاروخ من القطاع، سقط في بلدة مشميرت في تل أبيب، وهي أبعد نقطة يصلها صاروخ منذ حرب 2014.
وسقط الصاروخ وسط إسرائيل، شمال تل أبيب، في وقت مبكر من فجر أمس، مما أسفر عن إصابة 7 أشخاص، في تصعيد هو الأكبر منذ 5 سنوات، وفتح الأبواب أمام حرب جديدة. وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، رونين مانيليس، إن الصاروخ أطلق من منصة إطلاق تابعة لحركة «حماس» في مدينة رفح، جنوب غزة، على بعد أكثر من 100 كيلومتر.
وأكدت مصادر عسكرية كبيرة أن الصاروخ هو نوع تنتجه حركة «حماس»، ويُعرف باسم «J80» (في إشارة إلى أحمد الجعبري الذي اغتالته إسرائيل عام 2012)، الذي يصل مداه إلى 120 كيلومتراً. وبحسب التقديرات الأمنية، فإن الصاروخ هو نسخة محدثة من صاروخ «M75» الذي تمتلكه حماس، وهو نسخة محسنة عن صواريخ «فجر» الإيرانية.
وقالت المصادر إن {حماس} أطلقته متعمدة ذلك، وإنه توجد أدلة كافية. وأصر مانيليس على القول: «لقد أطلقت (حماس) الصاروخ، ونحملها مسؤولية كل ما يحدث في قطاع غزة». وأكد مانيليس نشر قوات مشاة وقوات مدرعة في الجنوب، بالإضافة لتفعيل القبة الحديدية. وتم نشر قوات المشاة بعد اجتماع أجراه رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، مع رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك)، ومسؤولين دفاعيين آخرين. وأمر كوخافي بإرسال أكثر من ألف جندي إضافي على حدود غزة، وهو رقم كبير نسبياً.
كما جرى استدعاء عدد صغير من جنود الاحتياط للخدمة في منظومات الدفاع الصاروخي (القبة الحديدية)، ووحدات مختارة أخرى، وفقاً لما أعلنه الجيش. ولاحقاً، أعلن الجيش إغلاق عدة مناطق، وتحويلها إلى عسكرية مغلقة، في منطقة «غلاف غزة»، بما في ذلك شاطئ زيكيم، والمناطق المتاخمة لنحال عوز ونتيف هاتسرا. كما أعلن إغلاق معابر إسرائيل مع غزة «كيريم شالوم الذي يُستخدم لنقل البضائع، ومعبر إيرز لتنقل الأشخاص».
وقال أيضاً إن إسرائيل ستفرض قيوداً على منطقة الصيد المسموح بها في محيط قطاع غزة حتى إشعار آخر.
وقبل بدء الهجوم، أمر الجيش بإغلاق المدارس في الجنوب، كما أوقف حركة القطارات هناك، مع تسريب معلومات حول تغيير مواقع هبوط الطائرات في مطار بن غوريون. وأعلنت بلدية تل أبيب، بعد الهجوم على غزة، فتح جميع الملاجئ العامة، تحسباً من صواريخ المقاومة.
وجاء الهجوم الإسرائيلي بعد ساعات من الهجوم الذي استهدف بلدة مشميريت، وهي بلدة زراعية تقع إلى الشمال من تل أبيب. وقالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية إنها عالجت 7 أشخاص بعد إصابتهم بجروح وحروق وشظايا. والهجوم المتأخر تم رغم ضغوط مصرية، وكذلك من مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ميلادينوف، لتجنب مواجهة جديدة. وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط» إن مصر وميلادينوف يجرون اتصالات مكثفة، في محاولة لنزع فتيل الأزمة، وتجنب حرب وشيكة. وأكد نيكولاي ميلادينوف، مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، إنه يعمل، إلى جانب مصر، بشكل مكثف لتجنب أي تصعيد في قطاع غزة. ووصف ميلادينوف، في تغريدة له عبر «تويتر»، الوضع بأنه متوتر جداً، وقال إن إطلاق الصاروخ من غزة أمر خطير، وغير مقبول.
وكان من المفترض أن يصل وفد أمني مصري إلى القطاع أمس، لكنه أرجأ - كما يبدو - زيارته، احتجاجاً على التصعيد. وأكدت مصادر أن «حماس» مررت رسالة للمصريين، بأنها غير معنية بالتصعيد، وأن الصاروخ أطلق عن طريق الخطأ، بسبب الأحوال الجوية، كما يبدو. وحذرت مصر «حماس» من جر المنطقة إلى حرب مفتوحة، إذا واصلت هذه السياسة، قبل أن تعلن مصادر فلسطينية عدة نجاح الجهود المصرية للتهدئة.
ورفض متحدث باسم الجيش التعقيب على رسائل «حماس». وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المسؤولين الإسرائيليين رفضوا رواية «حماس» حول الخطأ. وهذه ثاني مرة تقول حماس إنها أطلقت صواريخ بالخطأ خلال فترة قصيرة. وأخلت «حماس» والفصائل الفلسطينية، أمس، جميع مواقعها قبل بدء الهجوم. وكان مسؤولون إسرائيليون قد التقوا رؤساء السلطات المحلية في البلدات المحيطة بغزة، من أجل وضعهم في صورة الرد العسكري الإسرائيلي، والرد الفلسطيني المتوقع. وطلب الجيش من الإسرائيليين في غلاف غزة الانصياع لتعليماته في مرحلة المواجهة، ومنعهم من أي نشاطات اجتماعية أو رياضية، بما في ذلك إلغاء مباريات.
وفي إطار أخذ الاحتياطات اللازمة في غزة، ألغى يحيى السنوار، رئيس حركة «حماس»، في غزة، لقاء مع صحافيين ونخب كان مقرراً أمس للتعقيب على التطورات في قطاع غزة، بما في ذلك الحراك الشعبي الداخلي، كما اختفى معظم قادة «حماس» و«الجهاد».
وحذر رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنية، من تجاوز الخطوط الحمراء، وقال إن «أي تجاوز للخطوط الحمراء من قبل الاحتلال، فإن شعبنا لن يستسلم له، والمقاومة قادرة على ردعه». كما هددت حركة الجهاد الإسلامي بأنها سترد على أي عدوان يستهدف قطاع غزة. وقالت فصائل المقاومة إنها سترد على القصف بقصف آخر.



مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.