نتنياهو يقطع زيارته لواشنطن بعد الصاروخ الغزاوي

رفاقه يطالبونه بتأجيل الانتخابات... ودعوات لاغتيال قيادات {حماس}

نتنياهو يقطع زيارته لواشنطن بعد الصاروخ الغزاوي
TT

نتنياهو يقطع زيارته لواشنطن بعد الصاروخ الغزاوي

نتنياهو يقطع زيارته لواشنطن بعد الصاروخ الغزاوي

أحدث الصاروخ المنطلق من غزة إلى وسط إسرائيل، زلزالاً في المعركة الانتخابية. فاضطر رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، إلى قطع زيارته إلى الولايات المتحدة. وراح رفاقه في اليمين يدعونه إلى تأجيل المعركة الانتخابية، حتى لا يخسر اليمين الحكم. فيما خرج منافسوه بتصريحات غير مسبوقة في وقت الحرب، يطالبونه بالاستقالة وتسليم الحكم إلى بيني غانتس، رئيس حزب الجنرالات «الذي يعرف كيف يتعامل مع حماس بشكل رادع».
وتعرض نتنياهو لانتقادات واسعة، حتى من قادة في معسكر اليمين الحاكم. فقال وزير التعليم في حكومته، نفتالي بنيت، إن حماس ما كانت لتجرؤ على إطلاق صاروخ كهذا إلى قلب إسرائيل، لولا إدراكها ضعف قيادته وعجزه عن مواجهتها. ودعا إلى خطة تصفيات لقادة حماس فردا فردا. وقال آخرون إن نتنياهو لا يملك حلا لمشكلة إسرائيل الأمنية. وأجمع الخبراء العسكريون على أن «صاروخ حماس كشف عجز نتنياهو عن توفير الأمن، رغم أن إسرائيل خاضت ثلاث حروب على قطاع غزة، بينها حربان في ولاية نتنياهو في رئاسة الحكومة». وأكدوا أن الصاروخ الغزاوي تمكن من التشويش القاتل على «حفلة التأييد الانتخابي» التي أعدها الرئيس الأميركي دونالد ترمب لحليفه وابن مدرسته السياسية، نتنياهو، باعترافه بضم الجولان.
وكان نتنياهو قد بنى كثيرا على هذه الزيارة، إذ تضمن برنامجه إجراء لقاءين مع الرئيس ترمب ولقاءات كثيرة في الكونغرس وإلقاء خطاب أمام مؤتمر أيباك واعتبرها واحدة من أهم زياراته للولايات المتحدة. لكن المحللين السياسيين والعسكريين في إسرائيل راحوا يسخرون منه قائلين: «بسبب صاروخ بدائي من صنع مشاغل حماس في غزة لا تبلغ تكلفته بضع مئات من الدولارات، يلغي نتنياهو أهم زياراته لواشنطن ويتنازل عن خطابات الزهو على الطريقة الأميركية، ويعود منكسرا إلى إسرائيل لا يعرف كيف يتصرف مع حماس»، كما كتب أمير أورن في موقع «واللا» الإلكتروني للأخبار، و«مهزوز الشخصية الذي حاول الترويج لنفسه، كرجل الأمن الأول في إسرائيل»، كما قال روني دانييل، المعلق العسكري في القناة 12 التلفزيونية.
وقال نتنياهو، في شريط بثه فجر أمس، بعد ساعة من إطلاق الصاروخ الغزاوي، إنه أجرى مشاورات مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس الشاباك ورئيس المجلس للأمن القومي، مضيفا أنه سيتم الرد «بقوة» على «الهجوم الإجرامي». وتابع أنه في أعقاب هذه «الأحداث الأمنية» قرر تقصير مدة زيارته إلى الولايات المتحدة، وسيعود إلى البلاد بعد لقائه مع الرئيس الأميركي لـ«إدارة العمليات عن كثب». ووعد برد جبار على حماس.
وقال أعضاء في المجلس الوزاري المصغر «الكابنيت» في الحكومة الإسرائيلية إنه لا بد من العودة إلى الاغتيالات الموضعية في صفوف قادة حماس، وإن ذلك مطروح على جدول الأعمال في الآونة الأخيرة. وقال عضو المجلس الوزاري المصغر، يوفال شتاينتس، إن إسرائيل سترد بقوة وحزم ووفق اعتبارات وازنة على إطلاق الصاروخ.
ومع أن الإسرائيليين اعتادوا ألا يهاجموا بعضهم بعضا إبان الأجواء الحربية، فقد خرج بيني غانتس بهجوم شديد اللهجة على نتنياهو فاتهمه بدفع «الإتاوة» لحركة حماس بدلا من ردعها وقال إن سياسته مع قطاع غزة والموضوع الفلسطيني أفلست والشعب في إسرائيل يدفع الثمن. وأضاف: «عدم الرد على صاروخ حماس الذي أطلق نحو تل أبيب في الأسبوع الماضي بحجة أنه أطلق بالخطأ يدفع اليوم ثمن خطئه». وتابع: «نتنياهو مشغول بالأساس في اتخاذ خطوات تخدم معركته القضائية في مواجهة ملفات الفساد، لذلك أهمل أمن إسرائيل».
وقال بيان صادر عن «اليمين الجديد» برئاسة نفتالي بنيت، إن الردع الإسرائيلي قد انهار، ويجب القول إن نتنياهو فشل مقابل حركة حماس. وأضاف البيان أن إطلاق سراح أسرى فلسطينيين والخشية من هدم بيوت منفذي العمليات، وضبط النفس مقابل الصواريخ على الجنوب، كل ذلك أدى إلى أن حماس لم تعد تخشى إسرائيل. كما جاء في البيان أن «نتنياهو رئيس حكومة جيد، ووزير أمن فاشل».
وقال رئيس حزب «العمل» المعارض، آفي غباي، إن نتنياهو يتحمل المسؤولية عن الوضع الأمني المتدهور، وإنه فقد الردع وعزز من قوة حركة حماس، و«أعاد الأمن في غلاف غزة، والآن في بلدات وسط البلاد، إلى بداية سنوات الخمسينات». وقال أيضا إن «الخطابات الجميلة وحقائب الأموال التي يقدمها نتنياهو إلى حركة حماس لا توفر الأمن. ليبق في الولايات المتحدة وينشغل بالإعلام».
وقال رئيس اللجنة الثانوية لجاهزية الجيش الإسرائيلي للحرب، عضو الكنيست عن حزب العمل، الجنرال عومر بار ليف، إنه «لا يوجد لدى الحكومة الحالية استراتيجية بالنسبة لقطاع غزة. وعندما تطلق علينا حركة حماس النار، يجب الرد بمنتهى القوة، ويمكن الاعتماد على الجيش في ذلك». وبحسبه، فإن «المجلس الوزاري المصغر قد خنع لحماس، سواء من خلال دفع الإتاوة لحماس، أو توفير وقت الهدوء النسبي، وذلك عندما تجاهل توصيات الأجهزة الأمنية بتحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة من أجل منع التصعيد الحالي الذي قد يقود إلى الحرب».
واعتبر المحلل العسكري، أمير أورن، في موقع «واللا» الإلكتروني، أن الصاروخ الذي أطلق من قطاع غزة، قد أصاب نقطة الضعف لدى نتنياهو، في أوج المعركة الانتخابية، من جهة أنه «لا يوجد لديه حل للمشكلة الأمنية»، حيث إنه بعد 10 سنوات وبعد ثلاث حروب على قطاع غزة، بينها حربان خلال ولايته في رئاسة الحكومة (2012 و2014)، من الواضح أن «طريقة نتنياهو فشلت وحماس تقرر له موعد عودته من واشنطن».
تعليقات المعلقين
ولفت الكاتب إلى أن ذلك يتزامن مع نشر كتاب جديد من إصدار «كلية الأمن القومي» في الجيش الإسرائيلي، وهو عبارة عن بحث أجراه الجنرال عميت ساعار، المرشح لرئاسة شعبة الدراسات في الجيش، بعنوان «كيف تبدأ حرب لا يرغب في هذا أحد: استيضاح ظاهرة التصعيد غير المخطط لها»، يؤكد فيه أن «هناك ظاهرة مميزة تنجر فيها إسرائيل، من دون نية مسبقة للحرب. فهكذا حصل مع لبنان في 2006 ومع غزة بعد 8 سنوات (2014)»، وبحسبه، فإن «الحرب غير المخطط لها» هي الواقع الذي تتأرجح فيه إسرائيل على حافتها مرة كل بضعة أسابيع أو شهور أو سنوات، بما في ذلك اليوم، مع سقوط الصاروخ في «مشميرت»، والذي لا يختلف عن العمليات التي نفذت في سنوات الخمسينات، والتي استدرجت بن غوريون وديان ومظليي أرئيل شارون للرد، وفي نهاية المطاف إلى الحرب التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام المصري. ويضيف أن بن غوريون أبدى انضباطا أكثر من ديان، ورفض المصادقة على «حرب استباقية» عام 1955، باعتبار أن «الهدف النهائي هو السلام مع الدول المجاورة، وأنه لا داعي لعمليات عسكرية تطيل الطريق إلى ذلك الهدف».
كما لفت إلى تحذير الاستخبارات العسكرية والشاباك ومنسق عمليات الحكومة في الأراضي الفلسطينية المحتلة (عام 67) منذ شهور من الانفجار الذي يقترب، خاصة في ظل مناسبات توتر كثيرة للطرفين، بينها «يوم الأرض وانتخابات الكنيست ويوم الأسير والفصح وشهر رمضان والاستقلال».
وكتب مراسل شركة «الأخبار» للشؤون العسكرية والأمنية، روني دانييل، أن رد فعل نتنياهو أثبت أن حركة حماس انتصرت، حيث إن «نقل قوات الجيش إلى الجنوب يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يستعد لرد جدي أكثر من السابق، ورد فعل نتنياهو تقديم موعد عودته إلى البلاد يبث حالة من الهلع، ويشكل إنجازا لقائد حركة حماس بأنه بثمن صاروخ واحد عرقل زيارة سياسية».
وقال إن نتنياهو يواجه معضلة، بل ضائقة. فـ «إذا لم يعد ولم يختصر زيارته فسوف يتلقى الانتقادات من اليمين، وإذا عاد فإنه سيواجه الانتقادات من كافة الأطراف السياسية أيضا لعودته، على شاكلة: كيف نجح يحيى السنوار أن يعرقل بصاروخ واحد زيارة جدية لرئيس الحكومة في واشنطن، ويضطره للعودة إلى البلاد بسرعة». وبحسبه، فإن هذه المعضلة تجعل نتنياهو يقرر العودة إلى البلاد، ومنح حركة حماس انتصارا بثمن صاروخ واحد.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.