استسلام مقاتلين من «داعش» خرجوا من أنفاق في الباغوز السورية

لافتة كبيرة توثق مقتل عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في المعركة ضد «داعش» شرق سوريا (أ.ف.ب)
لافتة كبيرة توثق مقتل عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في المعركة ضد «داعش» شرق سوريا (أ.ف.ب)
TT

استسلام مقاتلين من «داعش» خرجوا من أنفاق في الباغوز السورية

لافتة كبيرة توثق مقتل عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في المعركة ضد «داعش» شرق سوريا (أ.ف.ب)
لافتة كبيرة توثق مقتل عناصر من «قوات سوريا الديمقراطية» في المعركة ضد «داعش» شرق سوريا (أ.ف.ب)

سلم عشرات المقاتلين من تنظيم «داعش» أنفسهم، الأحد، لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، غداة إعلانها القضاء على «الخلافة» المزعومة، بعد خروجهم من أنفاق كانوا يختبئون داخلها في بلدة الباغوز، وفق ما أفاد به متحدث كردي لوكالة الصحافة الفرنسية.
وقال جياكر أمد، المتحدث في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية»: «إنهم مقاتلون دواعش خرجوا من الأنفاق، وسلموا أنفسهم اليوم»، من دون أن يحدد عددهم. ولم يستبعد «احتمال وجود مزيد من الدواعش مختبئين داخل أنفاق». هذا في الوقت الذي تحدث فيه قيادي آخر في «سوريا الديمقراطية»، ذات الغالبية الكردية والمدعومة أميركياً، إلى مراسل «روسيا اليوم» عن استسلام نحو 60 إلى 90 مسلحاً لمقاتلي «قسد»، أمس (الأحد).
وشاهد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية، قرب آخر بقعة كانت تحت سيطرة التنظيم في الباغوز، عشرات الرجال وهم يقفون في صف منتظم تحت مطر خفيف، قبل صعودهم الواحد تلو الآخر إلى شاحنات عدة كانت متوقفة في المكان. وأرخى عدد من هؤلاء لحاهم، وارتدى آخرون عباءات تقليدية من الصوف، أو وضعوا كوفيات على رؤوسهم، وبعضهم غطوا وجوههم.
ولم يُسمح للصحافيين الموجودين في المكان بالاقتراب منهم أو التحدث إليهم. وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، السبت، القضاء التام على «الخلافة» التي أعلنها التنظيم المتطرف في عام 2014 في سوريا والعراق المجاور، بعد تجريده من آخر الأراضي تحت سيطرته في الباغوز.
وانكفأ مقاتلو التنظيم قبل أيام، بعد تقدم «قوات سوريا الديمقراطية» باتجاه مخيم عشوائي شكل معقلهم الأخير في الباغوز، إلى جيوب عند ضفاف نهر الفرات المحاذي للبلدة. وشاهد فريق الوكالة الفرنسية سحباً من الدخان الأسود تتصاعد من المخيم، أمس، قال أمد إنها ناجمة عن «احتراق مخازن ذخيرة» تابعة للتنظيم. وبدا المخيم، الذي يضم كثيراً من الأنفاق التي تحصن مقاتلو التنظيم فيها، وخيماً متداعية، وأخرى بالكاد تتسع لأن يجلس شخص واحد فيها، أشبه بحقل من الخردة، مع انتشار هياكل سيارات محترقة وأوانٍ منزلية وعبوات مياه وأسطوانات غاز.
وأعلنت «قوات سوريا الديمقراطية»، السبت، سيطرتها على آخر جيب للتنظيم داخل بلدة الباغوز، بعد 6 أشهر من هجوم واسع بدأته في ريف دير الزور الشرقي، بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية. ودارت معارك عنيفة بين الطرفين منذ التاسع من فبراير (شباط)، تخللها قصف مدفعي وغارات للتحالف.
وعلى وقع تقدمها العسكري، وعملياتها التي علقتها مراراً إفساحاً في المجال أمام خروج المحاصرين، أحصت «قوات سوريا الديمقراطية» خروج أكثر من 66 ألف شخص من مناطق سيطرة التنظيم منذ مطلع العام، بينهم 5 آلاف من عناصر التنظيم على الأقل تمّ اعتقالهم، كما تمكن آخرون من الفرار. وبين الخارجين عدد كبير من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم، كثيرون بينهم من الأجانب، ممن جرى نقلهم إلى 3 مخيمات للنازحين في شمال شرقي سوريا، أبرزها مخيم الهول الذي يؤوي أكثر من 72 ألف شخص، بينهم 25 ألف طفل على الأقل في سن الدراسة، وفق لجنة الإنقاذ الدولية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».