زيارة الرئيس الصيني إلى إيطاليا عمقت الخلاف داخل الائتلاف الحاكم

اجتماع بين الوفدين الإيطالي والصيني في روما أول من أمس  (إ.ب.أ)
اجتماع بين الوفدين الإيطالي والصيني في روما أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

زيارة الرئيس الصيني إلى إيطاليا عمقت الخلاف داخل الائتلاف الحاكم

اجتماع بين الوفدين الإيطالي والصيني في روما أول من أمس  (إ.ب.أ)
اجتماع بين الوفدين الإيطالي والصيني في روما أول من أمس (إ.ب.أ)

«من حقّه أن يتحدّث، أما أنا فمن واجبي أن أعمل»، بهذه العبارات ردّ نائب رئيس الوزراء الإيطالي وزعيم «حركة النجوم الخمس» لويجي دي مايو، على التصريحات التي أدلى بها نظيره في الحكومة وزعيم «رابطة الشمال» ماتّيو سالفيني، التي انتقد فيها مذكّرة التفاهم التي وقّعتها إيطاليا مع الصين، وتضمنّت مجموعة من المشروعات والاستثمارات في إطار مبادرة «الحزام والطوق» الصينية.
ليس سراً أن الخلافات تعتمل داخل الائتلاف الحاكم في إيطاليا منذ تشكيله مطلع الضيف الماضي بين «حركة النجوم الخمس» الشعبويّة و«رابطة الشمال» اليمينية المتطرفة، لكن زيارة الرئيس الصيني شي جينبينغ التي أثارت حفيظة الشركاء الأوروبيين والحليف الأميركي، عمّقت هذا الخلاف ودفعت به نحو مسافة أقرب من الطلاق الذي ترجّح المؤشرات أنه بات وشيكاً. وكان سالفيني، الذي عادة يستقطب واجهة النشاط الحكومي، قد أحجم عن المشاركة في اللقاءات مع الرئيس الصيني والوفد المرافق له، كما رفض المشاركة في مأدبة العشاء الرسمي التي أقيمت على شرف شي جينبينغ، ما أثار امتعاضاً عميقاً لدى «حركة النجوم الخمس» التي تدعم الحكومة في البرلمان بضعف مقاعد «رابطة» سالفيني.
تجدر الإشارة أن زعيم «رابطة الشمال»، الذي ترجّح استطلاعات الرأي صعوده بنسبة كبيرة في الانتخابات المقبلة، يعتبر الحليف الأول للإدارة الأميركية في المشهد الإيطالي الراهن، وتربطه علاقة وثيقة بالمنظّر اليميني المتطرّف ستيف بانون، الذي كان الساعد الأيمن للرئيس الأميركي خلال حملته الانتخابية وبداية ولايته. وكان بانون، الموجود حالياً في روما، حيث يشرف على إدارة أكاديمية سياسية لتدريب الكوادر القيادية اليمينية، قد أعلن في مؤتمر صحافي عشيّة وصول الرئيس الصيني إلى العاصمة الإيطالية أن «الصين هي العدو الحقيقي للغرب، وأن شي يأتي إلى روما وفي جعبته استراتيجية كاسرة للهيمنة على العالم». ومعروف أن بانون، الذي يسعى منذ فترة إلى تصدير مشروعه السياسي إلى أوروبا، يراهن على زعيم «رابطة الشمال» لقيادة القوى والأحزاب اليمينية المتطرفة في الانتخابات الأوروبية المقبلة، تمهيداً لقيام تحالف يميني متطرّف على مستوى بلدان الاتحاد الأوروبي.
وفيما كان الرئيس الصيني يوقّع مذكرة التفاهم مع رئيس الحكومة الإيطالية، كان سالفيني يعقد مؤتمراً صحافياً في إطار إحدى جولاته الانتخابية، حيث قال في معرض التعليق على المذكرة: «ليس بإمكان أحد أن يقنعني أن الصين سوق حرّة، فهي تفرض قيوداً على الشركات الأجنبية لدخول أسواقها، وتسهّل تجارة المنتوجات المزوّرة التي تكلّف الاقتصاد الإيطالي 60 مليار دولار سنوياً». وكانت «رابطة الشمال» قد أصرّت في الأيام الأخيرة على إسقاط مشروع للاستثمارات الصينية في قطاع الاتصالات من مذكرة التفاهم، وطلبت أن تخضع الاستثمارات المقبلة في قطاع الموانئ البحرية لقواعد الاتحاد الأوروبي. وتفيد مصادر بأن واشنطن كانت قد حذّرت روما من دخول الصين على خط الاتصالات في إيطاليا، حيث يوجد مقرّ قيادة الحلف الأطلسي لمنطقة المتوسط وعدد من المنشآت العسكرية الأطلسية الحسّاسة.
تجدر الإشارة إلى أن موقف زعيم «رابطة الشمال» من «الهجوم الصيني» على أوروبا، يتطابق مع موقف غريمه الأوروبي الأكبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي كانت له اليد الطولى في القمة الأوروبية الأخيرة لإرساء أسس سياسة جديدة في التعامل مع الصين، التي وصفها بأنها «منافس بنيوي»، ودعا إلى التخلّي عن السذاجة في التعاطي مع مشروعها الضخم للاستثمارات والبنى التحتية.
ومن المنتظر أن يستضيف ماكرون في باريس الرئيس الصيني في قمّة تشارك فيها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك. وكان الرئيس الصيني قد أنهى زيارته الرسمية الأولى إلى إيطاليا في مدينة باليرمو عاصمة جزيرة صقلية، حيث تفقّد بعض المعالم التاريخية برفقة عقيلته، ووعد بزيادة عدد السيّاح الصينيين الذين لا يتجاوزون أربعة ملايين في السنة حالياً، وتعزيز حركة النقل الجوي بين البلدين. وكان شي قد اختار إنهاء زيارته في باليرمو، مسقط رأس الرئيس الإيطالي سرجيو ماتاريلا، الذي سبق له خلال زيارته الصين منذ عامين أن زار منطقة شيان في إقليم شانشي، حيث ولد الرئيس الصيني، وما زال يعيش معظم أفراد عائلته وأقاربه.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.