مظاهرات في الخرطوم ومدن أخرى في «موكب العمال»

TT

مظاهرات في الخرطوم ومدن أخرى في «موكب العمال»

شهدت أحياء في الخرطوم مظاهرات حاشدة، في إطار الاحتجاجات اليومية المطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير وحكومته، وذلك استجابة لدعوة تجمع المهنيين السودانيين وتحالف قوى الحرية والتغيير للتظاهر، فيما أطلق عليه «موكب العمال».
وأكملت الاحتجاجات المستمرة في السودان الأسبوع الأول من شهرها الرابع، دون توقف، وتخللتها أشكال احتجاجية متنوعة تراوحت بين التظاهر النهاري والليلي، والمظاهرات الشاملة، والوقفات الاحتجاجية، والمظاهرات داخل الأحياء.
ومع تطور الاحتجاجات، اكتسبت بعض الأحياء صفة «أيقونة الاحتجاج»، وأشهرها حي بري شرق الخرطوم، وحي شمبات جنوب الخرطوم بحري، وحي أبو روف معقل طائفة الأنصار بأم درمان.
وشارك متظاهرون من أحياء الكلاكلة والشعبية وجبرة والصحافة والعشرة والمعمورة والدروشاب وأبو روف وبيت المال وأم بدة. وتزامنت معها احتجاجات في بعض مدن الولايات، وغيرها في مظاهرات «مواكب العمال» ضمن استجابات لدعوات التجمع المهني لتحدي حالة الطوارئ التي فرضت في البلاد في فبراير (شباط) الماضي.
وأطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق المتظاهرين الذين نددوا بالسياسات الحكومية، وطالبوا بتنحي الرئيس البشير، وهتفوا: «حرية سلام وعدالة» و«الثورة خيار الشعب» و«رص العساكر رص» و«تسقط تسقط بس»، وغيرها من الهتافات.
ونقل شهود أن الأمن السوداني ألقى القبض على عدد من المتظاهرين والمتظاهرات من بعض الأحياء، ومن المنتظر تقديمهم لمحاكم «الطوارئ» الفورية.
وينتظر أن يواجه قرابة 50 متظاهراً أحكاماً بالسجن تتراوح بين 6 أشهر و10 سنوات وغرامة 50 ألف جنيه، ألقي القبض عليهم في مظاهرات الخميس، وذلك بحسب تشديد العقوبات على المحتجين الذي أصدره الرئيس البشير في أمر طوارئ جديد، فبعد أن كانت أوامر الطوارئ تنص على العقوبة فترة لا تقل عن 10 سنوات، شددت العقوبات إلى السجن لفترة لا تقل عن 6 أشهر، ولا تزيد على 10 سنوات مع الغرامة.
وبحسب متابعين، فإن العقوبات التي وصفت بالمخففة التي أصدرتها محاكم الطوارئ في الفترات السابقة، دفعت الحكومة السودانية لإصدار عقوبات قاسية على التظاهر والاحتجاج والتجمهر، ما ينفي مزاعم حكومية بأن فرض حالة الطوارئ القصد منه محاربة المفسدين.
وفرض الرئيس البشير حالة الطوارئ في البلاد منذ 22 فبراير الماضي، وحل الحكومتين الاتحادية والولائية، وعين حكام ولايات عسكريين، وتعهد بتكوين حكومة كفاءات، بيد أن المعارضين وصفوا حكومة رئيس الوزراء محمد طاهر إيلا بأنها «تنقلات» بين الوجوه القديمة، و«ذات الخمر في قوارير جديدة».
وبحسب محللين، فإن الحكومة السودانية تراهن على «الزمن»، وترى أنه كفيل بخفت صوت الاحتجاجات، بيد أن المتظاهرين وأغلبهم شابات وشباب، يبدون إصراراً قوياً على تحقيق شعارهم «تسقط بس»، وإقامة حكومة انتقالية على أنقاض نظام حكم الرئيس عمر البشير.
من جهة أخرى، أطلق جهاز الأمن سراح 4 من قيادات المعارضة البارزة، وعلى رأسهم المسؤول في الحزب الشيوعي صديق يوسف، والقيادي في حزب البعث علي الريح السنهوري، وعبد الجليل عثمان وعلي سعيد إبراهيم، بعد أن كان اعتقلهم إثر مشاركتهم في احتجاجات وسط الخرطوم.
وتقول المعارضة إن أعداد المعتقلين من النشطاء والسياسيين، يبلغ الآلاف، فيما كشف وزير الداخلية السابق للبرلمان قبل شهر تقريباً، أن عدد الموقوفين على خلفية الاحتجاجات بلغ 816 شخصاً.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».