رئيس دار الهندسة المصرية: تطوير قناة السويس مشروع عالمي

يحيى زكي أكد في حوار خاص مع {الشرق الأوسط} أن مهمتهم تحديد الفرص الاستثمارية الأفضل

جانب من أعمال الحفر في قناة السويس الجديدة.. وفي الاطار المهندس يحيى زكي («الشرق الأوسط»)
جانب من أعمال الحفر في قناة السويس الجديدة.. وفي الاطار المهندس يحيى زكي («الشرق الأوسط»)
TT

رئيس دار الهندسة المصرية: تطوير قناة السويس مشروع عالمي

جانب من أعمال الحفر في قناة السويس الجديدة.. وفي الاطار المهندس يحيى زكي («الشرق الأوسط»)
جانب من أعمال الحفر في قناة السويس الجديدة.. وفي الاطار المهندس يحيى زكي («الشرق الأوسط»)

وصف يحيى زكي رئيس مجلس إدارة شركة دار الهندسة المصرية، عضو التحالف الدولي الفائز بعقد الاستشاري المالي والفني لمشروع قناة السويس الجديدة، بأنه «مشروع عالمي»، موضحا أن مهمة التحالف الذي فاز في المناقصة إثر حصوله على أعلى تقييم من بين الشركات المنافسة بنسبة 86 في المائة، تتركز في دراسة مشروعات جديدة للاستثمار على محور القناة.
وأوضح زكي في حوار مع «الشرق الأوسط» أن من المقرر أن تكون مدة دراسة المشروع من ستة إلى ثمانية أشهر كمكتب استشاري لعمل الدراسة، بالتنسيق مع الوزارات الحكومية وإدارة هيئة قناة السويس، مشيرا إلى أن التحالف سيعمد إلى الاستفادة من خبرات أكبر المكاتب العالمية والأكثر تخصصا في مجال الاستشارات القانونية والقضائية مثل شركة (أرنست أنديونغ) اليابانية للاستفادة من خبراتهم وتخصصاتهم الدقيقة في تقديم أفضل الدراسات للمشروع.
ومن المنتظر وفق المهندس زكي أن يضيف المشروع استثمارات نوعية في الاقتصاد المصري إلى جانب إيجاد فرص عمل جديدة للمواطن.. الحوار تناول نشاط الشركة والأعمال المنتظر أن تقوم بها بخصوص المشروع الجديد.
وفي مايلي نص الحوار:
* في البداية نود أن نعطي القارئ لمحة عن شركة دار الهندسة ونشاطها؟
- شركة دار الهندسة للتصميم والاستشارات الفنية (شاعر ومشاركوه)، مؤسسه استشارية عالمية متعددة الاختصاصات في مجالات الهندسة والعمارة والتخطيط والبيئة والاقتصاد وإدارة المشاريع والإنشاء، حيث تأسست الشركة عام 1956. واحتفظت بمركز متقدم بين الشركات الاستشارية للتصميم والإشراف الهندسي في العالم، ضمن أفضل عشر شركات منذ أوائل الثمانينات. يتواجد المكتب الرئيس للشركة وخبراء الدعم الفني في مصر ولبنان والمملكة المتحدة والهند والأردن، هذا بالإضافة إلى 40 مكتب تمثيل محلي في أكبر مدن الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا الوسطى والشرقية ودول الكومنولث.
* ما هي أهم المشاريع التي نفذتها الشركة؟
- قدمت الشركة خدمات استشارية لأكثر من 8500 عميل في نحو ستين دولة حيث عملت على مشاريع ضخمة، وتضم 14.700 ألف موظف يعملون من خلال 193 مكتبا منتشرا في أكثر من 100 دولة عبر العالم.
عملت دار الهندسة في مصر بدءا من عام 1974 وسرعان ما أسست فيها أحد وأهم مكاتبها الرئيسية الذي شهد نموا سريعا ليضم اليوم أكثر من 1700 موظف من مهندسين ومعماريين ومخططين وخبراء بيئة واقتصاد وفني وإداري.
وتشغل مكاتبنا في القاهرة نحو 36 ألف متر مكعب وهي مجهزة بأحدث المعدات الهندسية ونظم المعلومات والاتصالات والطباعة، وقامت دار الهندسة بإكمال 132 مشروعا في مصر لمجالات التخطيط والمباني العامة والمطارات ودراسات الجدوى وإدارة المشاريع وغيرها.
وتأسست دار الهندسة مصر لتصميم الاستشارات الفنية المعروفة دار مصر في عام 1995 وهي عضو عامل في مجموعة (دار غروب) للاستشارات الاستشارية ودار مصر والشركات المرتبطة بها في مجموعة دار غروب هي شركات خاصة ومستقلة تماما وليست لها أي مصالح في مجال الإنشاء والمقاولات والتصنيع ويمكن لأي عضو من مجموعة دار غروب الاستفادة من الموارد والخبرة للفريق بأكمله.
* مم يتكون التحالف الذي فاز بعطاء مشروع قناة السويس الجديدة، وكيف فاز بالعقد الاستشاري؟
- المشروع فاز به تحالف دار الهندسة العالمية المسجلة بمملكة البحرين ودار الهندسة المصرية بمصر وهو منفصل ومستقل، حيث تقدم التحالف بدراسته التي فازت بالمركز الأول فنيا وماليا وحصل على أعلى تقييم بين الشركات المنافسة بنسبة 86 في المائة وهي أعلى نسبة تقييم أخذتها الشركة ليفوق التقييم عددا من التحالفات العالمية.
وبالنسبة لفوزنا بالعقد فالواقع أن عرضنا كان أقل العروض المالية التي تقدمت للحكومة المصرية، والسبب في ذلك هو أننا اعتبرناه عملا وطنيا في المقام الأول، فلم يكن للمردود المادي رغم أهميته تأثير لدى مجلس إدارة الشركة.
* ما هو شكل المشروع المقترح لتنمية قناة السويس الجديدة؟
- المشروع عبارة عن تنمية لمنطقة قناة السويس من الناحية الشمالية لمحافظتي بورسعيد والعريش، ثم الوسطى في محافظة الإسماعيلية ثم الجنوب عبر محافظة السويس والعين السخنة، وبها محور ميناء شرق بورسعيد والأدبية والعين السخنة والعريش وهذه الموانئ موجودة بالفعل مع احتمالات إنشاء وإقامة موانئ حديثة مع وضع مخطط كامل لتنمية هذه المشروعات. كما يتضمن المشروع وضع دراسات مستقبلية تشمل مخططا عاما للبيئة وتحسين جميع المرافق من كهرباء ومياه وطرق وجسور وعمل دراسة استراتيجية للتطوير الاقتصادي للقناة، وطرح فرص الاستثمار والتسويق المتاحة، مع مراعاة دراسة الأثر البيئي والاجتماعي بالتنسيق مع الأجهزة الإعلامية للمشروع وقوافل المجتمع المدني، لمشاركتهم الآراء والأفكار مثل الغرف التجارية المصرية واتحاد الصناعات المصري والمستثمرين ورجال الأعمال. الهدف من مشاركة كل تلك الأطراف هو الوصول إلى طرح مشاريع جديدة للاستثمار على محور قناة السويس الجديدة، يستفيد منها المستثمر والمواطن والحكومة معا.
* ما هي المدة المحددة لدراسة المشروع والانتهاء منه؟
- تقدر مدة تقديم دراستنا الاستشارية للمشروع من ستة إلى ثمانية أشهر لعمل دراسة شاملة لتنمية منطقة قناة السويس، فيما تحدد أن يكون مشروع عمل قناة موازية لقناة السويس الحالية، وهو مشروع منفصل تقوم بتنفيذه الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية بنحو سنة من الآن.
* هل ستقومون أنتم كمكتب استشاري بعمل الدراسة بمفردكم أم بالتنسيق مع الجهات الحكومية الأخرى؟
- نقوم بالتنسيق مع الإدارات الأساسية في الدولة ومع جميع الوزارات الحكومية التي لها علاقة بالمشروع سواء وزارة الكهرباء أو البيئة أو النقل، ومن الطبيعي أن نتواصل مع إدارة هيئة قناة السويس للتباحث معهم حول أفضل المقترحات.
* هل لدى تحالف دار الهندسة تعاون مع مكاتب عالمية أو مؤسسات دولية في مجال الدراسات الاستشارية؟
- تحالف دار الهندسة المصري يقدم الدراسة الوافية بالتعاون مع بعض المكاتب الأكثر تخصصا وهو مكتب هاني سري للاستشارات القانونية والأمور القضائية و«ارنست انديونغ» اليابانية، وذلك للاستفادة من خبراتهم الدولية وتخصصاتهم الدقيقة في أعمال الموانئ، وكان الهدف من ذلك هو الوصول لأكبر مستوى من الخبرات المحلية والعالمية في هذه الأعمال.
* ما هي النسبة المتوقعة لزيادة إيرادات قناة السويس الجديدة؟
- إيرادات قناة السويس تزداد كل سنة ويصل إيرادها الآن إلى نحو 5 مليارات دولار، ومن خلال الدراسة الجديدة سنضع خططا لمضاعفة تلك الإيرادات، عبر التركيز على جذب المزيد من المستثمرين العرب والأجانب وإقامة مشروعات فعلية على أرض الواقع.
* هل هناك علاقة بين دار الهندسة المصري والقوات المسلحة وبالتحديد الهيئة الهندسية؟
- الهيئة الهندسية للقوات المسلحة تشارك في هذا المشروع القومي بشكل مباشر من خلال مشاركتها في أعمال «حفر قناة السويس الجديدة» لإنجازها خلال الوقت المحدد وهو عام ونحن كدار للهندسة نتشرف بالتعاون مع القوات المسلحة لكنها ليست شريكا مباشرا أو غير مباشر معنا في المكتب.
* عندما نتكلم بطريقة المكسب والخسارة ذكرتم أثناء الحوار أنكم تقدمتم بأقل عرض مالي فما هو العائد على دار الهندسة من ذلك؟
- مشروع قناة السويس الجديدة من المشاريع القومية ونحب كدار الهندسة للاستشارات أن نرتبط بها وخاصة أن الرئيس عبد الفتاح السيسي حث على المشاركات الوطنية وعمل مبادرات ومساهمات وخصوصا في صندوق «تحيا مصر» وعليها قررنا المشاركة بشكل مجهود عيني وهو مشاركتنا في المشروع القومي وأعده واجبا على كل مصري ولو قمنا بسؤال عدد موظفي دار الهيئة الهندسية وعددهم 1700 موظف لوافقوا جميعهم على المشاركة الوطنية لهذا المشروع العملاق وبالتالي لم نحسبها بمفهوم المكسب أو الخسارة رغبة منا في المشاركة الوطنية مع باقي مؤسسات الدولة.
* رؤيتكم الأولية للدراسة التي تقدمونها خلال الأشهر القادمة هل هي تركز على القطاع الخاص أم الحكومي؟
- سيكون للقطاع الخاص مشاركة كبيرة ومفتوحة من خلال استثمارات كبيرة وضخمة مع الأخذ في الاعتبار أن هناك أشياء لا يمكن الاستغناء فيها عن القطاع الحكومي.
* ما الجديد في مجال التنمية الذي سيضيفه هذا المشروع للاقتصاد المصري والمواطن المصري عموما؟
- سيضيف المشروع استثمارات وأعمالا جديدة توفر فرص عمل ستساعد في الحد من نمو مستوى البطالة في البلاد، إضافة إلى استقطاب أموال واستثمارات جديدة، سيكون لخزينة الدولة نصيب منها، وهو ما سينعكس على ميزانيتها العامة وخدماتها التي تقدمها للمواطن، إلى جانب التنمية التي ستشهدها المناطق المحيطة بالقناة والتي لم تشهد تنمية واقعية تتلاءم وحجم الإمكانات المتوفرة فيها.
* كيف تصنف مشروع قناة السويس ضمن المشاريع العالمية؟
- يردد البعض أن هناك مشروعات مماثلة ومنافسة لهذا المشروع ولكن بفضل الله ولموقع قناة السويس الفريد والمتميز الذي يربط آسيا وأوروبا في أقصر مسافة فنستطيع أن نقول: إنه ليس هناك مشروع عالمي منافس لمشروع قناة السويس الجديدة لتميزها بالنوعية والاستقلالية من جانب، ولما لها من أثر على حركة الاقتصاد الدولي من جانب آخر.



طفرة التنمية في دول الخليج تعيد تشكيل قطاع الاستشارات

سوق الاستشارات في الخليج تشهد تحولاً متسارعاً بفعل ارتفاع التوقعات والمنافسة والبحث عن قيمة طويلة الأمد (الشرق الأوسط)
سوق الاستشارات في الخليج تشهد تحولاً متسارعاً بفعل ارتفاع التوقعات والمنافسة والبحث عن قيمة طويلة الأمد (الشرق الأوسط)
TT

طفرة التنمية في دول الخليج تعيد تشكيل قطاع الاستشارات

سوق الاستشارات في الخليج تشهد تحولاً متسارعاً بفعل ارتفاع التوقعات والمنافسة والبحث عن قيمة طويلة الأمد (الشرق الأوسط)
سوق الاستشارات في الخليج تشهد تحولاً متسارعاً بفعل ارتفاع التوقعات والمنافسة والبحث عن قيمة طويلة الأمد (الشرق الأوسط)

مع تسارع البرامج التنموية في دول الخليج، والرؤى الوطنية، والمشاريع العملاقة التي تعيد رسم المشهد الاقتصادي في المنطقة، يشهد قطاع الاستشارات مرحلة تحول نوعية تدفع الحكومات والشركات إلى البحث عن شركاء قادرين على تحقيق قيمة مستدامة تتجاوز حدود التخطيط النظري إلى التنفيذ العملي وبناء القدرات طويلة الأمد.

وأظهرت دراسات حديثة أنه مع تصاعد الاستثمارات وارتفاع سقف الطموحات، لم تعد الأسئلة تدور فقط حول الاستراتيجيات الجريئة، بل حول كيفية ترجمتها إلى أثر ملموس على الأرض.

وقد أعاد هذا التحول تشكيل قطاع الاستشارات وفرْض واقع تتسارع فيه التحديات والتطلعات، في وقت لم تعد الحلول التقليدية كافية لتلبية طموحات المتعاملين الذين باتوا يطالبون بحلول متكاملة تُحدث تغييراً فعلياً وتحقق قيمة مضافة تتجاوز النصائح النظرية.

وضمن هذا السياق، وبحسب دراسة لـ«استراتيجي آند» حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، باتت الحكومات والشركات في المنطقة تبحث عن كفاءات متعددة التخصصات تجمع بين الرؤية العالمية والفهم العميق للواقع المحلي، فيما أصبح المعيار الحقيقي لمكانة شركات الاستشارات هو قدرتها على تحويل التوصيات إلى أثر واقعي يمكن قياسه.

وقال جاد الحاج، المدير العام والرئيس الإقليمي في «ستراتيجي آند» الشرق الأوسط، وهي جزء من شبكة «برايس ووترهاوس كوبرز»: «ستظل خطط التحوّل الطموحة جزءاً أصيلاً من أجندة المنطقة، غير أن ما يميّز المرحلة الراهنة هو التركيز المتزايد على تحقيق قيمة مستدامة، إذ أصبحت الحكومات وشركات القطاع الخاص اليوم تبحث عن شركاء قادرين على تحقيق أهدافهم ودمج نقل المعرفة ضمن سلاسل القيمة، مع خبراء يفهمون الأولويات المحلية».

واستقطب نمو قطاع الاستشارات لاعبين جدداً؛ من شركات متخصصة ذات خبرة محلية، إلى فرق داخلية في المؤسسات الحكومية والشركات، مروراً بشركات التكنولوجيا التي تقدم خدمات استشارية مبتكرة، مما يعيد تشكيل السوق ويعزز ديناميكيته. ويضيف الحاج: «هذا المشهد التنافسي يدفع الجميع لإثبات جدارتهم وإبراز القيمة التي يقدمونها».

مشروعات عملاقة ومنظومات متكاملة

وتبرز المشروعات العملاقة ومبادرات التنويع الاقتصادي في منطقة الخليج مثالاً واضحاً على أهمية خلق القيمة في المرحلة الراهنة؛ إذ تعيد هذه التطورات الضخمة تشكيل اقتصادات المنطقة بطرق جريئة وطموحة.

ومع ضخامة حجم هذه المشروعات وما تحمله من وعود، يكمن التحدي الحقيقي اليوم في ضمان التنفيذ المتقن، وتحويل الاستثمارات إلى انعكاس واضح على الاقتصاد، من خلال بناء منظومات مترابطة وقوية، وتعزيز القدرات التنظيمية والصناعية، ودمج التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي لدفع النمو المستدام على المدى الطويل.

وتتجلّى ملامح هذا التحوّل بوضوح في السعودية، التي تُعد السوق الأكبر والأسرع نمواً في قطاع الاستشارات في منطقة الخليج. وتواصل المشروعات الجارية مثل وجهة البحر الأحمر ومدينة القدية ترسيخ استراتيجية المملكة في التنويع الاقتصادي، ودفع عجلة التحول الشامل في مختلف القطاعات.

هذا الواقع المتسارع يفرض على شركات الاستشارات تنسيقاً أكبر في تنفيذ المشروعات، وقياساً دقيقاً للنتائج، بالإضافة إلى تقديم تحليلات موجهة تُسهم في تعظيم الأثر بما ينسجم مع الأولويات الوطنية.

ويقول الحاج في هذا السياق: «نحن نعيش اليوم تحوّلاً جذرياً في جميع القطاعات، والاستشارات ليست استثناءً. الجهات المتعاملة يتوقعون منا الجمع بين الرؤية الاستراتيجية والتنفيذ العملي، مما يستدعي تعاوناً وثيقاً مع الشركاء المحليين وبناء قدرات مستدامة. وفي الوقت ذاته، تُعيد الابتكارات مثل الذكاء الاصطناعي تشكيل طرق تقديم القيمة، بدءاً من إعادة النظر في نماذج التنفيذ وصولاً إلى تعزيز الحوكمة، لضمان تحقيق أثر طويل الأمد للمشروعات».

جاد الحاج المدير العام والرئيس الإقليمي في «ستراتيجي آند» (الشرق الأوسط)

التكنولوجيا والكوادر الخليجية

وتقف التكنولوجيا اليوم في قلب التحوّل الذي يشهده قطاع الاستشارات الاستراتيجية، حيث يُمثّل الذكاء الاصطناعي فرصة واعدة وتحولاً جوهرياً في آن واحد.

وقال المدير العام والرئيس الإقليمي في «ستراتيجي آند» الشرق الأوسط: «لطالما ارتكزت الاستشارات على مشروعات قصيرة الأمد وعالية الأثر، غير أن هذا النموذج يشهد اليوم تطوراً ملحوظاً؛ فالذكاء الاصطناعي يمكّن المستشارين الآن من تحقيق كفاءة غير مسبوقة في مجالات التحليل ودمج المعلومات واستخلاص الرؤى، مما يمنح فرق العمل وقتاً أكبر للتفاعل البنّاء مع الجهات المعنية وصياغة خيارات استراتيجية طويلة الأمد».

ويضيف أن الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف العلاقة بين الاستراتيجية والتنفيذ، عبر تجاوز تحديات النطاق والقدرات، وتوسيع دور المستشارين لتقديم أدوات ومنتجات جاهزة تُمكّن العملاء من تنفيذ استراتيجياتهم ومتابعة نتائجها. ويؤكد الحاج أن الذكاء الاصطناعي قوة داعمة تسرّع الحلول وترفع جودة الخدمات، فيما تبقى مهام التحليل المنطقي والمساءلة والحكم المهني وفهم سياق القطاعات في صميم الدور البشري.

وبالتوازي مع هذا التحول، تعمل الشركات على تمكين المؤسسات الإقليمية ببناء قدرات داخلية تضمن استدامة الأثر، إذ كشفت «ستراتيجي آند» عن برامج من بينها «برنامج قادات للكوادر الخليجية» الممتد لعشرة أشهر، لصقل مهارات نخبة الخريجين في دول الخليج عبر التدريب والمشاركة في المشروعات، وبناء جيل جديد من القادة القادرين على قيادة الرؤى الوطنية.

سوق متسارعة

وتشهد سوق الاستشارات في دول الخليج تحوّلاً متسارعاً مدفوعاً بتزايد التوقعات واشتداد المنافسة وارتفاع الطلب على تحقيق قيمة طويلة الأمد، ولم يعد يُقاس نجاح شركات الاستشارات بالتوصيات فقط، بل بما تتركه من أثر ملموس وقدرات مستدامة داخل المؤسسات بعد انتهاء المشروعات.

وأشار الحاج: «هذه المنطقة تعيد تعريف مفهوم المستشار الموثوق، إذ يتوقع المتعاملون نتائج ملموسة وبناء قدرات وتواصلاً مستمراً. ورغم أن الطريق لا يزال طويلاً، فإننا أمام لحظة استثنائية لاغتنام الفرصة والمساهمة في تحقيق تطلعات المنطقة وأهدافها المستقبلية».


مصر: توقيع عقد بـ100 مليون دولار مع مجموعة صينية لإنشاء مجمع للملابس الجاهزة

وليد جمال الدين رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وماوي تشانغ رئيس مجلس إدارة شركة «جاسان غروب» بعد توقيع الاتفاقية (رئاسة مجلس الوزراء)
وليد جمال الدين رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وماوي تشانغ رئيس مجلس إدارة شركة «جاسان غروب» بعد توقيع الاتفاقية (رئاسة مجلس الوزراء)
TT

مصر: توقيع عقد بـ100 مليون دولار مع مجموعة صينية لإنشاء مجمع للملابس الجاهزة

وليد جمال الدين رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وماوي تشانغ رئيس مجلس إدارة شركة «جاسان غروب» بعد توقيع الاتفاقية (رئاسة مجلس الوزراء)
وليد جمال الدين رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وماوي تشانغ رئيس مجلس إدارة شركة «جاسان غروب» بعد توقيع الاتفاقية (رئاسة مجلس الوزراء)

أعلنت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مصر، الأحد، توقيع عقد بقيمة 100 مليون دولار مع مجموعة «زيجيانغ جيانشينغ» القابضة الصينية؛ لإنشاء مجمع متكامل للغزل والنسيج والملابس الجاهزة بمنطقة القنطرة غرب الصناعية.

وذكر بيان أن المجمع سيقام «على مساحة 300 ألف متر مربع... بتكلفة استثمارية تبلغ 100 مليون دولار (بما يعادل 4.7 مليار جنيه)، بتمويل ذاتي 100 في المائة، وينفذ المشروع على 3 مراحل متتالية، ويشمل أنشطة الغزل والنسيج، وتصنيع الملابس الجاهزة والرياضية».

وفي هذا السياق، أعرب رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وليد جمال الدين، عن ترحيبه بانضمام المجموعة الصينية المعروفة بـ«جاسان غروب» إلى قائمة المستثمرين العالميين بمنطقة القنطرة غرب الصناعية، مؤكداً أن «المشروع الجديد يمثل إضافة صناعية نوعية في قطاع الغزل والنسيج، خصوصاً أن الشركة تمتلك سلسلة إنتاج متكاملة تمنحها قدرة تنافسية عالية من حيث الجودة والإنتاج».

وأضاف أن اختيار منطقة القنطرة غرب الصناعية يعكس ما تتمتع به من جاهزية، وبنية تحتية، وتنافسية في التكلفة، وقرب من المواني البحرية على البحر المتوسط والبحر الأحمر بما يدعم النفاذ إلى مختلف الأسواق العالمية.


مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
TT

مليارات الذكاء الاصطناعي... هل هي فرصة تاريخية أم فخ الفقاعة؟

روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)
روبوتات تعمل في غرفة أخبار أُنشئت باستخدام تطبيق «Midjourney» المدعوم بالذكاء الاصطناعي (إكس)

في وقت تتدفق فيه مئات المليارات نحو صناعة الذكاء الاصطناعي بوتيرة غير مسبوقة، يجد المستثمرون أنفسهم أمام سؤال جوهري: هل نحن أمام ثورة رقمية تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، أم على أعتاب فقاعة مالية جديدة تشبه الدوت كوم؟

فالسباق العالمي لبناء مراكز البيانات، وتطوير الرقائق، وتوسيع البنية التحتية، تجاوز بالفعل حجم استثمارات تاريخية مثل «مشروع مانهاتن» و«برنامج أبولو»، فيما تتنافس شركات التكنولوجيا العملاقة على اقتناص موقع قيادي في «سباق السلاح الرقمي» الجديد. لكن هذا الزخم الهائل ترافقه مؤشرات مقلقة: أسعار أسهم صعدت بوتيرة فلكية، وتقييمات شركات ناشئة لا تعكس حجم إيراداتها الفعلي، وشهية استثمارية تغذِّيها توقعات النمو أكثر مما تغذيها النتائج الواقعية.

وبينما يرى البعض أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة اقتصادية تمتد لعقود، يُحذر آخرون من أن الحماس المفرط قد يُخفي وراءه هشاشة يمكن أن تؤدي إلى تصحيح قاسٍ في الأسواق.

لا يعتقد مورتن ويرود، الرئيس التنفيذي لشركة «إيه بي بي»، أن هناك فقاعة، لكن «نرى بعض القيود فيما يتعلق بسعة البناء التي لا تواكب جميع الاستثمارات الجديدة»، وفقاً لـ«رويترز».

وأضاف: «نتحدث عن تريليونات من الاستثمارات، وستستغرق عدة سنوات لتنفيذها، لأن الموارد والبشر غير كافيين لبناء كل هذا».

أما دينيس ماشويل، الرئيس التنفيذي لشركة «أديكو»، فيرى أن «هناك بالفعل فجوة حالية بين هذا العرض الهائل من الذكاء الاصطناعي والطريقة التي تقوم بها الشركات بتضمينه فعلياً في عملياتها الأساسية»، كما قال في نوفمبر (تشرين الثاني). وأضاف أن المشروع المشترك لمجموعته مع «سيلس فورس» قد يقلل من مخاطر فقاعة الذكاء الاصطناعي من خلال دفع الشركات لاستخدامات أكثر واقعية للتقنية.

يد آلية أمام رسالة مكتوب عليها «الذكاء الاصطناعي» ولوحة مفاتيح (رويترز)

ويقول سندر بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»: «لا أعتقد أن أي شركة ستكون بمنأى عن التأثر، بما في ذلك نحن»، وذلك في مقابلة مع «بي بي سي» نُشرت في 18 نوفمبر، عند سؤاله عن كيفية تعامل «غوغل» مع احتمال انفجار فقاعة. وأضاف أن موجة الاستثمار الحالية في الذكاء الاصطناعي «لحظة استثنائية»، لكنه أقر بوجود «عناصر من السلوك غير العقلاني» في السوق، مشيراً إلى تحذيرات مماثلة خلال فترة فقاعة «الدوت كوم».

أما جيف بيزوس، مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة «أمازون»، فيقول: «عندما يتحمس الناس بشدة للذكاء الاصطناعي كما يحدث اليوم، يتم تمويل كل تجربة... ويصعب على المستثمرين التمييز بين الأفكار الجيدة والسيئة وسط هذا الحماس».

وأضاف: «الفقاعات الصناعية ليست بالخطورة نفسها كالفقاعات المصرفية، وقد تكون مفيدة لأن الفائزين النهائيين سيعودون بالنفع على المجتمع من خلال تلك الابتكارات».

وحذر بنك إنجلترا (البنك المركزي) من أن الأسواق العالمية قد تتراجع إذا تغير مزاج المستثمرين تجاه آفاق الذكاء الاصطناعي. وقالت لجنة السياسة المالية في البنك في 8 أكتوبر (تشرين الأول): «ارتفعت مخاطر حدوث تصحيح حاد في السوق»، مضيفةً أن احتمال تأثير ذلك على النظام المالي البريطاني «مهم».

وخلال حلقة نقاشية في قمة خاصة بالتكنولوجيا في آسيا في 3 أكتوبر الماضي، قال برايان يو، المدير الاستثماري في «جي آي سي»، إن «هناك بعض الضجة المبالغ فيها في مجال الشركات الناشئة»، وأضاف: «أي شركة ناشئة تحمل شعار (إيه آي) ستُقوَّم بمضاعفات ضخمة مهما كان حجم الإيرادات الصغيرة... قد يكون ذلك عادلاً لبعض الشركات وليس كذلك لأخرى».

فيما أكد جوزيف بريغز، الاقتصادي في «غولدمان ساكس» للأبحاث الاقتصادية العالمية، أن فيض الاستثمارات بمليارات الدولارات في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة مستدام، ورفض المخاوف المتزايدة من أن القطاع قد يكون في مرحلة فقاعة. لكنه حذر من أن «الفائزين النهائيين في الذكاء الاصطناعي لا يزالون غير واضحين»، مع تغير التكنولوجيا بسرعة، وانخفاض تكلفة الانتقال، مما قد يحد من مزايا المبادر الأول.

وأشار بيير-أوليفييه غورينتشاس، كبير الاقتصاديين في صندوق النقد الدولي، إلى أنه قد تتبع موجة استثمارات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة انهياراً شبيهاً بفترة «الدوت كوم»، لكنها أقل احتمالاً أن تكون حدثاً نظامياً يضر بالاقتصاد الأميركي أو العالمي. وأضاف: «هذا لا يتم تمويله بالديون، مما يعني أنه إذا حدث تصحيح في السوق، قد يخسر بعض المساهمين وبعض حاملي الأسهم».

جن سين هوانغ، الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، يقول: «تحدث الكثير عن فقاعة الذكاء الاصطناعي، لكن من وجهة نظرنا نرى شيئاً مختلفاً جداً»، مشيراً إلى الطلب الكبير من شركات الحوسبة السحابية على رقائق شركته.

وفي أغسطس (آب) الماضي، تساءل سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»: «هل نحن في مرحلة يكون فيها المستثمرون بأكملهم مفرطين في الحماس تجاه الذكاء الاصطناعي؟ جوابي: نعم». وأضاف: «سوف يخسر البعض مبالغ هائلة، وسيجني البعض الآخر مبالغ هائلة أيضاً».

وفي أول منشور له على «إكس» منذ أكثر من عامين، حذر مايكل بوري، مستثمر ومؤسس «سايون» لإدارة أصول، من فقاعة في قطاع التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، ووضع رهانات هبوطية على «إنفيديا» و«بالانتير» الشهر الماضي، وهذا زاد من مخاوف المستثمرين بشأن الإنفاق المبالغ فيه في صناعة الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا.

لكن تشي تاي-وون، رئيس «إس كيه هاينكس» الكورية الجنوبية، لا يرى «أي فقاعة في صناعة الذكاء الاصطناعي». وأضاف: «لكن عند النظر إلى أسواق الأسهم، نجدها صعدت بسرعة كبيرة جداً، وأعتقد أنه من الطبيعي أن يكون هناك بعض التصحيحات»، مشيراً إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي تجاوزت قيمتها الأساسية.

ويرى محللو الأسهم في بنك «يو بي إس»، أن عدد المستثمرين الذين يعتقدون أننا في فقاعة الذكاء الاصطناعي يقارب عدد أولئك الذين ما زالوا محتفظين باستثماراتهم في القطاع. وأضافوا في مذكرة منتصف أكتوبر الماضي: «معظمهم شعر بأننا في فقاعة، لكن بعيداً عن الذروة فإن نحو 90 في المائة من الذين قالوا إننا في فقاعة ما زالوا مستثمرين في العديد من مجالات الذكاء الاصطناعي».