الأكراد يحذرون من معتقلي «داعش» ويدعون دولهم لاستعادتهم وإعادة تأهيلهم

عناصر في قوات «سوريا الديمقراطية» (رويترز)
عناصر في قوات «سوريا الديمقراطية» (رويترز)
TT

الأكراد يحذرون من معتقلي «داعش» ويدعون دولهم لاستعادتهم وإعادة تأهيلهم

عناصر في قوات «سوريا الديمقراطية» (رويترز)
عناصر في قوات «سوريا الديمقراطية» (رويترز)

حذّر مسؤول كردي بارز، اليوم (الأحد)، من أن آلاف المقاتلين الأجانب في تنظيم «داعش» المعتقلين في سوريا مع عائلاتهم، يشكلون «خطراً» رغم انتهاء «الخلافة» المزعومة، داعياً المجتمع الدولي إلى استعادتهم وإعادة تأهيلهم.
وغداة إعلان انتهاء الحرب ضد تنظيم «داعش» في سوريا، قال رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية في سوريا عبد الكريم عمر لوكالة الصحافة الفرنسية: «لدينا الآلاف من المقاتلين بالإضافة إلى أطفال ونساء من 54 دولة، ما عدا السوريين والعراقيين».
وعلى وقع التقدم العسكري لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، أحصت هذه الفصائل الكردية والعربية خروج أكثر من 66 ألف شخص من جيب التنظيم في شرق سوريا منذ مطلع العام، بينهم خمسة آلاف متطرف على الأقل أُرسلوا إلى مراكز اعتقال. وبين الخارجين عدد كبير من أفراد عائلات مقاتلي التنظيم، ضمنهم عدد كبير من الأجانب، الذين تم نقلهم إلى مخيمات، لا سيما مخيم الهول (شمال شرق).
وسيطرت قوات «سوريا الديمقراطية»، أمس، على آخر جيب للتنظيم داخل بلدة الباغوز في شرق سوريا، بعد ستة أشهر من هجوم واسع بدأته في ريف دير الزور الشرقي بدعم من التحالف الدولي بقيادة أميركية. ودارت معارك عنيفة بين الطرفين منذ التاسع من فبراير (شباط)، تخللها قصف مدفعي وغارات للتحالف.
وأكد عمر أنه «خلال آخر عشرين يوماً من الحملة على الباغوز، ازداد عدد (الخارجين) بشكل كبير جداً».
وأضاف: «يجب أن يكون هناك تنسيق بيننا وبين المجتمع الدولي لمواجهة هذا الخطر».
وبعد عقود من التهميش، تصاعد نفوذ الأكراد تدريجياً مع انسحاب قوات النظام السوري من مناطقهم بدءاً من عام 2012. وفي العام اللاحق، أعلنوا إقامة إدارة ذاتية في مناطق سيطرتهم.
وحذر المسؤول الكردي من وجود «الآلاف من الأطفال الذين تربّوا على ذهنية (داعش). إذا لم تتمّ إعادة تأهيلهم وبالتالي دمجهم في مجتمعاتهم الأصلية فهم جميعهم مشاريع إرهابيين».
وتابع: «أي تهديد أو أي حرب جديدة ستكون فرصة لهؤلاء المجرمين (مقاتلي التنظيم) للهروب من المعتقلات».
ويواجه الأكراد تهديدات تركيا المتواصلة بشنّ هجوم جديد ضد وحدات حماية الشعب الكردية قرب حدودها، مع اتخاذ واشنطن قرار سحب قواتها من سوريا.
وتبدي الدول الغربية تردداً في استعادة مقاتلي التنظيم الذين يحملون جنسياتها وعائلاتهم خشية من ردّ فعل الرأي العام نتيجة الاعتداءات الدامية التي شهدتها وتبناها تنظيم «داعش».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.