على عكس ما كان يتوقعه كثيرون بخروج مظاهرات جديدة في محافظة درعا جنوب سوريا في ذكرى 18 مارس (آذار)، وهي ذكرى انطلاق الاحتجاجات في محافظة درعا وسقوط أول ضحايا الثورة السورية فيها، فإن المظاهرات اقتصرت على تجمع عشرات من أبناء مدينة درعا البلد أمام ساحة المسجد العمري والصلاة على أرواح الشهداء.
وخرجت مظاهرة ليلية في مدينة داعل برّر المشاركون خروجها بعد منتصف الليل بأن القبضة الأمنية المشددة التي تفرضها «المخابرات الجوية» عليهم تقابل أصواتهم بالرصاص الحي. كما نفّذت مجموعة من الشباب وقفة احتجاجية ليلية في مدينة بصرى الشام التي يسيطر عليها «الفيلق الخامس»، ما أثار تساؤلات عديدة حول تراجع المظاهرات في المحافظة بهذه الذكرى، أو أن تكون المظاهرات التي خرجت خلال الأيام الماضية كفيلة بتحقيق مكاسبها أو جزء منها.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أن مسؤولين عسكريين من النظام في محافظة درعا والجانب الروسي سعوا، خلال الأيام الماضية، التي شهدت خروج مظاهرات في مدن وبلدات منضوية ضمن اتفاق التسوية جنوب سوريا، إلى اجتماعات مع عدد من قادة التسويات، وأعضاء من وفد التفاوض، لمعرفة مطالب المحتجين الأساسية في هذه المرحلة، التي يمكن تحقيقها، ثم تلقّت بعض الشخصيات في المنطقة، منها أعضاء في وفد التفاوض، وقادة من فصائل التسويات، دعوة من مجلس الأمن الوطني في سوريا الذي يترأسه اللواء علي مملوك، للوقوف على مطالب أهالي المحافظة، والأسباب التي دفعت إلى خروج المظاهرات في درعا، وأن «الملفات التي لا تزال عالقة في المنطقة الجنوبية سيتم طرحها وإيجاد الحلول المناسبة لها، مقابل ضبط النفس في المرحلة المقبلة».
وأوضحت المصادر أن «خلية الأزمة في درعا أُبلغت بأن استمرار المظاهرات قد يؤدي إلى تغيير القيادة الأمنية في المحافظة، التي يشرف عليها حالياً الأمن العسكري، وقد تتغير لتمنح فرع المخابرات الجوية صلاحيات واسعة على حساب سلطة الأمن العسكري الحالية، للحدّ من انتشار واستمرار المظاهر المناهضة للنظام السوري».
وأشارت المصادر إلى أن فئة من المعارضة السورية الموجودة في الخارج حاولت استغلال المظاهرات السلمية والمطالب الشعبية التي خرجت في درعا، وبينت للجانب الروسي أنها المسؤولة والقادرة على تحريك الشارع السوري من جديد لتحقيق مكاسب لها.
وعقّب أدهم الكراد، قيادي سابق بالمعارضة في درعا، وعضو وفد التفاوض في مدينة درعا البلد، بعد خروج مظاهرة سلمية في مدينة درعا البلد، ومشاركته بها عام 2018، بالقول عبر صفحته الشخصية في «فيسبوك»: «تحرك هذا الشارع بعفوية مطلقة، وأكرر عفوية بيضاء، دون أي تأثير خارجي ودون أي أجندة، حيث شاهدنا دموع العديد منهم في هذه المظاهرة، التي كانت وقفة وتطورت إلى مظاهرة صاخبة صدحت حناجر الرجال بصدى الألم خرجوا رغم الحصار والموت الذي يتربص بهم من كل حدب وصوب، وبكل ما تحمل الكلمة من معنى. الظروف أخطر من أي مرحلة سابقة عشناها».
وقال مهند العبد الله، ناشط من مدينة درعا، إن خروج المظاهرات السلمية في درعا أخيراً «دفعت الجانب الروسي للاستحواذ على الموقف والتعاطي مع طلبات المتظاهرين والمحتجين بجدية، قبل أن يتصاعد وفقاً لالتزامه بذلك ضمن اتفاق التسوية، الذي أجري جنوب سوريا في يوليو (تموز) 2018 برعايتهم، حيث شهدت مدن وبلدات المنطقة حركة دوريات روسية مكثفة خاصة في المناطق، التي شهدت خروج مظاهرات واحتجاجات سلمية»، مشيراً إلى أن المعارضة جنوب سوريا عليها استغلال ذلك، لفتح ملفات مهمة، كالمعتقلين وإلغاء القبضة الأمنية وعودة الموظفين وغيرها من القضايا العالقة التي لم يتم تنفيذها حتى الآن.
وبدا، بحسب مراقبين، أن المظاهرات السلمية التي خرجت أخيراً كان لها أثر دولي ومحلي «ما يدل على أن المعارضة في جنوب سوريا لديها نضوج سياسي، وأنه رغم سيطرة النظام السوري على المنطقة باتفاق المعارضة مع الجانب الروسي، فإنه لا خوف يقيدهم لتحقيق مطالبهم وحقهم بالتعبير عن الرأي».
تساؤلات في درعا عن أسباب عدم خروج مظاهرات
أنباء عن تدخل الجانب الروسي لتلبية مطالب المحتجين
تساؤلات في درعا عن أسباب عدم خروج مظاهرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة