في نهاية الأسبوع الماضي، تألق ليونيل ميسي وسجل ثلاثة أهداف رائعة في مرمى نادي ريال بيتيس بالدوري الإسباني الممتاز، وهو الأمر الذي جعل جمهور النادي المنافس يصفق للنجم الأرجنتيني ويتغنى باسمه. ويوم الجمعة الماضية، عاد ميسي للعب في بيئة لم يكن سعيداً بها على الإطلاق، وأعني هنا منتخب الأرجنتين، الذي يشعر المرء دائماً بأن هناك شيئاً مفقوداً عندما يلعب ميسي معه. وخسرت الأرجنتين في هذه المباراة أمام فنزويلا بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد.
قد تبدو النقاشات الدائرة حول من هو اللاعب الأعظم في التاريخ عقيمة، لأن هناك الكثير من المتغيرات التي تطرأ بين عصر وآخر. لكن بالنسبة إلى شخص لم ير اللاعبين العظماء في السابق، وهم يلعبون، فإن من ينظر إلى الأرقام وحدها سوف يرى أنه من السخافة والسذاجة أن تقارن بين ميسي ومواطنه دييغو أرماندو مارادونا، نظراً لأن ميسي يقدم مستويات استثنائية على مدار 14 عاماً متواصلة، في حين أن مارادونا لم يقدم مستويات كبيرة سوى خلال 4 مواسم فقط طوال مسيرته الكروية.
لكن يبدو أن العقل يدخل في صراع عندما يفكر في فترات الذروة والتألق التي وصل لها مارادونا، وفي الذكاء المتواصل من جانب ميسي. تجب الإشارة إلى أن الذاكرة تخزن لحظات معينة لا تنساها أبداً، وكانت إحدى هذه اللحظات التي لا تنسى تتمثل في قيادة مارادونا للمنتخب الأرجنتيني للحصول على كأس العالم بالمكسيك عام 1986. أما فيما يتعلق بميسي في هذا الأمر، فربما يكون من الصعب أن تتذكر له مثل هذه اللحظة الاستثنائية.
وعندما خسرت الأرجنتين أمام فرنسا في دور الستة عشر بكأس العالم 2018 بروسيا، ابتعد ميسي بهدوء عن منتخب الأرجنتين. ولم يكن هذا هو الحال في عام 2016 عندما قرر اعتزال اللعب الدولي بعد إهداره لركلة ترجيح في المباراة النهائية لكأس أمم أميركا الجنوبية أمام تشيلي. وهذه المرة كان هناك تفهم بأنه سيعود لقيادة راقصي التانغو في مرحلة ما.
وكما اتضح بعد ذلك، كانت العودة متأخرة أكثر مما كانت عليه بعد ما حدث في عام 2016، حيث عاد حينذاك بعد أقل من شهرين. أما هذه المرة، فقد ابتعد ميسي عن صفوف المنتخب الأرجنتيني لمدة تقترب من التسعة أشهر. لكن بالنسبة إلى الأرجنتين ومديرها الفني، ليونيل سكالوني، فإن المباراة التي لعبها ميسي أمام فنزويلا يوم الجمعة كانت هي المباراة رقم 129 للاعب مع منتخب بلاده.
وأعلن المنتخب الأرجنتيني أن ميسي تعرض لإصابة في فخذه خلال مباراة فنزويلا، ولن يسافر مع الفريق إلى مدينة طنجة لخوض لقاء ودي أمام منتخب المغرب. وكان من الواضح أن تصريحات مدير الكرة بمنتخب الأرجنتين، سيزار لويس مينوتي، هذا الأسبوع، بأنه يشعر بالقلق من معاناة ميسي من التعب والإرهاق، كانت تمهد الطريق لاستبعاد اللاعب من المباراة الودية أمام المغرب الأسبوع المقبل.
وأشار مينوتي إلى أنه لم يكن يجب استدعاء ميسي لصفوف المنتخب في الفترة الحالية على الإطلاق، خصوصاً وأن المنتخب الأرجنتيني يسعى الآن لتجربة عدد من اللاعبين الجدد والشباب لضخ دماء جديدة في صفوف الفريق. ورغم أن كأس أمم أميركا الجنوبية سوف تنطلق بعد ثلاثة أشهر من الآن، يبدو من الواضح أن كرة القدم الأرجنتينية تعاني من حالة من الفوضى.
ولم يعمل سكالوني، الذي كان جزءاً من تشكيلة الأرجنتين في كأس العالم 2006 إلى جانب ميسي، مديراً فنياً من قبل، وتم تعيينه مديراً فنياً للمنتخب الأرجنتيني لمجرد أنه كان مساعداً لخورخي سامباولي، الذي ترك منصبه بعد الخروج من كأس العالم 2018. في البداية، تولى سكالوني المنصب بشكل مؤقت، لكن بعد ذلك كان من الأسهل والأرخص إبقاؤه في منصبه، مع إضافة مدير فني محنك مثل مينوتي للعمل معه مديراً للكرة. ويستمر عقد سكالوني حتى يونيو (حزيران) المقبل.
ولم تكن بداية سكالوني مع منتخب الأرجنتين سيئة، حيث حقق 4 انتصارات في 6 مباريات، ولم تهتز شباك الفريق سوى بهدف وحيد، وكان ذلك في المباراة التي خسرها أمام البرازيل. لكنه حقق هذه النتائج في مباريات ودية، ومن المؤكد أن المباريات الرسمية ستكون مختلفة تماماً. ورغم كل التغيير الذي قام به سكالوني، من الصعب أن نتوقع أن المنتخب الأرجنتيني قد بات في وضع أفضل للفوز بأي بطولة للمرة الأولى منذ 26 عاماً (باستثناء دورة الألعاب الأولمبية).
وقد استبعد سكالوني بعض اللاعبين المخضرمين، فبالإضافة إلى خافيير ماسكيرانو الذي اعتزل اللعب الدولي، تم استبعاد غونزالو هيغواين بسبب انخفاض مستواه، كما تم استبعاد نيكولاس أوتامندي وآنخيل دي ماريا بسبب الإصابة. وبالتالي، يضم هذا المنتخب 11 لاعباً لم يلعبوا إلى جانب ميسي من قبل.
لكن هناك قضايا أخرى يصعب فهمها. فقد يكون من المنطقي أن يتم الدفع بلاوتارو مارتينيز في الخط الأمامي بسبب المشكلات التي يعاني منها زميله في فريق إنتر ميلان الإيطالي ماورو إيكاردي منذ 6 أسابيع، وتجريده من شارة قيادة الفريق من قبل مديره الفني لوسيانو سباليتي. لكن السبب وراء عدم استدعاء نجم مانشستر سيتي سيرجيو أغويرو يظل لغزاً، في ظل الشائعات التي تشير إلى وجود خلاف بينه وبين سكالوني. لكن كان هذا دائماً هو حال أغويرو مع المنتخب الأرجنتيني في السنوات الأخيرة، فبينما كان يحصل هيغواين على الفرصة تلو الأخرى، كان يتم تجاهل أغويرو بشكل دائم ومثير للتساؤلات!
لكن كما هو الحال دائماً، تظل الدراما الرئيسية تدور حول ميسي، الذي يبلغ الآن من العمر 31 عاماً، ليكون بذلك هو ثاني أكبر لاعبي المنتخب الأرجنتيني بعد حارس المرمى فرانكو أرماني. ويعني ذلك أن مسيرة ميسي الكروية تقترب من نهايتها، وأنه قد تتبقى له المشاركة في نسخة واحدة من كأس العالم، وربما لن يشارك في كأس العالم مرة أخرى من الأساس!
وقد يتبقى لميسي المشاركة في بطولتين على الأقل لكأس أميركا الجنوبية لكرة القدم. ومن الملاحظ أن اللاعبين الذين يلعبون من حوله الآن ليسوا بالموهبة نفسها التي كان عليها أولئك الذين كانوا يلعبون معه في الماضي مع منتخب الأرجنتين. ويتمثل الأمل الآن في أن يساعد ذلك على تحسين البيئة التي يلعب فيها ميسي مع منتخب بلاده، لكن الشيء المؤكد هو أن الوقت يمضي سريعاً بالنسبة لميسي ولمنتخب الأرجنتين على حد سواء.
وهكذا عاد ليونيل ميسي للعب مع الأرجنتين للمرة الأولى منذ كأس العالم، لكنها كانت ليلة محبطة للمهاجم البارز، إذ سقط منتخب بلاده 3 - 1 أمام فنزويلا في مباراة ودية في مدريد الجمعة، وسيغيب عن المواجهة المقبلة بسبب إصابة في الفخذ.
وأظهر ميسي لمحات من سحره، لكنها لم تكن ليلته إذ هزت فنزويلا شباك الأرجنتين 3 مرات لأول مرة.
وقال الاتحاد الأرجنتيني إن ميسي، الذي أكمل المباراة، لكن شعر بألم في الفخذ، سيغيب عن مواجهة المغرب الودية في طنجة يوم الثلاثاء. لكن الإصابة، التي تم وصفها بأنها تجدد لإصابة سابقة، ليست خطيرة. وابتعد ميسي عن المنتخب لفترة بعد الخروج المبكر من دور الستة عشر في كأس العالم في روسيا في العام الماضي، لكنه عاد في ثوب جديد ليقود الأرجنتين في مواجهة بين فريقين من أميركا الجنوبية باستاد «واندا متروبوليتانو» الخاص بأتليتيكو مدريد. وفازت فنزويلا مرة واحدة في آخر 23 مباراة ضد الأرجنتين، لكنها بدأت بشكل مثالي. وكانت هذه المباراة هي الأولى لميسي مع المنتخب الأرجنتيني منذ خروج الفريق صفر اليدين من بطولة كأس العالم 2018 بروسيا. ولكن ميسي لم ينقذ فريقه من الهزيمة في هذه المباراة الودية التي تأتي ضمن استعدادات الفريقين لبطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا) التي تستضيفها البرازيل في يونيو المقبل.
وقال سكالوني المدير الفني للمنتخب الأرجنتيني، «سنتعلم الكثير من هذه الهزيمة». كما أكد داريو بينديتو مهاجم المنتخب الأرجنتيني: «ميسي هو اللاعب الأفضل في العالم، وعلينا أن نتأقلم معه بأقصى سرعة ممكنة».
بعد عودة ميسي لمنتخب الأرجنتين... هل يستطيع تحقيق أحلامه في النهاية؟
«ساحر برشلونة الصغير» شارك أمام فنزويلا مع فريق يعاني من الفوضى في كل الخطوط

مشاركة ميسي لم تحل دون هزيمة الأرجنتين أمام فنزويلا (أ.ف.ب)
بعد عودة ميسي لمنتخب الأرجنتين... هل يستطيع تحقيق أحلامه في النهاية؟

مشاركة ميسي لم تحل دون هزيمة الأرجنتين أمام فنزويلا (أ.ف.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة