رئيس وزراء السودان الجديد كما يراه متابعو مسيرتهhttps://aawsat.com/home/article/1646461/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D9%88%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF-%D9%83%D9%85%D8%A7-%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%87-%D9%85%D8%AA%D8%A7%D8%A8%D8%B9%D9%88-%D9%85%D8%B3%D9%8A%D8%B1%D8%AA%D9%87
يقول الكاتب محمد لطيف، الذي تجمعه علاقة مصاهرة مع الرئيس السوداني عمر البشير، إن الرئيس أتى بمحمد طاهر أيلا وولاه رئاسة الحكومة، لأنه يريد أن يعتمد في هذه المرحلة التي تعيشها البلاد على «من يثق فيهم»، ويضيف أن أيلا والمجموعة التي أتى بها الرئيس كلها «مجموعة الرئيس»، وليس لأنها مجموعة تابعة لحزب المؤتمر الوطني. وأضاف لطيف «إلى جانب كونه محل ثقة الرئيس، فإن محمد طاهر أيلا أبدى خلال تسنمه مختلف المواقع وخلال سنوات طويلة، استقلالية في المواقف، على مستوى صناعة السياسات واتخاذ القرارات». وتابع: «ميزات أيلا واستقلاليته، تساعد الرئيس على الاحتفاظ بمسافة من المؤتمر الوطني، بما يمكنه من إنفاذ سياسته التي انتهجها مؤخراً، بالوقوف على مسافة واحدة من الجميع». وأردف لطيف أن ثقة الرئيس فيه إلى جانب مزاياه الشخصية، وقدرته على اتخاذ القرارات وعدم التردد، جعلت الرئيس يأتي به إلى الخرطوم رئيساً للوزراء. رغم أنه استدرك، فقال إن الرجل «قد لا يفعل الكثير» مع الظروف المحيطة بالبلاد، وإنه كان - أي لطيف - يتوقع أن يحقق أيلا نجاحاً في وقف التدهور في مجال الخدمات. أيضاً يرى لطيف أن توجّهات أيلا الإنتاجية، قد تساعد في تحقيق إضافات في مجالات الإنتاج، بيد أن الدور الأهم الذي يمكن أن يلعبه يتمثل في أنه سيحقق نجاحاً كبيراً في «إعادة هيكلة الدولة»، وهو البرنامج المعلن تحت لافتة «إصلاح الدولة». ومن ثم، توقع أن ينجح أيلا في السيطرة على المؤسسات الفالتة التي تعمل خارج سيطرة الدولة، ويقوم بتفكيكها وإعادة كثير من الأصول والأموال إلى ولاية وزارة المالية. لكنه، في المقابل، حذّر من «صعوبات وتعقيدات» قد تواجه مهمة الرجل الممثلة في لوبيات ما أطلق عليه «الحرس القديم»، وما قد يقوم به لتعطيل مهمة الرجل، إضافة إلى «لوبيات المصالح» والعقبات الخارجية، ويعتبرها عقبات كبيرة بمواجهة مهمة رئيس الوزراء. ما ذهب إليه لطيف لا يبعد كثيراً عن تحليلات، و«همس معلن» بين المعارضين للحكومة، بل وبين قيادات وقواعد حزب المؤتمر الوطني الحاكم نفسه، وتقوم على أن الرجل أتى من الجزيرة إلى الخرطوم، ليس لإصلاح بل لـ«تفكيك» الحزب الحاكم، وأن «الحزب بأكمله بدأ يتململ»، وأن قيادات كثيرة فيه بدأت تتحسس مقاعدها. وغير بعيد عما قاله لطيف، فإن الصحافي الطاهر ساتي، يرى أن أيلا جاء لرئاسة الوزارة، خصيصاً لمواجهة مشكلة الاقتصاد ووقف تدهوره. وتابع: «رئيس الوزراء مسؤول عن الجهاز التنفيذي وليس السياسات الخارجية»، ولهذا فإن تخصص الرجل الاقتصادي وقدراته الإدارية، ونجاحاته السابقة الاتحادية أو الولائية في البحر الأحمر والجزيرة، تؤهله للقيام بهذا الدور. ثم أضاف أنه «من الولاة القلائل الذين حققوا نجاحاً واستقراراً، مكّناه من حيازة ثقة الناس في الحكومة الولائية». ويقطع ساتي بأن قدرة أيلا في توليد الموارد وتوظيفها، وحساسيته العالية تجاه الفساد الإداري والمالي، ستمكنانه من إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي وإعادته إلى مرحلة ما بعد الترهل، بـ«قص الإضافات السالبة» التي التصقت به. وفي هذا الاتجاه قال ساتي «الوزارات الآن بلا سلطات، فقد نقلت كل سلطاتها إلى صناديق ومجالس وهيئات وكيانات... أصبحت بمثابة دولة داخل دولة». وأضاف أن خطة أيلا المعلنة تقوم على إعادة السلطة لأجهزة الدولة الرسمية، والتخلص من الأجسام الزائدة والمترهلة، التي تحولت إلى «مراكز قوى» داخل الدولة. ساتي شدّد أيضاً على قدرة أيلا على تجفيف موارد مثل هذه «الكيانات» وتوجيه الصرف إلى أوجهه الصحيحة، ووقف الصرف خارج القنوات الرسمية، و«قفل المواسير» التي كانت تهدر المال العام سيمكنان الرجل من تنفيذ خطته. كذلك توقع أن يحسم رئيس الوزراء الجديد أمر «الشركات الحكومية»، التي هي بحسب رأيه: «واحدة من مشاكل الاقتصاد» في البلاد، وبكسر احتكارها ووقف سياسات «التجنيب» يمكن أن ينجح الرجل الذي يعتنق «الاقتصاد الحر»، ويؤمن بأن يقتصر دور الحكومة على «السياسات واتخاذ القرارات»، بينما يترك تصريف الاقتصاد للقطاع الخاص، مع تصفية أكبر قدر من الشركات الحكومية، التي يرى أيلا أنها «آفات اقتصادية». من ناحية أخرى، يوافق ساتي كلام لطيف، عن أن أيلا سيواجه أكبر الصعوبات من حزبه، ومن مراكز القوى داخل الحزب والحكومة، موضحاً «هي في نظري أكبر معيق لخطة أيلا... لكن تجربته في الجزيرة، والمصاعب التي تعرّض لها هناك حين حاول القيام بعمل إصلاحي، لو لم يجد دعم وإسناد مؤسسة الرئاسة، لأطاحت به». ويرى ساتي إلى جانب دخول أيلا فيما وصفه بـ«عش الدبابير»، أنه سيواجه تحدي توفير وخلق موارد وخطط لتوظيف الموارد المحدودة. ويضيف «لتنفيذ خطته لإصلاح الدولة سيواجه المشاكل من إخوانه في الحزب، لأنهم سيكونون أكبر المتضررين من إصلاح الجهاز»، وسيواجه «منسوبي حزب المؤتمر الوطني، وأوكار الفساد، والقطط السمان». ويذكّر ساتي بأن محمد طاهر أيلا جاء إلى رأس الجهاز التنفيذي في السودان «وهو جهاز ظل مثقلاً بهموم ثلاثين سنة من انعدام الكفاءة، أدت لاندلاع الاحتجاجات التي تطالب بتنحي الرئيس عمر البشير والنظام». ثم يوضح «لا يخفى على أحد أن الاحتجاجات مؤثرة، وستؤثر على خطط أيلا، لأن تكاليف التأمين عالية، لكن هذه مسؤولية الدولة بكاملها». وباتجاه التحول السياسي، ودور رئيس الوزراء في الاستجابة لمطالب المحتجين، يرى ساتي أن على مؤسسة الرئاسة القيام بما سماه «اختراقا سياسيا»، يجري التوصل من خلاله لحلول سياسية، بالاتفاق مع المعارضة والحركات المسلحة، على حلول تفتح الطريق لوصول لحكم ديمقراطي، وتحقيق العدالة، باعتبارها مطلوبات مهمة، قبل أن يستدرك فيقول: «لكن رئيس الوزراء لا يملك كل هذه السلطات ليقود التحول السياسي».
أثارَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عاصفةً من الجدل في نيجيريا، منذُ أن أعلن الحرب على «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» فور وصوله إلى السلطة، خصوصاً حين…
انتظر فريدريش ميرتس 23 سنة قبل تحقيق طموحه بأن يصبح المستشار الألماني؛ إذ كان زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي المحافظ الذي قاد حزبه إلى الفوز بالانتخابات
لم يعرف الجيش الإسرائيلي في تاريخه وضعاً أصعب من الوضع الذي يعيشه اليوم، لدى استعداده لاستقبال رئيس أركانه الجديد، إيال زامير. صعب، ليس لأنه يعاني من نقص في الذخيرة والعتاد، ولا لأنه ثبت فشله في تحقيق أي من أهداف الحرب على غزة، بل إن المشكلة الراهنة والاستثنائية هي أنه يفقد مزيداً من ثقة الناس، ويتعرّض في الوقت ذاته إلى حملة تحريض شعواء من الحكومة ورئيسها ووزرائها وجيش «النشطاء» في الشبكات الاجتماعية التابع لحزب «الليكود» الحاكم. هذه المشكلة تُدخل الجنرالات في أجواء توتر دائم وتهزّ ثقتهم بأنفسهم؛ ولذا فبعضهم يحاول إرضاء الحكومة بالنفاق، والبعض الآخر يحاول إرضاءها بتشديد القبضة ضد الفلسطينيين، وثمة فئة ثالثة أفرادها يرفضون فيستقيلون، وآخرون يرفضون ويبقون «دفاعاً عن أهم ركن من أركان الدولة العبرية» معتبرين أن الجيش يعيش موجة عابرة سيستطيع تجاوزها. ومع كل هذا، الجميع يشعرون أنهم في قلب معركة أقسى عليهم من الحرب على ست جبهات، ولا أحد سيخرج منها بلا جروح.
إحدى الإشارات التي تدل على ما هو مطلوب من رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد إيال زامير، وردت على شكل رسالة مفتوحة وجّهها إليه الدكتور عومر أريخا؛ وهو ناشط يميني.
اتهامات ترمب تحدث زوبعة سياسية في نيجيرياhttps://aawsat.com/%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%82/%D8%AD%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D9%88%D8%B9/5117214-%D8%A7%D8%AA%D9%87%D8%A7%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8-%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%AB-%D8%B2%D9%88%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D9%86%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A7
أثارَ الرئيس الأميركي دونالد ترمب عاصفةً من الجدل في نيجيريا، منذُ أن أعلن الحرب على «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» فور وصوله إلى السلطة، خصوصاً حين اتهمها بتمويل جماعات إرهابية من بينها «بوكو حرام»، التنظيم الإرهابي الذي يخوض حرباً داميةً ضد نيجيريا منذ 2009، قتل فيها عشرات آلاف النيجيريين. في نيجيريا لا صوتَ يعلو اليوم على مطالب التحقيق في مزاعم وصول أموال الوكالة الأميركية إلى «بوكو حرام»، ومحاسبة المتورطين في القضية جميعاً؛ لأن النقاش الذي يدور في الصحافة المحلية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، أخذ أبعاداً خطيرة بعد اتهام شخصيات في الوسط السياسي والمجتمع المدني بأنها متورطة في إيصال أموال الوكالة إلى التنظيم الإرهابي. واتسعت دائرة الجدل ليطرح أسئلة حول خطورة أموال المساعدات الخارجية على الأمن القومي للدول المستفيدة منها، خصوصاً إثر الكلام عن دور سياسي لعبته تمويلات «الوكالة» في خسارة الرئيس النيجيري الأسبق غودلاك جوناثان رئاسيات 2015.
منذ عودة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، في يناير (كانون الثاني) الماضي، وقَّع الرئيس العائد عدداً من القرارات أو «الأوامر التنفيذية»، التي كان في مقدمها قرار بتعليق جميع المساعدات الخارجية الأميركية باستثناء تلك المخصَّصة لمصر وإسرائيل. وكانت الذريعة، انتظار التدقيق في نشاطات «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» التي ظلت لأكثر من 7 عقود تمثّل وجه الدبلوماسية الناعمة للولايات المتحدة.
ترمب يريد اليوم طيّ حقبة هذه الوكالة، وأسند مهمة تفكيكها إلى الملياردير إيلون ماسك، وزير «كفاءة العمل الحكومي» في فريقه الخاص. ولم يتأخر الأخير في وضع يده على جميع وثائق الوكالة، التي وصفها بأنها «عشٌ للأفكار اليسارية المتطرفة التي تكره أميركا».
هذا النقاشُ ظل أميركياً خالصاً، حتى جاءت تصريحات سكوت بيري، عضو الكونغرس عن ولاية بنسلفانيا، لتخرج به نحو دوائر أبعد. إذ قال الرجل إن 697 مليون دولار أميركي من التمويلات السنوية لـ«الوكالة» تنتهي بحوزة تنظيمات إرهابية، من بينها جماعة «بوكو حرام»، وجماعة «طالبان»، وتنظيم «القاعدة».
تصريحات بيري جاءت خلال جلسة استماع للجنة الفرعية لمراقبة كفاءة الحكومة، تحت عنوان «الحرب على الهدر: القضاء على ظاهرة المدفوعات غير المشروعة والاحتيال». وقال بيري أمام اللجنة: «أموالكم تذهب لتمويل الإرهاب، عبر الوكالة الأميركية للتنمية الدولية... يجب أن يتوقف هذا فوراً».
وأضاف بيري في حديثه أمام لجنة الاستماع أن الوكالة خصَّصت 136 مليون دولار لبناء 120 مدرسة في باكستان، إلا أنه لم يُعثر على أي دليل يثبتُ تنفيذ هذه المشاريع، معتبراً أن ذلك يثير الشكوك حول مصير هذه الأموال.
علم "الوكالة الأميركية للتنمية الدولية" (آ ف ب)
مطالب التحقيق
تصريحات عضو الكونغرس أثارت بطبيعة الحال جدلاً واسعاً في نيجيريا، وحظيت بحيّز واسع من التداول في الصحافة المحلية. وخلال برنامج تلفزيوني على قناة محلية لنقاش تصريحات سكوت بيري، قال علي ندومة، عضو مجلس الشيوخ في نيجيريا عن ولاية بورنو، إن على نيجيريا فتح «تحقيق شامل حول الادعاءات التي تفيد بأن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية تموّل (بوكو حرام)».
وأردف السياسي النيجيري الذي ينحدرُ من بورنو، أكثر ولايات نيجيريا تضرراً من هجمات «بوكو حرام» الإرهابية: «لا يمكنكم القول إنها مجرد مزاعم، الأمر يتجاوز ذلك. ولهذا السبب يتوجَّب على الحكومة النيجيرية، والبرلمان الوطني على وجه الخصوص، التحقيق في هذه الادعاءات والتحقّق من صحتها، لأنها خطيرة للغاية».
ثم تابع ندومة: «هذا التطوّر مقلق للغاية، خصوصاً أن إحدى الجماعات الإرهابية التي ذكرها سكوت بيري هي (بوكو حرام)، التي لم تدمّر شمال شرقي نيجيريا فحسب، بل امتد تأثيرها أيضاً إلى مناطق أخرى من البلاد. تتذكرون أن (بوكو حرام) فجَّرت مقر الشرطة، ومكتب الأمم المتحدة في أبوجا، وكانت الخسائر البشرية هائلة. لذا، يجب أن تكون الحكومة النيجيرية مهتمةً بهذا الأمر».
ومن ثم، أعرب ندومة عن قلقه الكبير حيال هذه المزاعم، لافتاً إلى أن «أجهزة الأمن النيجيرية سبق أن أثارت هذه القضية بشكل غير مباشر مرات عدة»، في إشارة إلى تصريحات أدلى بها قائد أركان الجيش النيجيري أخيراً ذكرت أن «دولاً ومنظمات أجنبية» متورطة في تمويل «بوكو حرام». وخلص عضو مجلس الشيوخ النيجيري إلى التأكيد على ضرورة التحقيق في هذه المزاعم، وأن الجميع «كان يتساءل منذ سنوات طويلة عن مصدر تمويل هؤلاء الأشخاص».
في الواقع، لأكثر من 15 سنة، دأبت جماعة «بوكو حرام» على مهاجمة مناطق مختلفة من نيجيريا، وكان السؤال الذي يُطرَحُ بإلحاح من قِبَل الجميع هو: مَن يقف خلف هذا التنظيم الإرهابي؟ ومَن يوفر له التمويل والسلاح... ويمكِّنه من تجنيد آلاف الشباب المحبطين وفاقدي الأمل؟.
طيلة تلك الفترة، كانت أصابع الاتهام توجَّه إلى زمر من المسلمين الذين يشكلون غالبية سكان شمال نيجيريا، حيث تنشط الجماعة الإرهابية. ولكن مع إثارة الجدل حول مزاعم تمويل «بوكو حرام» عبر «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» أصدرَ «مركز الشؤون العامة للمسلمين» في نيجيريا بياناً يستحضر فيه اتهامات سابقة للمسلمين بتمويل الجماعة.
ولقد طلب «المركز» من البرلمان النيجيري التحقيق في تلك المزاعم، وأعرب رئيسه ديسو كامور، عن «قلقه العميق إزاء هذه الادعاءات»، قبل أن يستحضر «حملة التدقيق والاتهامات الظالمة التي واجهها المسلمون النيجيريون، ومنها التعاطف مع (بوكو حرام)».
وقال كامور: «إذا كانت هذه المزاعم صحيحة، فإنها ستكشف نفاق أولئك الذين ألقوا باللوم على المجتمعات المسلمة المحلية، بينما كانت جهات خارجية تدعم الإرهابيين». وطالب، بالتالي، السلطات النيجيرية بالتحقيق في المزاعم لأن «النيجيريين يستحقون الشفافية والمساءلة بشأن أي تورّط أجنبي في تمويل الإرهاب على أراضينا».
شكوك كبيرة
من جانبه، ذهب آدامو غاربا، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية في نيجيريا، والقيادي في حزب «المؤتمر التقدمي الشامل»، إلى أن «شكوكاً كبيرة» تحوم حول تمويلات الوكالة في نيجيريا، وأعلن تصديقه للادعاءات بأن بعض التمويلات قد تكون بالفعل أسهمت في تسليح «بوكو حرام» و«داعش في غرب أفريقيا».
وادعى غاربا، في مقطع فيديو نشره عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»، أن «الوكالة» أنفقت مبلغ 824 مليون دولار في نيجيريا العام الماضي، وتساءل عن طريقة صرف هذا المبلغ الكبير.
ثم أضاف: «ذكرتُ سابقاً أن (بوكو حرام) و(داعش)، ومختلف التنظيمات الإرهابية في المنطقة، تتلقى أسلحتها عبر جهات أجنبية سرّية تموّلها وتزوّدها بالسلاح. وبعد الكشف عن دور (الوكالة الأميركية للتنمية الدولية)، يكفي أن نعرف أنه في العام الماضي وحده، أنفقت الوكالة مبلغ 824 مليون دولار في نيجيريا، فأين ذهب هذا المال؟ هل تعلم ماذا يعني 824 مليون دولار؟ عند تحويله إلى النيرة (العملة النيجيرية)، يساوي 1.3 تريليون نيرة».
واستطرد قائلاً: «هذا يعني أن كل ولاية يمكن أن تحصل على 36 مليار نيرة، ومع ذلك، يزعمون أنهم أنفقوا هذه الأموال على الحدّ من وفيات الأطفال والتعليم، لكن ماذا رأينا؟ لا شيء. متى دخل هذا المال؟ وأين ذهب؟ هذه الأموال تذهب لتمويل (بوكو حرام)، والخاطفين الذين يستخدمونها للقتل وتدمير بلادنا، هذه هي الحقيقة».
قضية باينانس
في سياق موازٍ، بينما يحتدم النقاش في نيجيريا حول اتهام «الوكالة الأميركية للتنمية الدولية» بتمويل أنشطة «بوكو حرام»، اتهم فيمي فاني-كايودي، وزير الطيران السابق في نيجيريا، أخيراً، مسؤولاً تنفيذياً في شركة باينانس، أكبر منصة عالمية لتداول العملات الرقمية، بالتورط في إيصال التمويلات إلى الجماعة الإرهابية.
وزعم الوزير السابق إن تيغران غامباريان، المسؤول التنفيذي في شركة «باينانس» كان «أداة» استخدمتها الوكالة لتمويل الجماعة، قبل أن يصف غامباريان بأنه كان «عامل تمكين للإرهاب وأسهم في تخريب اقتصاد نيجيريا».
وللعلم، اعتُقل غامباريان في نيجيريا العام الماضي بعد اتهام السلطات النيجيرية شركة «باينانس» بالتهرب الضريبي، والتورّط في عمليات غسل أموال، بالإضافة إلى المساهمة في إضعاف العملة المحلية «النيرة». إلا أنه أُفرِج عن الرجل؛ بسبب تدهور وضعه الصحي، بينما تشير بعض المصادر إلى أن السلطات النيجيرية تعرَّضت لضغط دبلوماسي أميركي كبير.
وفي آخر تطور للقضية، رفعت نيجيريا دعوى قضائية في الأسبوع قبل الماضي ضد منصة «باينانس»، تطالبها بدفع 79.5 مليار دولار، تعويضاً عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن عملياتها في البلاد، بالإضافة إلى مليارَي دولار ضرائب متأخرة عن العامين الماضيين.
تمويل دون قصد!
في أي حال، لا يخلو النقاش الدائر في نيجيريا حول العلاقة بين «الوكالة» و«بوكو حرام» من حسابات سياسية ضيقة. ومن الأصوات التي بدت أكثر رصانةً، السفير والخبير الأمني نورين أبايومي موموني، عضو «حزب المؤتمر التقدمي» الحاكم، الذي نشر مقالاً تطرَّق فيه إلى طريقة عمل المنظمات الدولية، مشيراً إلى أنها تحتاج إلى المراجعة، لأنها قد تُموِّل أنشطة إرهابية «دون قصد».
وتابع: «أنا قلق للغاية بشأن الاتهامات الأخيرة» التي تفيد بأن الوكالة قد تكون دعمت الإرهاب دون قصد في نيجيريا ومناطق أخرى من العالم... «هذه الادعاءات تثير تساؤلات جوهرية ليس فقط حول نزاهة المساعدات الإنسانية، ولكن أيضاً حول تداعياتها الأوسع على الأمن العالمي، والعلاقات الدبلوماسية».
وأضاف أبايومي موموني أن «على الوكالات الدولية العاملة تقديم الدعم الإنساني من دون الإضرار بأمن المجتمعات المستضيفة». ورأى أن الاتهامات الأخيرة تؤكد «الحاجة الملحة إلى تعزيز الرقابة والمساءلة في برامج المساعدات الدولية. ومن الضروري أن تعزز وكالات مثل الوكالة الأميركية آليات المتابعة والتقييم والتدقيق؛ لضمان أن تصل المساعدات إلى مستحقيها ولا يتم تحويلها لدعم التطرف العنيف».
وأوضح أنه «إذا ثبتت صحة هذه الادعاءات، فقد تؤدي إلى زيادة التدقيق في سياسات المساعدات الخارجية الأميركية، ما يستدعي عملية إصلاح جذرية... لأن اتباع نهج شفاف في تمويل المساعدات والالتزام بالمعايير الأخلاقية في تقديم الدعم الإنساني أمران أساسيان. وبالتالي، على الحكومة الأميركية أن تعزز التزامها بمنع تمويل الإرهاب، واتخاذ التدابير اللازمة لضمان أن تكون المساعدات وسيلةً لتحقيق السلام والاستقرار، لا العنف».
المال السياسي
غير أن الاتهامات الموجَّهة إلى «الوكالة» لم تقتصر على تمويل الإرهاب في نيجيريا، بل وصلت إلى أن بعض تمويلاتها أسهمت في التأثير على الانتخابات الرئاسية في البلد الذي يملك الاقتصاد الأكبر في غرب أفريقيا، والذي يبلغ تعداد سكانه نحو ربع مليار نسمة.
إذ كتبت الصحافة المحلية، ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، عن «علاقة» ربطت «الوكالة» مع قيادة حملة «أعيدوا فتياتنا» التي أطلقها ناشطون في المجتمع المدني عام 2014 إثر اختطاف «بوكو حرام» مئات الفتيات من بلدة شيبوك في قضية هزَّت الرأي العام العالمي آنذاك. ولقد ادعى ناشطون سياسيون أن الحملة كانت مدعومة سراً من «الوكالة» بهدف الإطاحة بالرئيس النيجيري آنذاك، غودلاك جوناثان، بعد حملة واسعة لتشويه سمعته، ربطه بالفشل، وحمَّلته مسؤولية اختطاف الفتيات والعجز عن تحريرهن، ما فتح الباب واسعاً أمام فوز محمدو بخاري بانتخابات 2015 الرئاسية.
كذلك تعرَّضت الناشطة النيجيرية عائشة يسوفو، التي كانت من أبرز وجوه الحملة، لهجوم حاد على منصة «إكس»، حين طالبها البعض بتقديم تفسير أو اعتذار، لكن الناشطة النيجيرية في ردِّها على هذه الاتهامات، نفت أي علاقة لها أو للحملة بـ«الوكالة» أو أي منظمة دولية أخرى. وقالت في تغريدة مقتضبة: «أنا أعمل مع نيجيريين ملتزمين ببناء أمة عظيمة، بعيداً عن نظريات المؤامرة والتشكيك». لأكثر من 15 سنة دأب تنظيم «بوكو حرام» على مهاجمة مناطق مختلفة من نيجيريا... وكان السؤال المطروح بإلحاح: