تعاون إسرائيلي ـ قبرصي ـ يوناني من إطفاء الحرائق حتى أنبوب الغاز

نتنياهو اعتبر القمة الثلاثية تدشيناً {لأقوى شراكة إقليمية في العالم}

TT

تعاون إسرائيلي ـ قبرصي ـ يوناني من إطفاء الحرائق حتى أنبوب الغاز

عدّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، التعاون مع قبرص واليونان، الذي يتم بإشراف وتشجيع الولايات المتحدة، «أقوى وأفضل تعاون إقليمي في العالم». وأكد أنه لا يقتصر على التعاون الاقتصادي حول تسويق الغاز، إنما يمتد إلى شتى الموضوعات بدءاً من إطفاء الحرائق وانتهاءً بالطاقة، عبر الأمن والتعاون الاستراتيجي الذي قفز عدة درجات في السنة الأخيرة.
وكان نتنياهو يعقّب بذلك على لقاء القمة الذي استضافه، بحضور الرئيس القبرصي نيكوس أناستاسياديس، ورئيس الوزراء اليوناني ألكسيس تسيبراس، ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس (الخميس)، واللقاء الذي سبقه الليلة قبل الماضية. وقال في كلمته: «إنه سادس لقاء قمة يجمع إسرائيل وقبرص واليونان. لقد بدأنا تلك اللقاءات قبل عدة سنوات لتصبح إحدى أفضل الشراكات على مستوى العالم. فنقيّم التعاون في كل شيء، بدءاً من إطفاء الحرائق وانتهاءً بالطاقة. إننا نخطط لتشييد أنبوبة غاز تسمى (East - Med Pipeline) والتي ستمرّ من إسرائيل، عبر قبرص واليونان إلى أوروبا، مما سيفيد أسواقنا الاقتصادية، ويمنح مواطنينا الاستقرار والازدهار، كما سيسهم في تنويع موارد الطاقة لدى القارة الأوروبية».
وأشار مقرب من نتنياهو إلى أن «اجتماع القمة الثلاثي، بين رؤساء إسرائيل واليونان وقبرص، كشف النقاب عن قفزة في التعاون العسكري بين الدول الثلاث يبلغ حد إقامة جهاز مراقبة مشترك في البحر الأبيض المتوسط لحماية آبار الغاز». وحسب مصادر إسرائيلية ويونانية فإن سلاح الهندسة في الجيش الإسرائيلي يعمل على إنشاء جهاز رادار إسرائيلي بحري متطور في جزيرة كريت، يكون قادراً على اكتشاف إشارات من مديات وأبعاد طويلة.
وقد حضر اللقاء كل من وزير المخابرات والمواصلات والقائم بأعمال وزير الخارجية يسرائيل كاتس، ووزير الطاقة يوفال شتاينيتس، وكلاهما عضو في «الكابنيت» (المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن والسياسة في الحكومة الإسرائيلية)، ووزير الخارجية القبرصي نيكوس كرستودوليدس، ووزير التجارة والصناعة والسياحة القبرصي جيورجيوس لاكوتريبس، ووزير الخارجية اليوناني جيورجيوس كاتروجالوس، ووزير شؤون البيئة والطاقة اليوناني جيورجيوس ستاثاكيس، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، والسفيرة القبرصية لدى إسرائيل ثيساليا سالينا شامبو، والسفير اليوناني لدى إسرائيل إلياس إلياديس، والسفير الإسرائيلي لدى قبرص سامي ريبيل، والسفيرة الإسرائيلية لدى اليونان إيريت بن أبا.
وقال الرئيس القبرصي، أناستاسياديس: «أود أن أؤكد التزام قبرص الراسخ بهذه الشراكة الموثوقة القوية، التي تهدف إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لجلب الأمن والاستقرار والازدهار التي نحتاج إليها في منطقتنا المضطربة». وذكر رئيس الوزراء اليوناني تسيبراس، أن المشروع يسعى لأجل إنشاء شبكة آمنة لنقل مصادر الطاقة من منطقة شرق المتوسط إلى أوروبا. وأوضح بومبيو أن «القوى الرجعية مثل إيران وروسيا والصين تحاول جميعها أن تحصل على مواطئ أقدام كبرى في الشرق والغرب». وأضاف: «ونحن ننظر إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وجمهورية قبرص واليونان كشركاء عظماء رئيسيين في الأمن والرخاء».
وكانت مصادر سياسية عليمة في تل أبيب، قد تحدثت في مطلع الأسبوع، عن تطور كبير في العلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل واليونان بشكل فاق التوقعات، خصوصاً بعد ارتباط مصالحها في مواجهة تركيا وفي حماية آبار الغاز. وتُجري البلدان الثلاثة تدريبات عسكرية مشتركة. ووفقاً لنتنياهو، فإن هذا التعاون ينعكس أيضاً على الموقف السياسي لليونان، إذ إن أثينا خففت من موقفها المؤيد للقضية الفلسطينية في الهيئات الدولية، من درجة التأييد المطلق إلى درجة التأييد الخجول.
ويقول الخبراء العسكريون إن اليونان احتلت مكان تركيا في التعاون الأمني مع إسرائيل. ومنذ عام 2015، تشارك إسرائيل في تدريبات عسكرية واسعة النطاق في أراضي اليونان، وبينها تدرب سلاح الجو الإسرائيلي على القيام بأنشطة ضد النظام الروسي المضاد للطائرات (S - 300)، الذي تم نقله مؤخراً إلى سوريا. كما تشترك إسرائيل وقبرص في عدد من المصالح الإقليمية، بما في ذلك الوضع الأمني في سوريا ولبنان والعلاقة مع تركيا. كما أن بيع الغاز الذي تنتجه إسرائيل من البحر المتوسط لأوروبا يعتمد على اليونان التي تتمتع بموقع استراتيجي كمحطة عبور إلى البر الرئيسي.
كانت دول أوروبية قد وقّعت مع إسرائيل في عام 2017 على «الإعلان المشترك» القاضي «بتعزيز العمل الهادف إلى مد الخط البحري لنقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا في غضون 8 سنوات مقبلة». وينص الاتفاق على مد خط غاز في أعماق البحر بطول 2000 كيلومتر، والذي سيكون الأطول في العالم، وسيتيح لإسرائيل تصدير الغاز للدول الموقِّعة على الاتفاقية ولدول البلقان ودول أوروبية أخرى.
ويشمل المشروع إقامة أنبوب بحري بطول 1300 كيلومتر من حقل الغاز شرقي البحر المتوسط حتى جنوب اليونان، وكذلك أنبوب بري بطول 600 كيلومتر باتجاه غرب اليونان، بحيث يرتبط بأنابيب قائمة من أجل نقل الغاز إلى إيطاليا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي. كما تشير التقديرات الأولية إلى أنه سيتم نقل نحو 10 مليارات متر مكعب من الغاز سنوياً. وتخطط إسرائيل إلى مد أوروبا بالغاز الطبيعي بدءاً من 2025 عبر خط أنابيب يبلغ طوله 2100 كيلومتر يسمى «إيست ميد».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.