البشير من جوبا: جربنا دعم المعارضة لكننا اكتشفنا أنها كلها جهود ضائعة

كير أكد استعداده للتفاوض مع مشار لكن «من دون شروط»

البشير وسلفا كير لدى لقائهما أمس في جوبا (رويترز)
البشير وسلفا كير لدى لقائهما أمس في جوبا (رويترز)
TT

البشير من جوبا: جربنا دعم المعارضة لكننا اكتشفنا أنها كلها جهود ضائعة

البشير وسلفا كير لدى لقائهما أمس في جوبا (رويترز)
البشير وسلفا كير لدى لقائهما أمس في جوبا (رويترز)

أنهى الرئيس السوداني عمر البشير زيارة مفاجئة لدولة جنوب السودان، استغرقت ساعات، التقى خلالها نظيره الجنوبي سلفا كير ميارديت، ضمن اهتمام السودان بما يحدث في جنوب السودان، وبحث ما يمكن أن يقدمه السودان لإعادة الأمن والاستقرار في الدولة الجارة.
وقال البشير في مؤتمر صحافي مشترك مع كير إن السودان لن يسمح بأي عمل ضد جوبا من داخل أراضيه، وإن زيارته تأتي ضمن إطار اهتمامهم بما يدور في جنوب السودان، ونفى دعمه لأي قوة معارضة في أي بلد مجاور للسودان، وقال: «لن نسمح لأي أحد في السودان بأن يعمل ضد حكومة جوبا انطلاقا من أراضينا (...) جربنا دعم المعارضة، لكننا اكتشفنا أنها كلها جهود ضائعة».
وأضاف: «لقد قبلنا بتقسيم السودان لدولتين من أجل السلام، وقناعتنا الآن هي أن العمل المسلح لا يحل قضية، ولا بد من الجلوس على طاولة الحوار والوصول لاتفاق».
وأبدى البشير استعداده لاستقبال النازحين الفارين من القتال في جنوب السودان، وقال إنه وجّه الأجهزة الحكومية في بلاده لاستقبال العائدين من جنوب السودان، داخل الأراضي السودانية، ومعاملتهم كمواطنين سودانيين، وليسوا لاجئين.
وقال كير في المؤتمر الصحافي إنه مستعد للتفاوض مع مشار، لكن دون شروط مسبقة، وإنه لن يفرج عن المعتقلين الموالين له، إلا وفقا للقانون وتحديد المسؤولين عن قتل المواطنين.
وأضاف كير أن قواته تسيطر على الوضع الأمني في جوبا، وأنه «سيتخلص» من كل من وصفهم بـ«العناصر غير المنضبطة» في حزب الحركة الشعبية الحاكم.
وفي الخرطوم، كشف وزير الخارجية السوداني علي كرتي عن طلب تقدمت به حكومة جنوب السودان لمساعدتها في المجال النفطي، وإرسال «فنيين» سودانيين للعمل في حقول النفط، بقوله: «أبدى السودان استعداده لمساعدة حكومة جنوب حسب طلبها بمدها بعدد من الفنيين، وهناك أكثر من 900 فني يتأهبون للذهاب إلى مناطق البترول، للعمل تحت إدارة وإشراف حكومة جنوب السودان».
وأضاف أن تأمين المنشآت النفطية والمواضيع الأخرى المعلقة بين البلدين أخذت حيزا من الحوار بين الرئيسين، وأن رئيس جنوب السودان يملك العزيمة للمضي قدما في تنفيذ الاتفاقيات بين البلدين، مشيرا إلى أن التأمين المشترك لحقول النفط والمنشآت النفطية من القضايا المطروحة، وتوقع الوصول لترتيبات بشأنها في الفترة الوجيزة المقبلة، فضلا عن ترتيبات يجري التشاور عليها لتأمين الحدود المشتركة، بوصفه جزءا من عملية تحديد الخط الفاصل بين الدولتين، وتحديد المنطقة العازلة منزوعة السلاح، وأن هناك نية مشتركة حال الاتفاق عليها سيجري نشر القوات المشتركة لتأمين الحدود بين البلدين. ووصف كرتي التفاوض الجاري في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بأنه «يراوح مكانه»، بسبب الشروط التي يضعها أنصار نائب الرئيس الأسبق رياك مشار، الذين سماهم «المجموعة التي تحارب الآن».
وأضاف أن موقف بلاده واضح منذ البداية، وهو العمل على التوفيق بين الفرقاء عبر الحوار، وتقديم النصح المستند على تجربة الحرب الطويلة بين الشمال والجنوب، وقال: «إذا كانت نهاية أي حرب اتفاق سلام، فيجب أن تنتهي هذه الحرب التي بدأت قريبا باتفاق سلام، قبل أن تقضي على الأخضر واليابس، وقبل أن تتجذر الحرب فتهوي بالجنوب لمدارك أقلها هو انقسام الجنوبيين على شاكلة مجموعات قبلية».
وأوضح أن للسودان مصلحة قوية في أن يكون الجنوب مستقرا، وأن تحكمه حكومة قوية تسيطر على الأوضاع، وتستطيع التفاوض لأن للسودان اتفاقات معها، والتنفيذ يحتاج لحكومة قوية.
وجدد كرتي التأكيد على أن الزيارة لا تمثل «مبادرة سودانية» مستقلة عن مبادرة الإيقاد، وأنهم أوصوا حكومة جنوب السودان بالوصول لحل سلمي عبر التفاوض، وأنهم لم يتدخلوا في مسألة «إطلاق سراح المعتقلين» في جوبا.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.