تضمين عقوبة الإعدام ومنع التعذيب في الدستور التونسي الجديد

احتجاجات على أثر صدور نتائج مباراة توظيف في الحوض المنجمي

البرلمان التونسي خلال اجتماعه أمس (أ.ف.ب)
البرلمان التونسي خلال اجتماعه أمس (أ.ف.ب)
TT

تضمين عقوبة الإعدام ومنع التعذيب في الدستور التونسي الجديد

البرلمان التونسي خلال اجتماعه أمس (أ.ف.ب)
البرلمان التونسي خلال اجتماعه أمس (أ.ف.ب)

صادق أمس أعضاء المجلس التأسيسي التونسي (البرلمان) على تضمين عقوبة الإعدام ومنع التعذيب في مشروع الدستور الجديد. ولم يفلح مناصرو إلغاء عقوبة الإعدام في إقناع أعضاء المجلس بالتخلي عن هذه العقوبة، ورفض مقترح تعديل الفصل 21 من مشروع الدستور الذي ينص على «ويحمي القانون هذا الحق ولا تجوز عقوبة الإعدام». واحتفظ نواب البرلمان الذي تسيطر عليه أغلبية من حركة النهضة، ذات المرجعية الإسلامية، بنفس الصيغة الأولى وهي «الحق في الحياة مقدس لا يجوز المساس به إلا في حالات قصوى يضبطها القانون». وصوت 135 نائبا لصالح الإبقاء على عقوبة الإعدام، وساند 11 نائبا إلغاء هذه العقوبة، واحتفظ 28 نائبا بأصواتهم.
وتخوض مجموعة من المنظمات الحقوقية التونسية والدولية حملات متتالية ضد عقوبة الإعدام، إذ تأسس في تونس منذ سنة 2007 ائتلاف يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام، إلا أنه اصطدم بواقع اجتماعي يربط بين عقوبة الإعدام في القوانين الوضعية وعقوبة القصاص من الناحية الشرعية ويتمسك بشرعية عقوبة الإعدام.
وقال الحبيب مرسيط، رئيس الائتلاف، لـ«الشرق الأوسط»، إن منظمات المجمع المدني ستواصل خوض حملاتها من أجل إلغاء هذه العقوبة غير الإنسانية. وأضاف أن مؤشرات إيجابية عديدة لا تزال متوافرة في الواقع التونسي من بينها تجميد الرئيس التونسي المنصف المرزوقي لعقوبة الإعدام بعد الثورة في حق 123 تونسيا محكوما بالإعدام، وتعويض العقوبة بالسجن مدى الحياة، وذلك إلى جانب عدم تطبيق عقوبة الإعدام في تونس منذ نحو 20 سنة، رغم صدور أحكام تتضمن هذه العقوبة. وقال مرسيط «لدينا أمل في التراجع عن هذه العقوبة، فكل المؤشرات تؤكد أن الاحتفاظ بها لا يخفض من عدد الجرائم الفظيعة كما يجري التسويق لذلك».
وفي السياق ذاته، صادق المجلس التأسيسي بالإجماع (173 نائبا حضروا الجلسة من مجموع 217) على الفصل 22 من مشروع الدستور المتعلق بمنع التعذيب، الذي ينص على أن «الدولة تحمي كرامة الذات البشرية وحرمة الجسد وتمنع التعذيب المعنوي والمادي، ولا تسقط هذه الجريمة بالتقادم».
وشهد اجتماع لجنة الفرز المتعلقة بانتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المنعقدة، أمس، خلافات حول مرشحي عدد من القطاعات خاصة المرشحين عن التونسيين بالخارج، والمرشحين عن قطاعي المحاماة والمالية العمومية. وحصل التوافق حول المرشحين في قطاع القضاة العدليين وعدول التنفيذ والقضاة الإداريين واختصاص منظومات السلامة الإعلامية والمعلوماتية واختصاص الاتصال بالإضافة إلى ممثل عن الأساتذة الجامعين.
وينتظر أن تتشكل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من تسعة أعضاء توكل لهم مهمة الإشراف على الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
ولم يمنع التقدم النسبي الحاصل على مستوى المسارات الثلاثة (الحكومي والتأسيسي والانتخابي) من مواصلة تنظيم احتجاجات في مناطق لم تصلها مشاريع تنموية بالحد الكافي. وتجددت أمس احتجاجات شباب منطقة القطار في ولاية (محافظة) قفصة (جنوب غرب)، وهي من مناطق الحوض المنجمي، بعد صدور نتائج مباراة توظيف لفائدة شركات البيئة والغراسة والبستنة الحكومية بداية الأسبوع الماضي.
وتعرض مركز الشرطة بالمدينة إلى الحرق الليلة قبل الماضية، قبل أن يتحول المتظاهرون إلى مقر المعتمدية (السلطة المحلية) لإخراج كل المحتويات والوثائق وإحراقها كذلك. وأوقفت قوات الأمن على أثر أحداث يومي الجمعة والسبت مجموعة من الشباب قبل أن تفرج عنهم جميعا. وقال عبد الرزاق الداعي، الناشط السياسي من قفصة، إن الاحتجاجات امتدت إلى منطقتي «السند» و«زنوش» بعد «القطار»، ومنع المحتجون القطارات والشاحنات من نقل مادة الفوسفات. وأشار الداعي إلى وجود مفاوضات بين السلطات الجهوية والاتحاد المحلي للشغل (نقابة العمال) من أجل إيقاف حالة الاحتقان الاجتماعي وإعادة الهدوء والاستقرار إلى المنطقة. وقال الداعي إن الاتحاد المحلي للشغل بالقطار تبنى الاحتجاجات وتوجه بخطاب شديد اللهجة إلى الحكومة وطالبها بحق المنطقة في التنمية والتشغيل.
وعلى مستوى المسار الحكومي، ذكرت مصادر مقربة من رباعي الحوار الوطني أن المهدي جمعة قد أوشك على الانتهاء من تشكيل الحكومة الجديدة. ولا تزال مسألة تعيين وزراء السيادة تلقي بظلالها على مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة التي ستكون في حدود 15 وزارة فقط. وتعرف حقائب وزارات الداخلية والدفاع والعدل والخارجية (وزارات السيادة) حالة تجاذب شديد بين حركة النهضة ومعارضيها. وتتمسك النهضة وحركة نداء تونس بحق»الفيتو» بشأن من سيتولى هذه الوزارات.
وذكرت مصادر مطلعة على سير مشاورات تشكيل الحكومة الجديدة أن النية متجهة للإبقاء على أربعة وزراء في حكومة علي العريض يصنفون ضمن الكفاءات المستقلة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».