باريس عازمة على حل جمعيات مموّلة إيرانياً متهمة بالترويج للإرهاب

قوات الشرطة خلال مداهمتها مقر «مركز الزهراء» شمال فرنسا نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
قوات الشرطة خلال مداهمتها مقر «مركز الزهراء» شمال فرنسا نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

باريس عازمة على حل جمعيات مموّلة إيرانياً متهمة بالترويج للإرهاب

قوات الشرطة خلال مداهمتها مقر «مركز الزهراء» شمال فرنسا نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
قوات الشرطة خلال مداهمتها مقر «مركز الزهراء» شمال فرنسا نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

في خطوة بالغة الدلالة، ولا يُستبعد أن تكون مؤشراً على توتر العلاقات بين باريس وطهران، عمد وزير الداخلية كريستوف كاستنير إلى الطلب من مجلس الوزراء، برئاسة إيمانويل ماكرون، أن يعمد لحل أربع جمعيات شيعية موجودة على الأراضي الفرنسية تمولها وترعاها إيران.
وسبق لإحداها، وهي «مركز الزهراء فرنسا»، أن خضعت لتفتيش من قبل الأجهزة الأمنية في إطار التحقيق حول محاولة الاعتداء التي تتهم باريس طهران بتدبيرها ضد تجمُّع للمعارضة الإيرانية في ضاحية فيلبانت، الواقعة على مدخل باريس الشمالي، نهاية يونيو (حزيران) الماضي.
وتم استهداف المقر في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) خلال عملية لمكافحة الإرهاب. وقد أسفرت عمليات التفتيش عن العثور على أسلحة تمت حيازتها بشكل غير قانوني. وقد أصدرت محكمة دونكرك الجنائية حكماً بسجن أمين صندوق المركز 18 شهراً، ستة منها مع النفاذ، بسبب حيازة أسلحة بشكل غير قانوني.
وكُشِف النقاب عن طلب وزارة الداخلية عبر أربع وسائل؛ أولاها من خلال تصريحات الناطق باسم الحكومة بنجامين غريفو، عقب انتهاء جلسة مجلس الوزراء والثانية عبر تغريدة لكاستانير نفسه، وثالثها من خلال تغريدة لوزارة الداخلية، وآخرها عبر بيان رسمي مطوّل صادر عن الوزارة نفسها.
اللافت فيما صدر رسمياً عن باريس، أمس، هو الاتهامات الخطيرة الموجهة إلى هذه الجمعيات، وهي: «مركز الزهراء فرنسا»، و«اتحاد الشيعة في فرنسا»، و«الحزب المعادي للصهيونية» و«تيلي فرانس ماريان».
ورغم أن الطلب جاء من وزارة الداخلية، فإن القرار بالتنفيذ يجب أن يصدر عن رئيس الجمهورية. وتتصدر لائحة الاتهامات الرسمية، كما هي واردة في بيان وزارة الداخلية، قيام الجمعيات المذكورة بـ«إضفاء الشرعية على الجهاد المسلح سواء من خلال الخطب (الدينية) أو نصوص (الكتيبات والمنشورات) توضع بتصرف (المؤمنين) ومستخدمي الإنترنت، التي يحث مسؤولو مركز الزهراء (المؤمنين) بشدة على قراءتها».
ويشير البيان الوزاري إلى أن «تبرير الجهاد المسلح، من دون ضوابط من أي نوع، يترافق مع تلقين الشباب في (مركز الزهراء) أدبيات الجهاد المقدس والتمجيد الثابت عن طريق الإنترنت، للأعمال التي تقوم بها منظمات مثل (حماس) و(الجهاد الإسلامي) والجناح المسلح لـ(حزب الله)، وكلها مدرجة في قائمة المنظمات الإرهابية في الاتحاد الأوروبي».
وسبب التركيز على «مركز الزهراء» القائم في مدينة غران سانت الواقعة شمال فرنسا، يعود لكونه يستضيف الجمعيات الثلاث الأخرى.
بيد أن هذه الاتهامات لا تتوقف عند هذا الحد. والبارز تركيز الناطق باسم الحكومة، في كلامه، أمس، على أنها «جمعيات معادية للسامية بشكل علني وخطير». وأهمية هذه الإشارة أنها تجيء بعد أسابيع قليلة على حصول أعمال معادية للسامية استهدفت يهوداً أو مؤسسات يهودية، وأفضت إلى مسيرة ضخمة في باريس وفي عدد من المدن الأخرى.
وفي اليوم التالي للمسيرة، وبمناسبة العشاء السنوي للمجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، ربط ماكرون بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية، ولكن دون أن يذهب إلى المطالبة بسن قانون لذلك.
وفي تغريدته، أعلن كاستنير أنه «عملاً بتعليمات رئيس الجمهورية، فإنني عازم تماماً على حل جميع الجمعيات التي تؤجج الكراهية وتدعو للتمييز وتمجد العنف»، بينما ركزت تغريدة وزارة الداخلية على أن هذه الجمعيات «تدعو إلى الجهاد المسلح».
لكن ثمة مجموعة تساؤلات حول توقيت طرح هذا الطلب في مجلس الوزراء، وما إذا كانت له علاقة بالصعوبات التي يعاني منها وزير الداخلية بسبب التقصير في منع حصول أعمال عنف وسرقة بمناسبة الأيام الاحتجاجية لـ«السترات الصفراء»، وآخرها ما حصل السبت الماضي في جادة الشانزليزيه.
وثمة من يرى أنه قد يكون مؤشراً إلى صعوبات مستمرة أو ربما متزايدة علاقات باريس وطهران، رغم استمرار فرنسا في دعم الاتفاق النووي المبرم مع إيران، صيف عام 2015، واستضافة الآلية المالية المفترض نظرياً أن تمكّن الجانب الإيراني من الاستمرار في تصدير نفطه والمتاجرة مع الأوروبيين.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».