منفذ عملية سلفيت رفض الاستسلام فدمّر الإسرائيليون البيت

حركة {فتح} نعت أبو ليلى كأحد فرسانها وطلبتها الجامعيين

مظاهرات خرجت من جامعة بيرزيت أمس تصدت لها القوات الإسرائيلية بعنف قرب رام الله أمس (أ.ف.ب)
مظاهرات خرجت من جامعة بيرزيت أمس تصدت لها القوات الإسرائيلية بعنف قرب رام الله أمس (أ.ف.ب)
TT

منفذ عملية سلفيت رفض الاستسلام فدمّر الإسرائيليون البيت

مظاهرات خرجت من جامعة بيرزيت أمس تصدت لها القوات الإسرائيلية بعنف قرب رام الله أمس (أ.ف.ب)
مظاهرات خرجت من جامعة بيرزيت أمس تصدت لها القوات الإسرائيلية بعنف قرب رام الله أمس (أ.ف.ب)

قتلت القوات الإسرائيلية في عملية خاصة عمر أبو ليلى، منفذ عملية سلفيت التي أدت إلى مقتل إسرائيليين وإصابة ثالث، الأحد، بعد اشتباك مسلح في قرية عبوين غرب رام الله، كما قتلت فلسطينيين في نابلس.
وقال جهاز الشاباك (الأمن العام) إنه قتل أبو ليلى (19 عاماً)، أثناء محاصرته في منزل بقرية عبوين بعد جهود من قوات الجيش والاستخبارات قادت إلى مكان اختبائه. ورفض أبو ليلى الاستسلام، واشتبك مع الجنود الذين أطلقوا الرصاص تجاهه وقذائف.
وكشفت السلطات الإسرائيلية عن تفاصيل عملية قتل الشاب أبو ليلى، منفذ عملية سلفيت، فتبين منها أنها حاصرته في مخبأ لدى قريب له وطالبته بالاستسلام، فرفض وراح يطلق النيران عليهم. فأطلقوا صاروخاً باتجاه البيت ودمروه.
وكان أبو ليلى، وهو شاب في العشرين من عمره، يقطن في قرية الزاوية، قد نفذ هجمات عدة على جنود ومستوطنين إسرائيليين في منطقة رام الله، يوم الأحد الماضي. وتبين من التحقيقات، أنه تمكن خلال ربع ساعة من تنفيذ ثلاث عمليات. ففي العاشرة إلا ربعاً، طعن جندياً إسرائيلياً يقف على محطة حافلة ركاب حتى ارتمى أرضاً، ثم خطف سلاحه. وانتقل إلى مفرق طرق عند مدخل المدينة الاستيطانية أرئيل وأطلق الرصاص على رجل دين يهودي من المستوطنين في المكان، فأطلق عليه الرصاص أيضاً. ثم هاجم سيارة وقفت في المكان، فعندما أدرك أن سائقها هو سائح أجنبي أمره بالنزول وخطف السيارة ومعه بندقية «إف16» التي خطفها، وراح يطلق النيران في مختلف الاتجاهات، وأصاب جندياً آخر بجراح قاسية. وفي العاشرة تماماً، وصل إلى قرية بروكين فترك السيارة ومضى راكضاً يفتش عن مخبأ.
وفي الحال، انتشرت قوات كبيرة من الجيش والمخابرات والشرطة وحرس الحدود فطوقت جميع قرى المنطقة الفلسطينية، وراحت تنفذ حملة اعتقالات واسعة، شملت والده أمين، وشقيقه الفتى (16 عاماً) وعدداً من معارفه وأقاربه، وداهمت حانوتاً يملكه أحد أقاربه في بلدة بيديا. وقد تمكنت من معرفة اسمه، من جراء اعتقال أحد الشبان الذي ساعده على الهرب من القرية رغم الحصار الإسرائيلي. وحسب المعلومات التي أدلى بها هذا الشاب، وصلت قوة مستعربين (جنود يتخفون بلباس عربي ويتقنون التكلم بالعربية المحكية في هذه المنطقة)، إلى قرية عبوين، ففحصت الميدان ووجدت حراكاً غريباً في أحد الأحياء فاستدعت قوات كبيرة ضربت حصاراً على أحد البيوت، وراحت تدعو أبو ليلى للاستسلام.
وحسب الجيش الإسرائيلي، فإن أبو ليلى رفض الاستسلام وراح عوضاً عن ذلك يطلق النار من البندقية «إف16» باتجاه الجنود، فقرروا وقف المغامرة وقتله. فأطلقوا باتجاهه صاروخاً من طراز «لاو»، فهبط البيت عليه. ومع أن الفلسطينيين شككوا في هذه الرواية وادّعوا أن الشاب ضُبط حياً ثم قتل خلال التحقيق، إلا أن والده نعاه بوصفه شهيداً وإسرائيل أصرت على أنه قتل ولم يعتقل.
وتطارد إسرائيل أبو ليلى منذ يوم الأحد. وهنأ رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو جيش الاحتلال وجهاز المخابرات بتنفيذ الاغتيال، وهدد بأن ذراع إسرائيل ستصل إلى كل من يستهدف الجنود والمستوطنين الإسرائيليين.
وبعد ساعات قليلة قتلت إسرائيل شابين فلسطينيين بعدما أطلق جنود الاحتلال النار عليهما داخل سيارتهما شرق مدينة نابلس بالضفة الغربية. واتهم الفلسطينيون إسرائيل باستخدام سياسة الإعدام.
وشكك رئيس بلدية عبوين، ناجي سيف، في رواية جيش الاحتلال باغتيال أبو ليلى. وقال سيف: إن أهالي البلدة، وعقب انسحاب جيش الاحتلال توجهوا إلى المنزل الذي حاصره الجنود وقصفوه بصواريخ «لاو»، إلا أنهم لم يشاهدوا أي بقعة دم، رغم أن الحديث عن اغتياله بعشرات الرصاصات.
وأشار سيف، إلى أن قوات كبيرة من جيش الاحتلال اقتحمت البلدة القديمة في بلدة عبوين، وحاصرت البلدة القديمة وشددت الخناق على منازل بالكامل، وخاطبت الموجود داخل المنزل بتسليم نفسه، قبل أن تمطر المنزل بصواريخ «لاو» والرصاص الحي لأكثر من ساعتين.
وتبنت حركة فتح أبو ليلى ونعتته كأحد فرسانها وطلبتها الجامعيين.
في السياق، خرج مئات الفلسطينيين، أمس، لحضور مراسم دفن رجلين قتلا خلال مداهمة إسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة.
ونفذ فلسطينيون، وكثير منهم ليسوا على صلة بفصائل مسلحة، موجة هجمات بالضفة الغربية في أواخر 2015 و2016، لكن وتيرة هذه الهجمات تراجعت منذ ذلك الحين.
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية في حرب عام 1967، ويسعى الفلسطينيون لإقامة دولة في الضفة وقطاع غزة على أن تكون عاصمتها القدس الشرقية. وانهارت محادثات السلام الفلسطينية - الإسرائيلية في 2014.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.