الحكومة الفرنسية تستعين بالجيش للسيطرة على المظاهرات ومنع تكرار العنف

وزير الداخلية باقٍ في منصبه رغم الضغوط على ماكرون

آثار التخريب في المحال التجارية بجادة الشانزيليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)
آثار التخريب في المحال التجارية بجادة الشانزيليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الفرنسية تستعين بالجيش للسيطرة على المظاهرات ومنع تكرار العنف

آثار التخريب في المحال التجارية بجادة الشانزيليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)
آثار التخريب في المحال التجارية بجادة الشانزيليزيه السبت الماضي (أ.ف.ب)

رفض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الخضوع للضغوط السياسية التي تمارس عليه لدفع وزير الداخلية كريستوف كاستانير للاستقالة، بسبب أعمال العنف الاستثنائية التي شهدتها جادة الشانزليزيه والشوارع المتفرعة عنها السبت الماضي في اليوم الاحتجاجي الثامن عشر لـ«السترات الصفراء».
كذلك، لم يستجب لدعوة حزب «الجمهوريون» اليميني بلسان رئيسه لوران فوكييه الذي حث ماكرون على إعادة فرض حالة الطوارئ للجم العنف، وبداية من خلال منع التظاهر وهو الحق الذي يكفله الدستور الفرنسي. لكنه في المقابل، ووفق ما أعلنه رئيس الحكومة إدوار فيليب، فإن مديرية الشرطة خُولت بمنع التظاهر في الشانزليزيه في حال توافر معلومات «تبين وجود مشاغبين». والأمر نفسه ينطبق على حيين في مدينتي بوردو وتولوز.
وفي السياق نفسه، وبعد إقالة مدير شرطة العاصمة وبعض مساعديه بسبب «الأخطاء» التي ارتكبت في التعامل مع أحداث نهاية الأسبوع الماضي، طلب من القوى الأمنية التي ستمد بوسائل إضافية «مثل الدرون أي طائرات المراقبة الصغيرة المسيرة»، أن تكون أكثر دينامية وحركية في التصدي للمشاغبين، في إطار خطة جديدة تريد الحكومة منها إعادة الإمساك بالوضع الأمني وقلب صفحة أعمال العنف والشغب المتكررة أسبوعا بعد أسبوع. وما تريده خصوصا هو الإفلات من تهمة انعدام المهنية والارتجال في إدارة شؤون البلاد الأمنية.
بيد أن الأمور لم تتوقف عند هذا الحد. وجديد أمس أن الحكومة تريد العودة للاستعانة بالجيش، ولكن من غير حالة الطوارئ. وقد أعلن الوزير بنجامين غريفو، الناطق باسم الحكومة، عقب اجتماع مجلس الوزراء أمس برئاسة ماكرون، تعبئة القوة العسكرية المسماة «سانتينيل» «أي الخفير» التي كانت مخصّصة لمكافحة الإرهاب لتعزيز القوى المكلفة المحافظة على الأمن والتعامل مع مظاهرات «السترات الصفراء».
وهكذا، ستعود دوريات الجيش إلى باريس ولكن مهمتها هذه المرة ستكون، وفق غريفو، حماية المراكز الرسمية وعدد من النقاط الثابتة. وبفضل هذا العون، فإن قوات الشرطة والدرك ومحاربة الشغب وغيرها من الفرق المولجة المحافظة على الأمن الداخلي، ستكون «أكثر حركية» لمواجهة المجموعات المشاغبة التي عدلت خططها بشكل تتمكن به من إنهاك القوى الأمنية ومفاجأتها من خلال التحرك في أكثر من نقطة في وقت واحد. وقد اعترف رئيس الحكومة وكذلك لوران نوناس، وزير الأمن الداخلي، بوجود «تقصير» في مواجهة أعمال الشغب، الأمر الذي ترجم بإحراق ما لا يقل عن مائة محل ومطعم ومقهى وفرعين مصرفيين وسيارات ودراجات نارية وأكشاك صحف في يوم واحد. يضاف إلى ذلك أن «أجمل جادة في العالم» تحولت إلى ساحة حرب بين القوى الأمنية ومجموعات المشاغبين المنتمين بشكل أساسي إلى ما يسمى «البلاك بلوك» اليسارية المتطرفة، ومجموعات أخرى من اليمين المتطرف وكلها «معتادة» و«مجهزة» لمواجهة الشرطة.
هكذا، تعود فرنسا عمليا ولكن بشكل جزئي إلى حالة الطوارئ من غير إعلانها. وكانت فرنسا قد عاشت في ظل هذه الحالة طوال عامين ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2015 عقب اعتداءات الباتاكلان وعدد من مقاه ومطاعم، شرق العاصمة، وحتى رفعها في الأول من نوفمبر 2017. وكلفت القوة العسكرية حماية المراكز الحساسة، سواء أكانت أماكن العبادة أو المطارات والمرافئ ومحطات القطارات ومراكز التجمع السياحية الرئيسية. وكانت قوة «السانتينيل» تتشكل من 7000 رجل. ولم تكشف السلطات الحكومية، سواء أكانت وزارة الدفاع أو وزارة الداخلية، عن «حجم» القوة التي ستكلف مؤازرة قوى الأمن الداخلي.
في الأسابيع القليلة المقبلة، سيتم الانتهاء من استصدار قانون جديد من مجلسي النواب والشيوخ تم استعجال صدوره لمواجهة المشاغبين والمندسين. ومشروع القانون موجود اليوم في عهدة المجلس الدستوري الذي طلب منه ماكرون النظر في مدى مطابقة بنوده لأحكام الدستور. وأحد أبرز ما ينص عليه تمكين رجال الأمن من منع أشخاص يعتبرون من المشاغبين من الوصول إلى أماكن التجمع، ومنع مظاهرات بناء على قرار إداري. لكن أبرز البنود أنه ينص على عقوبة لمن يخفي وجهه في المظاهرات والمسيرات. والمقصود بذلك، تحديدا، المشاغبون والمندسون الذين يخفون وجوهم للحيلولة دون معرفة هوياتهم، وبالتالي ملاحقتهم والقبض عليهم. وقد برز ذلك بوضوح خلال الأسابيع الطويلة التي انقضت على مظاهرات «السترات الصفراء»، وما عرفته من أعمال سرقة وتدمير واشتباكات.
هل ستكون هذه التدابير الأمنية الإضافية كافية لمنع تكرار ما حصل الأسبوع الماضي؟ السؤال مطروح. لكن كثيرين يشككون بفاعليتها، وحجتهم أن منع التظاهر في جادة الشانزليزيه سيدفع بالمحتجين ومن معهم من المشاغبين إلى التوجه إلى أحياء أخرى في باريس، كما حصل سابقا، في حي ريبوبليك أو شارع ريفولي، وكلاهما مليء بالمحلات المعروفة والفنادق... ولا شك أن الحكومة ستقوم بأقصى ما تستطيعه لكيلا يعود مجددا كابوس السبت الماضي، حيث إن حصل ذلك مرة أخرى، فعندها سوف «تطير رؤوس»، سيكون أولها رأس وزير الداخلية رغم علاقته القوية بالرئيس ماكرون.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.