الرئيس التونسي يطالب بتعديل الدستور لتقليص سلطات الشاهد‭ ‬

TT

الرئيس التونسي يطالب بتعديل الدستور لتقليص سلطات الشاهد‭ ‬

دعا الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي أمس إلى تعديل الدستور، الذي لم يمض على صياغته سوى خمس سنوات، قائلا إن السلطة التنفيذية أصبحت مجمّعة بأيدي رئيس الوزراء، وذلك في أحدث خلاف بين أعلى منصبين في الدولة.
يذكر أن الدستور الذي أقره البرلمان عام 2014 بعد انتفاضة عام 2011، التي أطاحت بحكم الرئيس زين العابدين بن علي، قلص بشكل كبير من السلطات الواسعة السابقة للرئاسة، ومنح رئيس الوزراء والبرلمان دوراً أكبر بكثير.
‭‭‬‬وبرز الخلاف للعلن بين قصري القصبة (الحكومة)، وقرطاج (الرئاسة) العام الماضي، حين اتهم رئيس الحكومة يوسف الشاهد نجل الرئيس السبسي بتدمير الحزب الحاكم، وتصدير مشكلاته للدولة. وقد دعا السبسي آنذاك الشاهد للتخلي عن المنصب، وهو ما رفضه رئيس الحكومة الذي تحداه، وكون حكومة ائتلافية جديدة مع حزب النهضة الإسلامي.
وفي أوضح إشارة على احتجاجه على تقلص دوره لصالح رئيس الوزراء، قال السبسي في خطاب بمناسبة عيد الاستقلال: «سيكون من الأحسن التفكير في تعديل بعض فصول الدستور»، مضيفا أن رئيس الجمهورية ليست له مهام كبيرة، وأن السلطة التنفيذية هي برأس واحد، يسيطر عليها رئيس الحكومة.
‭‭‬‬وتفاقمت الخلافات أكثر بين الرجلين بعد عدم استشارة الشاهد للرئيس في تعديل حكومي أجراه العام الماضي. وبعد ذلك جمّد حزب نداء تونس عضوية الشاهد في الحزب.
وأضاف السبسي حسب تقرير بثته وكالة «رويترز» للأنباء أمس: «رئيس الجمهورية لم تعد له سلطة كبيرة.. لدي تحوير للدستور جاهز».
ويعطي الدستور التونسي أغلب السلطات لرئيس الوزراء، بينما يمنح لرئيس الجمهورية أقل سلطات، تشمل فقط وزارة الدفاع والخارجية، ويأتي هذا التصعيد في وقت تستعد فيه تونس لانتخابات برلمانية ورئاسية في نهاية العام الحالي.
وعلى صعيد متصل، أعلن الائتلاف المكون لأحزاب اليسار في تونس (الجبهة الشعبية) أن القيادي حمة الهمامي سيكون مرشح الجبهة للانتخابات الرئاسية لهذا العام.
وأصدرت الجبهة بيانها ليلة أول من أمس، بعد اجتماع الأمناء العامين للأحزاب المكونة لها، بقصد مناقشة الأزمة الرئاسية والتوافق حول اسم مرشح واحد.
وظهر خلاف بين مكونات الجبهة، إثر اختيار حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد في وقت سابق، وبشكل منفرد، المنجي الرحوي، النائب عنه في البرلمان، مرشحا للرئاسية.
وأوضحت الجبهة في بيانها أن «اجتماع الأمناء العامين هو الإطار المخول رسميا للبت في آلية الحسم في اختيار مرشح الجبهة في الانتخابات الرئاسية القادمة، وذلك بناء على تفويض رسمي في الغرض من قبل المجلس المركزي للجبهة». مضيفة أن «الرفيق حمة الهمامي هو مرشح الجبهة الشعبية في الانتخابات الرئاسية 2019».
ولم تتضمن قائمة الأحزاب الموافقة على الهمامي في البيان حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، الذي اعترض على «آلية الحسم» في اختيار المرشح، وطالب بدلا من ذلك بـ«آلية جماهيرية»، واستشارة موسعة لأنصار الجبهة.
ويعتبر حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد، الذي كان يقوده السياسي الراحل شكري بلعيد قبل اغتياله في 2013، من أبرز مكونات الجبهة، إلى جانب حزب العمال بزعامة حمة الهمامي، الذي خاض سباق الانتخابات الرئاسية في 2014، وحل ثالثا خلف الرئيس الحالي الباجي قايد السبسي ومنافسه في الدور الثاني المنصف المرزوقي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم