حرب مفتوحة في غزة.. ومسؤول: 10 كلمات عرقلت الاتفاق

رغم تصاعد وتيرة القتال في غزة والتهديدات الإسرائيلية بشن حرب برية، من جهة، وإعلان كتائب عز الدين القسام بأن مفاوضات القاهرة لوقف العدوان «قبرت»، رجح مسؤولون فلسطينيون أن تستأنف المفاوضات الأسبوع المقبل إثر جهود مصرية متواصلة من أجل فرض تهدئة جديدة.
وجاءت هذه التطورات بينما وصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى الدوحة، قادما من الأردن، لإجراء محادثات مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، فيما يزور غدا (الجمعة) مصر ويلتقي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السبت.
وقال عضوا الوفد المفاوض قيس عبد الكريم (أبو ليلى) وفيصل أبو شهلا لـ«الشرق الأوسط» إن الوفد الفلسطيني ما زال يعد نفسه في خضم العملية التفاوضية بانتظار دعوة مصر للأطراف مجددا.
وقال أبو ليلى: «أبلغنا المصريين بأن انسحاب الإسرائيليين لا ينهي بالنسبة لنا العملية التفاوضية. ما زالت هذه العملية جارية بالنسبة لنا وإن علقت مؤقتا. وقلنا لهم في الوقت الذي تراه مصر مناسبا ومهيئا من حيث المناخ سنعود».
واتهم أبو ليلى الإسرائيليين بالتخطيط لإفشال المفاوضات، مضيفا: «بعد ساعة من تقديم ورقة فلسطينية تتضمن من المرونة ما يكفي اختلق الإسرائيليون قصة صواريخ من غزة وانسحبوا على عجل وصعدوا على الأرض. أعتقد أن مواقفنا أحرجت الوفد الإسرائيلي، وعجلت في قرار الحكومة الإسرائيلية بالانسحاب». وتابع: «أرادوا كما يبدو أن يفرضوا بالقوة العسكرية لاحقا ما فشلوا فيه في السياسة، لكنها محاولة لا أعتقد أنها ستحظى بالنجاح».
وأكد أبو ليلى أن المبادرة المصرية التي كانت أساس التفاوض ما زالت قائمة ولا توجد مبادرات أخرى. بينما اتهم أبو شهلا الإسرائيليين بالتشنج وعدم إعطاء الفلسطينيين «أي شيء».
وكانت المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين انهارت أول من أمس بعد انسحاب الوفد الإسرائيلي من القاهرة بسبب خلافات على الصياغة، إذ يريد الإسرائيليون صياغة مختلفة عن تلك التي يريدها الفلسطينيون.
وقال أبو ليلى الذي كان في خضم المفاوضات: «كل ما كان يحتاجه الاتفاق هو 10 كلمات». وأضاف: «لكنها 10 كلمات مصيرية تحدد التفاصيل». وأوضح قائلا: «مثلا نحن نريد حرية الحركة وهم يريدون تسهيل الحركة، ثمة فارق مهم لغوي وفي المعنى والمدلولات والنتائج»، وأضاف: «يريد الإسرائيليون ربط فتح المعابر بآليات يتفق عليها لاحقا مع السلطة، ونريد نحن أن يجري ذلك بالتنسيق مع السلطة من دون قيود».
ويفترض أن تحصل مصر على رد مبدئي من إسرائيل حول الورقة الفلسطينية التي تتعاطى مع اتفاق من مرحلتين، الأولى فورية حول القضايا الملحة والعاجلة والثانية تؤجل القضايا الأكثر تعقيدا.
لكن في إسرائيل بدت الأجواء أمس تصعيدية أكثر منها ميلا للتفاوض. وحاولت إسرائيل اغتيال قائد كتائب القسام محمد ضيف لكنها فشلت.
وقالت وزيرة القضاء الإسرائيلية، تسيبي ليفني: «المفاوضات مع حركة حماس كانت خطأ»، وأضافت: «لا أعتقد أنه يمكن وقف حركة حماس عن طريق عملية سياسية».
وشددت ليفني في حديث مع صحيفة «يديعوت أحرونوت»، على أنه «يجب مواصلة ردع حركة حماس حتى تدرك أنها لا تستطيع أن تحقق إنجازات أكثر باستخدام الإرهاب، وإنما ستخسر أكثر». وتابعت: «طالما لم تغير حماس فكرها الآيديولوجي الداخلي فإننا سنبقى أمام تنظيم إرهابي لا يعترف بإسرائيل».
ورفضت ليفني التحدث عن محاولة الاغتيال الفاشلة لقائد كتائب القسام، محمد ضيف، لكنها أثنت عليها بقولها: «كل من يعمل بالإرهاب فإن اغتياله ليس شرعيا فحسب، وإنما هو ضروري».
أما وزير الداخلية، جدعون ساعر، فوصف المفاوضات مع حماس مثل «المفاوضات مع داعش».
وقال ساعر إن «حماس منظمة خطيرة ويجب عدم منحها إنجازات لتعتقد أنها حققتها نتيجة معركة عسكرية ضد إسرائيل»، ودفع باتجاه الحسم مع حماس بدل المفاوضات.
ومن جهته، قال وزير العلوم، يعكوب بيري، بأنه يجب على إسرائيل أن تستعد لمعركة طويلة، بما في ذلك «إدخال قوات برية إلى قطاع غزة»، عند الضرورة. وتحدث عن أفكار إسرائيلية بالوصول إلى «تسوية صغيرة» لوقف إطلاق النار، تتضمن فتح المعابر لأهداف إنسانية، مع العمل على عقد مؤتمر خلال شهر أو شهرين بهدف نزع أسلحة قطاع غزة.
وجاء ذلك فيما طلبت كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس الوفد الفلسطيني المفاوض بالانسحاب من القاهرة. وقال الناطق باسمها أبو عبيدة: «إن المبادرة المصرية تم قبرها اليوم مع الشهيد الفلسطيني علي محمد الضيف»، في إشارة إلى نجل ضيف.
وأضاف المتحدث باسم الكتائب في كلمة ألقاها أمس أن «المبادرة ولدت ميتة، وأن العدو أضاع فرصة ذهبية لوقف إطلاق النار».
ومع هذا الانسداد المؤقت، في العملية التفاوضية، وصل عباس إلى قطر من أجل مشاورات مع أمير قطر ومشعل. وقال مصدر فلسطيني مسؤول لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس عباس يريد التشاور مع القطريين من أجل تسهيل الوصول إلى حل في مصر ومع مشعل من أجل تعميق التفاهمات.
وتتهم السلطة قطر وتركيا باستغلال قضية غزة في تجاذبات إقليمية. وقال المصدر: «إن محاولات التخريب على المبادرة المصرية استمرت طيلة وقت المفاوضات في القاهرة وقد لمسنا ذلك». وأضاف: «قطر وتركيا منذ اللحظة الأولى تستثمران قضية غزة في التجاذبات ونحن نسعى إلى تجنيب غزة ذلك».
وكان عزام الأحمد رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض تحدث عن «أصابع خفية» تحاول تخريب المبادرة المصرية من دون أن يتطرق إلى تفاصيل.
وبحسب المصدر «كانت حماس مضطرة أحيانا لمجاراة القطريين والأتراك لأسباب مفهومة ولكن ذلك لم يقد إلى تخريب المفاوضات من جهتنا. الذي خرب المفاوضات هي إسرائيل».
وكانت إسرائيل اتهمت مشعل بتخريب المفاوضات، غير أن مصدرا مسؤولا في حماس نفى ذلك وقال: إن «إسرائيل تحاول ضرب وحدة الوفد الفلسطيني». وأضاف قائلا لـ«الشرق الأوسط» بأن عزام الأحمد، رئيس الوفد الفلسطيني المقرب من عباس «كان يتشاور مع مشعل، ويقول كلاما لا يختلف عما يقوله موسى أبو مرزوق أو عزت الرشق». وأضاف: «ما يقوله الإسرائيليون لا يصدقه أحد وأسبابه مفهومة». وتابع: «حماس لم تختر الحرب منذ البداية ولم تكن تريد للتهدئة أن تنهار ولم تخرقها حتى، الإسرائيليون بدأوا الحرب واختاروا التصعيد ثانية».
وكان أعضاء الوفد الفلسطيني غادروا القاهرة أمس بعد أن كان الوفد الإسرائيلي المفاوض، غادر القاهرة، أول من أمس، بعد تلقيه أوامر من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بسبب ما قال: إنها صواريخ سقطت على إسرائيل.