بينما عادت أجواء القتال إلى قطاع غزة، بعد تبادل عنيف للهجمات الصاروخية بين الطرفين خلال الساعات الـ24 قبل الماضية، تسببت محاولة إسرائيلية لاغتيال القائد العام لكتائب عز الدين القسام، محمد الضيف، قضت فيها زوجته ونجله الصغير، في تصعيد كبير للحرب. إذ قصفت حركة حماس تل أبيب والقدس ومدنا إسرائيلية أخرى ومحطة للغاز قبالة شواطئ غزة، وتعهدت بأن المستوطنين في غلاف غزة لن يعودوا إلى منازلهم إلا بقرار من الضيف. وقتلت إسرائيل أمس ما لا يقل عن 24 فلسطينيا بينهم ثمانية من عائلة واحدة، وجرحت أكثر من 120، بينما استدعت 2000 من جنود الاحتياط في خطوة أولى تحسبا لتطورات ميدانية. وفي المقابل، قصفت حماس عدة مدن وأصابت منازل في عسقلان ومحيط القطاع.
وهددت كتائب عز الدين القسام بشن حرب على إسرائيل لا تتوقف إلا بإشارة من الضيف نفسه.
وحذر أبو عبيدة، الناطق باسم «القسام»، شركات الطيران العالمية من الوصول إلى مطار بن غوريون، وقال في بيان متلفز إن على شركات الطيران وقف رحلاتها منه وإليه، ابتداء من الساعة السادسة من صباح اليوم (الخميس). كما دعا في البيان إلى منع «أي تجمعات كبيرة لجمهور العدو في الأماكن المفتوحة، ويُمنع على سكان ما يسمى بغلاف غزة والمدن القريبة من العودة إلى بيوتهم، وعلى من يظل منهم للضرورة البقاء داخل الملاجئ والمناطق المحصنة». وأضاف: «يظل كل ما سبق ساري المفعول حتى إشعار رسمي آخر من القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام».
وشيع آلاف الغزيين أمس، جثمان زوجة الضيف وداد عصفورة (27 عاما)، وهي الزوجة الثانية له، وطفلها علي (7 أشهر). وردد المشاركون «الانتقام.. الانتقام» وهم يلوحون بأعلام حركة حماس الخضراء. ولوداد والضيف ابنتان وولد، بينما لدى وداد ولدان من زواج سابق بحسب عائلتها. ولم يعرف مكان الطفلتين وقت الغارة.
وتجمع المئات من الغزيين في المسجد لأداء صلاة الجنازة، ولكن لم يظهر أي مسؤول في حركة حماس عندها. وبعد وقت قصير من الجنازة، أعلنت مصادر في حركة حماس أن الضيف على قيد الحياة ويواصل عمله في قيادة المقاتلين.
وفي غضون ذلك، قال سامي أبو زهري، الناطق باسم الحركة «الاحتلال سيدفع ثمن جرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين، والإسرائيليون في غلاف غزة لن يعودوا إلى بيوتهم إلا بقرار من القائد محمد الضيف وبعد الالتزام الإسرائيلي بوقف العدوان ورفع الحصار».
وكان مصدر سياسي إسرائيلي أكد أن الضيف كان هدف عملية القصف، من دون أن يشير إلى مصيره، وقال إنه من حق إسرائيل قتله في أي وقت. وأحدث القصف إرباكا عند الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ طلب وزراء إسرائيليون من الجمهور الإسرائيلي انتظار مفاجأة، وظل الغموض مسيطرا على نتائج العملية لساعات مع تلميحات إسرائيلية بوجود صيد ثمين. بينما نشرت وسائل إعلام فلسطينية أسماء مسؤولين كبار في «القسام» اعتقدت أنهم استهدفوا في القصف، قبل أن تعلن كتائب القسام في بيان عن استهداف منزل الضيف وتتعهد بأن تفتح على «العدو» أبواب «جهنّم».
وهذه خامس مرة تحاول فيها إسرائيل اغتيال الضيف. وبارك وزراء إسرائيليون المحاولة ودعوا إلى مواصلة ضرب وسحق حماس. وردت الحركة بدعوة إسرائيل إلى الاستعداد لأيام قاسية.
وقال فوزي برهوم، الناطق باسم حركة حماس، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن «دعوة (وزير خارجية إسرائيل أفيغدور) ليبرمان لـ(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو لاستمرار الحرب حتى استسلام حماس ستجر الويلات على الإسرائيليين وتدفع بشعبه نحو الجحيم». وكان ليبرمان دعا، وفق ما نقلت عنه الإذاعة الإسرائيلية العامة، إلى «إخضاع حركة حماس وقهرها عسكريا»، رافضا التوصل معها إلى أي تسوية لوقف إطلاق النار. وانتقد ليبرمان سياسة الهدوء مقابل الهدوء لأن «حماس هي التي تبادر إلى إطلاق النار وتتحكم في وتيرة اعتداءاتها، بينما تكتفي إسرائيل بالرد».
ولم تتوقف الهجمات المتبادلة طيلة أمس، إذ نفذت إسرائيل أكثر من 100 غارة خلال 24 ساعة منذ انهيار التهدئة مساء أول من أمس، وقتلت، إلى جانب زوجة الضيف وابنه، ثمانية من عائلة اللوح في منطقة دير البلح وآخرين في شمال وغرب غزة في حي الزيتون وبيت لاهيا والعطاطرة والمحافظة الوسطى.
وبلغ عدد ضحايا العدوان منذ بدأ في الثامن من يوليو (تموز) الماضي 2039، ونحو 10300 جريح، حسب ما أفادت وزارة الصحة الفلسطينية.
وردت الفصائل الفلسطينية بقصف طال تل أبيب والقدس وأشدود وكريات ملاخي والمجلس الإقليمي حوف أشكلون وأشكول ومدنا ومستوطنات أخرى. وأعلنت كتائب القسام مسؤوليتها عن إطلاق صاروخي «قسام» تجاه محطة الغاز الإسرائيلية قبالة سواحل بحر غزة، إضافة إلى قصف مواقع ومستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة أمس بـ26 قذيفة صاروخية.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إن الفصائل الفلسطينية أطلقت 137 صاروخا من قطاع غزة على إسرائيل، خلال 24 ساعة. وأوضح الناطق بلسان جيش الدفاع الإسرائيلي، البريغادير موتي ألموز، أن أي منشأة إسرائيلية للتنقيب عن الغاز الطبيعي في عرض البحر لم تتعرض لأذى. كما أكدت شركة «نوبل إينيرجي» التي تمتلك المنشأة أن «المنشأة تعمل بصورة اعتيادية ولم تتعرض لأي إصابة».
وفي غضون ذلك، أعطى المفتش العام للشرطة الإسرائيلية الجنرال يوحنان دنينو تعليماته بإعادة «رفع مستوى التأهب لقوات الشرطة في مختلف أنحاء البلاد إلى الدرجة الثالثة»، وهي درجة واحدة دون الدرجة القصوى، وذلك بعد استئناف القتال في غزة. وبموجب هذا القرار سينتشر الآلاف من أفراد الشرطة في الأماكن المكتظة بالناس في إسرائيل.
محاولة اغتيال الضيف تشعل الحرب في غزة.. و«القسام» تتوعد بالانتقام
«أبو عبيدة» يحذر شركات الطيران من الوصول إلى مطار بن غوريون
نسوة ينتحبن خلال تشييع وداد الضيف ونجلها في جباليا شمال قطاع غزة أمس (أ.ب)
محاولة اغتيال الضيف تشعل الحرب في غزة.. و«القسام» تتوعد بالانتقام
نسوة ينتحبن خلال تشييع وداد الضيف ونجلها في جباليا شمال قطاع غزة أمس (أ.ب)
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة



