عوامات الهند... تجربة بطعم جديد

تقدم خدمات عصرية تضمن إقامة مريحة وسياحة فريدة

TT

عوامات الهند... تجربة بطعم جديد

هل أنت ممن يعشقون الاسترخاء في أحضان الطبيعة بدل الفنادق الخرسانية؟! إن كان الرد بـ«نعم»، فعليك بعوامة لتقضي عليها إجازة بعيدة عن الجلبة والضوضاء وتنعم بالهدوء والسكينة.
تعتبر الهند من الأماكن التي تؤمن لسياحها متعة الإقامة في بيوت على شكل عوامة أو قارب. اسرح بمخيلتك وتأمل في هذه الرحلة الجميلة، عوّامة تتنقل بك عبر بحيرات هذا البلد وممراته المائية المتشعبة المنتشرة في مناطق جغرافية متنوعة. ألا تعتقد أنها إجازة بنكهة مختلفة تماماً، وتجربة فريدة من نوعها؟
السؤال: كيف ذلك؟ الأمر لا يتطلب سوى بعض التخطيط، ومن ثم ستُسلم أمرك لشخص متمرس بقيادة القارب ومعرفة المكان، ليجول بك حيث الممرات المائية والبحيرات التي تعجّ بشتى صور الحياة البحرية من نباتات وحيوانات.
تستيقظ صباحاً، وأنت في قلب جمال الطبيعة المحيطة بك، لتستمتع بالنسيم العليل وشروق الشمس. وفي الليل يكفيك أن ترفع ناظريك نحو الأعلى لتذوب وأن ترى السماء المرصعة بالنجوم المتلألئة. وقد تكتشف بمرور الوقت أن التحدي الأكبر أمامك خلال هذه الرحلة هو إيجاد سبب للشكوى. الجميل أنك لست مقيداً بمكان أو خيار واحد، إذ بإمكانك الاسترخاء والاستمتاع على ظهر أحد القوارب المتحركة أو الثابتة. وهذه الأخيرة تتمتع بشعبية كبيرة داخل كشمير على وجه التحديد.

- مراكب السكن في كشمير
تُعرف قوارب السكن في كشمير باسم المنازل العائمة. وهي ثابتة في أماكن محددة فوق الماء، وتوفر تجربة استثنائية للانغماس بسحر طبيعة هذا الإقليم الخرافي. تضرب قوارب السكن بجذورها في فصول من تاريخ المنطقة، ويقال إن ملوك الإقليم قديماً حظروا على الزائرين الأجانب، خصوصاً البريطانيين، بناء منازل لهم في كشمير، ما أدى إلى ظهور فكرة الاستعانة بالقوارب في أغراض السكن.
على خلاف الحال مع قوارب السكن في كيرالا، تبنى هذه القوارب السكنية في كشمير مثبتة على ضفاف بحيرتي دال وناغين. وتُصنع هذه المنازل العائمة من الخشب. قارب السكن هذا يحمل أسلوباً متميزاً في الحياة والمعيشة، وعلى الرغم مما قد تبدو عليه الفكرة من بساطة وبدائية، فإنها اليوم، مزودة بكل وسائل الترفيه والراحة إلى درجة تجعلك تشعر بأنك نزيل فندق فاخر. وكما الفنادق، تتنوع هذه القوارب وتختلف من حيث الحجم ودرجات الرفاهية.
في بحيرة دال، الواقعة في قلب المدينة، يشعر السائح كأنه في عالم مستقل لا علاقة له بالعالم الخارجي. تعج ضفافها بالأشجار التي تتنافس مع المتاجر والفنادق، علاوةً على جزر صغيرة وحدائق عائمة داخل البحيرة ذاتها، حيث تُزرع الأزهار والورود والخضراوات.
ويمكنك ركوب قارب خشبي صغير يُطلق عليه «شيكارا» للوصول إلى مزارات سياحية مثل جزيرة «تشار شينار»، و«نهرو بارك» القائمة على إحدى الجزر، والسوق العائمة الشهيرة. وفي بعض الأحيان، يقترب باعة يجولون بقواربهم، من قوارب السياح ليعرضوا عليهم ما يحملون في جُعبهم من ورود أو تذكارات قد يرغبون في شرائها.
داخل بحيرة نيغين الأكثر هدوءاً، تطل تلة مشهورة تدعى «هاري باربات»، التي تضفي مشهداً جمالياً ساحراً على طبيعة المكان.
إضافة لذلك، توفر معظم قوارب السكن قارب «شيكارا» للقيام بنزهة في أرجاء البحيرة أو باتجاه أقرب شواطئ البحيرة من المسكن العائم. ويمكن للمقيمين في القوارب، خوض تجربة تسوُّق من نوع جديد. وبوجه عام، تعتبر قوارب «شيكارا» بمثابة شريان الحياة داخل هذا العالم الذي تحيطه المياه من جميع الجوانب، ذلك أنها تتعاون في نقل ركاب محليين، إلى جانب عملها الأساس بصفتها قوارب أجرة مائية أمام نزلاء القوارب السكنية.
إذا لم تكن النية هي الإقامة فبمقدورك أيضاً استئجار قارب «شيكارا» للانطلاق في جولة حول البحيرة. ومن العروض المتنوعة للاستمتاع بثراء الطبيعة في كشمير، هناك عروض للراغبين في قضاء عطلات شهر العسل.
كيرالا
توفر كيرالا أيضاً تجربة رائعة فيما يخص حياة القوارب. ونظراً لوقوع الولاية بين البحر من جهة وممرات مائية من جهة أخرى، تعتمد المنطقة على القوارب التقليدية في شتى مناحي الحياة، من النقل المحلي إلى حمل الشحنات والذهاب للحروب. قديماً، كان الأرز ومحاصيل أخرى تُنقل في بوارج يطلق عليها «كيتوفالوم» ومع دخول الهند عصر الحداثة، بدأت هذه البوارج تفقد أهميتها شيئاً فشيئاً، لكن سرعان ما انتبه سكان المنطقة إلى أن هذه السفن القوية لدرجة تجعلها قادرة على الصمود لعدة أجيال، من الممكن تعديلها لتصبح مساكن مائية للزائرين. وفي الغالب، تتركز هذه القوارب السكنية اليوم في بحيرتي فيمباناد وأسهتامودي.
تتميز كيرالا بوجه عام، بشواطئ ساحرة ومياه زمردية اللون وبساتين غناء تعج بأشجار جوز الهند. وتُعرف بأنها «أرض الله». اللافت أنها تعج بقوارب سكنية رائعة تخلق أمام الزائر خيارات متنوعة تناسب مختلف الأذواق والميزانيات.
تجذب المسطحات المائية في الولاية عشاق الطبيعة بما تحمله بين جنباتها من حيوانات وطيور متنوعة. هناك، باستطاعتك الاستمتاع بهدوء الطبيعة من خلال الانطلاق في جولة بقيادة مجدفين محليين عبر قرى نائية في كيرالا. ومن خلال التفاعل مع الصيادين المحليين، يمكنك معرفة المزيد عن التقاليد والثقافة والتاريخ المحلي، عدا عن الاستمتاع بطعامها الشهي.
ومع تنقل القوارب عبر القنوات، تبدو الضفاف المزدانة بأشجار جوز الهند أشبه بسجادة مزخرفة طويلة وممتدة، وتعكس أسلوب الحياة المميزة السائد في المنطقة. تمتلك كل أسرة تقريباً داخل كيرالا قارباً لضمان النقل السريع، وستعاين الكثير من هذه القوارب لدى زيارتك الولاية، خصوصاً بالقرب من المدن الصغيرة والقرى.

- أسام
لا تقتصر القوارب السكنية على كيرالا وكشمير، وإنما توجد كذلك في شمال شرقي الهند. وتشتهر أسام بالحياة البرية الثرية ومزارع الشاي، حيث يتدفق عبرها نهر براهمابوترا - أحد أقوى الأنهار في العالم، الذي يتدفق عبر الولاية ليزيدها سحراً وتنوعاً. وتوفر القوارب السكنية على امتداد ضفاف براهمابوترا سبيلاً فريداً للاستمتاع بالجمال الطبيعي لأسام.
بجانب سحر الطبيعية، تمتاز الولاية بثرائها الثقافي والأدبي. ويعود الجزء الأكبر من التراث الثقافي فيها إلى مطلع القرن الـ13 عندما انتقل ملوك أسرة أهوم من تايلاند عبر شمال ميانمار إلى هذه المنطقة، واستمر حكمهم 600 عام.
من ناحية أخرى، تتميز القوارب السكنية هنا بمختلف التجهيزات والكماليات التي تضمن للنزلاء فترة إقامة مريحة. ويمكن الاختيار من بين مجموعة مختلفة من برامج الرحلات التي تتنوع فيما بينها حسب عدد الأيام والنشاطات المثيرة التي تشملها.
داخل أسام، يمكنك التعرف عن قرب على فن غزل الحرير في قرية سوالكوشي، أو فقط الاستمتاع برؤية الحياة البرية عن قرب داخل محمية بوبيتورا للحياة البرية الواقعة في السهول الفيضانية لنهر براهمابوترا. فهذه تشتهر بطيورها المهاجرة وحيوانات الكركدن وحيدة القرن المهددة بالانقراض. وتضم المحمية عدداً كبيراً من الحيوانات والطيور الغريبة التي يمكنك رؤيتها أثناء الإبحار في النهر. كما يمكن الإبحار بالقارب السكني حتى الجزء الأعلى من حوض براهمابوترا والانطلاق في جولة بمتنزه كازيرانغا الوطني.
ويمكنك الخروج من القارب لبعض الوقت والانطلاق في جولة برية مثيرة لزيارة سيبساغار، التي كانت ذات يوم عاصمة للإقليم في عصور ملكية غابرة.

- ماهاراشترا
تتضمن سواحل ماهاراشترا كثيراً من الشواطئ الساحرة التي لا تزال غير معروفة على نطاق واسع. أما الممر المائي الوحيد فيها، فيوجد عند تاركارلي، وهي قرية تتميز بطبيعتها الغناء وشواطئها التي تغطيها الشعاب المرجانية. لدى إقامتك داخل قارب سكني، ستضمن مزيداً من الراحة والرفاهية وعطلة لا تُنسى.
وتضم القوارب السكنية دورات مياه ومطابخ وغرفاً مجهزة لضمان مستوى فاخر من الإقامة.
والجميل فيها أيضاً أنه يمكنك التنقل منها عبر نهر كارلي، والاستمتاع بمشاهدة بساتين النخيل على ضفافه. أيضاً، بإمكانك ممارسة رياضة الغطس للتعرف على الحياة البحرية الغنية في المنطقة. وغالباً ما تظهر دلافين في المياه المفتوحة. أما مشهد الغروب، فصورته تُستعصى على النسيان.

- غوا
إذا كنت تشعر أنك استمتعت بشواطئ غوا بما يكفي وترغب في التمتع بمشاهد مختلفة، عليك الانطلاق في رحلة بحرية داخل قارب سكني عبر الممرات المائية التي تحظى بشهرة أقل عن شواطئ الولاية لكنها لا تُفوت. يمكن عبر الإبحار في النهر والممرات المائية التعرف عن قرب على جوهر هذه الولاية، وذلك عبر المرور أمام قرى غوا القديمة والمعابد والكنائس والقلاع ومزارع جوز الهند ومشاهدة الصيادين المنهمكين في نشر الشباك، وقد ترى كذلك الدلافين في المنطلقة بحرية في المياه المفتوحة.
وتتميز القوارب السكنية في الولاية بتجهيزات رفيعة المستوى كما أن غرفها مكيفة. يمكنك أيضاً ممارسة السباحة هنا، وكثير من الأنشطة المائية الأخرى، علاوةً على تناول الأطباق الشهية التي يشتهر بها مطبخ غوا.

- بونديتشري
تتميز هذه الولاية بمدن فرنسية الطراز، بمنازل مبنية على الطراز المعماري الاستعماري وشوارع مغطاة بالحصى تعج بالزائرين من مختلف أرجاء العالم. وتعتبر منطقة أوروبيندو أشرام المزار المفضل للسياح داخل بونديتشري، خصوصاً المقبلين من الغرب. ويمكنهم هنا الاستمتاع بالجو العام المميز للولاية من خلال الإقامة في قارب سكني فاخر.
ولا بد من الإشارة إلى أمر غاية في الأهمية، وهو الانتباه إلى قراءة التعليقات والمراجعات جيداً قبل الإقدام على حجز قارب سكني ما لأن ليس جميع القوارب السكنية مجهزة وتتضمن الكماليات التي تضمن لك عطلة ممتعة. أيضاً، تأكد من أن الشركات التي تتولى تشغيل هذه القوارب حاصلة على الموافقة الحكومية وجميع التصاريح المطلوبة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».