أحب المطارات والطائرات وأجدها مريحة للأعصاب

رحلة مع: المخرج سعيد الماروق

سعيد الماروق
سعيد الماروق
TT

أحب المطارات والطائرات وأجدها مريحة للأعصاب

سعيد الماروق
سعيد الماروق

لا يحتاج سعيد الماروق إلى تعريف، فهو من المخرجين المشهورين في لبنان والعالم العربي. تعامل مع أسماء لامعة في مجال الغناء أمثال نوال الزغبي ونجوى كرم وماجد المهندس ووائل كفوري من خلال تصويره فيديو كليبات ناجحة لهم، إضافة إلى فيلم «365 يوم سعادة» السينمائي الذي عرف العالم العربي به أكثر.
إلى جانب شغفه بعمله، فإنه يعتبر السفر أساسيا لتجديد الطاقة والأفكار. في حديث جانبي معه قال:
- السفر يعني لي الكثير. أولا أنا مغرم بعالم الطيران والطائرات والمطارات بشكل خاص. فعندما كنت صغيرا كان أساتذتي في المدرسة وفي كل مرة يلاحظون شرودي في الصف يرددون عبارة «سعيد ليس معنا بل في المريخ». وهو أمر صحيح إذ كنت أحلم دائما بالسفر وبأن أصل إلى كوكب المريخ في رحلاتي يوما. كما أن السفر في الليل حين يكون كل شيء مظلما في السماء لا تضيئه سوى إنارة الطائرة، له متعة خاصة بالنسبة لي، لأنه يُشعرني براحة تامة. عندما تحط الطائرة، لا يغيب ذلك الإحساس بالتحرر والإيجابية. فاستكشاف عالم جديد والتعرف على حضارته وثقافته عن قرب يمنحني طاقة إبداعية كبيرة. لهذا أنصح كل من أعرفه بالسفر كوسيلة لتوسيع الخيال وفتح آفاق جديدة. ومع ذلك أريد أن أعترف بأنه وسيلتي للهروب من الضغوط وحالات التوتر. ولا بد أن أذكر في هذا الصدد، بأنه كان ملاذي عندما عانيت من فشل قصة حبّ كنت أعيشها. كان لا بد أن أسافر لكي أنسى التجربة أو على الأقل أخرج من حالتي النفسية السيئة.
- من أفضل البلدان التي لا أمل من زيارتها، جنوب كل من فرنسا وإيطاليا. فمناخهما الدافئ يناسبني تماما كذلك شواطئهما الذهبية بمياهها اللازوردية، يمكنني أن أقضي ساعات طويلة في تأملها. أحب السفر أيضا لولاية لوس أنجلوس بالولايات المتحدة الأميركية، وإن كانت أفضل ذكرياتي مع السفر هي تلك التي أمضيتها في فرنسا في عام 1998. كنت يومها أقيم فيها لدواعي العمل، وسنحت لي الفرصة متابعة مباريات كأس العالم التي كانت تحتضنها. شعرت كما لو أن كل سكان الكرة الأرضية توافدوا عليها، لأني تعرّفت إلى جنسيات مختلفة. ولا بد من القول بأن فرنسا يومها لم تكن هي فرنسا التي نعرفها الآن. أفضل اليوم زيارة المكسيك بدلا من فرنسا لأن هذه الأخيرة أعرفها جيدا بينما الأولى لم يسبق أن زرتها يوما، وبالتالي لدي فضول للتعرف عليها عن قرب. أما قصة الحب التي تربطني بمدينة أمستردام فتطبعني حتى اليوم، ببيوتها المطلّة على النهر والملتصقة ببعض في تلاحم عجيب، في مشهد حُفر في ذاكرتي وأوقعني في حبها حتى اليوم.
- لا يمكنني أن أختار بين رحلة سفر من خمس نجوم وأخرى مليئة بالمغامرات. فلكل منهما نكهتها ووقتها. فأنا مثلا من الأشخاص الذين يحبون السفر بالسيارة وهذا ما فعلته مرة عندما كنت متوجها إلى ألمانيا. انطلقت إليها من بيروت مارا بعدة بلدان كنت آخذ فيها وقتا من الراحة وطبعا أستغل الفرصة لاكتشافها. مررت من سوريا مثلا إلى تركيا وبلغاريا ويوغوسلافيا إلى أن وصلت إلى النمسا ومنها إلى ألمانيا.
- قليلا ما أزور المتاحف في أي بلد أزوره، لأني بكل بساطة أحرص على ارتياد صالات السينما والمسارح كي أتشبع بأعمال فنية قد لا تسنح لي الفرصة لمشاهدتها في بلدان أخرى. أما التسوق، فهو جزء ضروري. أشتري غالبا منتجات محلية وأعمالا يدوية إلى جانب أزياء من ماركات معروفة لكن لمصممين ينتمون إلى البلد المضيف. نفس الأمر بالنسبة للمطاعم. فأنا أحب تذوّق الأطباق المحلية في كل بلد أزوره، لذا أحرص على الأكل في المطاعم الشعبية، لأنها برأيي تُلخص بمكوناتها الأصلية، نكهة البلد وذائقة أهله وحضارتهم.
- في السفر لا أخطط لشيء، أسرح بحرية وأترك الأمور تجري على طبيعتها. أنزل صباحا لأمشي بين الشوارع وأتوقف عند الدكاكين والمحلات الصغيرة، حتى أصل إلى الوجهة التي كانت على بالي.
- أسوأ ذكرياتي مع السفر كانت في تشيكيا عندما ألقت الشرطة القبض علي على خلفية شكوى زائفة. شكّل الأمر صدمة كبيرة لي لأني لم أكن أتوقعها بتاتا.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».