«ألغاز بريكست» مستمرة: التوظيف عند أقصى معدلاته في بريطانيا رغم المخاوف

«ألغاز بريكست» مستمرة: التوظيف عند أقصى معدلاته في بريطانيا رغم المخاوف
TT

«ألغاز بريكست» مستمرة: التوظيف عند أقصى معدلاته في بريطانيا رغم المخاوف

«ألغاز بريكست» مستمرة: التوظيف عند أقصى معدلاته في بريطانيا رغم المخاوف

فيما يبدو أنه استمرار لموجة المفاجآت غير المتوقعة الخاصة بحالة الـ«بريكست» البريطانية، ارتفع عدد العاملين في المملكة المتحدة، ليصل إلى رقم قياسي جديد بلغ 32.7 مليون شخص في الفترة ما بين نوفمبر (تشرين الثاني) 2018 ويناير (كانون الثاني) 2019. فيما سجل مستوى البطالة في بريطانيا أدنى مستوى له منذ بداية عام 1975 متراجعاً إلى 3.9 في المائة، وذلك رغم الشكوك التي يسببها ملف «بريكست» للاقتصاد، بحسب ما أعلن «مكتب الإحصاء» البريطاني أمس.
وتؤكد هذه الأرقام متانة سوق العمل في بريطانيا منذ عدة أشهر، رغم عدم الوضوح بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي من عدمه في 29 مارس (آذار) (آذار) الحالي، ورغم تباطؤ النمو. وشكل تراجع نسبة البطالة مفاجأة لخبراء الاقتصاد الذين كانوا توقعوا استقرار النسبة عند 4 في المائة، بحسب «بلومبرغ». وتعد هذه البيانات أقل من مستويات العام الماضي بنحو 112 ألف شخص، مما يجعل معدل البطالة أقل بكثير من متوسط الاتحاد الأوروبي البالغ 6.5 في المائة.
وسجلت نسبة التوظيف ارتفاعاً قياسياً عند 76.1 في المائة، وهي النسبة الأعلى منذ بدء جمع هذه الإحصاءات في 1971. وزاد عدد الوظائف أكثر من المتوقع ليبلغ 222 ألف وظيفة مقارنة بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) 2018، وهو أكبر ارتفاع يسجل منذ 2015.
وفسر «معهد الإحصاء» الارتفاع؛ بالعدد المتنامي من النساء اللاتي يعملن، خصوصاً بسبب رفع سن التقاعد. كما أن العمل الجزئي يشهد نمواً كبيراً ويشمل النساء أكثر من الرجال.
وقال كبير الإحصائيين لدى المكتب «مات هيوز»: «وصل معدل التوظيف إلى مستوى قياسي جديد، في حين أن نسبة الأشخاص الذين لا يعملون ولا يبحثون عن وظيفة (ما يسمى معدل الخمول الاقتصادي) وصلت إلى مستوى قياسي جديد»، بحسب ما نقله موقع «أرقام».
وفي الوقت نفسه، انخفض عدد الأشخاص غير النشطين اقتصادياً بنحو 117 ألفاً إلى 8.55 مليون، بمعدل 20.7 في المائة، وهو أدنى مستوى على الإطلاق. وقال وزير القوى العاملة ألوك شارما: «تظل سوق الوظائف لدينا مرنة... إذ نرى عدداً أكبر من الناس من أي وقت مضى يستفيدون منها، وإذا دعم البرلمان صفقة الحكومة لـ(بريكست) وإعطاء اليقين لرجال الأعمال، فهناك فرصة لحماية سجل الوظائف هذا».
كما ارتفعت الأجور (بما فيها العلاوات) بشكل واضح بنسبة 3.4 في المائة بالقياس السنوي. وعزز ذلك القدرة الشرائية للأسر، التي كانت عانت في 2017 من ارتفاع كبير في الأسعار.
وبحسب «المعهد»، فإن الأجور ارتفعت بسبب العدد القياسي للوظائف الشاغرة التي بلغت 863 ألفاً في نهاية يناير الماضي. وهو ما أجبر الشركات على تقديم عروض أجور أفضل نظراً لصعوبة التوظيف.
وأشار الخبير الاقتصادي هيوارد آرشر إلى «المخاوف القائمة في بعض القطاعات بشأن نقص العمالة الماهرة، الذي يمكن أن يفسر بتراجع عدد العمال الآتين من الاتحاد الأوروبي».
وتتحدى متانة سوق العمل الظرف القاتم بالنسبة للشركات التي تتردد في الاستثمار بسبب الشكوك المرتبطة بـ«بريكست»، في وقت تتأهب فيه رئيسة الوزراء تيريزا ماي لطلب تأجيل «بريكست» بالنظر إلى الصعوبات التي تلقاها في جعل البرلمان يصادق على الاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي.
وتوقعت الغرف التجارية البريطانية، خصوصاً، تراجعاً بنسبة واحد في المائة هذا العام في استثمارات الشركات، مما سيشكل أسوأ أداء للشركات منذ الأزمة المالية. كما تعاني الشركات العاملة في المملكة المتحدة من حالة سيئة وقلق متزايد، بعد أن رفض المشرعون في البرلمان البريطاني للمرة الثانية صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، التي تفاوضت عليها رئيسة الوزراء تيريزا ماي، مما دفع مجتمع الأعمال البريطاني لإطلاق تحذيرات مفادها بأن مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي من دون صفقة يعني الذهاب نحو «الهاوية».
والأسبوع الماضي قالت كارولين فيربيرن، المديرة العامة لاتحاد الصناعة البريطانية، وهو لوبي أعمال قوي: «يكفي هذا، حان الوقت للبرلمان لوقف هذا السيرك، الوظائف ومعيشة الناس تعتمد على هذه الصفقة». وقال آدم مارشال، المدير العام لغرف التجارة البريطانية: «حذرت الشركات مراراً وتكراراً من أن المملكة المتحدة ليست مستعدة لمواجهة عواقب الخروج من الاتحاد الأوروبي بشكل فوضوي وغير منظم».
وأمضت الشركات في بريطانيا والاتحاد الأوروبي شهوراً في الاستعداد لما يمكن أن يخلفه «بريكست» من فوضى، ويعدّ أكبر مخاوفهم هو سيناريو تتخلى فيه المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، مما يؤدي إلى حواجز تجارية جديدة بينما تتعرض الوظائف والاستثمار للخطر، بحسب تقرير لـ«سي إن إن».
وقالت كاثرين ماك جينيس، من «مؤسسة مدينة لندن»، التي تروج للمدينة بوصفها «مركزاً مالياً»: «إننا الآن قرب حافة الهاوية، يجب على السياسيين من كل لون أن يتغلبوا على خلافاتهم، وأن يجعلوا تجنب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الأولوية المطلقة، بدءاً من التصويت في البرلمان».
وتأتي مخاوف الشركات فيما خفضت بريطانيا الأسبوع الماضي توقعاتها للنمو لعام 2019، بينما قال وزير المال فيليب هاموند إن «إزالة الشكوك المحيطة بـ(بريكست) هي المسألة الأكثر إلحاحاً بالنسبة للبرلمان».
ومن المتوقع أن يسجل اقتصاد المملكة المتحدة نمواً نسبته 1.2 في المائة هذا العام، أي بتراجع حاد عن توقعات الحكومة بنسبة 1.6 في المائة في أكتوبر الماضي، وفقاً لهاموند، الذي علل ذلك بتأثر اقتصاد المملكة المتحدة أيضاً بتباطؤ الصين وبتوترات الحرب التجارية.
لكن وسط تلك التوقعات التشاؤمية، أظهر تقرير شركة «جي إف كيه لأبحاث السوق»، مطلع الشهر الحالي، أن مؤشرها لثقة المستهلكين البريطانيين ارتفع في فبراير (شباط) الماضي، بما يظهر تمتع الأسر البريطانية بقوة تحمل «مدهشة» للأوضاع في بلادهم التي تتجه نحو الخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث ارتفع مؤشر ثقة المستهلكين إلى «سالب 13 نقطة» في فبراير الماضي من «سالب 14» في يناير الماضي، فيما كانت توقعات الاقتصاديين تشير إلى تراجع طفيف إلى «سالب 15».



«أسبوع أبوظبي» يؤكد ضرورة التوازن بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة

الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)
الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)
TT

«أسبوع أبوظبي» يؤكد ضرورة التوازن بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة

الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)
الشيخ محمد بن زايد وعدد من رؤساء الدول في افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة» (وام)

أكدت الإمارات على أن العالم يشهد مرحلة تغييرات جذرية تقودها ثلاثة عوامل قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل المستقبل، ويتمثل ذلك في نهوض الأسواق الناشئة، والنقلة النوعية في منظومة الطاقة، والتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي.

وهذه التوجهات مجتمعة قادرة على دفع عجلة التقدم، وتسريع ذلك بوتيرة غير مسبوقة، كما شدّدت على ضرورة عدم الاختيار بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة، لأن هذا التفكير يعوق ويبطئ التقدم.

وجاءت الدعوة الإماراتية خلال انطلاق افتتاح «أسبوع أبوظبي للاستدامة 2025» بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات.

وأشار الشيخ محمد بن زايد إلى أن «(أسبوع أبوظبي للاستدامة) يمثل منصة عالمية لطرح الرؤى وتبادل الخبرات من أجل مستقبل أفضل للبشرية، ويجسد التزام دولة الإمارات الثابت بدعم كل ما يعزز العمل الجماعي الدولي لتحقيق التنمية المستدامة والازدهار للجميع، إضافة إلى نهج البلاد في تبني التكنولوجيا المتقدمة وتوظيفها لتحقيق نقلة نوعية في نظم الطاقة، ودفع عجلة التقدم الاقتصادي بما يضمن تحقيق الاستقرار والرفاهية للمجتمعات».

وأضاف أن الاستدامة تُمثل ركيزة أساسية ضمن استراتيجيات التنمية الوطنية لدولة الإمارات.

ازدياد الطلب على الطاقة

من جهته، قال الدكتور سلطان الجابر، وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر)، خلال كلمة رئيسة ألقاها، إن «دولة الإمارات ملتزمة بمواصلة دورها الرائد في دعم مسيرة التنمية المستدامة، وتعزيز التعاون الدولي، والعمل على توحيد جهود مختلف الأطراف ضمن مسار واحد يفتح الباب أمام النمو، ويقود جهود الرفاهية والازدهار، ويطلق العِنان لفرص اقتصادية غير مسبوقة»، مشدداً على أن ازدياد الطلب العالمي على الطاقة يستدعي توفير خيارات متنوعة من مصادرها لدفع عجلة التقدم المستدام.

وأضاف الدكتور سلطان الجابر: «مع بداية الربع الثاني من القرن الحادي والعشرين، نشهد مرحلة مفصلية نقف فيها بين عالَمين، أحدهما نعرفه، وآخر نستكشف ملامحه واحتمالاته، هذه المرحلة التي أسميها (نقلة نوعية من الحاضر إلى المستقبل)».

ثلاثة عوامل

وأوضح أن هناك ثلاثةَ عوامل قوية ومؤثرة تتضافر معاً لإعادة صياغة وتشكيل مستقبل البشرية بطرق لم نكن لنتخيلها، وهي نهوض الأسواق الناشئة المسؤولة حالياً عن أكثر من نصف معدلات النمو والازدهار في العالم، والنقلة النوعية في منظومة الطاقة، التي تسهم في توسيع نطاق مزيج الطاقة وخلق قطاعات جديدة بالكامل، والتطور الكبير في الذكاء الاصطناعي، ودوره في تسريع وتيرة التغيير. مؤكداً أن هذه التوجهات مجتمعة قادرة على دفع عجلة التقدم، وتسريع ذلك بوتيرة غير مسبوقة.

وبيّن أن مساعي القيادة لتعزيز التكاتف وتضافر الجهود عالمياً ألهمت العمل الدولي متعدد الأطراف، وساعدت في تغليب العزم والتصميم على الشكوك والمخاوف، ونجحت في توحيد جهود العالم للتوصل إلى «اتفاق الإمارات» التاريخي خلال مؤتمر الأطراف (كوب 28) الذي استضافته الإمارات في عام 2023.

جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«أسبوع أبوظبي للاستدامة» (الشرق الأوسط)

عدم استقرار إمدادات الطاقة المتجددة

وأشار الدكتور سلطان إلى أن عدم استقرار إمدادات الطاقة المتجددة كان على مدار عقود، أكبر عائق لتحقيق أقصى استفادة ممكنة من هذه المصادر. لكنَّ هذا التحدي تمت معالجته حالياً من خلال إطلاق دولة الإمارات لمشروع رائد في هذا المجال.

وقال: «من أهم التحديات التي يواجهها القطاع هو كيفية توفير الطاقة لعالم يشهد حركةً مستمرة من خلال مصادر غير مستقرة، وتحويل المصادر المتجددة إلى طاقة موثوقة يمكن الاعتماد عليها، واليوم أصبحت لدينا إجابة. وبهذا الصدد يسرُّني أن أعلن عن إطلاق أول منشأة للطاقة المتجددة في العالم قادرة على توفير الطاقة المتجددة على نطاق واسع بشكل مستقر ومستمر في الأوقات كافة».

وأشار إلى الطفرة التي حدثت في قطاع الطاقة، التي ارتبطت بالتوجهات العالمية الثلاثة، خاصةً النمو الكبير في الذكاء الاصطناعي، مما أدى إلى ارتفاع حجم الطلب الإجمالي على الطاقة.

تطبيقات الذكاء الاصطناعي

وقال: «قبل بدء استخدام أدوات وحلول الذكاء الاصطناعي، كان الطلب المتوقع على الطاقة في طريقه إلى الارتفاع من 9 آلاف غيغاواط إلى أكثر من 15 ألف غيغاواط بحلول عام 2035. ولكن مع نمو تطبيقات، مثل (شات جي بي تي) بمقدار نصف مليار زيارة كل شهر، واستخدامها طاقةً تعادل عشرة أضعاف ما يستخدمه البحث لمرة واحدة على (غوغل)، فقد يصل الطلب بحلول 2050 إلى 35 ألف غيغاواط. إننا نتحدث هنا عن نسبة زيادة تقدر بنحو 250 في المائة، ولا يوجد مصدر واحد للطاقة بإمكانه تلبية هذا الطلب غير المسبوق».

وأكد الحاجة إلى تطبيق نهج يعتمد على مزيج متنوع من المصادر لضمان أمن الطاقة وتوفيرها لمليارات الأشخاص، بما يشمل طاقة الرياح، والطاقة الشمسية، والطاقة النووية، والغاز، والهيدروجين، والنفط الأقل كثافة من حيث الانبعاثات. وكذلك الاعتماد على تقنيات، مثل تخزين الطاقة باستخدام البطاريات، والتقاط وتخزين الكربون، بالإضافة إلى مصادر الطاقة الجديدة، والتقنيات النظيفة التي لم يتم اكتشافها بعد.

وقال: «تم إطلاق (إكس آر جي XRG) لتنضم إلى محفظة أبوظبي المتنوعة من الطاقة، وهي شركة استثمارية دولية في مجال الطاقة تسهم في تحقيق أقصى استفادة من الطاقة عبر الاستثمار في مختلف مجالات القطاع، من الغاز إلى الكيماويات والوقود منخفض الكربون، والبنية التحتية للطاقة».

تنويع المصادر

وشدّد على أنه لا يوجد مصدر واحد للطاقة بإمكانه تلبية الطلب غير المسبوق عليها، خاصةً مع افتقار مليار شخص في العالم إلى الطاقة حتى الآن، مما يؤكد ضرورة تنويع خيارات مصادرها.

كما شدّد على ضرورة عدم الاختيار بين الحصول على الطاقة وضمان الاستدامة، لأن هذا التفكير يعوق ويبطئ التقدم، مؤكداً أن الطاقة والاستدامة ليستا متعارضتين، بل هما متكاملتان، ويتطلب ذلك إنشاء مسارٍ جديد يضمهما معاً، ويفسح المجال أمام النمو، ويقود جهود الرفاهية والازدهار، ويطلق العنان للفرص الاقتصادية غير المسبوقة، ويقود البشرية للوصول إلى النقلة النوعية من الحاضر إلى المستقبل.