«حقول الموت» تهدد حياة 330 ألف مدني بالحديدة

الطفلة غيداء ليست آخر ضحايا الألغام الحوثية

حوثيون يقفون امام حقل الغام تمت ازالته في الحديدة (غيتي)
حوثيون يقفون امام حقل الغام تمت ازالته في الحديدة (غيتي)
TT

«حقول الموت» تهدد حياة 330 ألف مدني بالحديدة

حوثيون يقفون امام حقل الغام تمت ازالته في الحديدة (غيتي)
حوثيون يقفون امام حقل الغام تمت ازالته في الحديدة (غيتي)

لم تكن الطفلة غيداء محبوب تعلم أن لغماً حوثياً يتربص بها ليسلبها حياتها وهي تمارس ألعابها اليومية كالعادة في قريتها الريفية بمنطقة الشعيب بمديرية القبيطة، شمال محافظة لحج بجنوب اليمن، أول من أمس.
توفيت الطفلة غيداء محبوب عبده، وأصيبت زميلتها ميمونة علي سيف بإصابات بالغة، جراء انفجار في الطريق الفرعي في أثناء عودتهما إلى منزلهما، بفعل لغم حوثي لم تردع زارعيه براءة الطفولة. الطفلة غيداء ليست آخر ضحايا الألغام الحوثية التي تتربص بحياة مئات الآلاف من المدنيين اليمنيين كل لحظة وكل ساعة وكل يوم، والتي باتت مشكلة كبيرة تؤرق الجميع، وبحاجة لتدخل المجتمع الدولي للضغط على ميليشيات الموت والإجرام للتوقف عن زراعتها بحقد وعشوائية مفرطة.
لقد حولت «حقول الموت» الحوثية حياة السكان المدنيين إلى جحيم، إذ باتت الألغام تتربص بالمدنيين بكل خطوة يخطونها عند خروجهم من منازلهم لغرض ما، ولم يعد أحد يثق من عودته سالماً إلى ذويه جراء تلك الألغام الحوثية التي تقض مضاجع كل اليمنيين، وستبقي تؤرق الجميع لسنوات مقبلة طويلة. ويشير تقرير حقوقي لمؤسسة «رصد» للحقوق والحريات إلى أن عدد المدنيين المعرضين للخطر المباشر (الموت الحتمي) بمحافظة الحديدة يزيد على 330 ألف مدني، كما عرضت الألغام الحوثية حياة أكثر من 140 ألف أسرة للخطر، وتشمل تلك الأرقام المرعبة فترة ما بعد اتفاق السويد.
ويكشف التقرير الذي تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه زراعة ميليشيا الحوثيين 37 حقلاً من الألغام، كل حقل يضم الآلاف من الألغام الفردية والجماعية والمركبة، المنتشرة في 251 منطقة ضمن نطاق 16 مديرية من مديريات المحافظة البالغة 26 مديرية. وقالت المؤسسة إن تقريرها حول حقول الموت الحوثية هو بمثابة نداء إنساني عاجل لإنقاذ حياة مئات العالقين في قلب حقول الموت التي تختطف أرواح الأطفال الذين باتوا يشكلون عدد الضحايا الأكثر جراء الألغام.
وكشف رئيس مؤسسة «رصد» للحقوق والحريات، مجاهد القب، عن أن أعداد قتلى الألغام وصلت إلى 56 شخصاً، بينهم 20 طفلاً، و7 نساء، فيما أصيب 31 شخصاً، من بينهم 9 أطفال، منذ الـ18 من يناير (كانون الثاني) 2018، لافتاً إلى أن ميليشيات الحوثيين أجبرت عشرات الأسر على النزوح من منازلها في المدينة، وفخختها بألغام ومتفجرات، خصوصاً في حي 7 يوليو والزهور، بمديرية الحالي.
وقال القب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن مسلحي الحوثي نفذوا ما يسمونها «إحياء الألغام»، وهي عملية زراعة ألغام جديدة في أماكن الألغام نفسها التي انفجرت، وأوقعت ضحايا بين المدنيين، مقدراً حقول الألغام الحوثية بـ37 حقلاً، تمتد على مساحة 594 كيلومتراً في 16 مديرية بمحافظة الحديدة.
وأوضح رئيس مؤسسة «رصد» أن ميليشيات الحوثي كثفت عمليات زراعة الألغام في الحديدة، عقب دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مؤكداً أن المزارعين والصيادين في الحديدة لا يستطيعون الوصول إلى مزارعهم وقواربهم بفعل حقول الألغام الحوثية التي تحاصر مساحات شاسعة على امتداد سواحل المحافظة.
وقدر تقرير مؤسسة «رصد» للحقوق والحريات خسائر القطاع الزراعي والاقتصادي جراء حقول الألغام الحوثية بملياري دولار، مشيراً إلى أن هناك 93 منشأة صناعية مفخخة في الحديدة.
ومن جهته، يقول الناشط الحقوقي شادي علوان، عضو المجموعة الجنوبية المستقلة، إن حقول الألغام التي تزرعها الميليشيات الحوثية تعد جريمة ضد الإنسانية، حيث تتحدث التقارير الحقوقية عن تجاوز الألغام التي زرعها الحوثيون المليون لغم، التي حصدت الآلاف من الضحايا المدنيين الأبرياء، نساء وأطفال وعجزة، بين قتيل وجريح.
وزاد أنه في مدينة الحديدة وحدها، زرعت الميليشيات الحوثية ما يزيد على 37 حقل ألغام، داخل وخارج المدينة، وعلى سواحلها، حيث يحتوي كل حقل من الألغام على الآلاف، بين لغم فردي ولغم للمركبات وألغام بحرية، عطلت حياة أكثر من 800 ألف نسمة من الذهاب إلى أعمالهم ومزارعهم، وبثت الرعب في نفوس المواطنين بسبب الضحايا الذين يسقطون يومياً جراء تلك الألغام المميتة.
وكانت المجموعة الجنوبية المستقلة قد استعرضت جرائم الحوثيين في سلسلة ندوات لها في الدورة الـ40 لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، التابع للأمم المتحدة، أبرزها حقول الألغام، وتجنيد الأطفال، وعسكرة الأحياء السكنية، والقتل والاختطاف، والتهجير القسري، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة للطفل والمرأة والمجتمع في الحديدة خصوصاً، واليمن بشكل عام.
وخلال الأسبوع الثاني فقط من شهر مارس (آذار) الحالي، تم نزع 1927 لغماً، منها 1296 لغماً مضاداً للدبابات، و25 لغماً مضاداً للأفراد، و577 ذخيرة غير متفجرة، و29 عبوة ناسفة، وفق ما أكده القائمون على مشروع «مسام» باليمن.
تجدر الإشارة إلى أن عدد الألغام المنزوعة منذ انطلاق مشروع «مسام»، من أواخر يونيو (حزيران) 2018 حتى منتصف مارس (آذار) الجاري، يزيد على 50 ألف لغم، توزعت بين ألغام فردية ومركبة وذخائر غير متفجرة وعبوات ناسفة، في حين أن عدد الألغام المنزوعة خلال الشهر الحالي فقط بلغت أكثر من 4 آلاف لغم.


مقالات ذات صلة

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

المشرق العربي أعلنت شركة ستارلينك بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن (سبأ)

«ستارلينك» تعلن بدء خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن

أعلنت شركة ستارلينك (المملوكة للملياردير الأميركي إيلون ماسك)، الأربعاء، بدء توفر خدمة الإنترنت الفضائي في اليمن، ليصبح اليمن الدولة الأولى في الشرق الأوسط…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحكومة اليمنية شرعت في تنفيذ إصلاحات مالية وإدارية ومكافحة الفساد (إعلام حكومي)

الحكومة اليمنية تمهل المزدوجين وظيفياً 30 يوماً للاستقالة

أمهلت الحكومة اليمنية المزدوجين وظيفياً مهلة شهر لتقديم استقالتهم من إحدى الوظيفتين قبل اتخاذ أي إجراءات عقابية، في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة للإصلاحات.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي نفَّذ البرنامج السعودي أكثر من 229 مشروعاً ومبادرة تنموية في مختلف المناطق اليمنية (سبأ)

«البرنامج السعودي» يدرس إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن

ناقش مسؤول سعودي مع وكيل وزارة الزراعة والري اليمنية، إنشاء صندوق لدعم التنمية الزراعية في اليمن، إلى جانب أبرز التحديات التي تواجه قطاع الزراعة في البلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

البرهان: الحكومة منفتحة على جهود إنهاء الحرب

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)
TT

البرهان: الحكومة منفتحة على جهود إنهاء الحرب

رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)
رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان (رويترز)

قال قائد الجيش و«رئيس مجلس السيادة الانتقالي» في السودان، عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، إن الحكومة تظل «منفتحة أمام كافة الجهود البناءة الرامية إلى إنهاء هذه الحرب المدمرة»، مع «قوات الدعم السريع».

وأضاف رداً على دعوة الرئيس الأميركي جو بايدن للطرفين المتحاربين لمعاودة الانخراط في المحادثات «نحن على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين سعيا للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة شعبنا ويضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة"، وفق ما نقلته «رويترز».

ودعا بايدن أمس طرفي النزاع إلى استئناف المفاوضات الرامية لإنهاء الحرب المستمرة بينهما منذ أبريل (نيسان) 2023 والتي خلّفت عشرات آلاف القتلى ودفعت البلاد إلى حافة المجاعة. وبعيد أيام من تجدّد المعارك العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في إقليم دارفور (غرب) قال بايدن في بيان «أدعو الطرفين المتحاربين المسؤولين عن معاناة السودانيين - القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع - إلى سحب قواتهما وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق وإعادة الانخراط في المفاوضات لإنهاء هذه الحرب».

والسبت، تجدّدت المعارك العنيفة في الفاشر حيث تشنّ «قوات الدعم السريع» هجوماً للسيطرة على المدينة الواقعة جنوبي غرب البلاد.

والفاشر هي الوحيدة بين عواصم ولايات دارفور الخمس التي لم تسيطر عليها قوات الدعم السريع رغم أنها تحاصرها منذ مايو (أيار).

وفي بيانه، أعرب بايدن عن أسفه لأنّ هذا الحصار تحوّل مؤخراً إلى «هجوم مكثّف»، مشيراً إلى الفظائع التي تعرّض لها المدنيون منذ بداية النزاع، وفق ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.

وكان حاكم إقليم دارفور مني مناوي أعلن الأسبوع الماضي أنّ الجيش صدّ «هجوما كبيرا» على الفاشر شنّته قوات الدعم السريع التي قالت من جهتها إنّها تقدّمت وسيطرت على مواقع عسكرية في المدينة.

ومنذ أبريل 2023 يشهد السودان حربا مستعرة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي).

والثلاثاء، حذّر الرئيس الأميركي من أنّ هذه الحرب خلقت "واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم"، مشيرا بالخصوص إلى نزوح ما يقرب من "10 ملايين شخص".

وبدأت الولايات المتّحدة في 14 أغسطس (آب) مناقشات في سويسرا لتوسيع نطاق وصول المساعدات الإنسانية والتوصل لوقف لإطلاق النار.

وانتهت المحادثات بعد حوالي عشرة أيام من دون التوصل لاتفاق على وقف لإطلاق النار، لكنّ الطرفين المتحاربين التزما ضمان وصول آمن ومن دون عوائق للمساعدات الإنسانية عبر ممرّين رئيسيين.

وفي بيانه ذكّر بايدن بأنّ المساعدات الأميركية للمدنيين السودانيين بلغت 1.6 مليار دولار خلال عامين.

وأضاف "فلنكن واضحين: الولايات المتحدة لن تتخلى عن التزامها تجاه شعب السودان الذي يستحق الحرية والسلام والعدالة، وندعو جميع أطراف الصراع إلى إنهاء العنف". وشدّد بايدن على أنّه "يتعيّن على الطرفين السماح فوراً بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى جميع مناطق السودان."