نخبة المجتمع الجزائري تتظاهر ضد تمديد «العهدة الرابعة»

مجموعة سياسية معارضة تحث الجيش على عدم التدخل في السياسة

جانب من مظاهرات الأطباء وسط العاصمة الجزائرية أمس  (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات الأطباء وسط العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)
TT

نخبة المجتمع الجزائري تتظاهر ضد تمديد «العهدة الرابعة»

جانب من مظاهرات الأطباء وسط العاصمة الجزائرية أمس  (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات الأطباء وسط العاصمة الجزائرية أمس (إ.ب.أ)

في حين يجري التحضير بقوة لـ«مليونية» جديدة الجمعة المقبل بهدف حمل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة على الرحيل، نزل إلى شوارع العاصمة الجزائرية، أمس، آلاف الأطباء والمحامين والقضاة، وأعوان الدفاع المدني للتظاهر ضد «إصرار الرئيس بوتفليقة على الاستمرار في الحكم. وفي غضون ذلك، دعت مجموعة سياسية جديدة، أطلقت على نفسها اسم «التنسيقية الوطنية من أجل التغيير»، يقودها نشطاء ورموز معارضة، الجيش إلى عدم التدخل في الشأن السياسي. وقالت: إنه يتعين على الجيش «ضمان مهامه الدستورية دون التدخل في خيارات الشعب».
ونظم الأطباء، أمس، وسط العاصمة مظاهرة بـ«مستشفى مصطفى باشا الجامعي»، وخرجوا في مسيرة بأهم الشوارع، وتجمعوا لساعات طويلة بـ«البريد المركزي»، لكن احتوتهم قوات الأمن لمنعهم من التوجه إلى قصر الحكومة القريب. ورفع الأطباء شعارات تندد بالنظام، وتطالب الرئيس بوتفليقة بالتنحي.
وتكررت المشاهد نفسها في بقية الولايات؛ إذ تظاهر عدد كبير من الأطباء بالمستشفيات والمصحات الحكومية، رافعين شعارات تستنكر «محاولات الالتفاف على مطالب الحراك الشعبي». وبدورهم، ندد المحامون في مسيرات جابت ولايات عدة بـ«محاولات السلطة تدويل الحراك الشعبي في الجزائر»، في إشارة إلى سفريات نائب رئيس الوزراء رمضان لعمامرة إلى روسيا وأوروبا الغربية لـ«شرح» خطة السلطة للخروج من المأزق، وأهم ما فيها عقد «ندوة وطنية» قبل نهاية العام، تنبثق عنها مسودة دستور جديد يعرض على الاستفتاء، وتحديد تاريخ رئاسية جديدة.
وكان بوتفليقة قد أعلن في 11 من الشهر الحالي تخليه عن الترشح لولاية خامسة، وإلغاء الانتخابات التي كانت مقررة في 18 من أبريل (نيسان) المقبل. لكن معارضيه عدّوا هذا القرار غير دستوري. علماً بأن ولاية الرئيس الرابعة تنتهي، دستورياً، في 28 من الشهر المقبل، حيث أدى في هذا اليوم من عام 2014 اليمين الدستورية، إيذاناً ببدء فترة رئاسية جديدة. وبحسب المحلل السياسي فيصل حشاش، فإن «أخطر ما في زيارة لعمامرة إلى روسيا وأوروبا هو محاولة الحصول على ضوء أخضر لقمع الحراك الشعبي، مقابل ضمانات بشأن صفقات التسليح أو امتيازات اقتصادية، أو تصوير الوضع بأنه بداية نهاية تحالفات استراتيجية، أقامتها الجزائر مع هذه الدول في حال رحيل النظام، ومنها البحث عن دعم دولي قوي لخريطة الطريق المنسوبة لبوتفليقة. والحل هو اتحاد الشعب مع جيشه، واتحاد الجيش مع شعبه».
من جهته، أوضح عبد الحميد، شقيق القيادي الإسلامي علي بن حاج، في اتصال هاتفي، أن قوات الأمن منعته من الالتحاق بمظاهرة الأطباء، وأجبرته على العودة إلى بيته. علماً بأنه منذ بداية المظاهرات في 22 من فبراير (شباط) الماضي وقفت السلطات حائلاً دون مشاركة بن حاج في أي مظاهرة، وهو الوحيد من ضمن الملايين من تتصرف معه السلطة بهذه الطريقة؛ وذلك بسبب خوفها من قدرته الكبيرة على التعبئة ضدها.
على صعيد آخر، نفى «التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده رئيس الوزراء المستقيل أحمد أويحيى، بصفحته بـ«فيسبوك»، خبراً نشرته أمس صحيفة محلية، مفاده أنه عرض أملاكه للبيع تمهيداً لمغادرة البلاد. وقال الحزب بهذا الخصوص: «فضّل أويحيى سنة 1993 ترك منصبه سفيراً (بمالي) ليلتحق بأرض الوطن لخدمته، وبقي في بلاده طوال سنوات المأساة الوطنية (فترة الصراع مع الإرهاب في التسعينات). وهو لا يفكر اليوم في هجرة بلده الذي لا بديل عنه بالنسبة له».
في غضون ذلك، اقترح عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية» الإسلامية، لتجاوز مرحلة 28 أبريل عندما يصبح منصب الرئيس شاغراً «مجلساً رئاسياً»، يتكون من «شخصيات وطنية مشهود لها بالاستقامة والنزاهة والاعتدال... تقوم بإدارة شؤون المرحلة الانتقالية، التي ننتخب فيها رئيساً ونعدّل الدستور».
وقال الناشط السياسي محمد صالحي: إن «الشيخ جاب الله لم يقترح شخصيات بعينها، ورأيي أن ثلاث شخصيات لها باع في السياسة وعايشت جميع المراحل، وكانت لها مواقف مشرّفة ضد الجماعة الحاكمة، يمكن أن تؤدي دوراً للخروج من حالة الانسداد. وهم أحمد طالب الإبراهيمي (وزير الخارجية الأسبق)، ومولود حمروش (رئيس الوزراء الأسبق)، والعقيد يوسف الخطيب (أحد رموز ثورة التحرير)... وهم ثلاثتهم انسحبوا من رئاسيات 1999 قبل إجرائها، وظلوا شوكة في حلق بوتفليقة طيلة عشرين سنة من حكمه، فضلاً عن كونهم يملكون تجارب سياسية ضاربة في العمق، تمتد إلى ثورة التحرير نضالاً وقيادة، وكذا خلال فترات حكم الرؤساء الجزائريين المتعاقبين. كما يمتلكون جميعهم رصيداً معرفياً محترماً. وأعتقد أن الأغلبية الساحقة من الجزائيين تكنّ الاحترام لهم، وتثق في قدرتهم على قيادة السفينة».
من جهة أخرى، أثارت لقاءات صحافيين بالدبلوماسي الأممي المتقاعد الأخضر الإبراهيمي، جدلاً حاداً في الأوساط الإعلامية؛ إذ قال الكاتب الصحافي مهدي براشد: «هناك صحافيون التقوا الأخضر الإبراهيمي، وتحدثوا معه في شأن الحراك الشعبي الذي تعرفه البلاد. لن أناقش بأي صفة جاء بها الإبراهيمي والتقى فيها هؤلاء الصحافيين، وأناساً آخرين من مجالات أخرى؛ لأن الرجل، ومنذ أن وصل الجزائر يصر على التأكيد أن كل حركته هذه الأيام يدفعها الحراك الشعبي والندوة الوطنية المعلن عنها، وفي الوقت نفسه يصر على أنه يتحدث كمواطن فقط، وأن لا ورقة طريق لديه».



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».