الإعصار «إيداي»... سباق مع الوقت لإنقاذ الأرواح

دخل رجال الإنقاذ، أمس، في سباق مع الوقت لإنقاذ آلاف الأشخاص بعد مرور الإعصار إيداي المدمر بجنوب القارة الأفريقية، حيث هناك سدود مهددة بالانهيار نتيجة ضغط الأمطار المتواصلة.
وقد أسفر الإعصار الذي اجتاح وسط موزمبيق ثم شرق زيمبابوي المجاورة، عن 182 قتيلا على الأقل، لكن الحصيلة يمكن أن تتجاوز الألف قتيل، كما حذر الرئيس الموزمبيقي فيليب نيوسي أول من أمس. وفي موزمبيق، غمرت المياه بالكامل مساحة يبلغ قطرها 100 كيلو متر، كما قال وزير البيئة سيلسون كوريا.
وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قالت عاملة في المجال الإنساني طلبت التكتم على هويتها إن «محيطا» قد تشكل في الأراضي، وأدى إلى عزل كامل لمجموعة من القرى، كما باتت كثير من السدود مهددة بالفيضان، لأن قدرتها بلغت أقصى مستوياتها، كما تقول منظمات غير حكومية.
وطلب رئيس الموزمبيق من مواطنيه الذين يقطنون على مقربة من أنهار المنطقة «مغادرة المنطقة لإنقاذ حياتهم»، لأنه قد لا يتوافر للسلطات خيار آخر غير إصدار أمر بفتح بوابات السدود. وفي موزمبيق كما في زيمبابوي، جرفت المياه عددا كبيرا من الجسور والطرق، فتعرقلت عمليات الإنقاذ.
وعلى متن زوارق مطاطية ومروحيات، واصل عمال إنقاذ أمس تقديم مساعدة إلى أشخاص لجأوا إلى رؤوس الأشجار والأسطح. وفي تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، قال يان شير، رئيس منظمة «ريسكيو إس آي» الجنوب أفريقية التي تشارك في عمليات الإغاثة: «على الأشجار، يتعين على الناس التصارع مع أفاع وحشرات وحيوانات». ويفاقم نقص المروحيات من تعقيد العمليات.
وقال يان شير من بيريا: «ننقذ من نستطيع إنقاذه، وسيلقى الآخرون حتفهم. يتعين علينا اتخاذ قرارات صعبة. وأحيانا لا نستطيع أن ننقذ سوى اثنين من خمسة أشخاص. وأحيانا نترك لهم الطعام، ونذهب لإنقاذ شخص آخر يتعرض لمزيد من الخطر».
وحددت منظمة «رسكيو إس آي» جزيرة شكلتها الفيضانات، حيث لجأ نحو 350 شخصا في انتظار عمليات الإغاثة. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن المدينة الثانية في موزمبيق، بيرا «التي تضررت بشدة أو لحق بها دمار بلغ 90 في المائة، كما يقول الصليب الأحمر، لا تزال محرومة من الكهرباء والإنترنت بعد خمسة أيام من تعرضها للإعصار إيداي». واستعيدت من ناحية ثانية الاتصالات الهاتفية بشكل تدريجي، فيما استمر هطول المطر على هذه المدينة التي يقطنها نصف مليون نسمة وغمرتها المياه جزئيا.
وفي زيمبابوي المجاورة، حيث كان الناس يدفنون موتاهم، من المتوقع وصول الرئيس إيمرسون منانغاغوا خلال النهار إلى إقليم مانيكالاند (شرق)، أكثر المناطق تضررا من الإعصار. ولا يزال 200 شخص على الأقل في عداد المفقودين في المنطقة، خصوصا بعد انهيار المنازل التي يسكنها موظفون، كما تقول السلطات.
وأكد منانغاغوا مساء الاثنين: «كل ساعة تمضي، تتأكد أسوأ مخاوفنا». وأضاف: «مات كثيرون غرقى، فيما قُتل آخرون أثناء نومهم بحجارة هدمت منازلهم».
ودعت منظمة العفو الدولية، أمس، المجموعة الدولية إلى حشد طاقاتها حيال حجم الكارثة وحيال عواقب التغير المناخي. وحذّرت منظمة العفو الدولية من «توقع حصول هذه الظروف المناخية القاسية في كثير من الأحيان، كلما تكثفت آثار التغير المناخي»، داعية إلى «اتخاذ تدابير طموحة من أجل التصدي لتغير المناخ».
من جانبها، أفرجت المملكة المتحدة عن ستة ملايين جنيه إسترليني (7 ملايين يورو)، مساعدات إنسانية للمنطقة. وقالت وزيرة الدولة للتنمية الدولية بيني موردونت في بيان إن «صور الدمار (...) مروعة».
وسبق وصول الإعصار هطول أمطار غزيرة في موزمبيق وأيضا في ملاوي المجاورة، وقد أسفرت هذه الأحوال الجوية السيئة عن 122 قتيلا على الأقل.