فرنسا تؤيد إجراء الانتخابات الليبية العام الحالي... وتغازل حفتر

كثّفت دول غربية أمس وتيرة اتصالاتها بأطراف النزاع في ليبيا، في محاولة لإقناع المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، بالتخلي عن خطته لاجتياح العاصمة طرابلس، والالتزام في المقابل بخطة الأمم المتحدة، الرامية إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية العام الجاري. وفيما بدا أنه مغازلة سياسية من أعلى سلطة في فرنسا، أشاد وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان بـما وصفه بـ«التقدم الكبير»، بعد سيطرة الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر على الجنوب الليبي.
وبعد يوم واحد من وصول وزير الخارجية الفرنسي لودريان إلى طرابلس، زارها أمس وسط حراسة وإجراءات أمنية مشددة وفد من الولايات المتحدة، ضم السفير الأميركي لدى ليبيا بيتر بودي، والجنرال توماس والدهاوزر، قائد القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم».
ورافقت طائرات عسكرية أميركية الوفد إلى قاعدة أبو ستة البحرية في طرابلس، حيث مقر حكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، الذي وضع مكتبه زيارة الوفد الأميركي في إطار «نهج التشاور المنتظم الذي أقره البلدان الصديقان حول مستجدات الأوضاع في ليبيا، والقضايا ذات الاهتمام المشترك».
وتحدث السراج عن جهوده لتحقيق توافق وطني من خلال لقاءاته مع جميع الأطراف الليبية الرئيسية، والتي كان آخرها لقاء أبوظبي الذي جمعه مع المشير حفتر الشهر الماضي، لوضع تصور للخروج من الأزمة الحالية، يعتمد على توحيد المؤسسة العسكرية والمؤسسات السيادية الأخرى، والتأكيد على الدولة المدنية الديمقراطية.
وشكا السراج مجدداً من «التدخلات السلبية» لدول لم يسمها. كما بحث الجانبان عددا من البرامج المتفق بشأنها للمساعدة في تأهيل المؤسسات الأمنية، وتطوير قدرات القوات المسلحة الليبية.
بدوره، تعهد السفير الأميركي بأن بلاده لن تتسامح مع من وصفهم بالمفسدين للعملية السياسية، مشيراً إلى أن اجتماعات طرابلس جدّدت التأكيد على دعم الولايات المتحدة لليبيا، كدولة موحدة وآمنة ومزدهرة، في ظل حكومة قادرة على خدمة الشعب الليبي.
وكشف النقاب عن تعهد أميركي بتقديم دعم بقيمة 500 ألف دولار في صورة مساعدة لاقتناء أسلحة غير فتاكة، في إطار الاستجابة السريعة لدعم جهود وزارة الداخلية لتعزيز قدرات مديرية أمن طرابلس، لافتاً إلى أن هذه المساعدة الجديدة تأتي كتكملة لمبلغ 30 مليون دولار أميركي، المقدمة ضمن المساعدة الأمنية المستمرة لدعم أولويات حكومة السراج.
من جانبه، وفي أول إشادة غربية من نوعها بالنجاح العسكري الذي حققته قوات الجيش الوطني، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، لتحرير منطقة الجنوب الليبي من عصابات الإرهاب والجريمة، أشاد وزير الخارجية الفرنسي جان - إيف لودريان بـما وصفه بـ«التقدّم الكبير» الذي تم إنجازه هناك.
وقال لودريان بعد لقائه السراج إن «فرنسا تأمل أن ينفّذ هذا الاتفاق سريعاً بروح الوئام الوطني والتعاون»، مجدداً دعم بلاده للحلول السياسية في ليبيا، قبل أن يعتبر أنه «لا وجود لحل عسكري» للأزمة الراهنة بهذا البلد.
من جهته، أكد السراج أن لقاءه التشاوري الأخير في أبوظبي مع حفتر «يأتي في إطار لقاءاته مع جميع الأطراف الليبية لنقاش سبل الحل للخروج من الأزمة الحالية، وتقديم مقترحات توافقية، يمكن البناء عليها خلال المؤتمر الوطني الجامع»، معتبراً أن الحل لا يملكه أي طرف لوحده، «بل من الضروري إشراك كافة الليبيين حتى نصل إلى الاستقرار المنشود».
في سياق ذلك، قال غسان سلامة، رئيس البعثة الأممية، بأنه ناقش مع لودريان آخر تطورات العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة في ليبيا، والاستعدادات لعقد الملتقى الوطني، مشيراً إلى أنه شكره على المساهمة الفرنسية لدعم ثلاثة مشاريع تنفذها الأمم المتحدة في البلاد.
وخلال زيارته إلى طرابلس، وقع لودريان بحضور مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وممثلّي منظمتي اليونيسف والصحة العالمية، على مساهمة فرنسية بمبلغ 876 ألف يورو لثلاثة مشاريع، تهدف إلى تقديم المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضررة في مجال الصحة والتغذية، ودعم السلطات في إجراء انتخابات بلدية ناجحة العام الجاري.