حزب طالباني يتجه إلى تشكيل مجلس قيادي بعد مؤتمره نهاية الشهر الحالي

يواجه ضغوطا لتغيير طاقمه في حكومة إقليم كردستان

حزب طالباني يتجه إلى تشكيل مجلس قيادي بعد مؤتمره نهاية الشهر الحالي
TT

حزب طالباني يتجه إلى تشكيل مجلس قيادي بعد مؤتمره نهاية الشهر الحالي

حزب طالباني يتجه إلى تشكيل مجلس قيادي بعد مؤتمره نهاية الشهر الحالي

تنطلق جولة جديدة من المباحثات بشأن تشكيل حكومة إقليم كردستان في غضون الأيام القليلة المقبلة، وستكون حسب مصادر في الحزبين الرئيسين، الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني، مباحثات مهمة وحاسمة لجهة تشكيل الحكومة المرتقبة.
وفي السياق ذاته، أكد مصدر في البرلمان الحزبي للاتحاد الوطني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال طالباني أن «هناك توجها عاما لدى قيادة الحزب نحو تغيير كامل الطاقم الإداري بالحصة المخصصة للاتحاد الوطني في الحكومة المقبلة».
وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الاطر والقاعدة الحزبية تضغط على القيادة لإجراء تغيير كامل وشامل في الطاقم الحكومي وضرورة دعمه بالعناصر الشابة وضخ دماء جديدة في ذلك الطاقم، وتجري حاليا مشاورات مكثفة بين المجلس المركزي (البرلمان الحزبي) وقواعد الحزب وأطره من أجل الضغط على القيادة لإجراء ذلك التغيير، وأستطيع القول إن 80 في المائة من أطر وأعضاء الاتحاد يرغبون بذلك التغيير وسيرفعون مذكرة إلى المكتب السياسي للحزب يطالبون فيها بتحقيق ذلك، لأنه لا يجوز أن يبقى الطاقم الحالي خارج نطاق التحديث والتجديد الذي يعمل الحزب من أجل تحقيقه بعد النكسة التي أصابته في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فمسألة إعادة النظر في أداء الحزب بالحكومة هي في غاية الأهمية في هذه المرحلة التي نسعى فيها إلى إنهاض الحزب مجددا».
وحول المؤتمر الحزبي العام المنتظر انعقاده نهاية الشهر الحالي، وما إذا كانت هناك نية فعلية لعقده، في ظل الدعوات التي تُطلق داخل القواعد الحزبية لتأجيله، قال المصدر: «موضوع عقد المؤتمر جرى حسمه، وسينعقد في الموعد المعلن عنه، اللهم إلا إذا حدث شيء خارج إرادة الحزب. ومن المتوقع أن يحسم المؤتمر موضوع رئاسة الحزب والمرجع الأساس للقرارات فيه، إذ إن هناك توجها عاما داخل المجلس المركزي لتشكيل مجلس قيادي موسع يضم 121 عضوا، سيكون بمثابة القيادة التشريعية والتنفيذية للحزب في المرحلة المقبلة، وهذا المجلس سيختار من بينه الهيئة القيادية، وكذلك سيكون له دور في ترشيح وتعيين الوزراء وإملاء المناصب الحكومية، إلى جانب تعيين القيادات الحزبية؛ سواء للمكاتب أو فروع التنظيم الحزبي في أرجاء كردستان».
وأضاف أن «لجنة تعديل النظام الداخلي منهمكة حاليا بإعداد رؤيتها لكيفية تشكيل ذلك المجلس القيادي، وسترفع تقريرا مفصلا بهذا الشأن إلى المؤتمر العام الرابع ليقرر ما يراه مناسبا».
وبشأن المهام المنتظرة من المؤتمر الرابع، قال المصدر: «هناك عدة مسائل يجب على المؤتمر أن يبحثها، في مقدمتها دراسة أسباب النكسة التي لحقت بالحزب في الانتخابات الأخيرة، وضرورة تقييم أداء المؤسسات الحزبية لتأشير مكامن الخلل، كما سيبحث المؤتمر العلاقات السياسية والتحالفية مع القوى الأخرى، خاصة مع حليفنا الحزب الديمقراطي الكردستاني، ومصير الاتفاقية الاستراتيجية التي تربطنا معه، بالإضافة إلى بحث آليات إنهاض الحزب وإجراء عملية التجديد في صفوفه ليستعيد الاتحاد الوطني شعبيته المتأثرة بالانتخابات الأخيرة، ويستعد بالتالي لتعويض خسارته في الانتخابات البرلمانية الكردستانية، بإعطاء زخم أكبر للانتخابات البرلمانية العراقية، وانتخابات مجالس المحافظات».
وفي سياق متعلق بالعلاقة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يقوده رئيس الإقليم مسعود بارزاني، نشر الملا بختيار مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب مقالا بجريدة «جاودير»، التي يرأس تحريرها، وجَّه فيه اللوم للزعيم بارزاني بسبب سكوته عن انهيار القائمة الكردستانية الموحدة في محافظة كركوك. وقال بختيار إنه «جرى تجريح الاتحاد الوطني بما جرى في كركوك، ولمعالجة هذا الجرح من الناحية السياسية، فإن الأنظار تتجه نحو رئيس الإقليم مسعود بارزاني لبيان موقفه مما حدث، وإيجاد العلاج اللازم بما يخدم علاقاتنا التحالفية، وأدعو الرئيس بارزاني إلى تشكيل لجنة محايدة تضم ممثلين عن بقية الأطراف الكردستانية للتحقيق في جميع التهم الموجهة إلى محافظ المدينة نجم الدين كريم، وفي حال ظهر أي تقصير من قبل المحافظ في هذا المجال ينبغي على قيادة الاتحاد الوطني أن تتحقق من ذلك، وإذا ظهر العكس ينبغي على رئيس الإقليم والحزب الحليف أن يعاقب الأشخاص الذين تسببوا بتلك المشكلات في كركوك».
يُذكر أن خلافا حادا حصل بين الحزبين على خلفية ترشيح محافظ المدينة الدكتور نجم الدين كريم، وهو عضو في المكتب السياسي للاتحاد الوطني ورئيس الفريق الطبي المشرف على علاج الرئيس طالباني في ألمانيا، لرئاسة القائمة الكردستانية الموحدة لخوض الانتخابات البرلمانية العراقية المقررة في نهاية أبريل (نيسان) المقبل، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني رفض رئاسة كريم للقائمة وقرر الانسحاب منها، مما أدى إلى انهيارها.



كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
TT

كيف سيتصرف «حزب الله» وهل يتفلّت نتنياهو من الضغط الأميركي؟

لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)
لدى نصر الله ونتنياهو حسابات معقدة تحول دون تراجعهما (أ.ف.ب - رويترز)

يتوقف بدء سريان المفاعيل السياسية للنداء الأميركي - الفرنسي، المدعوم أوروبياً وعربياً، للحكومتين اللبنانية والإسرائيلية، على الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة الأميركية على رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، لمنعه من التفلُّت من مسؤوليته بتوفير الأجواء السياسية المواتية لتطبيق مضمون هذا النداء، بعد أن كان قد التزم بمضامينه، لينقلب عليه لاحقاً بذريعة أن مجرد التلازم في وقف إطلاق النار ليشمل جبهتي جنوب لبنان وغزة يتيح لـ«حزب الله» تبرير مساندته لـ«حماس»، على نحو يرتد عليه سلباً، ويتسبّب له بإشكالات داخل حكومته المناوئة بأكثريتها للربط بين الجبهتين، فيما يلقى فصل الجبهتين معارضة من «حزب الله»، كونه يشكل له إحراجاً أمام بيئته بعدم الجدوى من انخراطه في إسناد غزة، وما ترتب عليه من أكلاف باهظة كان في غنى عنها.

«فيتوات» متبادلة بين إسرائيل والحزب

لكن صدور النداء الأميركي - الفرنسي بصيغته الراهنة قوبل بتبادل «الفيتوات» بين إسرائيل و«حزب الله»، الذي يتمسك بتطبيق التلازم بوقف إطلاق النار على جبهتي غزة والجنوب، بخلاف نتنياهو المعترض عليه، وهذا ينسجم مع ما طرحه الوسيط الأميركي، أموس هوكستين، في مفاوضاته مع رئيس المجلس النيابي، نبيه بري، بتفويض من قيادة «حزب الله» لتهدئة الوضع جنوباً ونزع فتيل التفجير ومنع توسعة الحرب.

وكان الرئيس بري يعد العدّة لاستئناف التفاوض مع هوكستين لاستكمال البحث بينهما في الورقة التي أعدها الأخير لتهدئة الوضع جنوباً، للبدء بالتفاوض غير المباشر والتوصل إلى وقف إطلاق النار على قاعدة تهيئة الأجواء لتطبيق القرار رقم (1701) كونه الناظم الدولي لتحديد الحدود بين لبنان وإسرائيل.

لكن الرئيس بري، الذي كان قد تواصل مع هوكستين فور صدور النداء، فوجئ، كما يقول مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، بمبادرة نتنياهو إلى سحب تأييده له باعتراضه على التلازم بتطبيق وقف إطلاق النار على الجبهتين الغزاوية والجنوبية، ومطالبته بعدم الربط بينهما بذريعة أنه يشكل انحيازاً لوجهة نظر «حزب الله» بإسناده لـ«حماس».

انقلب نتنياهو فألغى هوكستين زيارته

ويؤكد المصدر النيابي أن هوكستين كان يتحضر للعودة إلى بيروت لمواصلة البحث في الورقة التي أعدها لتطبيق القرار رقم (1701)، وسبق لبري أن سجّل ملاحظاته على بعض بنودها، لكنه عدل عن المجيء، بعد أن انقلب نتنياهو على موافقته المبدئية على ما ورد في النداء الذي يحظى أيضاً بتأييد إيران، انسجاماً مع توافقها والولايات المتحدة على استيعاب التأزم لمنع توسعة الحرب في الإقليم.

وينفي المصدر نفسه كل ما أُشيع عن أن هوكستين بحث في اتصاله ببري وجوب انسحاب الحزب إلى ما وراء جنوب الليطاني، ويقول إن الاتصال بينهما بقي في العموميات، ولم يتطرقا إلى أي تفصيل يتعلق بالورقة، طالما أن للبحث بينهما صلة.

ويبقى السؤال: هل ينجح الرئيس الأميركي جو بايدن في إقناع نتنياهو بتعديل موقفه بما يسمح بتعبيد الطريق لتنفيذ ما ورد في النداء؟ أم أن محاولته، وقد تكون الأخيرة، لن تلقى التجاوب المطلوب؟ وهذا ما يفتح الباب لسؤال آخر: كيف سيتصرف «حزب الله» في حال أصر نتنياهو على المضي في اجتياحه الجوي للبلدات الجنوبية والبقاعية، وفي اغتياله لأبرز قياداته وكوادره العسكرية؟

فلدى الحزب، كما تقول أوساط مقربة منه، القدرات العسكرية والقتالية للتعويض عن تراجع حدة المواجهة في القطاع، كما يشيعه بعضهم، وتقول إنه جاهز لمواجهة كل الاحتمالات، وسيمضي في دفاعه عن النفس ضد العدوان الإسرائيلي، ولن يرضخ لضغوط نتنياهو النارية باستهدافه المدنيين من دون أن يستدرج لتوسيع الحرب، مع احتفاظه بحق الرد على تجاوز نتنياهو الخطوط الحمر باغتياله لأبرز قيادات الحزب العسكرية والميدانية.

مخزون «حزب الله» الصاروخي

لكن الأوساط نفسها لا تعلق على ما يتردد بأن القتال في غزة بدأ ينحسر، وأن القطاع تحوّل إلى جبهة مساندة، ما يجعل الحزب منفرداً في حربه مع إسرائيل، وأنه أصبح يختصر بنفسه وحدة الساحات بتراجع منسوب الانشغال الذي تتولاه أذرع محور الممانعة في المنطقة، كما تفضّل عدم التعليق على تحليلات سياسية تتحدث عن التفاوض بين طهران وواشنطن، وتتهم إيران بترك الحزب وحيداً، وتحمله القسط الأكبر في المواجهة، بذريعة أن لديها حسابات وأوراق سياسية لا تريد التصرف بها في غير أوانها، وتحتفظ بها لتحسين شروطها في المفاوضات.

وتؤكد هذه الأوساط لـ«الشرق الأوسط» أن لدى الحزب مخزوناً صاروخياً، يعود له وحده استخدام الصواريخ الدقيقة منه في الوقت المناسب، وتقول إن استخدامه لصاروخ من نوع «قادر-1» لن يكون الأول والأخير، وأريد منه تمرير رسالة يجب أن يأخذها العدو على محمل الجد، بأن الحزب قادر على تجاوز ما بعد حيفا باستهدافه مواقع إسرائيل العسكرية والمخابراتية، وهذا ما أصاب إحدى قياداته الواقعة على تخوم تل أبيب.

متى تتدخل إيران؟

لذلك، هل يبقى الحزب وحيداً في المواجهة لتراجع وحدة الساحات كما يقول خصومه في الداخل والخارج؟ أم أنه لا يزال يراهن، تبعاً لحساباته، على تدخل إيران في الوقت المناسب في حال تمادت إسرائيل في عدوانها بما ينذر باندلاع حرب شاملة؟ وهذا ما أكده وزير خارجيتها عباس عرقجي بقوله إن بلاده لن تبقى مكتوفة الأيدي في حال قيام إسرائيل بتوسيع الحرب لتشمل الإقليم، مع أن طهران تتمهل لأسباب خاصة بها في الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، في عقر دار الحرس الثوري.

في المقابل فإن تل أبيب تواصل اجتياحها الجوي لتفريغ البلدات الجنوبية والبقاعية والضاحية الجنوبية لبيروت من سكانها، كونها مدرجة على بنك أهدافها، بغية تكبير أزمة النزوح بما يشكل إحراجاً للحزب أمام بيئته الحاضنة، والتحريض عليه بذريعة عدم قدرته على توفير الاحتياجات الضرورية لمئات الألوف من النازحين، في ظل عدم استطاعة الدولة على تلبيتها كما يجب، وهذا ما يفسر إصرار إسرائيل على تحييد الطرقات الدولية والفرعية المؤدية إلى هذه القرى لتسهيل عملية النزوح منها.